النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين

الجمعة،25ربيع الأول1436الموافق16يناير/كانون الثاني2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي
الحمد لله الذي من علينا بنعمة الإسلام، وجعلنا من أتباع سنة سيد الأنام، ونسأله أن يوفقنا للأخذ بها والتمسك بها إلى حين مفارقة الأرواح للأجسام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن على سنته وأثره يسير.
أما بعد:
أيها المسلمون، اتقوا الله – تعالى- واعلموا أن النصيحة أساس الدين وقوامه قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)[1]، فمتى قام العبد بالنصيحة في هذه الأمور فقد استعمل الدين، ومن قصر في النصيحة بشيء منها فقد نقل من دينه بحسب ما قصر فيه، أما النصيحة لله فهي الإخلاص له في الأقوال والأفعال، وصدق القصد في طلب مرضاته بأن يكون الإنسان عبدًا لله حقيقة راضيًا بقضائه منتفعًا بعطائه ممتثلًا لأوامره ومجتنبًا لنواهيه مخلصًا له في ذلك كله لا يقصد بذلك رياء ولا سمعة، وأما النصيحة لكتاب الله فهي تلاوته حق تلاوته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره والذب عنه وحمايته من تحريف المبطلين وزيغ الملحدين واعتقاد أنه كلام رب العالين تكلم به وألقاه على جبريل الأمين فنزل به على قلب النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -.

اقرأ أيضا  في الحث على اغتنام ما بقي من شهر رمضان

وأما النصيحة لرسوله – صلى الله عليه وسلم – فهي محبته واتباعه ظاهرًا وباطنًا، ونصرته حيًا وميتًا، وتقديم قوله على قول كل أحد، وتقديم هديه على هدي كل أحد كائنًا من كان، والإيمان بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وأنه لا نبي بعده وأن من ادعى النبوة بعده فهو كذاب مفتر على الله تعالى، حلال الدم والمال ويجب على المسلمين جهاده وقتاله حتى يتوب ويرجع عن دعواه أو يقتل كافرًا.

وأما النصيحة لأئمة المسلمين فهي صدق الولاء لهم وإرشادهم لما فيه خير الأمة في دينها ودنياها ومساعدتهم في إقامة ذلك وتذكيرهم بما غفلوا عنه من أمور المسلمين والسمع والطاعة لأوامرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، واعتقاد أنهم أئمة متبوعون فيما أمروا به لأن ضد ذلك غش وعناد لأوامرهم ويحدث من التفرق والفوضى ما لا نهاية له، فإنه لو جاز لكل واحد أن ينزع برأيه ويعتقد أنه هو الوافد للصواب ويرى أنه المحنك الذي لا يدانيه أحد لزم من ذلك الفوضى والتفرق والتشتت الذي جاءت نصوص الكتاب والسنة بالتحذير منه، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103] وقوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46] وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)[2]، وقد أمر الله عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر منهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59] وقال – صلى الله عليه وسلم -: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله)[3]، وقال – صلى الله عليه وسلم -: (من خلع يده من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له)[4]. وقال: (اسمعوا وأطيعوا وأن أمر عليكم عبد حبشي)[5].

اقرأ أيضا  بشريات وآيات أمام المحن والابتلاءات

وقال عبادة بن الصامت – رضي الله عنه -: (بايعنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان)[6].

وأما النصيحة لعامة المسلمين فهي أن تحب لكل فرد من أفرادهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تفتح لهم أبواب الخير وتحثهم عليه أي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، تنهاهم عن ارتكاب المحظورات من الفتن والخداع وتعاطي ما لا يجوز تعاطيه كالربا والخمر والميسر والقمار وكل ما يخل بالدين والمروءة وتغلق دونهم أبواب الشر وتحذرهم منها، وتسعي في إصلاح ذات البين، وتنصح من ينال من أعراضهم في غيبتهم وتحذرهم من النميمة وشهادة الزور وقول الزور، وأن تبادل إخوانك المؤمنين المودة والإخاء وأن تنشر محاسنهم وتستر عيوبهم، وتنصر ظالمهم ومظلومهم، تنصر ظالمهم بردعه عن الظلم وتنصر مظلومهم بدفع الظلم عنه، فمتى قام المجتمع الذي يدين بالإسلام على هذه الأسس، أي قام بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة السلمين وعامتهم عاش عيشة راضية حميدة سعيدة.

اقرأ أيضا  شرح الحديث الشريف - جامع الأحمدي: بادروا بالأعمال الصالحة

جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ومن الذين إذا ذكروا تذكروا ومن العاملين في دينهم بما علموا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

والحمد لله رب العالمين.

________________________________________
[1] رواه مسلم (55).
[2] صحيح مسلم ح (432).
[3] صحيح البخاري ح (6725).
[4] صحيح مسلم ح (1751).
[5] صحيح البخاري ح (6723).
[6] مسلم (1709).
المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.