الأزمة السورية تنجح بتفكيك مجتمع اللاجئين الفلسطينيين

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا - al-sharq.com -
اللاجئون الفلسطينيون في سوريا – al-sharq.com –

إبراهيم العلي

الاثنين 16 ذو القعدة 1436//31 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا

القصف والاشتباكات والقنص والحصار وغيرها من المفردات الشائعة زمن الحروب أصبحت صفات تنطبق على المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية سواء بسواء في المناطق والمدن السورية؛ نتيجة مباشرة لما يحصل في سورية منذ آذار (مارس) 2011م لغاية هذه اللحظات من آب (أغسطس) 2015م بوتيرة متصاعدة لا يستطيع عاقل أن يتنبأ نهايتها نظرًا إلى التعقيدات التي تشهدها المنطقة عمومًا.

ساعدت العوامل السابقة على تفكيك النسيج الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في سورية، الذي أخذ العديد من المظاهر السلبية ذات العوائد الكارثية على مجتمعاتهم، بدأت بالنزوح الداخلي المتكرر لنحو 270 ألف لاجئ فلسطيني، ولجوء أكثر من 100 ألف لاجئ فلسطيني إلى مناطق مختلفة خارج سورية، حسب إفادة مصادر (أونروا).

فعلى الصعيد الداخلي السوري توزعت العائلة الواحدة على أكثر من مكان وجهة، وتقطعت الأوصال بين أفرادها على كل المستويات: الأب والأم في جهة والأولاد والأحفاد في جهة، وانقسام العائلة نفسها بين مؤيد يقف على الحاجز جنبًا إلى جنب مع الجيش السوري، ومعارض يحمل السلاح على جبهات مختلفة في صفوف المعارضة السورية المسلحة، ولكل منهما مبرراته ودوافعه ورؤاه.

اقرأ أيضا  رئيسة ليتوانيا: الإعتداءات الروسية في سوريا وأوكرانيا حرب ساخنة لا باردة

لقد ولدت حالة الاصطفاف التي شهدها المجتمع الفلسطيني في سورية، وما تبعها من سقوط للضحايا ببنادق العناصر الفلسطينية المؤيدة للنظام للسوري، أو المعارضة له ممن حملوا السلاح في سياق الأحداث الجارية؛ جروحًا غائرة وندبات واضحة لدى الشارع الفلسطيني، ستبقى عامل توتير وتعكير للأجواء مدة طويلة، إن لم تتجه الأوساط الفلسطينية إلى اتخاذ خطوات حقيقية في رأب الصدع، وتحييد المخيمات، والتحضير لمصالحات مجتمعية عاجلة في أول فرصة سانحة، وإعادة تصويب البوصلة إلى الاتجاه الصحيح بما يخدم المشروع الوطني التحرري، وإفشال كل المخططات الرامية إلى شرذمة المجتمع الفلسطيني وشطب قضية اللاجئين.

أما على صعيد اللجوء الخارجي لفلسطينيي سورية فقد أصبح قرابة 100 ألف لاجئ منهم خارج سورية في أوضاع مقلقة، وعرضة للابتزاز والاستقطاب، تفصلهم عن ذويهم الحدود تارة، والقوانين تارة، وعدم القدرة على التواصل واللقاء تارةً أخرى، مع قصر المسافات أحيانًا.

اقرأ أيضا  استهداف الثورة السورية عالميا... لماذا ؟

لقد سعى الكيان العبري منذ إقامته إلى تذويب قضية اللاجئين، وسلك في هذا السبيل كل الطرق من قتل وتدمير وتهجير، وقدم العالم المتحضر العشرات من مشاريع التوطين التي أخذت لبوسًا مختلفًا للمضمون نفسه، لكنها فشلت في زعزعة إيمان اللاجئ الفلسطيني بحقه في أرضه والعودة إليها، مع مرور أكثر من 67 عامًا على النكبة الفلسطينية.

بالمقابل إن المناخ الذي تشهده سورية والأقطار العربية التي تشهد لجوءًا فلسطينيًّا، وما يرافقه من ضغط وتضييق على اللاجئين الفلسطينيين، والسلوك الحالي للراعي الرسمي الفلسطيني تجاه فلسطينيي سورية تنبئ بالتدمير شبه الكامل للوجود الفلسطيني هناك، وتنذر ببدء حالة الذوبان والتلاشي التي حلم بها واجتهد العدو على تحقيقها طوال سنوات الصراع المنصرمة، وتمثل بيئة حاضنة وخصبة لقبول تلك المشاريع، وتحدث تبدلًا خطيرًا في الوعي الجمعي لدى اللاجئين.

اقرأ أيضا  الأزمة السورية والسلطة الأخلاقية المتآكلة للدول الأوروبية

إن حسن قراءة المشهد الحالي، وفهمه، وإدراكه من قِبَل صانع القرار الفلسطيني الذي يضع قضية اللاجئين على رأس أولويات سياسته لتلك الدوافع تفرض عليه الإسراع في اتخاذ الخطوات المانعة لانهيار مجتمع اللاجئين، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لإعادة الثقة المفقودة بينهما، بعدما ترسخ لديه اقتناع بتخلي الراعي الرسمي لقضيتهم تخليًّا تامًّا عنهم، وانحسار اهتماماته في الداخل الفلسطيني فقط.

المصدر : فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.