الطريق إلى النصر والتمكين

السبت 17 رمضان 1436//4 يوليو/تمور 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: “الطريق إلى النصر والتمكين”، والتي تحدَّث فيها عن الحال التي تُعاني منه أمة الإسلام في الآونة المتأخرة، مُذكِّرًا بوصيَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – لابن عباسٍ – رضي الله عنهما -، مُستنبِطًا بعضَ ما فيها من الفوائد، كما طرحَ من خلالها الحلولَ للخروج من هذه الأزمات.
الخطبة الأولى
الحمد لله وليِّ الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله الحقُّ المُبين، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه سيِّدُ الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه، وعلى آله وأصحابِه أجمعين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله – جل وعلا -؛ فهي أصلُ الصلاح والنجاح، وأساسُ الفوز والفلاح.
معاشر المسلمين:
يُعانِي المُسلِمون في الوقت الراهِن أنواعًا من التحديَّات المُتنوِّعة، والفتن المُدلهِمَّة، والمِحَن المُستعصِية، والعُقلاءُ يتطلَّعون إلى رُؤيةٍ مُستقبليَّةٍ تُنقِذُ الأمةَ مما هي فيه، وقد أدلَى المُثقَّفون، برُؤيتهم، والساسَةُ بحُلولهم، والكُتَّابُ بنظراتهم.
تعدَّدت التحليلات للأسباب، وتنوَّعَت النظراتُ للمخارِج والحُلول، وقد آنَ الأوانُ للأمة جميعًا شعوبًا وأفرادًا وحُكَّامًا ومحكومين، أن يستيقِظوا من سُباتهم، وأن يعُودُوا لمصدر قوَّتهم، وأساس صلاحِهم، وأصلِ صلاحِهم، بعدما جرَّبوا حِزمًا من التجارب المُعتمِدة على السياسة البشريَّة والأفكار المُستورَدة، والتي لم تجُرّ إلا خِزيًا وذُلاًّ وهوانًا وضعفًا، وتأخُّرًا ودمارًا وتفرُّقًا وتشرذُمًا.
لقد آنَ للمُسلمين أن يعُودُوا لمصدر عزِّهم، ومُعتمَد رُقيِّهم. آنَ لهم أن يستَجلُوا الحُلولَ الناجِحة لما حلَّ بهم، من مُنطلَقَات ثوابِت دينِهم، ومُرتكَزات عقيدتِهم.
إن الأمةَ لن تجِد الحُلولَ الناجِحةَ لأدوائِها، والمخارِج لأزماتِها ومُشكِلاتها إلا من فهمٍ صحيحٍ من كتاب الله – جل وعلا -، وسُنَّة نبيِّه محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -.
إخوة الإسلام:
اسمَعوا إلى وصيَّةٍ عظيمةٍ صدرَت من مُعلِّم البشريَّة، وسيِّد الخليقة نبيِّنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، وهو يُوجِّهُ للأمة وثيقةً خالِدةً تصلُحُ بها حياتُها، وتسعَدُ بها مُجتمعاتُها، وتزدهِرُ بتحقيقِها بُلدانُها. وصيَّةٌ يجبُ أن تكون نصبَ أعيُننا، وأن يكون تطبيقُها حاكِمَ تصرُّفاتنا، ومُوجِّه تحرُّكاتِنا، ومُصحِّح إراداتنا وتوجُّهاتنا.
وصيَّةٌ لا تنظرُ لتغليبِ مصلحةٍ قوميَّة، ولا تنطلِقُ من نَزعةٍ عِرقيَّة، أو نظرةٍ آنيَّة. وصيَّةٌ صدرَت ممن لا ينطِقُ عن الهوَى، إن هو إلا وحيٌ يُوحَى. وثيقةٌ مُحمديَّةٌ، ووصيَّةٌ نورانيَّةٌ تنهَضُ بالأمة للحياة المُزدهِرة المُثمِرة بالخير والعزَّة والصلاح والقوة والرُّقِيِّ والتقدُّم والاجتماع والوِئام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال: 24].
نعم، حياةٌ وإحياءٌ شاملٌ للفرد والجماعة والنفوس. حياةٌ تُبنى على قوة الإيمان التي لا غِنى عنها في مُواجهة الأزمات، إحياءٌ يسيرُ بالأمة إلى النهضَة بأشمل وأدقِّ معانيها، وأخصِّ صُورها، مما يُحقِّق السعادة ومُعايشَة الأمن والسلام والخير والازدِهار والرُّقيِّ، في جميع مجالات الحياة.
أيها المسلمون:
إن العزَّة للمُسلمين في تحقيق هذه الوصيَّة مضمُون، والمجدَ في تنفيذ بنودِها مرهُون؛ قال الله – جل وعلا -: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف: 35].
الأفرادُ بدون تحقيق هذه الوصيَّة في ضياع، والمُجتمعات في البُعد عن مضامِينها إلى خرابٍ ودمار. وصيَّةٌ تربط المُسلم بالأصل مع اتصاله بمُنتجَات العصر. وثيقةٌ من محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، تحقيقُها هو الضامِنُ الأوحَد للتحديَّات التي تُواجِهُ الأمةَ الإسلاميَّة، وتستهدِفُ قِيَمَها ومُقدَّراتها وخصائِصَها.
قال عُمرُ – رضي الله عنه -: “إنما سبقتُم الناسَ بنُصرة هذا الدين”.
وحينئذٍ لنستمِع – يا رعاكم الله – إلى تلك الوصيَّة العظيمة، والوثيقة الخالِدة، سماعَ استِجابةٍ وتحقيق، واستِماع امتِثالٍ وانقِيادٍ بكل صِدقٍ وإخلاص.
قال ابن عباسٍ – رضي الله عنهما -: كنتُ خلفَ النبي – صلى الله عليه وسلم – يومًا، فقال لي: «يا غُلام! إني أُعلِّمُك كلماتٍ: احفَظ الله يحفَظك، احفَظ الله تجِده تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلَم أن الأمة لو اجتمَعَت على أن ينفعُوك بشيءٍ لم ينفعُوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله لك، وإن اجتمَعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لن يضُرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله عليك، رُفِعت الأقلام، وجفَّت الصُّحُف»؛ رواه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيحٌ”، وهو حديثٌ صحيحٌ عند أعلام المُحدِّثين.
وفي رواية غير الترمذي: «احفَظ الله تجِده تُجاهَك، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرِفك في الشدَّة، واعلَم أن ما أخطَأك لم يكُن ليُصيبَك، وأن ما أصابَك لم يكُن ليُخطِئَك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرَج مع الكرب، وأن مع العُسر يُسرًا».
قال بعضُ أهل العلم: “هذا الحديثُ يتضمُّن وصايا عظيمة، وقواعد من أهم أمور الدين”.
حتى قال بعضُهم: “تدبَّرتُ هذا الحديث فأدهَشَني وكِدتُ أن أطيش”.
فوا أسفَا من الجهل بهذا الحديث، وقلَّة التفهُّم لمعناه!
أيها المسلمون:
حِفظُ الله – جل وعلا – هو حِفظُ حدوده، والالتِزامُ بحقوقه، والوقوف عند أوامِره بالامتِثال، وعند مناهِيه بالاجتِناب، (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) [ق: 32، 33].
حِفظٌ يمنعُ الجوارِح من الزَّلَل، والحواسَّ عن الخلل؛ قال – صلى الله عليه وسلم -: «من يضمنُ لي ما بين لَحيَيه وما بين رِجلَيه أضمنُ له الجنة»؛ رواه البخاري.
حِفظٌ يضبِطُ الشهوات أن تميلَ بالمُجتمعات والأفراد إلى الضلال، أو أن تجنحَ بهم عن مبادئِ القيمِ وكريمِ الخِلال، (وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35].
حِفظٌ يتضمَّنُ قيامَ الحاكم والمحكوم بما أوجبَه الله عليهم من رِعاية الحقوق، وأداء الأمانة، والوفاء بالعَهد.
حِفظٌ يتضمَّنُ لُزومَ تطبيق الناس للإسلام تطبيقًا شامِلاً لمجالات الحياة، دون هَوادَةٍ أو تأويلٍ أو هوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) [البقرة: 208].
معاشر المسلمين:
من حقَّق حِفظَ الله بالمعنى المتقدم تحقَّق له حفظُ الله ورعايتُه وعنايتُه، حِفظًا يشملُ دينه ودُنياه في جميع أقواله في حياته وبعد مماته.
حِفظٌ يُحقِّقُ له المصالحَ المُتعدِّدة بأنواعها، ويدفعُ عنه الأضرارَ والأخطارَ بشتَّى أشكالها، وقد أكَّد النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – ذلك المعنى في هذه الوصيَّة بقوله: «احفَظ الله تجِده تُجاهَك».
فمن حفِظَ حدودَ الله ورعَى حقوقَه أحاطَه الله بحِفظه، ومنَّ عليه بتوفيقِه وتسدِيده، وعادَ عليه بتأييده وإعانته، من الجماعات أو الأفراد، (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 128].
قال قتادةُ: “من يتَقِ الله يكُن معه، ومن يكُن الله معه فمعه الفئةُ التي لا تُغلَب، والحارِسُ الذي لا ينام، والهادِي الذي لا يضِلّ”.
وكتبَ بعضُ السلَف إلى أخٍ له: “أما بعد: فإن كان الله معك، فمن تخاف؟ وإن كان عليك، فمن ترجُو؟”.
وهكذا ينبغي أن يكون لِسانُ حال المُجتمعات: إن كان الله معنا، فمن نخاف؟ وإن كان الله علينا، فمن نرجُو؟
إذًا يجبُ علينا أن نتدبَّر قولَه – جل وعلا -: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) [الذاريات: 50].
فِرُّوا إلى الله – جل وعلا – بطاعته، ولُزوم سُنَّة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم -.
معاشر المُسلمين:
إن الأمةَ على مُستوى آحادها ومُجتمعاتها، بمُختلَف مُستوياتها وتنوُّع مكانتها، متى حفِظَت شرعَ الله، واستسلَمَت لأمره في كل شأنٍ، وتخلَّصَت من أهواء النفوس وشهوات القلوب، وكانت أحوالُها السياسيةُ والاقتصاديةُ والاجتماعيةُ وغيرها، على مُقتضَى منهج الله – عز َّ شأنُه -، وسُنَّة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم -، متى جعلَت الإسلام الصافي منهجًا كاملاً لحياتها، في كل أطوارها ومراحِلِها، وفي جميع علاقاتها وارتِباطاتها، وفي كل حركاتها وسكَناتها.
حينئذٍ يتحقَّق للأفراد، ويحصُلُ للمُجتمعات حِفظُ الله من كل المكارِه والمشاقِّ والأزمات والمِحَن التي تُعاني منها، ويحصُلُ لها عندئذٍ الأمنُ والاستِقرار، والعزُّ والانتِصار، ألم يقُل الله – جل وعلا – ووعدُه حقٌّ -: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].
إن الأمةَ متى قادَت نفسَها بشرع الله – جل وعلا -، وسُنَّة رسولِه – صلى الله عليه وسلم -، وسادَ ذلك توجُّهاتِها، وقادَ حركاتها حصل لها الأمنُ بكل مُقوِّماته، وشتَّى صوره؛ سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، لكن أين المُتدبِّرون، وأين هم المُتعقِّلون، وأين هم القارِئون لتاريخ أمة محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – في القرون الماضِية.
معاشر المؤمنين:
إن الأمةَ متى وقع بها البلاءُ وقاسَت الابتلاء، وخافَت فطلبَت الأمن، وذلَّت فطلبَت العزَّة، وتخلَّفَت فطلبَت الاستخلاف والاستقرار، كما هي حالُها الآن؛ فلن تجِد لذلك سبيلاً حتى تقوم بشرط الله – جل وعلا – من القيامِ بحِفظِ الله بطاعته وطاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، والرِّضا التامِ بشريعةِ الإسلام، وتحقيقِ النهجِ المُرتضَى.
حينئذٍ يرتفعُ عنها الفسادُ والانحِدار، يزولُ عنها الخوفُ والقلقُ والاضطرابُ، ولن تقِفَ في طريقِها قوةٌ من قُوَى الأرض جميعًا مهما عظُمَت، وارجِعوا إلى سيرة الخلفاء الراشدين، وسيرة المسلمين في عهد أمثال عُمر بن عبد العزيز – رضي الله عنهم أجمعين -.
فالله – جل وعلا – يقول للأمة في أولها وآخرها: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123، 124].
أمة الإسلام في كل مكان:
إن وعد الله قائِمٌ مهما اختلَفَت العصور، وتغيَّرَت الأحوال، متى قامَ الشرطُ المذكور. ولكن على المُسلمين جميعًا على الفرد قبل المُجتمع، على المحكُوم قبل الحاكِم، أن يرجِعوا إلى أنفُسهم، وأن يُفتِّشُوا في أوضاعِهم، وأن ينظُروا إلى حياتهم: هل هي على المُقتضَى المُرتضَى من منهج الله – جل وعلا -، ومنهج رسولِه – صلى الله عليه وسلم -، وحينئذٍ العاقلُ تظهرُ له النتيجةُ في الجوابِ الصحيح.
ذكرَ ابن كثيرٍ – رحمه الله – في أحداثِ سنةِ ثلاثٍ وستين وأربعمائةٍ من الهجرة، قال: “أقبل ملكُ الرومِ في جحافلَ لا تُحصَى كأمثال الجبال، وأعدادٍ عظيمةٍ، وجمْعٍ هائِلٍ، ومن عزمِه أن يجْتَثَّ الإسلامَ وأهلَه، فالتقَى به سلطانُ المسلمين في جيشٍ وهُم قريبٌ من عشرين ألفًا.
وخافَ من كثرةِ المشركين، فأشار عليه الفقيهُ أبو نصرٍ محمدُ بن عبد الملك البخاري بأن يجعلَ وقتَ الواقعةِ يوم الجمعة بعد الزوال، حين يكونُ الخطباءُ يدعُون للمُجاهدين. فلما تواجَهَت الفئتان، نزلَ سُلطانُ المُسلمين عن فرسِه، وسجدَ لله – جل وعلا -، ودعا اللهَ واستنصَرَه، فأنزلَ الله نصرَه على المُسلمين، ومنحَهم أكتافَ المُشركين، وكان نصرًا مُؤزَّرًا”. اهـ كلامُه. والحمدُ لله أولاً وآخرًا.
وإلا فإذا كانت الأمةُ في نزاعٍ وتفرُّقٍ وتشرذُمٍ، ناهِيكَ عن بُعدهم عن منهج الله، عن تطبيق كتابِ الله، عن السَّير على سيرة سيِّد الأنبياء والمُرسَلين .. فأين النصرُ، وأين الفلاحُ، وأين الفوزُ، وأين الأمنُ؟!
يقول الله – جل وعلا -: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7].
بارك الله لنا ولكم في الوحيَين، أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أحمدُ ربي وأشكرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.
أيها المسلمون:
إن شهرَ شعبان شهرٌ يُغفَلُ فيه عن القُرُبات، فينبغي أن نقتَدي برسولِنا – صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه أُسامةُ بن زيدٍ قال: قُلتُ: يا رسول الله! لم أرَك تصومُ شهرًا من الشهور ما تصومُ من شعبان، قال: «ذلك شهرٌ يغفَلُ عنه الناسُ بين رجبٍ ورمضان، وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمال، فأُحبُّ أن يُرفَعَ لي عملٌ وأنا صائِم»؛ أخرجه النسائي بسندٍ حسنٍ.
وعن عائشة – رضي الله عنها وعن أبيها – قالت: “لم يكُن النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يصومُ شهرًا أكثر من شعبان؛ فإنه كان يصومُ شعبان كلَّه”؛ رواه البخاري.
وفي رواية مُسلم: “كان يصومُ شعبان إلا قليلاً”.
قد كان السلَف في هذا الشهر يُكثِرون فيه من تلاوة القرآن. قال أنس: “كان المُسلمون إذا دخلَ شعبان أكبُّوا على المصاحِف”.
قال سلَمةُ بن كُهيل: “كان يُقال: شهر شعبان شهر القرَّاء”.
وكان حبيبُ بن أبي ثابت إذا دخلَ شعبان قال: “هذا شهر القرَّاء”.
وكان عمرُو بن قيسٍ إذا دخلَ شعبان أغلقَ حانُوتَه، وتفرَّغ لقراءة القرآن.
أما تخصيصُ النصف منه بصومٍ وليلتها بقيامٍ، فلم يثبُت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، كما ذكرَ ذلك غيرُ واحدٍ واحد من المُحقِّقين.
وما لم يثبُت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من القُرُبات، فعملُه بِدعةٌ مُنكرَةٌ لا يجوزُ للمُسلم أن يتعبَّد الله بها، فإن مما أضرَّ أمةَ الإسلام ما انتشرَ من البِدع التي لا يقومُ عليها دليلٌ من كتاب الله – جل وعلا -، ولا سُنَّةٌ من سُنن رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم -.
ثم إن اللهَ أمرَنا بأمرٍ عظيمٍ، ألا وهو: الصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الكريم.
اللهم صلِّ على نبيِّنا محمدٍ، وآل نبيِّنا محمد، اللهم بارِك على نبيِّنا محمدٍ، وآل نبيِّنا محمد، اللهم ارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، اللهم ارضَ عن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّنا بطاعتِك، اللهم أعِزَّنا بطاعتِك، اللهم أعِزَّنا بطاعتِك، اللهم احفَظنا بحفظِك، اللهم احفَظنا بحفظِك، اللهم أيِدنا بتأييدك، اللهم أيِّد المُسلمين بتأييدك ورعايتِك وعنايتِك، اللهم احفَظهم بحفظِك، واكلأهم برعايتِك، في بحرك وجوِّك وبرِّك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفَظ بلادَ المسلمين من كل سُوءٍ ومكروه، اللهم احفَظ بلادَ الحرمين، واجعَلها آمنةً مُطمئنَّةً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفَظ بلاد المسلمين، اللهم احفَظ بلاد المسلمين من مكر الماكرين، وخِدع المُخادِعين، اللهم احفَظ المسلمين، وصُن دماءَهم، واحقِن دماءَهم، وصُن أعراضَهم وأموالهم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفِر للمسلمين والمسلِمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم احفَظ وليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تُحبُّ وترضى، اللهم اجعَل التوفيق حليفَه، اللهم اجعَل التوفيق حليفَه، اللهم أرهِب به أعداءَك، اللهم أرهِب به أعداءَك وأعداءَ المسلمين.
اللهم قوِّ شوكةَ المسلمين في كل مكان، اللهم قوِّ شوكةَ المسلمين في كل مكان، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم اشفِ مرضاهم، اللهم اشفِ مرضاهم، اللهم أصلِح أحوالهم، اللهم أنزِل عليهم نصرَك وتأييدَك ورعايتَك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم بارِك لنا في شعبان، اللهم بلِّغنا رمضان، اللهم بلِّغنا رمضان، اللهم بلِّغنا رمضان، واجعَلنا ممن فازَ بالعِتقِ من النيران.
اللهم يا حيُّ يا قيُّوم، يا غنيُّ يا حميد، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِث قلوبَنا بطاعتِك، اللهم أغِث بلادَنا بالغيث النافِع، اللهم أغِث بلادَنا وبلادَ المسلمين، اللهم أغِث بلادَنا وبلادَ المسلمين، اللهم أغِث بلادَنا وبلادَ المسلمين.
عباد الله:
اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً.
-السكينة-

اقرأ أيضا  الهداية والثبات عليها
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.