القضية الفلسطينية…البحث عن سبيل للخروج من المأزق ضرورة ملحة
بكين (معراج)- كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب يوم الجمعة عن قرار اتخذته اللجنتان التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة التحرير الوطني (فتح) بتشكيل حكومة “وحدة وطنية” من فصائل منظمة التحرير بديلا عن حكومة الوفاق الحالية التي تم تشكيلها في منتصف عام 2014. وأوضحت المصادر أن قرار تشكيل حكومة وحدة وطنية تم رفعه إلى الرئيس محمود عباس للبت فيه وبدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة في وقت قريب.
ومن مهام الحكومة الجديدة بحسب المصادر، التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية خلال ستة أشهر تنفيذا لقرار المحكمة الدستورية الفلسطينية نهاية الشهر الماضي بحل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تسيطر حماس على غالبية مقاعده، وإجراء انتخابات جديدة، مما قد يدخل تغيرات على القضية الفلسطينية ، وفق ش خ.
— داخل فلسطين: غموض وسط عدم يقين
يعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة بالقوة منتصف عام 2007 بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح في الضفة الغربية.
وشهدت العلاقات بين حركتي فتح وحماس بعض التطورات في السنوات الماضية. فعلى سبيل المثال، تم توقيع آخر اتفاق بينهما في أكتوبر 2017 برعاية مصر نص على تسليم إدارة قطاع غزة إلى حكومة الوفاق الوطني، الأمر الذي ساهم في تهيئة بيئة مواتية لتوحيد الصف الفلسطيني. إلا أن الاتفاق تعثر بسبب خلافات بين الحركتين بشأن تنفيذ بنوده. وشهدت الآونة الأخيرة تصاعدا في التوتر بين الحركتين حيث تبادل مسؤولون منهما الاتهامات باعتقال عناصر لكل منهما الأخرى.
وفي ظل عدم تحسن حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني، أشار ما شياو لين، الخبير الصيني في شؤون الشرق الأوسط إلى أنه مازالت حالة من الغموض تكتنف آفاق ما كشفت عنه مصادر فلسطينية بشأن تشكيل حكومة “وحدة وطنية” من فصائل منظمة التحرير بديلا عن حكومة الوفاق الحالية.
ولفت إلى أنه وسط الانقسام الداخلي الفلسطيني القائم منذ سنوات، لايزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم تشكيل حكومة “وحدة وطنية” أم لا. وفي حال ما إذا تم تشكيلها، سيظل من غير الواضح ما إذا كانت حكومة محتملة جديدة ستجري انتخابات تشريعية جديدة أم لا، وما إذا حركة حماس ستقبل بالتطورات الجديدة.
— خارج فلسطين: بيئة غير مواتية
اتفق لي شاو شيان، الخبير الصيني المخضرم في شؤون الشرق الأوسط مع وجهة نظر ما شياو لين في أن الانقسام الداخلي الفلسطيني سيؤثر على الجهود الرامية إلى حل القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه فضلا عن الانقسام الداخلي، تتعثر عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية أيضا بسبب ظروف وعوامل خارجية.
وأوضح لي أنه بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام منصبه، اختلفت سياسة إدارته تجاه منطقة الشرق الأوسط عن السياسات التي انتهجتها الإدارات الأمريكية السابقة، حيث اتخذت موقفا منحازا بشكل واضح إلى إسرائيل، اتضح هذا جليا في عملية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس رغم ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية الرافضة لذلك، الأمر الذي يقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام والاستقرار.
فضلا عن ذلك، حاولت إدارة ترامب أيضا الترويج لما يسمى بـ”صفقة القرن” لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و”إحلال السلام” في منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، لفت ليو تشونغ مين، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إلى أنه رغم عدم كشف الجانب الأمريكي عن تفاصيل الصفقة، قد تتخذ الولايات المتحدة – بحسب بعض وسائل الإعلام – موقفا منحازا إلى إسرائيل في قضايا أراضي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وغيرها من القضايا التي تتعلق بالمصالح الجوهرية الفلسطينية، مضيفا بقوله “ومن ثم، قد تلقى (صفقة القرن) رفضا شديدا من الجانب الفلسطيني وخاصة حركة حماس، وهو ما سيؤدي إلى تصاعد التوتر بين فلسطين وإسرائيل بدلا من إيجاد حل دائم وعادل وشامل للقضية”.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأوضاع في المنطقة لا تساعد في الدفع من أجل إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حيث أشار ما شياو لين إلى أنه بعد اندلاع “الربيع العربي” في عام 2011، شهدت حالة من التنافس بين القوى الإقليمية وإيران تصاعدا مستمرا، ووسط ذلك بدأت إسرائيل في التودد إلى دول عربية.
ويرى ما شياو لين أن “هذا يفرض من ناحية ضغطا جديدا على فلسطين ويجعلها أكثر عزلة، ويثير من ناحية أخرى حالة من عدم الارتياح داخل فلسطين، وهي حالة قد تزيد بدورها من حدة التناقضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
—الرؤية الصينية: إيجاد مخرج للقضية الفلسطينية
في ظل ذلك، أشار خبراء صينيون إلى ضرورة أن تسعى الأطراف المعنية والمجتمع الدولي إلى البحث عن مخرج للمأزق الداخلي الفلسطيني وحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
فمن جانبه، ذكر ما شياو لين إنه منذ عام 2010، شهدت القضية الفلسطينية تهميشا في منطقة الشرق الأوسط وسط الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة، غير أنها لاتزال من أهم القضايا في الإقليم. وأكد ما على أهمية وحدة الصف الفلسطيني في دفع عملية السلام وحل القضية الفلسطينية. وشاطره الرأي لي شاو شيان قائلا إن الوحدة الفلسطينية شرط مسبق لتخفيف حدة المأزق.
فضلا عن ذلك، سلط ليو تشونغ مين الضوء على حاجة المجتمع الدولي إلى بذل جهود منسقة لحل القضية. وفي هذا الصدد، تساهم الصين بالحكمة والرؤية في دفع عملية السلام، حيث طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ “الرؤية الصينية” حول تسوية القضية الفلسطينية في عام 2017.
وارتكازا على حل الدولتين، يتألف اقتراح الرئيس شي من أربع نقاط تدور حول الدعم السياسي، والأمن المستدام، وتنسيق جهود المجتمع الدولي، وتحقيق السلام من خلال التنمية. وتعد هذه الرؤية الشاملة بمثابة مسعى جديد تبذله الصين لحل القضية الفلسطينية في ظل الأوضاع الدولية المعقدة. وفي هذا الصدد، أشار ليو إلى أن الصين يمكن أن تلعب دورا فريدا في حل القضية ودفع عملية السلام.
وكالة معراج للأنباء