حقوقيون: لهذه الأسباب تم استهداف أبو عاقلة (تقرير)

غزة ، مينا – أجمع حقوقيون، على اتهام إسرائيل، بالوقوف وراء قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة القطرية.

وقالوا في حوارات خاصة مع وكالة الأناضول، إن غرض إسرائيل من “اغتيالها” هو “تشكيل حالة ردع لدى الصحفيين الآخرين، وإرهابهم بملاقاة ذات المصير إذا استمروا بفضح الجرائم المُرتكبة”.

ورأى الحقوقيون أن إسرائيل “ارتكبت جريمة متكاملة الأركان، تنتهك فيها بشكل صارخ القانون الدولي والقانون الدولي الإنسان”.

وصباح الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل شيرين أبو عاقلة “جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين”.

واتهمت كل من شبكة “الجزيرة” والسلطة الفلسطينية، إسرائيل بتعمد قتل أبو عاقلة بإطلاق النار عليها، بينما كانت تمارس عملها، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن تقديراته الأولية تفيد بأنها “قُتلت برصاص مسلحين فلسطينيين”، وفق الأناضول.

وأبو عاقلة من مواليد مدينة القدس عام 1971، ومن أوائل مراسلي قناة الجزيرة التي انضمت إليها عام 1997.

** احتكار الرواية الإسرائيلية

يقول راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (مقره غزة)، إن إسرائيل اغتالت أبو عاقلة كونها “أيقونة الصحافة الفلسطينية، والتي أرادوا أن يتخلّصوا منها لأنها ذات مهنية عالية، ولها كلمة مسموعة في المنطقة العربية والدولية”.

وتابع، الصوراني الذي يشغل منصب رئيس الفريق الفلسطيني لدى المحكمة الجنائية الدولية: “شيرين كانت تعطي الرواية البديلة عن رواية الاحتلال”.

وأوضح الصوراني أن إسرائيل “ترسل رسالة، من خلال عملية الاغتيال، للصحفيين، مفادها بأن هذا مصير من يتجاوز الرواية الإسرائيلية، ويقدم البديل عنها”.

وعبّر عن أمله في وجود “حراك دولي حقيقي لمحاسبة إسرائيل على جريمتها الأخيرة، والتي جاءت ضمن سلسلة جرائم ارتكبتها بحق الصحافة، والشعب الفلسطيني بمكوناته من أطفال ونساء وكبار في السن”.

واستكمل قائلا: “إسرائيل هدمت مبانٍ سكنية على رؤوس ساكنيها، ومسحت عائلات فلسطينية من السجل المدني، وقصفت مستشفيات وملاجئ ومدارس، فالسجل الإسرائيلي طويل وحافل بالجرائم”.

اقرأ أيضا  44 شهيدا و 5452 إصابة منذ اندلاع انتفاضة القدس

وأردف: “نأمل أن يتحرك المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لفتح تحقيق بهذا الملف، واسترداد كرامة الفلسطينيين، كما سيكون هذا الملف ضمن أولويات الملفات التي سيتم طرحها أمام المحكمة”.

**بُعد جديد

ويعتقد الصوراني أن الاغتيال الإسرائيلي لـ”أبو عاقلة”، سيشكّل بُعدا جديدا في “الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

وقال في ذلك: “الاغتيال كان له بُعد وزخم على المستوى الفلسطيني، حيث شكّل حالة إجماع وطني”.

وأوضح أن هذا الحادث شكّل أيضا “حالة إجماع عربي ودولي حيث لم تبقَ عاصمة من العواصم الأوروبية ولم تدنْ هذا الاغتيال”.

وندد بازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع فكرة الاحتلال (في إشارة للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا)، فلا يوجد “احتلال جيد واحتلال سيء”.

وقال عن ذلك: “الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى جنّدوا الخبراء الدوليين للمحكمة الجنائية الدولية لإدانة التدخل الروسي في غضون شهرين، ونجحوا بما فشلنا به خلال 25 عاما من الاحتلال”.

**استهداف مُمنهج

بدوره، يقول رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، إن عملية الاغتيال الإسرائيلي لأبو عاقلة، جاءت في “استهداف مُمنهج للصورة والكلمة”.

وأضاف في حوار مع الأناضول: “لا يمكن القول إن عملية الاستهداف حدث غير مقصود وعابر، بالعكس الإعلام في عين الاستهداف خصوصا شبكة الجزيرة؛ كونها تنقل الحدث بشكل غير مألوف أزعج إسرائيل”.

وأوضح أن الإعلام الفلسطيني بشكل عام، من الأهداف الأولى للآلة الدعائية والعسكرية الإسرائيلية.

وبيّن أن إسرائيل قتلت منذ عام 2000، وحتى الآن، نحو 55 صحفيا.

وأضاف: “إسرائيل تُجنّد مؤسساتها، والآلة الدعائية والوسائل الإعلامية لمحاربة الرواية الفلسطينية التي تنقل معاناة الشعب، والتي تعتبر وفق الرؤية الإسرائيلية تحريضا ضدها (…) فكل عملها الدعائي يستهدف بشكل كبير استهداف الرواية الفلسطينية”.

اقرأ أيضا  الفصائل تغادر غزة الى القاهرة تمهيدا لانطلاق الحوار

وذكر أن الاستهداف الإسرائيلي للإعلام، يتصاعد، إذ كانت “وسائل الإعلام الفلسطينية المحلية، على رأس هذه الأهداف، والتي اعتبرها الاحتلال أهدافا مشروعة”.

**رد إسرائيلي مُجهّز

ويقول عبده إن ملابسات حادثة استهداف شيرين، ووفقا للمشاهد التي تناقلتها معظم وسائل الإعلام، تشير إلى أن “القاتل هو إسرائيل”.

إلا أن إسرائيل، وفق عبده، كانت “مُجهّزة وبشكل مباشر، لتقديم رواية ركيكة، تستهدف تصدير رواية تُضلل الرأي العام، وتُغيّب الحقائق”.

وأوضح أن الرد الإسرائيلي السريع المُرفق بالفيديو والمواد الإعلامية المُمنتجة، يعكس بشكل كبير أنها “كانت مُجهّزة لهذا الحدث، بما يضع شكوك حول ذلك”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، قد نشر شريط فيديو، لمسلح فلسطيني وهو يطلق النار على ما يبدو أنهم جنود إسرائيليين.

وقال بينيت في تغريدة على تويتر: “تم تصوير مسلحين فلسطينيين وهم يقولون: (أصبنا جنديا وهو مرمي على الأرض)، لم يصب أي جندي إسرائيلي وهذا يطرح الاحتمالية بأن هم كانوا أولئك الذين أطلقوا النار وأصابوا الصحافية”.

لكن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة “بتسيلم”، نفى صحة الرواية الإسرائيلية، وقال إنه من غير الممكن أن تكون “أبو عاقلة” قد قتلت برصاص المسلح الذي ظهر في الفيديو.

ويرى عبده أن إسرائيل بالاستهداف أيضا أرادت ممارسة نوع من “التخويف على الإعلام، والتعتيم على ما يمكن أن يمارسه الاحتلال داخل مخيّم جنين”.

ويعتقد عبده أن إسرائيل لم تكن “تتوقع رد الفعل الفلسطيني، والدولي الواسع، وحالة الغضب والحزن على هذه الجريمة”.

ويشير إلى أن “استمرار إسرائيل في ارتكاب المزيد من جرائمها، تتسبب في تعرية نفسها، وتعرية الرواية الإسرائيلية وإضعافها؛ وهي التي من المفترض أنها دولة تُمارس الديمقراطية”.

اقرأ أيضا  ميراث الأنبياء

ورغم التنديد الدولي الواسع، لحادث قتل أبو عاقلة، يستبعد عبده، إمكانية وجود حراك “دولي جاد من المجتمع الدولي، لمحاسبة إسرائيل”.

**تخويف للصحفيين

من جانبه، يقول محمد عماد، مدير الشؤون القانونية والسياسات في منظمة سكاي لاين الحقوقية (مقرها السويد)، إن إسرائيل “تعمّدت اغتيال أبو عاقلة، ضمن سلسلة ملاحقاتها ومضايقاتها لأي صوت ينقل الواقع الفلسطيني بشكل محايد”.

ويرى، في حديثه لوكالة الأناضول، أن إسرائيل ترسل رسالة من خلال عملية الاغتيال أن “أي شخص ينقل الحقيقة، مطلوب لدى الجيش، وحياته معرّضة للخطر”.

وأردف قائلا: “هناك رسائل مُبطّنة من الاغتيال، أن أي شخص يتواجد لنقل الرواية الفلسطينية وتسليط الضوء عليها، مُستهدف”.

كما ترغب إسرائيل، وفق عماد، “منع وصول الرواية الفلسطينية للمجتمع الدولي، ومنع أي وصول أي صوت يفضح الجرائم الإسرائيلية”.

وأضاف: “تمت عملية الاغتيال، وإسرائيل تعلم الحماية القانونية الخاصة التي أوكلها القانون الدولي للصحفيين”.

وأوضح أن هذه العملية، تأتي في إطار حالة التوتر الأمني التي شهدتها مدينة جنين، خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي يشير على أن إسرائيل “تحاول منع الصحفيين من نقل الصورة عبر تهديد حياتهم”.

وطالب باستغلال حالة الزخم الإعلامي الكبير التي “حظيت بها قضية الاغتيال، والبناء عليها، لفتح تحقيق بهذه الجريمة، وغيرها من الجرائم”.

وكالة مينا للأنباء

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.