المرأة والمشاركة المجتمعية

الأربعاء،28ربيع الثاني1436//18 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
جمع وإعداد: عفاف بنت يحيى آل حريد
بسم الله الرحمن الرحيم
• نظرة الإسلام لمكانة المرأة الاجتماعية:
لما كان الإسلام هو دين الغالبية العظمى من سكان دول العالم الإسلامي، وأحد العوامل الكبرى في حركة الحضارة العربية الإسلامية ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، فإن الأمر يقتضي أن نركز على مكانة المرأة الاجتماعية في الإسلام، وفي هذا الصدد فإن الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الكرامة الإنسانية، واستخلفهما معًا لعمران الكون.
إن القرآن الكريم قد ساوى بين الرجال والنساء في الواجبات الدينية، وفي المسؤولية، وفي الثواب والعقاب، حيث ذكر في محكم آياته: ﴿ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ﴾ [سورة النجم، الآيات 41-39]. والإنسان هنا يشمل كلًّا من الذكور والإناث بطبيعة الحال.
كما أكدت السنة النبوية على المساواة في معاملة الذكور، فالحديث الشريف يقرر: ) ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلًا أحدًا لفضلت النساء (.
والمساواة في العطاء تمتد من تربية الأطفال ورعايتهم، إلى إتاحة الفرص المتكافئة لهم نموًا وعملًا ومشاركة، من خلال ما يتمتعون به من حقوق، وما يتحملونه من مسؤوليات، ويقرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه المساواة بين الذكر والأنثى بنصيحته للنساء اللائي جئن لمبايعته يوم فتح مكة: ) من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة (.
والخلاصة: أن الإسلام يرسي قاعدة مكينة لمكانة المرأة، بالنسبة لكرامتها ولمساواتها بالرجل، ولحقها في المشاركة الفعلية العريضة في شؤون الحياة، كما فعلت كثير من فضليات النساء في كثير من حقب التاريخ.
• مساهمة المرأة في التنمية الاجتماعية والثقافية:
يرجع اهتمامنا بالدور الاجتماعي والثقافي للمرأة، إلى إيماننا بالبيئة التي يعيش فيها الطفل في السنوات الأولى من عمره، وعلى نموه مستقبلًا، فالمرأة تلعب دورًا رئيسًا في تنمية الموارد البشرية الصغيرة، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى لتربية الطفل وتنشئته، فيها يوضع حجر الأساس التربوي، حيث يكون الطفل عجينة طيعة يتقبل التوجيه ويتعوده، ويلتقط ما يدور حوله من صور وعادات وتقاليد، وثقافة البيئة التي يعيش فيها، وفيها أيضًا يتعلم مبادئ الحياة الاجتماعية والمعارف والعادات الصحية السليمة.
ورعاية المرأة لأبنائها تبدأ قبل ميلادهم، وذلك من خلال اختيارها التغذية السليمة المتكاملة التي تفيد صحتها أثناء الحمل والرضاعة، وذلك وقاية وحماية للأطفال، حتى لا يتعرضون في هذه المرحلة إلى تأخر النمو أو قلة الحيوية ونقص المناعة، وزيادة القابلية للأمراض المعدية، ليعيشوا رجالًا أصحاء أقوياء.
فكل ما يتلقاه الطفل من عناية ورعاية وتنمية في السنوات الأولى من عمره، يشكل أقصى حد ما سيكون عليه عند بلوغه.
ودور المرأة لا ينحصر في ذلك فقط، بل يتعداه إلى ما تقوم به من أعمال الاقتصاد المنزلي الخاصة بترتيب المنزل وتنظيفه، وتصنيع الغذاء، وتوزيع دخل الأسرة على بنود الإنفاق المنزلي، كما أنها في بعض الأحيان تتحمل المسؤولية كاملة في حالة غياب الزوج أو وفاته، هذا بالإضافة إلى عملها خارج المنزل.
سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة، وخاصة في المجتمعات الإسلامية – أسطرًا من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة، وقاضية، وشاعرة، وفنانة، وأديبة، وفقيهة، ومحاربة، وراوية للأحاديث النبوية الشريفة.
وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح، وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع دورًا لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته.
إن المرأة تتمتع بصفات قد لا يطيقها الرجل، ومن أبرزها الصبر، فهي أجلد من الرجل في تحمل العمل، وهي أعلم بأحاسيس مثيلاتها، وقد مرت بالمرحلة التي أصبح لها بها اهتمام بعد أن تجاوزتها، وهي التي تستطيع التداخل والمواجهة والمخالطة بهن.
كل ذلك يحتم عليها أن تقوم بدور في مجتمعها، يوازي دورها في بيتها، ولا يخل به، وهنا أؤكد أن إيماني بقيمة أخذ المرأة بزمام العمل الاجتماعي النسوي والطفولي، لا يعني تشجيعها على ترك بيتها، بل هو الأولى بها، ولكن المرأة القوية الفكر، الماهرة في إدارة وقتها، سوف تجد وقتا كافيا لهذا وذاك.
وإن النساء غير المرتبطات بأي عمل أو زوج، مدعوات أكثر من غيرهن أن يمارسن هذا العمل، فالفراغ مغبته وخيمة على النفس، قبل أن يكون على غيرها، وهن يمتلكن طاقات هائلة، فمن الظلم لها أن تنزوي في غرفتها تلوك همومها، فيما يبقى المجتمع في أمس الحاجة إليها.
ولعل مما يمكن أن تمارسه المرأة في المجتمع، افتتاح جمعيات نسائية، ومراكز لتنمية الطفل، والتدرب على الإلقاء، وتدريب فتيات الأسر المحتاجة على مهنة يمكن من خلالها أن يغتنين، والقيام بمشروعات متنوعة للفتيات للاستفادة من أوقاتهن، وحفظ حياتهن فيما يعود عليهن بالنفع العاجل، من بناء الروح والعقل والجسد، وآجلا مما يؤهلهن للزواج والتربية، ونحو ذلك مما تستطيع المرأة أن تفتق أكمامه.
ذكرت الدكتورة أسماء الرويشد الدور الفعلي الذي يمكن للمرأة أن تقدمه من خلال العمل المجتمعي التطوعي، سواء كان من خلال الأسرة أو المجتمع لإبراز حضارة إسلامية مشرفة، والدفاع عن قضايا المرأة التي تواجه الكثير من الإشكاليات.
وأكدت على ضرورة تشجيع العمل التطوعي، وحثها على إدراجها ضمن المناهج الدراسية، وحث السيدات المتقاعدات من العمل بشكل خاص للاندماج في العمل التطوعي.
• أنواع العمل التطوعي نوعان، هما:
1- العمل التطوعي الفردي: وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه، وبرغبة منه وإرادة، ولا يبغي منه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية … في مجال محو الأمية -مثلا- قد يقوم فرد بتعليم مجموعة من الأفراد القراءة والكتابة ممن يعرفهم، أو يتبرع بالمال لجمعية تعنى بتعليم الأميين.
2- العمل التطوعي المؤسسي: وهو أكثر تقدما من العمل التطوعي الفردي، وأكثر تنظيمًا، وأوسع تأثيرًا في المجتمع.
في الوطن العربي توجد مؤسسات متعددة، وجمعيات أهلية تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع، فجمعية تنظيم الأسرة على سبيل المثال هي من الجمعيات التي تهتم بقضايا اجتماعية متعددة للتنمية الاجتماعية، من مكافحة المخدرات، إلى صحة الأسرة، وصحة الأم إلى المساهمة في دراسة وحل مشكلات الشباب، وتجنيبهم المشكلات الصحية الخطرة أو الانحرافية المضرة بالمجتمع.
أما عن دور المرأة في العمل التطوعي، فللمرأة دور كبير في العمل التطوعي، وهو أن تبذل شيئا من جهودها ووقتها بإرادتها في منفعة الآخرين، وتقديم الخدمة لهم، ومن أهم الأعمال التي تستطيع المرأة في وقتنا الحاضر القيام بها المشاركة في الجمعيات الخيرية التطوعية، ومن أهم النشاطات التي تقوم بها هذه الجمعيات هي النشاطات الاجتماعية المتنوعة الكثيرة والعظيمة، وأهمها تقصي أحوال الأسر والأفراد ذوي الحاجة وتقديم المساعدات لهم، والمشاركة في الأسواق والأطباق الخيرية التي يستفاد من ريعها في تموين المشاريع الخيرية .. أما إذا كانت المرأة من ذوات المؤهلات العلمية المتخصصة، فيمكنها المشاركة في إقامة محاضرات ودروس توعوية للمرأة في كل المجالات.
ولا بد لكل متطوعة للعمل الخيري من الاتصاف بصفات عدة، منها:
1. إخلاص العمل لله وحده.
2. الإيثار.
3. حُسن التعامل مع الآخرين؛ لأن العمل التطوعي يتطلب منها التواصل مع الآخرين.
وأخيرًا للعمل الاجتماعي التطوعي فوائد تعود على الفرد المتطوع نفسه، وعلى المجتمع بأكمله، وتؤدي إلى استغلال أمثل لطاقات الأفراد، وخاصة الشباب في مجالات غنية ومثمرة لمصلحة التنمية الاجتماعية.
المراجع:
– تعليم الإناث في العالم الإسلامي.
– دور المرأة في تنمية المجتمع، بتصرف.
– برنامج “دور المرأة السعودية في التطوع” د. أسماء الرويشد.
– مقالة “نقطة ضوء حول المرأة والعمل التطوعي” لوسيلة الحلبي بتصرف.
– مقالة من منتديات حلول بعنوان “الدور الاجتماعي للمرأة” بتصرف.
ــــــــــــــــــــــــ
– الإسلام

اقرأ أيضا  التجمل والمرأة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.