الحث على زكاة الفطر وذكر بعض أحكامها

الأحد 25 رمضان 1436//12 يوليو/تمور 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
عباد الله، اتقوا الله، والتمسوا من العمل ما يحبُّه يرضاه؛ لعلكم ترحمون، واجتنبوا ما يسخطه ويكرهه؛ لعلّكم تتقون.

عباد الله:
هذا شهر رمضان قد تقارب تمامه، وانصرمت لياليه الفاضلة وأيامه، فمن كان منَّا محسنًا فيه، فعليه بالإكمال والإتمام، ومن كان مقصِّرًا، فليختمه بالتوبة والاستدراك، فالعمل بالخِتام، واعلموا – رعاكم الله – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد فرض في تمام هذا الشهر صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحرِّ والعبد، والصغير والكبير، صاعٌ من بَرٍّ أو أقطٍ، أو تمر أو زبيب، أو شعير، وأمر أن تُؤدَّى قبل الصلاة، وكان الصحابة – رضي الله عنهم – وهم النهاية في المسابقة والفضائل، يؤدُّونها قبل العيد بيوم أو يومين، فطهِّروا عباد الله، طهروا صيامكم، بإخراجها رغبة في اتباع النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – واغتنامًا لأجرها العظيم، وحسِّنوها وكملوها، ولتكن من أطيب أموالكم الذي تجدون؛ ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران : 92]، ولا تيمموا – عباد الله – الخبيث وهو الرديء منه تنفقون، فكيف ترضون لربكم ما ليس لأنفسكم ترضون؟!

عباد الله:
من فَهِمَ ما في زكاة الفطر من المنافع والحِكَم والأسرار، وما توجبه من الثواب وتحطه من الأوزار، لم يتوقف في اختيار الأجود فيها، ولم يطع الشُّح في العدول إلى الردِّ، فإن الله – جلّ وعلا – قد وقف عليها الفلاح والنبي – صلى الله عليه وسلم – جعلها من الفرائض العظيمة؛ لعِظَم ما تحوي من الإصلاح والصلاح، فهي من أجلّ القُرب إلى ربِّ العالمين، ومن أفضل ما حثَّ عليه سيد المرسلين، وهي طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وجبر لما حصل في الصيام من النقص وكفارة، وهي – عباد الله – من جملة شكر نعمة الله بالتوفيق لصيام رمضان، وتزكية للنفوس من الأخلاق الرذيلة وتحليةٌ لها بالأخلاق الفاضلة الجميلة، وفيها – عباد الله – إِغناءٌ للفقراء في ذلك اليوم الكريم الذي يتكرر على المسلمين بالخير والسرور والفضل العظيم، وهي شكر لله لنعمه – سبحانه – بسلامة الأديان والأبدان، وفداءٌ وكفارة للصائمين.

اقرأ أيضا  على المنادين بتغيير المسميات الشرعية التوبة إلى الله

عباد الله:
إن المؤمن الموفَّق يحمد ربَّه – سبحانه – حيث أقدره على أداء هذه الفريضة الجليلة، فيختار لها من أجود ماله ما يدرك به الأجور الجزيلة، ويرى من نعمة الله عليه أن جعل يده هي العليا.

ثم – عباد الله – على من أُخرجت عنه الزكاة من ولد وزوجة وأهل وخادم، عليه أن يحمد الله إذ كان عاجزًا عنها، فأوجب على من عليه الأمر لا على هذا أوجب أن يخرج عنه الزكاة، وعليه أن يشكر من قام بها، ويدعو له في حياته وبعد مماته، فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق؛ كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأيُّ معروفٍ أجلُّ من معروف من أدَّى عنك فريضة عظيمة تزكي بدنك وأخلاقك، وتطهِّر صيامك، ويكمل بها إسلامك.

عباد الله:
وإيّاكم أن تضعوا هذه الزّكاة في غير مستحقها الفقيرِ المحتاج، فمن أعطاها من يعرف أنه غير محتاج لم يجزه هذا الإخراج، ولا يجوز – عباد الله – إخراجها من المال، بل الواجب إخراجها من الطّعام.

ثم – عباد الله – من علم من نفسه أنه غير محتاج للزّكاة، فإنه لا يحلُّ له الأخذ، فإنْ أخذها، فهي حرام عليه؛ لأنها مخرجة لفقراء المسلمين ومَحاويجهم.

عباد الله:
ولا تفرغوا الصلاة وأنتم لم توصلوها إلى مستحقها، أو وكيله الذي وكَّله في قبضها، فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُوْنَ اَلْحَيَاةَ اَلْدُّنْيَا وَاَلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: ١٤ – ١٧].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله – صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

اقرأ أيضا  من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت

أما بعد:
عباد الله، ومما شرع الله – تبارك وتعالى – لعباده في تمام الشهر، تكبيرُ الله – عز وجلّ – تكبير المانّ والمتفضِّل – سبحانه – بالصيام والقيام، وعموم الطاعات، وأنواع العبادات؛ قال الله – تعالى -: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة : 185].

عباد الله:
والسنة في التكبير أن يقول المسلم عند إهلال ليلة العيد، يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، يقولها تلك الليلة وفي صبيحة ذلك اليوم وهو في رواحه إلى المصلى إلى أن تبدأ الصلاة.

والسُّنة – عباد الله – أن يقولهَا كلُّ مسلم بمفرده، أما التكبير الجماعي في المساجد أو غيرها، فليس من هدي النبي الكريم – عليه الصلاة والسلام – ولا مما كانَ عليه الصحابة الكرام، فعليكم بالسنة تُفلحوا، وبالإقتداء بالنبي الكريم – عليه الصلاة والسلام – تفوزوا وتربحوا، والكَيِّسُ – عباد الله – من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أَتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني.

وصلوا وسلموا – رعاكم الله – على محمد بن عبدالله، كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صلَّى عليَّ واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وأبي الحسنين علي.
وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع نبيِّك الكريم – صلى الله عليه وسلم.
اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر، اللهم أصلِح ذات بيننا وألِّف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا، وأزواجنا وذرياتنا، وأموالنا وأوقاتنا، واجعلنا مباركين أينما كنَّا.
اللهم أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات؛ الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ما قدمنا، وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منَّا، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.
اللهم تقبَّل صيامنا وقيامنا، اللهم واجعلنا من عتقائك من النار يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذاب النار.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترزقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر، اللهم سُقْيَا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اقرأ أيضا  خطبة المسجد الحرام - فضل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله

وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.