الحرب الدينية على الأقصى والصورة الذهنية الجديدة

شرطة الاحتلال الإسرائيلية - pnaarabafrica.com -
شرطة الاحتلال الإسرائيلية – pnaarabafrica.com –

خالد زبارقة

السبت 6 ذو الحجة 1436//19 سبمتبر/أيلول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

(1)
تناولنا في الأسبوعين الماضيين الحرب الدينية الصهيونية على المسجد الأقصى من جوانب عدة، وهنا أؤكد أنه يوجد عدة جوانب أخرى جديرة بالبحث والتحليل والتوثيق.

شيء خطير يحدث في المسجد الأقصى هذه الأيام، وقد يكون أخطر ما مر على المسجد الأقصى منذ احتلاله حتى هذه الأيام؛ فقد برز في الأحداث الأخيرة أن الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني بدأ بعملية بناء صورة ذهنية جديدة للمسجد الأقصى صورة الدمار والحرق والهدم.

فللمرة الثانية على التوالي خلال يومين تتعمد قوات الاحتلال الصهيوني حرق أجزاء من سجاد المسجد الأقصى، ما أدى إلى تصاعد ألسنة الدخان من داخل المسجد الأقصى المبارك، هذا الحرق أعادنا بالذاكرة إلى عام ١٩٦٩م عندما أحرق صهيوني حاقد منبر صلاح الدين، وهذا الحرق غير أنه استباحة لقدسية المسجد الأقصى واعتداء صارخ عليه هو يهدد تهديدًا مباشرًا وجود المسجد الأقصى المبارك. وعملية تكرار هذه الصورة ترمي إلى رسم صورة ذهنية جديدة للمسجد الأقصى، صورة الحرق والدخان والدمار.

والملحوظ أيضًا أن هذا المشهد بما يحمل من مخاطر وتهديد لوجود المسجد الأقصى لم يحظ بالاهتمام الكافي من العالم العربي لا الشعبي ولا الرسمي، حتى إن بعضًا من أبناء جلدتنا تبرعوا بتقزيم هذا الحدث الخطير؛ بهدف التخفيف من هول المشهد وتنفيس غضب المسلمين.

اقرأ أيضا  الأردن تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى

لم يكن هذا المشهد الوحيد الذي يتعمد الاحتلال فرضه على المسجد الأقصى، ففي المدة الأخيرة رصدنا تعمد الاحتلال هدم بوابات المسجد القبلي التاريخية بحجة ملاحقة المرابطين المدافعين عن المسجد الأقصى، الذين يذودون عن حمى الأقصى باسم الأمتين العربية والإسلامية.

مشاهد استهداف وتخريب وكسر بوابات المسجد القبلي، ومشاهد الهدم والدمار ليست اعتداء على حرمة وقدسية المسجد الأقصى فحسب، إنما ترمي الى خلق مشهد من مشاهد تغيير الصورة الذهنية للمسجد الأقصى المبارك، صورة الهدم والدمار والخراب.

وإن الاحتلال يتعمد كسر زجاج شبابيك المسجد الأقصى التاريخية، التي تحمل الزخارف الإسلامية العريقة، وقص حمايات الشبابيك، هي مشاهد جديدة تحمل كثيرًا من المخاطر، صورة أعمال الهدم والتخريب وماكينات الهدم التي يتعمد الاحتلال استعمالها.

أيضًا مشاهد سماح الاحتلال لنفسه بتدنيس المسجد الأقصى والدوس على بساطه بـ”بساطير” جنوده، ومشاهد إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت وقنابل الغازات السامة؛ هي مشاهد أخرى يتعمد الاحتلال أن يوقعها على المسجد الأقصى المبارك، يرمي من ورائها إلى القول: “إن هذا ليس مكانًا مقدسًا، بل هو مكان مستباح نستطيع أن نفعل به ما نشاء متى نشاء”، وأصبح يشّرع لنفسه كل أدوات القمع والهدم والدمار.

اقرأ أيضا  فلسطينيون من غزة يصلون في "الأقصى" لأول مرة منذ 7 سنوات

هذه المشاهد تدل بما لا يدع مجالًا للشك أن الاحتلال لا يتعامل مع مكان مقدس، ولا مكان ديني، ولا مكان تاريخي، ولا مكان حضاري يحمل الحضارة الفلسطينية العربية الإسلامية العريقة، بل يتعمد الاحتلال بهذه المشاهد رسم صورة ذهنية جديدة للمسجد الأقصى، تحمل من المخاطر ما لا يعلمه إلا الله (تعالى).

ثم إن الاحتلال الإسرائيلي يتابع ويقرأ بدقة ردة فعل الشارع الإسلامي والعربي والفلسطيني، ويهتم كثيرًا بتحرك الشارع، وعندما يرى أن الشارع الفلسطيني العربي والإسلامي لم تحركه هذه المشاهد الخطيرة، بل مرَّ عليها مر الكرام؛ يبقى السؤال الذي يجب علينا جميعًا أن نسأله بكل جرأة وصراحة: أي رسالة يرسلها الشارع إلى صناع القرار في المشروع الصهيوني العالمي؟!

(2)
التحركات الدولية وبيانات الاستنكار والتنديد والقلق والاستياء الشديد لا تحرك ساكنًا عند صنّاع القرار في المشروع الصهيوني، بل بالعكس تُعد هذه التصريحات “الشديدة اللهجة” أداة من أدوات السيطرة على الشارع، وأداة من أدوات تنفيس غضب هذا الشارع، لا ننسى أن هذه التصريحات كانت إحدى أدوات إخماد انتفاضة القدس التي بدأت بعد جريمة قتل الفتى محمد أبو خضير، ولم يتحرك كيري ولا الاتحاد الأوروبي ولا الأنظمة العربية إلا بعد العمليات التي نفذها المقدسيون بيهود القدس.

اقرأ أيضا  (إسرائيل) تحتفل بعيد الأم؟!

هذه التصريحات والبيانات ستُعد مؤامرة على الأقصى، إذا لم تترجم إلى فعل عملي للجم الاحتلال، وإنهاء جرائمه اليومية.

(3)
أن تُحرم من الأقصى له طعم خاص، بعد أن أكرمني الله (تعالى) بالإحرام لحج هذا العام من المسجد الأقصى، بعد يوم رباط على بواباته؛ وجدت أن الإحرام من الأقصى له طعم خاص، لا أستطيع أن أصفه، لذا وجدت من المناسب ان أنصح الجميع بتجربته.

المصدر : فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.