امتحان الله لآدم وبنيه

الإثنين 16 جمادى الأولى 1438 الموافق 13 فبراير/ شباط 2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

د. علي العتوم
قال تعالى : (قال : اهبِطا منها جميعاً بعضُكُمْ لبعضٍ عَدُوٌّ فإمّا يأتينَّكُمْ مِنِّي هُدَىً، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فلا يضِلُّ ولا يشْقَى * ومَنْ أعرَضَ عن ذِكْرِي فإنَّ له معيشةً ضنكاً، ونحشُرُهُ يومَ القيامَةِ أعْمى * قال : ربِّ لِمَ حشرْتَنِي أعمى وقد كنتُ بصيراً * قال : كذلك أتتكَ آياتُنا فنسيتَها، وكذلك اليومَ تُنْسَى * وكذلك نجزِي مَنْ أسرَف ولم يُؤمِنْ بآياتِ ربِّهِ، ولعذابُ الآخرةِ أشدُّ وأبقى * أفلَمْ يهدِ لهم كَمْ أهلكْنا مِنْ قبلِهِمْ مِنَ القُرونِ يمشونَ في مساكِنِهِمْ، إنَّ في ذلك لآياتٍ لأُوْلِي النُّهى) . (طه : 20/123 – 128).

 تعليقات:
1
. التعريف :
الشيطان : خَلق من الجن الذين خلقهم الله، ويُطلق عليه كذلك إبليس . وقد عصى الله عزوجل عندما أمره أن يسجد لآدم إذ خلقه، فتكبّر عن ذلك إذ هو من طينة أعظم من طينة آدم، قال تعالى : (وإذ قُلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنِّ ففسق عن أمرِ ربّه، أفتتخذونه وذريَته أولياء من دوني، وهم لكم عدو)، وفي تكبُّره قال تعالى : (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكنْ من الساجدين * قال : ما منعك أنْ لا تسجد لآدم ؟! قال : أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين) . وكانت نتيجةُ هذا العصيانِ، العقوبةَ بأنْ حقَّت عليه اللعنة والطرد من رحمة الله، ولذا أعلن الحرب على بني آدم إلى يوم القيامة . وقد حكى الله تعالى ذلك عنه فقال : (قال : فبِما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم) .
2.التفسير :
اهبطا منها : انزلا من الجنّة الإنسان والشيطان متعاديين وممتحنين بأوامر الله، فمن أطاع فقد اهتدى وسعد، ومن عصى فقد ضل وشقي . أسرف : كفر ولجَّ في الكفران، قال تعالى : (إنَّ الله لا يهدي مَنْ هو مُسرِفٌ كذّاب) . أفلم يهدِ لهم ؟! : أفلم يتبيّن لهم ويتّضح ؟! أولي النهى : أصحاب العقول، جمع نُهية، وقد جاء في الحديث : (ليَلِني منكم أُولوا الأحلام والنُّهى) .
3. ما يستفاد من الآيات :
أ- العداوة بين الإنسان والشيطان قديمة بدأت في السماء عند رفض إبليس أن يسجد بأمر الله لآدم، ومن ثَمَّ إغوائه له ولزوجه بمعصية الله والأكل من الشجرة التي نُهِيَا عن الأكل منها، واستمرّت هذه العداوة بعد إهباطهم إلى الأرض . وكذلك فالدنيا دار امتحان وابتلاء في امتداد المعركة بينهما إلى الأرض، فمن أطاع أوامر الله من بني آدم فقد تغلَّب على الشيطان وسيكافئه الله بالجنان والرضوان، ومن عصاه غضب عليه وجازاه بالنيران والخسران .
ب. من يُعرض عن دين الله وينحرف عن تعاليمه من بني الإنسان فمن أتباع الشيطان وضحاياه وسيحييه الله عزوجل حياة ضنْك وشقاء وبؤس وتعاسة أنّى تكاثرت أمواله واتّسعت أملاكه، وعلا سلطانه . وهذا مقدمة لعذاب الآخرة الأشد والأنكى . وصدق الله العظيم : (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) .
ج. إن فيمن مضى من الأمم، وخاصة الظالمين منهم والطغاة لعبرةً كبرى لمن أراد أن يتّعظ أو يعتبر، كما في قوله سبحانه : (وكم أهلكنا من قريةٍ بَطِرَتْ معيشتها، فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم، إلا قليلاً، وكُنّا نحن الوارثينَ)، وقوله : (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، دمّر الله عليهم، وللكافرين أمثالها).

وكالة معراج للانباء الإسلامية

اقرأ أيضا  الصبر مفتاح الفرج
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.