“الغزيون” في الضفة… ما الإجراء الجديد الذي ستتخذه إسرائيل بحقهم؟

عام 2017، وصل خالد إلى مستشفيات الضفة الغربية كمرافقٍ لمريض من غزة، وبعد انتهاء رحلة العلاج، مكث في مدينة رام الله، وشرع في البحث عن فرصة عملٍ له هناك، وقرّر عدم العودة إلى القطاع، واستكمال حياته في حارات وضواحي مدن الضفة الغربية.

خوف مستمر

عمل خالد على مدار الوقت بحذرٍ شديد، فالخطر يلاحقه في كلّ دقيقة، من إمكانية توقيفه خلال إحدى الدوريات أو الحواجز الإسرائيلية، يقول “أنام ليلي وأنا خائف من أن يقرع الجيش باب منزلي، وعندما أتنقل بين مدن الضفة ويكون هناك حواجز إسرائيلية أشعر كأني في مغامرة غير معروفة النتائج”.

فهوية خالد الشخصية مكتوب عليها أنّه من سكان مدينة غزة، ووجوده في الضفة الغربية يُعدّ مخالفة لتصريح إسرائيل بالسماح له بدخول الضفة الغربية، لفترة مؤقتة ولهدفٍ محدد.

وأوضح خالد أنّه إذا أوقف على أحد الحواجز أو جرى تفتيشه، سيُكشف أمره ويُعتقل ثمّ يُرحل إلى القطاع، وبعد ذلك يُحرم من دخول الأراضي الفلسطينية أو إسرائيل.

كيف وصلوا؟

طريقة خالد في مغادرة غزة إلى الضفة الغربية، هي واحدة من الحيل، التي من بينها عملية “لمّ الشمل” وتعني أن يتزوج مواطن من الضفة الغربية من مواطنة تقطن في غزة، وبعدها يطلب من إسرائيل الحصول على تصريح لجمع الأسرة في مكان سكن الزوج، وهذا ما حصل مع بيسان.

قالت بيسان “تزوجت من مواطن يسكن في نابلس شمال الضفة الغربية، وبعد عقد القران توجهت إلى الجانب الإسرائيلي ومعي الأوراق الثبوتية، وطلبت السفر إلى مكان إقامة زوجي، إلاّ أنّهم رفضوا ذلك، وبعد تدخلات من مؤسسات حقوقية غادرت القطاع. لكن حتى اليوم، مكتوب في هويتي أنّني من سكان غزة وهذا يعني أنّه إذا فُضح أمري عند أي حاجز إسرائيلي، سيجري إبعادي إلى القطاع مباشرة”.

اقرأ أيضا  تحليل .. دلالات استقالة د. خلف والمطلوب فلسطينياً

خطر آخر

وليس ذلك فحسب، بل قد يكون الشخص هرب من غزة لدواعٍ أمنية، بسبب ملاحقة سلطات حكومة حماس له، وبالتالي فإن وجوده في القطاع يعرضه للسجن، أو لخطر آخر. عماد أحد المطلوبين لحماس، يقول “حاولت تغيير مكان سكني في هويتي ولكن السلطات الإسرائيلية رفضت، وذلك يعرضني لخطر إمكانية إرجاعي إلى غزة، إذا أوقفت”.

وقد يكون المواطن “الغزي” وصل إلى الضفة الغربية عن طريق تصريح عملٍ بصفته تاجر حصل عليه من إسرائيل، ولكنه خالف البنود، ومكث هناك لفترة أطول من المدة المسموح له فيها، أو عن طريق التهريب عبر الحدود بطرقٍ ذكية، أو عبر حصوله على إذن لحضور دورة تدريبية أو مؤتمرٍ هناك، وبعد الانتهاء قرّر البقاء في الضفة الغربية.

تنقل مشروط

لكن إسرائيل تتعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة على أنهما منطقتان منفصلتان، بينما في الحقيقة يقعان ضمن الأراضي الفلسطينية، وفقاً لاتفاقية أوسلو 1993 وقرار التقسيم 181، الصادر عن الأمم المتحدة. وبناء على ذلك، يحق لأي مواطن فلسطيني التنقل بحرية في أراضيه.

إذن دخول

أما الواقع، فمغاير. إسرائيل لا تسمح بذلك، فهي تسيطر على المعابر الحدودية للمنطقتين، وعلى مَن يرغب في التنقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، الحصول على إذن دخول أو تصريح مسبق، مقروناً بالأسباب والمدة الزمنية التي يجب أن يقضيها الشخص.

اقرأ أيضا  تركيا مؤهلة لتصبح عاصمة التمويل الإسلامي

في العادة لا تسمح إسرائيل للمواطنين بالتنقل من القطاع إلى الضفة، وتربط ذلك بفئة عمرية محددة، ومن هم دون الـ 35 من العمر، ترفض دخولهم إلى الضفة، ومن هم  أكبر من ذلك، فتدقق في تاريخهم وماضيهم، ومن له علاقة بالفصائل المسلحة، فهو حكماً سيُمنع من مغادرة القطاع.

ومن تسمح لهم بالسفر إلى الضفة الغربية، ستفرض تل أبيب عليهم شروطاً محددة تشمل فترة بقائهم والعودة مباشرة إلى القطاع، وفي حال المخالفة، يكون المواطن الغزي قد عرّض نفسه للمسائلة والاعتقال والترحيل في معظم الأحيان.

وحدة خاصة لترحيلهم

في الواقع، بدأت إسرائيل تشعر بالقلق من الغزيين في الضفة الغربية، فباتت ترفض عملية سفرهم، وتضع شروطاً تعجيزية للمرضى. وفي هذا الشأن، يقول عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن “إسرائيل أدخلت خيار إمكانية البقاء غير المشروع إلى قائمة الأسباب التي يمكن الاعتماد عليها لرفض إصدار تصاريح السفر إلى الضفة لسكان غزة، حتى إذا كان الشخص في حاجة إلى رعاية صحية”.

وبناء على ذلك، سلّم المركز دعوى قضائية ضد حكومة بنيامين نتنياهو إلى محكمة العدل الإسرائيلية، إلاّ أنّ النيابة العامة الإسرائيلية قدّمت إلى المحكمة بياناً، نفت فيه وجود هذا البند ضمن قائمة أسباب رفض تصاريح السفر من غزة إلى الضفة.

ووصفت تل أبيب الغزيين الموجودين في الضفة الغربية بأنهم “غرباء غير شرعيين”، مبدية مخاوف من إمكانية أن تستخدمهم حركة “حماس” المسيطرة على القطاع، لتحقيق أهدافها.

لذلك، أصدرت إسرائيل قراراً بإنشاء وحدة مكافحة الهجرة في قلب الضفة الغربية، واعتقال كل من لا يحمل تصاريح خاصة للبقاء فيها، أو من ذكرت هوياتهم أنّهم ليسوا سكان الضفة.

اقرأ أيضا  انتفاضة الأقصى أفقدت الاحتلال الردع والاستخبارات

مخالفة للقرارات

وأعطت إسرائيل جيشها أمراً عسكرياً باعتقال كل من لا يملك تصريحاً خاصاً بوجوده في الضفة الغربية، الأمر الذي يُعد تجاوزاً لاتفاقية أوسلو الثنائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إذ يتيح لمفتشي وحدة المكافحة دخول المدن الخاضعة لسيطرة السلطة واقتحام البيوت وتفتيشها.

من جهته، قال عصام عابدين، المستشار القانوني لمؤسسة الحق (منظمة حقوقية غير حكومية)، إنّ عملية ترحيل الغزيين من الضفة الغربية، يُعتبر مخالفاً للقانون الإنساني الدولي في حرية التنقل، واتفاقية جنيف الرابعة، ويقع تحت عنوان النقل القسري، ويتعارض مع قرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة.

وبما أنّ اتفاقية جنيف أصبحت من القواعد العرفية، فإنّ مسؤولية تطبيقها مشتركة وفق المادة الأولى، وتقع على الجهات كافة، بمن فيهم الطرف الثالث. وأوضح عابدين أنّ المادة الأولى تنص على أن “تحترم الدول الأعضاء التطبيق وتتكفل باحترام الأطراف الثالثة”، وهذا يعني أن مناهضة ترحيل إسرائيل للغزيين من الضفة، تقع على عاتق الأوروبيين كاتحاد ودول. وفق اندبندت عربية

وكالة معراج للأنباء

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.