النبي هو المثل الأعلى في العبادة

الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي

الثلاثاء،22ربيع الأول1436الموافق13يناير/كانون الثاني2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
عندما نتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نعلم من خلالها أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب لأمته المثل الأعلى في العبادة والاتباع لأمر – ربه – تعالى – حتى إن الله – تعالى – جعله المثل الأعلى، والقدوة الصالحة، التي ينبغي على كل مسلم الاقتداء بها إلى يوم القيامة، فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
حال النبي صلى الله عليه وسلم في عبادته:
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العهد المكي يقوم من الليل، ويقرأ كتاب الله – تعالى – ويرتل آياته، ويتمعن في معانيه، ويأخذ منه الزاد والإيمان؛ ليتقوى به على عبادة ربه، والدعوة إلى سبيله، وحمل رسالة الإسلام، وتبليغها للعالمين.
ومن تأمل سورة المزمل، أدرك لذلك أيما إدراك، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 1 – 11].
قال صاحب “الظلال” – رحمه الله تعالى -: “ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى… لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت، وانقطاع عن شواغل الأرض، وضجة الحياة، وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة.
لا بد من فترة للتأمل والتدبر والتعامل مع الكون الكبير وحقائقه الطليقة، فالاستغراق في واقع الحياة يجعل النفس تألفه وتستنيم له، فلا تحاول تغييره، أما الانخلاع منه فترة، والانعزال عنه، والحياة في طلاقة كاملة من أسر الواقع الصغير، ومن الشواغل التافهة، فهو الذي يؤهل الروح الكبير لرؤية ما هو أكبر، ويدربه على الشعور بتكامل ذاته دون حاجة إلى عُرف الناس، والاستمداد من مصدر آخر غير هذا العُرف الشائع.
وهكذا دبر الله لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى، وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ”[1].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورم قدماه من طول القيام، وهو متبتل قانت قائم باكٍ بين يدي الله – تعالى – فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: “أفلا أكون عبداً شكوراً”؛ [متفقٌ عليه].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعةٍ”؛ [متفقٌ عليه].
وعن أنسٍ – رضي الله عنه – قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً؛ وكان لا تشاء أن تراه من الليل مُصلياً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيته”؛ [رواه البخاري].
فلنتأمل كيف كانت عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف أنه لا يكلُّ ولا يفتر عنها من قيام، أو تلاوة للقرآن، أو ذكر، أو تسبيح، أو صيام، أو غير ذلك.
[1] “في ظلال القرآن”، المجلد السادس، تفسير سورة المزمل.
ــــــــــــــــــــــــــ
– الألوكة

اقرأ أيضا  عبودية السعي وعبودية التوكل
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.