بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله

الثلاثاء 18 صفر 1437//1 ديسمبر /كانون الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالله بن حمود الفريح
ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْما بَارِزا لِلنَّاسِ.فَأَتَاهُ رَجُلٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: “أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ” قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ! مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: “الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ الله لاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ”. قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: “أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ”. قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: “مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ. وَلٰكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُؤسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا. وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ الله” ثُمَّ تَلاَ: ﴿ إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34] قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم -: “رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ” فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – “هٰذَا جِبْرِيلُ. جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ”.

وفي رواية لمسلم: قَالَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم -: “سَلُونِي” فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ. فَجَاءَ رَجُلٌ، فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ……..وفيه: ” وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ النَّاسِ “.

وبنحوه عند مسلم من حديث يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ بِالْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنَ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ- صلى الله عليه وسلم – فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هؤُلاَءِ فِي الْقَدَرِ. فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي. أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ. فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سيَكِلُ الْكَلاَمَ إِليَّ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ! إِنَّهُ قَد ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ. وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعَمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ. وأنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ! لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبا فَأَنْفَقَهُ، مَا قَبِلَ الله مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ… وفيه: لما ذكر أركان الإسلام زاد فيها على ما جاء في حديث أبي هريرة: ” وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً “وزاد في أركان الإيمان: ” وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ”.

أولا: ترجمة راويي الحديث:
الأول: أبو هريرة – رضي الله عنه -:
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، هذا هو الأرجح في اسمه الذي اختاره جمع من المحدثين، وهو مشهور بكنيته، كناه به أبوه في الجاهلية، أسلم عام خيبر، لازم النبي – صلى الله عليه وسلم – فكان أكثر الصحابة رواية للحديث، قال له ابن عمر رضي الله عنهما: “كنت ألزمنا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – و أعلمنا بحديثه”. كان من كبار أئمة الفتوى، وذو عبادة وتواضع، قال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس أو أكثر، توفي سنة (57 ه) في المدينة. [انظر تذكرة الحفاظ (32/ 1) والإصابة (63/12)].

الثاني: عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -:
هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشي العدوي رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، أسلم في السنة الخامسة أو السادسة بعد البعثة، فكان في إسلامه عز للمسلمين، قال ابن مسعود ” مازلنا أعزة حين أسلم عمر” رواه البخاري، شهد المشاهد كلها، في خلافته زين الإسلام بعدله، وفتح الله به الفتوح كبيت المقدس وجميع الشام، فاتسعت رقعة الإسلام، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بخنجره وهو في صلاة الصبح وذلك في آخر ذي الحجة لأربع ليال بقين منه، وتوفي بعد ثلاث ليال من طعنه سنة ثلاث وعشرين، ودفن مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر في حجرة عائشة. له فضائل عديدة ستأتي في بابها بإذن الله تعالى، كانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وتزيد أياما – رضي الله عنه -وأرضاه.[انظر الاستيعاب (242/8) والإصابة (74/7)].
ثانيا: تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة أخرجه مسلم (9)، وأخرجه البخاري (50) في كتاب “الإيمان” باب: سؤال جبريل النبي صلى اله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة، وأخرجه ابن ماجة (64) في المقدمة “باب: في الإيمان بتمامه”.

أما حديث عمر بن الخطاب فأخرجه مسلم (8)، وأخرجه أبو داود (4695) في كتاب “السنة” “باب في القدر”، وأخرجه الترمذي (690) في كتاب “الإيمان” “باب ما جاء في وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم”، وأخرجه النسائي (5005) في كتاب “الإيمان” “باب نعت الإسلام”، وأخرجه ابن ماجة (63) في المقدمة “باب في الإيمان”

ثالثا: شرح ألفاظ الحديث:
(كَانَ رَسُولُ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْما بَارِزا لِلنَّاسِ): البروز هو الظهور، فبارزا أي ظاهرا.

(الإيمان أَنْ تُؤْمِنَ بِالله): أجابه النبي – صلى الله عليه وسلم – عن مضمون الإيمان، لا عن معنى لفظ الإيمان الذي هو التصديق والإقرار، وقوله (أن تؤمن بالله) هو التصديق والجزم بوجوده جل وعلا وأنه متصف بصفات الكمال، منزَّه عن صفات النقص، والإيمان أيضا بانفراده جل وعلا بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

(ومَلاَئِكَتِهِ): والإيمان بهم هو التصديق والإقرار بوجودهم، وأسماء من علمنا من أسمائهم وبما لهم من أعمال.

(وكتبه): الإيمان بالكتب هو التصديق والإقرار بأنها كلام الله تعالى أنزلها على رسله، ونؤمن بصحة ما فيها من أخبار، وبما فيها من أحكام وبما علمنا من أسمائها مثل القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى.

(ولقائه): قيل إن هذه اللفظة مكررة في الحديث لأنها داخلة ضمن البعث والبعث مذكور، كما قال ابن حجر أنها غير مكررة، فقيل المراد بالبعث القيام من القبور، والمراد باللقاء ما بعد ذلك، وقيل اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا، والبعث بعد ذلك. [انظر الفتح حديث (50)].

اقرأ أيضا  إشكاليات خطيرة - تطبيق الشريعة الإسلامية (2)

(ورسله): والإيمان بهم هو التصديق والإقرار بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله عز وجل، وهذا من حيث الجملة وكذلك الإيمان بمن ثبتت لنا تسميته على التعيين من الرسل.

(وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ): والإيمان به هو التصديق والإقرار بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار وكل ما أخبرنا بوقوعه فيه وقبله من عذاب القبر ونعيمه والسؤال فيه.

والبعث قيل له (الآخر) مع أنه لا يأت إلا متأخرا، قيل كلمة (الآخر) للتأكيد كما يقال (أمس الذاهب)، وقيل: لأن البعث وقع مرتين: الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود، أو من بطون الأمهات إلى الحياة الدنيا، والثانية البعث من بطون القبور إلى يوم القيامة (وهو المقصود هنا).

و أما اليوم الآخر فقيل له كذلك لأنه آخر أيام الدنيا فلا يوم بعده.

(وتؤمن بالقدر خيره وشره): وهذا الركن جاء في حديث عمر دون حديث أبي هريرة، والإيمان به هو التصديق والإقرار بمراتب القدر الأربعة:
أولا: الإيمان بعلم الله الشامل لكل شيء جملة وتفصيلا (وهذه المرتبة هي التي أنكرها غلاة القدرية الذين كفرهم ابن عمر – رضي الله عنه -في حديث الباب، وإنكارها إنكار لجميع مراتب القدر).

ثانيا: الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، ويدل على هاتين المرتبتين قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج:70].

ثالثا: الإيمان بأنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله تعالى وإرادته، قال تعالى: ﴿ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [ابراهيم:27].

رابعا: الإيمان بأن الله خالق كل شيء لا خالق سواه، قال تعالى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان:2].

(الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ الله لاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئا): وفي حديث عمر “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله” وبهذه الرواية يتضح معنى (أن تعبد الله) وأن المراد بها التوحيد لا الطاعة مطلقا، ويؤيد ذلك ما بعدها حيث قال: “لا تشرك به شيئا”، وكان ذلك أول أركان الإسلام لأنه يتضمن الإخلاص وينبذ كل شريك الذي هو أساس ما بعدها من الأركان.

(مَتَى السَّاعَةُ): الساعة هي الوقت الذي فيه القيامة، سميت بذلك لسرعة الحساب فيها، ولأنها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة.

(وَلٰكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا): وفي حديث عمر قال جبريل: (فأخبرني عن أماراتها) أماراتها وأشراطها أي علاماتها، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [محمد:18] أي علاماتها، وأشراط الساعة على قسمين:
1- أشراط صغرى: وهي التي تتقدم الساعة بأزمان متطاولة وتكون من نوع معتاد. ومثالها: قبض العلم، ظهور الجهل، شرب الخمر، التطاول في البنيان، وما ذكر في حديث الباب من هذا القسم.

2- أشراط كبرى: وهي الأمور العظام التي تكون قرب قيام الساعة، وتكون غير معتادة الوقوع. ومثالها: ظهور الدجال، نزول عيسى عليه السلام، خروج يأجوج ومأجوج، طلوع الشمس من مغربها. [انظر أشراط الساعة للشيخ يوسف الوابل ص (77)].

(إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا): وفي حديث عمر (ربتها) بالتأنيث، والمقصود سيدها ومالكها وسيدتها ومالكتها. [انظر النهاية، مادة (ربب)].

(وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ): العراة: جمع عارٍ وهو الذي ليس على جلده شيء من لباس، والحفاة: جمع حافٍ وهو الغير منتعل، وفي حديث عمر (العالة) أي الفقراء. وفي الرواية الأخرى من حديث أبي هريرة (الصم البكم) والمعنى أنهم لم يستعملوا أسماعهم وأبصارهم في طاعة ربهم وإن كانت سليمة، وفي هذا مبالغة في جهلهم.

(رِعَاءُ الْبَهْمِ): رعاء بكسر الراء: جمع راعٍ، والبهم بفتح الباء وإسكان الهاء: جمع بهيمة، وأصلها صغار الضأن والمعز، وسميت بهيمة لأن كلامها مبهم لا يُفهم، وجاء عند البخاري (رعاء الإبل البُهم) بضم الباء، وهو الأسود الذي لا يخالط لونه آخر، والميم قُيِّدت بالضَّم وحينئذ تكون البهم صفة للرعاة وأنهم سود، وقُيِّدت بالكسر وحينئذ تكون صفة للإبل وأنها سود والله أعلم. [انظر النهاية، مادة (بهم)].

(وتطاولوا: أي تفاخروا في تطويل البناء وتكاثروا به).

(في خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ الله): أي خمسة أمور انفرد الله بعلمها، منها علم الساعة وهي التي جاءت في الآية: ﴿ إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾، فمن ادعى علم شيء من هذه الأمور فهو كاذب.

(أول من قال بالقدر): أي أول من قال بنفي القدر فابتدع وخالف الصواب الذي عليه أهل الحق، وفي القدر لغتان صحيحتان فتح الدال وإسكانها.

(يتقفرون العلم): أي يطلبونه ويتتبعونه، ويجتهدون فيه، (وذكر من شأنهم) أي عظم أمرهم في الجد والاجتهاد فيه.

(وإن الأمر أُنف): (أُنُف) بضم الهمزة والنون أي مستأنف لم يُقدِّره الله تعالى ولم يعلم، وإنما علم به بعد وقوعه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

(شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ): جاء عند ابن حبان (شديد سواد اللحية).

(لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ): أي مع أنه غريب علينا لا يعرفه أحد منا إلا أنه لا يُرى عليه أثر أنه مسافر، وهذا يزيد من غموض هذا الرجل وعدم معرفته.

(ووضع كفيه على فخذيه): معناه أن الرجل الداخل وضع كفيه على فخذي نفسه فجلس على هيئة المتعلم ليصغي للنبي – صلى الله عليه وسلم – واختاره النووي، وقيل: بل وضعها على فخذي النبي – صلى الله عليه وسلم – وجزم به البغوي. [انظر شرح مسلم للنووي حديث (8) وانظر الفتح حديث (50)].

(فعجبنا له يسأله ويصدِّقه): سبب تعجبهم أن هذا السائل بتصديقه لما يقول للنبي – صلى الله عليه وسلم – كأنه يعلم بذلك من قبل، ولم يكن في ذلك الوقت من يعلم هذا غير النبي – صلى الله عليه وسلم.

رابعا: من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
حديث الباب حديث عظيم يحوي أبوابا وعلوما تُعدُّ أصولا في الدين، ولذا فإن العلماء أولوه عناية خاصة واهتماما، شرحا وتوضيحا.

قال القاضي عياض: “وهذا الحديث قد اشتمل على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان، وأعمال الجوارح، وإخلاص السرائر، والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه”.

اقرأ أيضا  قصة سيدنا اسماعيل عليه السلام

وقال القرطبي: “هذا الحديث يصلح أن يقال له أم السنة لما تضمنه من جمل علم السنة” [انظر المفهم حديث (7)].

وفي رواية مسلم الأخرى بيان لسبب ورود هذا الحديث حين قال النبي – صلى الله عليه وسلم -:”سلوني فهابوا أن يسألوه فجاء رجل فجلس عند ركبتيه…” الحديث.

الفائدة الثانية:
الحديث فيه بيان الفرق بين معنى الإيمان ومعنى الإسلام وذلك إذا اجتمعا في حديث واحد، كحديث الباب، فالإسلام يكون بالأعمال الظاهرة، والإيمان بالأعمال الباطنة (القلبية)، وأما إذا افترقا كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ وقوله: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ فالأصل أن لفظ الإسلام يتضمن الإيمان، ولفظ الإيمان يتضمن الإسلام بلا نزاع كما قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية، لأن العامل لا يكون مسلما كاملا إلا إذا اعتقد، وكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا إلا إذا عمل، وهذا معنى قول أهل العلم: الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، والمعنى: إذا اجتمعا في اللفظ أي وردا في حديث واحد افترقا في المعنى، وإذا افترقا في اللفظ بأن ورد كل واحد في نص مستقل اجتمعا أي صار كل واحد منهما يشمل الآخر، وفي المسألة لأهل العلم كلام طويل وتفصيل آخر ما تقدم هو أظهره والله أعلم. [انظر مزيدا في ذلك أول المجلد السابع من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز 488/2].

الفائدة الثالثة:
الحديث فيه دلالة على أعظم وأعلى مرتبة في تعامل العبد مع ربه جل وعلا وهي مرتبة الإحسان، وهي على درجتين كما في حديث الباب إحداهما أعلى من الأخرى:
الأولى: درجة العبد الراغب “أن تعبد الله كأنك تراه” وهذا مقام المشاهدة. لأن الذي يعبد الله كأنه يراه تجده طالبا راغبا مقبلا على ربه، ولذا يسميها بعض العلماء مرتبة الطلب.

الثانية: درجة العبد الهارب مما يسخط الله “فإن لم تكن تراه فإنه يراك” وهذا مقام المراقبة. فيعبده عبادة يراقب فيها نفسه وأن الله مطلع عليه، فتجده هاربا مما يسخط الله تعالى مقبلا على ما يرضيه مستشعرا اطلاع ربه عليه، ولذا يسميها بعض العلماء مرتبة الهرب.

ولا شك أن الأولى أعظم من الثانية، ورحم الله حال من فقد المرتبتين في كثير من المواطن والله المستعان.

قال الحافظ حكمي: “فبين النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين: أعلاهما: عبادة الله كأنك تراه وهذا مقام المشاهدة، والثاني: مقام المراقبة” [انظر أعلام السنة المنشورة (72)].

الفائدة الرابعة:
الحديث فيه دلالة على أن الله تعالى استأثر بعلم الساعة، فلا يعلم موعدها أحد مهما كانت منزلته لا ملك مقرب، فها هو جبريل عليه السلام يسأل عنها، ولا نبي مرسل، وها هو محمد – صلى الله عليه وسلم – يجيب: “ما المسؤول عنها بأعلم من السائل” ودل على استئثار الله بعلمها نصوص الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ﴾ [الأعراف:187] ومن السنة حديث الباب.

لفتة:
” ما المسؤول عنها بأعلم من السائل” قال النووي ” يستنبط منه أن العالم إذا سئل عما لا يعلم يصرح بأنه لا يعلم، ولا يكون في ذلك نقص في مرتبته، بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه” [انظر شرح مسلم حديث (928)].

الفائدة الخامسة:
الحديث فيه دلالة على أن للساعة علامات وأمارات، وما ذكر في حديث الباب هي من علامات الساعة الصغرى كما تقدم، واختلف في المعنى المراد:
اختلف في معنى (إذا ولدت الأمة ربها) على أقوال أشهرها ثلاثة:
فقيل: هذا علامة على انتشار الإسلام وكثرة الفتوح، وسبي ذراري الكفار، فإذا ملك الرجل جارية وجاءت بولد كان الولد بمنزلة سيدها لأنه سيرث أباه ومما يرثه جواريه التي منها أمه، واستبعد ذلك ابن حجر معللا بأن الإماء وكثرتهن كان في صدر الإسلام فلو كان هذا هو المعنى لكان حصول هذه العلامة أول الأمر.

وقيل: يكثر في آخر الزمان بيع أمهات الأولاد حتى يشتري الولد أمه من حيث لا يشعر.
وقيل: معناه أنه يكثر العقوق في آخر الزمان فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب ونحوه وكأنه سيد لأمه، قال ابن حجر:” وهذا أوجه الأوجه عندي ” [انظر الفتح حديث (50)].
العلامة الثانية هي إخباره – صلى الله عليه وسلم – بالتطاول في البنيان الذي يكون في آخر الزمان من أهل البادية رعاة الشاء الحفاة العراة العالة فهذه أوصاف تغلب عليهم كما قال شُرَّاح الحديث، وجاء وصفهم في الرواية الأخرى بأنهم صم بكم أي لجهلهم لم يستفيدوا من أسماعهم وأبصارهم فيتطاولون في البنيان لتشييدها وإطالتها نحو السماء وزخرفتها، ولا يعني ذلك خصوص هذا التطاول بأهل البادية، وإنما التطاول يكون من عامة الناس حتى من أهل البادية وأشباههم من أهل الفقر والحاجة. وهذا مشاهد في زماننا واهتمام الناس بالعمران وبتباهيهم بها وزخرفتها.

الفائدة السادسة:
في حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – والقصة التي سبقت الحديث وما فيها من اختلاف في القدر وأول من قال به في البصرة هو معبد الجهني، وذلك في أواخر عصر الصحابة، وفي هذه القصة عدة وقفات:
الوقفة الأولى: حصل التنازع في القدر فظهرت ثلاثة اتجاهات تبناها ثلاث فرق: فرقتان متطرفتان وفرقة وسط، فأما المتطرفتان فهما القدرية والجبرية:
• (القدرية): هم الذين أنكروا القدر وزعموا أن الله لم يُقدِّر الأشياء ولا يعلم بها إلا بعد وقوعها من العباد، وهؤلاء يسمون غلاة القدرية، وهؤلاء كفار كفَّرهم السلف على رأسهم ابن عمر كما في حديث الباب لإنكارهم علم الله تعالى، ولا شك أن من ينفي المرتبة الأولى من مراتب القدر وهي العلم أنه سينفي ما بعدها من المراتب، وهذا مذهب انقرض، وصار القدرية من بعدهم يثبتون القدر ويثبتون المرتبتين الأوليين العلم والكتابة وينفون الخلق والمشيئة في أفعال العباد، فيقولون: كل شيء خلقه الله تعالى وشاءه إلا أفعال العباد فإن الله تعالى علمها وكتبها ولكن لم يشأها ولم يخلقها، فالعبد هو الذي خلق أفعال نفسه وليس لله تعالى مشيئة فيها ولا قدرة ولا خلق، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ولذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داوود والحاكم عن ابن عمر مرفوعا:” القدرية مجوس هذه الأمة” والحديث ضعيف وكل الأحاديث المرفوعة في هذا ضعيفة والصحيح أنه موقوف على ابن عباس.

اقرأ أيضا  عبر من الهجرة النبوية

ووجه الشبه بين المجوس والقدرية هو أن المجوس يثبتون آلهتين، للخير آلهة وللشر آلهة، وكذلك القدرية فإنهم يثبتون خالقين: يثبتون أن الله خلقهم، ويثبتون أنهم خلقوا أفعالهم ولم يخلقها الله تعالى، والله تعالى يقول: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ ويقول: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ﴾.

• (الجبرية): وهم الذين يقولون أن الإنسان مجبور على عمله لا اختيار له إطلاقا ولا مشيئة، وأن حركاته وسكناته ليست إليه، بل هم كالريشة في مهب الريح.

• (وأما الفرقة الوسط): فهي فرقة أهل السنة والجماعة، الذين قالوا: نؤمن بقدر الله، وأنه سبحانه وتعالى علم كل ما يعمله العباد، وأنه كتب ذلك وشاءه وخلقه وأن الإنسان ليس مجبرا، بل هو مختار له قدرة واختيار وقدرته واختياره بعلم الله ومشيئته، ولهذا لا يؤاخذ العبد إذا وقع عليه شيء من الذنوب على وجه الإجبار كأن يكون مكرها ولو عظم الذنب كالكفر، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [ النحل: 16] فلو أكره على الكفر لم يؤاخذ عليه مادام قلبه مطمئن بالإيمان، وهذا يدل على أنه إذا لم يكره فإنه يؤاخذ لأنه كان باختياره وهذا يدل على أن له اختيارا أو مشيئة لكنها تحت مشيئة الله تعالى، والأدلة في هذا الباب كثيرة مستفيضة. [انظر مزيدا في هذه المسألة المجلد الثامن من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/790)، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام وشروحاتها مثل شرح شيخنا ابن عثيمين، والتنبيهات السنية للشيخ عبد العزيز الرشيد، وانظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة المجلد الأول].

الوقفة الثانية:
أن المنهج الصحيح عند حلول الشبهة أو الملمة في الدين هو الرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم لتوضيحها وبيانها، ولا يركب الإنسان هواه ويقول بما يملي عليه عقله واجتهاده ولو كان قاصرا، بل يرجع لأهل العلم كما فعل يحيى بن عمرو وحميد بن عبد الرحمن حينما رجعا إلى العالم ابن عمر في شبهة القدر فبين لهما حكم الله تعالى فيها بالدليل.

الوقفة الثالثة:
في القصة إشارة إلى أنه قد يزيغ من يحرص على طلب العلم وكان مجتهدا في قراءة القرآن إن لم يتمسك بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – ويفهم ويعتقد الاعتقاد الصحيح الموافق لسنته – صلى الله عليه وسلم – وذلك أنه جاء في وصف معبد الجهني في هذا الحديث ومن معه ممن قال بنفي القدر أنهم يتقفرون العلم أي يطلبونه ويتتبعونه ويقرؤون القرآن ومع ذلك وقعوا في نفي القدر، وأيضا الطائفة الأخرى وهم الخوارج أخبرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – أنهم أهل عبادة عظيمة يحقر أحدنا صلاته مع صلاتهم وقيامهم وصيامه مع صيامهم ولكنهم مع ذلك جانبوا الاعتقاد الصحيح، ولهذا ينبغي لطالب العلم والمؤمن بوجه عام أن يسأل الله الثبات دائما كما كان هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن يهديه الله الصراط المستقيم، وإلى الحق حين يختلف في الوصول إليه كما كان هو هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في استفتاحه لصلاة الليل فقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت: كان (أي النبي) إذا قام من الليل افتتح صلاته: ” اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق، بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم”] فتأمل كيف اختار النبي – صلى الله عليه وسلم – هذه الكلمات ليقولها وقت النزول الإلهي وما أحوجنا إليها اليوم.

الفائدة السابعة:
جواز سؤال الإنسان عن شيء يعلمه لمصلحة الغير، ففي الحديث سأل جبريل النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يعلم الجواب لأنه يسأله ويصدقه وفي آخر الحديث قال النبي – صلى الله عليه وسلم – “فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم” فسماه النبي – صلى الله عليه وسلم – معلما مع أنه ليس له إلا السؤال والتصديق، فينبغي لمن علم حكما أو شيئا وهو يعلم حاجة الناس الحاضرين إليه أن يسأل أهل الفضل والعلم ليكون سببا في تعليمهم فيكون بذلك معلما.

الفائدة الثامنة:
قول النبي – صلى الله عليه وسلم – “ردوا إلي الرجل” فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئا، ثم قال النبي – صلى الله عليه وسلم – “هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم” في هذا دلالة على أن الملك يتمثل بصورة رجل، وفيه أنه يتمثل لغير النبي – صلى الله عليه وسلم – ويأتي بصورة بشر فيراه الناس يتكلم بحضرتهم ويسمع، وفيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبرهم بعدما رجعوا أن هذا جبريل وظاهره أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبرهم مباشرة، ويشكل على هذا أن في حديث عمر – رضي الله عنه – قال عمر: “فلبثت مليا” أي زمنا طويلا، وجاء عند النسائي والترمذي: “فلبثت ثلاثا” أي ثلاث ليال ثم أخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – والجمع بينهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبر الصحابة بعدما رجعوا من طلب الرجل مباشرة وأما عمر فلم يخبره إلا بعد ثلاث، لأنه يحتمل أنه قام معهم ليرد الرجل ثم لم يرجع فلم يحضر قول النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه أن هذا جبريل ولم يتفق أن أخبره إلا بعد ثلاث ليال والله أعلم. [انظر الفتح حديث (50)].

هذا ما تيسر لي تقييده من فوائد، وفي الحديث فوائد أخرى تركتها خشية الإطالة والله تعالى أعلم وأحكم.

مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.