التفاؤل والاستبشار بالنصر

السبت 17 رمضان 1436//4 يوليو/تمور 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: “التفاؤل والاستبشار بالنصر”، والتي تحدَّث فيها عن التفاؤُل وضرورة تعميمه بين المسلمين، مُورِدًا الأدلة من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك.
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، نحمدُه – سبحانه – حمدًا يكون لإنعامِه مُجازِيًا، ولإحسانِه مُوازِيًا.
الحمدُ لله كم فينا لخالِقِنا مواهِبُ ليس يُحصِي شُكرَها أحَدُ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعلَ للبأساء آفاقًا سِهالاً، وللضرَّاء يقينًا سيَّالاً، وللشدائِد آمادًا وآجالاً، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أُسوةُ البريَّة رجاءً وفَالاً، وبِشرًا وآمالاً، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه بُكَرًا وآصالاً، وعلى آله وصحبِه المُستبِقين مكارِم وأفضالاً، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يومٍ يكونُ للعالمين مآلاً.
أما بعد، فيا عباد الله:
أُوصِيكم ونفسي بتقوَى الله – تبارك وتعالى -؛ فإن الله جعلَ لمن اتَّقاه المخرجَ مما يكرَه، والرزقَ من حيثُ لا يحتسِب، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 2، 3].
عليك بتقوى الله في كل لحظةٍ تجِد غِبَّها يوم الحسابِ المُطوَّلِ
ولا خيرَ في طولِ الحياةِ وعيشِها إذا أنت منها بالتُّقَى لم تَرحَّلِ
معاشِر المسلمين:
في ظلِّ الأزماتِ المُتراكِمة، وأمواجِ التحديَّات الحالِكة المُتلاطِمة، وانتِشار أضالِيل الهوَى، وأباطِيل المُنَى، تبرُز قضيَّةٌ مُؤرِّقةٌ فاتِكة، للنفوسِ مُمزِّقةٌ هاتِكة، تحدُو بفِئامٍ من الناس إلى الوُلوجِ في غياهِبَ معدومة الرَّغائِب، من اليأس والقُنوط، والإدلاجِ في سرادِيبِ الإحباط، وبين هذا وذاك يتقلَّبُ أناسٌ نصَبُوا أشرِعتَهم لرياح التشاؤُم واليأس، وزوابِع الإحباط والبأس.
هذا الداءُ العُضال الذي ما ألَمَّ بأُممٍ إلا أوبقَها، ولا بأفرادٍ إلا في التَّبَارِ أوهَقَها، ومما يزيدُ الطينَ بِلَّة، والداءَ عِلَّة في إذكاء خطرِه وانتِشار ضرَره: ضحالةُ الوعي والفهم، وانصِرافُ كثيرٍ من الناسِ عن العلمِ وأهلِه، وانسِياقُ كثيرين خلفَ الشائِعات المُغرِضة، والأراجِيف المُضلِّلة.
لذا لزِمَت – يا عباد الله – وقفةٌ جادَّة، بعزيمةٍ مُتماسِكةٍ صادَّة، لرياحِ اليأس العاتِية، التي تضرِبُ بجَنَبَات الأمة، وتكادُ تعصِفُ بكثيرٍ من شبابها وفتيَاتِها، وتذهبُ بهم مذاهِبَ شتَّى بلا أينَ ولا حتَّى!
إذا اشتملَت على اليأسِ القلوبُ وضاقَ لِما به الصدرُ الرَّحيبُ
وأوطأَت المكارِهُ واطمأنَّت وأرسَت في أماكِنِها الخُطوبُ
أتاكَ على قُنوطٍ منك غوثٌ يمُنُّ به اللطيفُ المُستجِيبُ
معاشر المؤمنين:
اليأسُ والقنوطُ سُدفةٌ من حُلَك الظلام، لذلك زجَرَ القرآنُ الكريمُ عن هذه الصِّفة القاتِمة المُخلخِلة، وهذه الخَصلةِ البئِيسَة المُزلزِلة، وحشرَ الموسومين بها في زُمرة الضالِّين، وجعلَ أهلَ اليأس من القوم الكافرين؛ قال – سبحانه -: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر: 56]، وقال تعالى: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87].
فيا أيها المُتشائِمون القانِطون! حنانَيكم بأنفسكم، وإروادًا بأمَّتكم .. يا من تناوَشَتهم سِهامُ الإحباط والقُنوط، واجتالَتهم رياحُ الضلال والشُّكوك: هلُمُّوا إلى معينِ الإسلام الرَّقراق، وتوحيده النقيِّ الخفَّاق. هلُمُّوا إلى أفياء السعادة والبِشر، والتفاؤُل والأمل.
أُعلِّلُ النفسَ بالآمالِ أرقُبُها ما أضيقَ العيشِ لولا فُسحةُ الأملِ
فكم في دينِنا من بشائِر وبُشريات، ومفاتِح للتفاؤُل والآمال المُبارَكات؛ يقول – سبحانه -: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف: 110].
وإن من أعظم ما يُجدِّدُ الأملَ في النفوس: قولَ الحقِّ – سبحانه -: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح: 5، 6]؛ فقد أكَّد وجودَ يُسرَين مع العُسر، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَين. نعم!
لنا الله مولانا نُؤمِّلُه عند الرخاءِ وفي الشِدَّات والنُّوَبِ
ربٌّ يغارُ ومن يطلُبه يُدرِكه لا أرضٌ تَقِيهِ ولا قصدٌ إلى هرَبِ
إخوة الإسلام:
لا بُدَّ أن نعيشَ الأملَ والتفاؤُل، عملاً بتعالِيم دينِنا الحنيف، وتحقيقًا لمقاصِد شريعتِنا الغرَّاء، من تحقيق المصالِح وتكثيرها، ودرءِ المفاسِد وتقليلِها، وتأسِّيًا بهدي المُصطفى العظيم – صلى الله عليه وسلم -.
لقد كانت حياةُ رسولِنا الكريم – عليه الصلاة والسلام – أسمَى أنمُوذجٍ عمليٍّ للتدرُّع بالتفاؤُل والأمل، والاستِبشار في أحلَك الأزمات، والنوازِل والمُلِمَّات، حتى كان – صلى الله عليه وسلم – ليُبشِّرُ أصحابَه، ويقول: «ليبلُغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ الليلُ والنهار، ولا يترُكُ الله بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلا أدخلَه الله هذا الدين، بعزِّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليل، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلاًّ يُذِلُّ الله به الكفرَ»؛ أخرجه الإمام أحمد في “المسند”.
وكان – صلى الله عليه وسلم – يُعجِبُه الفألُ الحسن؛ فعن أنسٍ – رضي الله عنه -، قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوَى ولا طِيَرة، ويُعجِبُني الفأْلُ». قالوا: وما الفأْلُ يا رسول الله؟ قال: «الكلِمةُ الطيبةُ»؛ متفق عليه.
وكان – صلى الله عليه وسلم – إذا بعثَ بعضَ أصحابِه في أمرٍ، يُوصِيهم بقولِه: «بشِّروا ولا تُنفِّروا، ويسِّروا ولا تُعسِّروا»؛ أخرجه الإمام مسلم.
وعن أُبيِّ بن كعبٍ – رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «بشِّر هذه الأمة بالسَّناء والرِّفعة، والنصر والتمكين في الأرض»؛ أخرجه الإمام أحمد في “المسند” بسندٍ صحيحٍ.
نبيٌّ أتانا بعد يأسٍ وفترةٍ من الرُّسْلِ والأوثانُ في الأرضِ تُعبَدُ
فأمسَى سِراجًا مُستنيرًا وهادِيًا وعلَّمَنا الإسلامَ فاللهَ نحمَدُ
أمة الأمل والتفاؤُل:
ليكُن منكم بُحسبان أن الأمل والتفاؤُل مُفرداتٌ أخاَّذة، لمدلولِها أثرٌ واعتِبار، ولفَحوَاها كُنهٌ واختِبار، وإلا كانت ضربًا من الأوهام، وأضغاثِ الأحلام، وذلك بألا يشُوبُها رَنَقُ الخُمولِ والتعطُّل، ولا كدَرُ التواكُل والتبطُّل، وإنما تتواشَجُ فيها أعمالُ القلوب بأعمال الجوارِح.
فالأملُ – عباد الله – نِبراسٌ في مجاهِل الحياة، وفجرٌ ساطِعٌ في دياجِير الكُرُبات. وهل حقَّق الأنبياءُ الكرامُ – عليهم أفضلُ صلاةٍ وأزكَى سلام – النصرَ والتمكين إلا بالتفاؤُل والأمل، والصبر واليقين والعمل؟!
وهم صفوةُ الأنام، وما لقُوا من الأوصاب أشقُّ من الصَّاب. فبلَّغوا الرسالات، ونشَروا الهدايات، مكثَ نوحٌ ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا في دعوة قومِه، ولم يفقِد الأمل، وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدٌ – صلوات الله وسلامُه عليهم – لم يفقِدوا الأمل مع أقوامِهم.
ومكثَ يونسُ – عليه السلام – في الظلمات، ولم يفقِد الأمل، ونادى: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 87، 88].
وهل بلغَ عباقِرةُ التأريخ، ونوابِغ الزمان، وفلَتَات بني الإنسان ذُرَى الحضارات والأمجاد، إلا بحُداءات التفاؤُل الشفيف، ونجاوَى الأمل المُعشوشِبِ الورِيف.
إلام تظلُّ في قلقٍ تُلاحِي أما لليأسِ عندك من رَواحِ
فلا يُنجِيكَ من شَرَكِ الليالي إذا نُصِبَت كآمالٍ فِساحِ
فاطَّرِحوا – عباد الله – عن أنفسكم الكسَلَ والوَنَى، وخُذُوا بأسبابِ الفلاح والنجاح، من التوكُّل والجِدِّ والاجتهاد، فغوالِي الأماني لا تُدرَكُ بالتوانِي، وأنَّى يُدرِكُ العوالِي الفَدِمُ العالِي.

اقرأ أيضا  رمضان والطاعات (خطبة)

فالأملُ رسالةٌ وعمل، لا تلاوُمٌ وكسَل، ولا جدَل، وفُقدانُه باعِثٌ على مُجافاة الاعتِدال والوسطيَّة، والوقوع في الغُلُوِّ والتكفير والتدمير، والأعمال والإرهابية، أو الجفاء والتنصُّل من الثوابِتِ والمُحكَمات الشرعية، والمُسلَّمات الدينية والقِيَميَّة.
متفائِلٌ يا قوم رغم قُنوطِكم إن السمَا تهمِي فيحيَا الوادِي
هذا يقيني وهو لِي بَلُّ الصدَى والكأسُ غامِرةٌ لغلَّة صادِي
وأبلغُ من ذلك وأعزّ: قولُ المولَى – جلَّ وعزَّ -: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 139].
ولا يُرى من فزعٍ رهنُ أسَى يقينُه كالطَّودِ في القلبِ رسَى
يُبصِرُ في غَورِ الخُطوبِ قَبَسَا من نُصرة الله إذا ما استَيْئَسَا
معاشر المؤمنين:
ومن روائِع الأمل، وبديعِ التفاؤُل: ما دبَّجه يراعُ الحمد والشُّكر، والثناءِ والذِّكر على جبينِ التأريخ، من أبهَر مواقِف النُّبل، ومآثِر المُواساة والتآخِي، التي سطَّرتْها بلادُ الحرمين الشريفين رُعاةً ورعيَّة، في التخفيفِ من جِراحات إخواننا المرزُوئِين والمُصابين، ونُصرة الحقِّ على الباطل، والعدل على الظُّلم، مهما عتَى وتجبَّر وبغَى أهلُه.
فكانت إعادةُ الأمل بعد “عاصِفة الحزم” نورًا يُضِيءُ البصائِر والأبصار، ويبعَثُ في النفوسِ البِشرَ والضياء، بعدما آتَت “عاصفة الحزم” ثِمارَها، وحقَّقت أهدافَها لردِّ اعتِداء عصابات البغي والطُّغيان، ممن مرَدُوا على الظُّلم والعُدوان، وانقلَبَت على الولاية الشرعيَّة، وخدمَت أجنداتٍ خارجية، تُريدُ أن تزرَعَ بُذورَ الطائفيَّة الإقليميَّة المَقيتة في المنطقة برُمَّتها.
فيُعادُ الأمل رسالةٌ ومنهجٌ وعملٌ، لعلَّهم يثُوبون إلى رُشدهم، ويعُودون إلى صوابِهم، ولتُتاحَ فُرصة البناء والإعمار، والإغاثة والإيثار، وتضميد الجِراح، وتحقيقِ دُروبِ الصلاح والنجاح والفلاح.
ويأتي مركزُ الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، امتِدادًا للدور الرائِد لبلاد الحرمين الشريفين، ورسالتها الإسلامية والإنسانية والعالميَّة. وإنه – بحقٍّ – لمأثرةٌ تأريخية، ومفخَرةٌ إنسانيَّة، ومُبادرةٌ حضاريَّة، ونُقلةٌ إغاثيَّةٌ نوعيَّة، في السجلِّ التأريخيِّ الحافِل لسلمان الحزم والأمل، والعزم والعمل، جعلَه الله في موازين أعماله الصالحة، إنه جوادٌ كريم، وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39].
باركَ الله لي ولكم في الوحيَين، ونفَعني وإياكم بهديِ سيِّد الثَّقَلَين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم، ولسائرِ المسلمين كل ذنبٍ، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا يعمُرُ القلبَ تفاؤُلاً وإشراقًا، وأملاً غدَّاقًا، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ من دعا إلى التفاؤُل وحُسن الآمال، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وصحبِه، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم المآل.
أما بعد، فيا عباد الله
اجعَلوا التقوى عمادَ قلوبِكم، وجلاء أبصارِكم، واحذَروا وإن كثُر الأزمات القُنوطَ والاستِيئاس.
ةحسبُنا حافِزًا للمُبشِّرات، والطُّموحات البَلْجاء، وهادِيًا إلى مضارِب الفألِ والأمل والرجاء، أن كاشِف اليأس والعناء: ربُّ الأرض والسماء.
اليأسُ يقطعُ أحيانًا بصاحِبِه لا تيأسَنَّ فإن الكافِيَ اللهُ
اللهُ يُحدِثُ بعد العُسرِ ميسرةً لا تجزعنَّ فإن الفارِجَ اللهُ
فيا شبابَ الأمة اليافِع! تفاءَلوا بمُستقبلٍ مُشرِقٍ زاهِر، واجتهِدوا في حاضِركم لتنعَموا بما هو آت، حتى لا تندَموا بعد الفوات.
على الرجاءِ يعيشُ الناسُ كلُّهم فالدهرُ كالبحرِ والآمالُ كالسُّفُنِ
وإلى أبنائِنا وبناتِنا الطلاب والطالِبات: خُذوا بأسباب الأمل والنجاح، وستَرَونَه – بإذن الله – يطرُقُ بابَكم، ويتوطَّنُ أكنافِكم وأعطافِكم. حقَّق الله لكم النجاحَ والتوفيق في الدنيا والآخرة.
وإلى جُنودِنا البواسِل، وأبطالِنا الأشاوِس: يا جُنودَ الإسلام .. يا من تذُودُون عن حِمَى .. هنيئًا لكم الرِّباطُ والجهادُ في سبيل الله، وأبشِروا بالنصر المُبين، والعِزَّة والرِّفعة والتمكين. إنها سُنَّةُ الله في خلقِه، فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ [الحشر: 2]، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد: 31].
وإلى إخواننا في اليمَن السعيد: هنيئًا لكم إعادةُ الأمل، فهو فُرصتُكم الذهبيَّة، فلا تُضيِّعوها، واتَّحِدوا على الأمن والاستِقرار والشرعيَّة، ونبذِ الفُرقة والنِّزاع والطائفيَّة. جعلَ الله الأملَ حليفَكم، والخيرَ والسعدَ أليفَكم.
وليتدرَّع بالأمل العريض المُضطَهَدون في دينهم في الأرض المُبارَكة فلسطين، وحول المسجد الأقصى، وفي بلاد الرافِدَين، وفي الشام الأبِيَّة، وأراكان الصابِرة، وفي كل مكانٍ. حقَّق الله لهم النصرَ والظَّفَر بمنِّه وكرمِه.
فأبشِروا وأمِّلوا؛ فالأملُ منهجٌ قرآنيٌّ، ومسلَكٌ إيمانيٌّ، ومطلَبٌ إنسانيٌّ، وإعادةُ الأمل رسالةٌ إلى الأمة بأسْرِها في جميع مجالاتها وأحوالها.
تفاءَلوا بالخير تجِدوه، وتطلَّعوا دائِمًا إلى أرَج الانفِراج، وبشائِر الانبِلاج، تُحقِّقوا مقاصِد دينِكم، وتُصيبُوا سُنَّة نبيِّكم – صلى الله عليه وسلم -، وتحُوزوا الخيرَ في دينِكم ودُنياكم وأُخراكم، وتُسعِدوا أنفسَكم وأوطانَكم ومُجتمعاتِكم وأمَّتكم.
وإذا دهَتْك من النوائِب شِدَّةٌ وخشيتَها لا تيأسَنْ أعِدِ الأمل
وإذا أردتَ نجاحَ ما أمَّلتَه لا بُدَّ من أن يقتَضِي العمل
هذا وصلُّوا وسلِّموا – رحمكم الله – على الحبيبِ المُصطفى، والرسولِ المُجتبَى، كما أمرَكم بذلك ربُّكم – جل وعلا -، فقال تعالى قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
وقال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
اللهم صلِّ وسلِّم على سيِّد الأولين والآخرين، ورحمةِ الله للعالمين، الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيِّنا محمدِ بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائِه الراشدين الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعن الطاهِرات أمهات المُؤمنين، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتِك يا أرحمَ الراحِمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأدِم الأمن والاستِقرار في رُبوعِنا وديارِنا، وأصلِح أئمَّتنا ووُلاةَ أمورنا.
اللهم وفِّق إمامَنا لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيته للبرِّ والتقوَى، وهيِّئ له البِطانةَ الصالِحة التي تدُلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم اجزِه خيرَ الجزاء على ما قدَّم ويُقدِّم للإسلام والمسلمين، اللهم وفِّقه ونائبَيه وأعوانَهم إلى ما فيه صلاحُ البلاد والعباد.
اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعِك، واتباع سُنَّة نبيِّك – صلى الله عليه وسلم – يا سميع الدعاء.
اللهم احفَظ علينا عقيدتَنا وقيادتَنا وأمنَنا ووحدتَنا، واستِقرارَنا ورخاءَنا يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيُّوم.
يا حي يا قيُّوم، برحمتِك نستغيثُ، فلا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه، وأحسِن عاقبَتَنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذابِ الآخرة.
اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلِمات، والمؤمنين والمؤمِنات، وألِّف بين قلوبهم، واهدِهم سُبُل السلام، وجنِّبهم الفواحِشَ والفتن، ما ظهرَ منها وما بطَن.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وارحَم موتانا برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم انصُر إخواننا المُجاهِدين في سبيلِك في كل مكان، اللهم انصُرهم في فلسطين، اللهم انصُرهم في المسجد الأقصَى يا ذا الجلال والإكرام، يا قوي يا عزيز.
اللهم كُن لإخواننا في العراق، وفي بلاد الشام، وفي أراكان، اللهم أعِد لليمَن السعيد سعادتَه وخيراته وبهجتَه، وأمنَه واستِقرارَه يا ذا الجلال والإكرام، وسائِر بلاد المُسلمين.
اللهم اغفِر لنا ولوالدِينا ووالدِيهم، وجميع المسلمين والمُسلِمات، الأحياء منهم والأموات، برحمتِك يا أرحم الراحمين، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
ربَّنا تقبَّل منَّا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفِر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.
-السكينة-

اقرأ أيضا  خطبة المسجد الحرام - خطورة الغيبة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.