حقائق جديدة عن الصراع تكشفها الاستطلاعات الإسرائيلية
د. عدنان أبو عامر
في الوقت الذي يسوده الجمود السياسي بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) منذ توقف المفاوضات في 2014، وتشهد العلاقة مع المقاومة في غزة وضعية من المد والجزر، بين تصعيد وتهدئة، تصدر بين حين وآخر مواقف إسرائيلية تعبر عن حالة من الإحباط في إيجاد نهاية للصراع بين الجانبين.
تجد هذه المواقف الإسرائيلية طريقها للصدور من خلال استطلاعات للرأي تُجرى بين الإسرائيليين بين حين وآخر، وتعد نتائج مهمة تعطي مؤشرات على تغيرات جديدة في المزاج الشعبي للرأي العام الإسرائيلي.
آخر هذه الاستطلاعات كشفت نتائجها في الساعات الأخيرة، حيث عبر 78% من الإسرائيليين أنهم لا يرون نهاية وشيكة للصراع مع الفلسطينيين، وسط انتقادات قاسية للسياسة الإسرائيلية تجاه حماس في غزة، ويصفونها بالفاشلة، وهذا الاستطلاع أجراه ما يعرف بـ”مشروع الانتصار الإسرائيلي”، وركز في تساؤلاته للإسرائيليين عن وجهات نظرهم تجاه الانتصار والحسم فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
هذه النتيجة ربما تتفق مع التحليل السياسي المنطقي القائل إن مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي آخذة في الابتعاد مع مرور الوقت، وما دامت للإسرائيليين اليد الطولى في فرض وقائعهم على الأرض في ظل موقف فلسطيني ضعيف وغير منسجم داخليا فإن هذه النتائج تؤكد أنهم غير قادرين بعد على إجبار الفلسطينيين على إلزامهم بمزاعمهم التاريخية وشروطهم السياسية.
من النتائج اللافتة أن الإسرائيليين حين سُئلوا عن سبب عدم نجاح الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين بإنجاز أهدافها، اتهم 47% الفلسطينيين بذلك، بسبب رفضهم الاعتراف بـ(إسرائيل) كدولة يهودية، و16% قالوا إن الفلسطينيين متشددون في قضايا الصراع الأساسية مثل القدس وحق العودة، و20% قالوا إنه لا يمكن حل الصراع.
هذه حقيقة أخرى من حقائق الصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي تعد ثوابت أساسية في هذا الصراع الأزلي، فالفلسطينيون لا يستطيعون أن يسلموا للاحتلال بالاعتراف بدولته اليهودية، لأنهم ليسوا أصحاب حق حصري بذلك، لما لهذا الاعتراف من استلاب حقوق تتجاوز الفلسطينيين أصحاب القضية الأصليين.
في القراءة ذاتها لنتائج الاستطلاع رأى 41% من الإسرائيليين أن الصراع سينتهي حين يتنازل الفلسطينيون عن تطلعاتهم بالقضاء عليها، وهي مطالبة بأن تبذل جهودها الحثيثة لإقناع الفلسطينيين بأنهم خسروا صراعهم معها، وقال 33% من الإسرائيليين إن الطريق لإقناع الفلسطينيين للاعتراف بالدولة اليهودية هو إحباط رغبتهم بالاستمرار في محاربتها.
أخيرا.. إن تمسك الفلسطينيين بما تعرف بلغة التفاوض الإسرائيلية بـ”القضايا اللباب”، مثل القدس وحق العودة، يحرم (إسرائيل) من ترديد أي أوهام وأباطيل بشأن تصفية هذه الحقوق التي تعد مؤشرات أساسية على هذا الصراع الممتد منذ مائة عام، وهو ما يجب أن يواصل الفلسطينيون تمسكهم بها.
المصدر : فلسطين أون لاين