خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

الإثنين 9 ذو القعدة 1436//24 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
مراد باخريصة
شهر ربيع الأول؛ هذا الشهر الذي ولد فيه سيد الخلق وأكمل البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ الرحمة المهداة والنعمة المسداة، خليل الرحمن وصفوة الأنام، أعظم الناس أمانة وأصدقهم حديثاً وأسخى الناس نفساً وأطيب الناس ريحاً وأجودهم يداً وأعظمهم صبراً وأكثرهم عفواً ومغفرةً ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهداية ومن الشقاء إلى السعادة ومن الذلة إلى العزة ومن الظلم والظلمات والجهل والشتات إلى العدل والنور والكرامات.

لم يعرف التاريخ رجلاً أسدى منه ولا أتقى منه ولا أخشى منه ولا أعظم منه ولا أجل منه صلى الله عليه وسلم ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾.

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مدحه ربه بمدح العبودية وبعثه لإصلاح البشرية وهداية الإنسانية ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴾ أعطى الدعوة ماله وكيانه ودمه ودموعه وليله ونهاره حتى أقام لا إله إلا الله نشهد شهادة جازمة أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه.

عباد الله:
إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وإن الطريق الوحيد الذي ضمن الله لأهله النجاح وكتب لأهله الفلاح هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل الجماعات وكل التكتلات وكل الأحزاب والحزبيات وكل الخطوط والطرقات في ظلال وضياع ومتاهات إلا طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾.

اقرأ أيضا  مشروع استعادة مجد الأمة

كل الطرق مسدودة وكل الأبواب مغلقة وكل الخطوط مفصولة غير موصولة إلا الخط الذي مشى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مشى عليه أصحابه من بعده ثم مشى عليه التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين يقول النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنتان وسبعين في النار قيل يا رسول الله من هم قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وقال: ” هذا سبيل الله ” ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال: “هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه” ثم قرأ: ﴿ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ﴾.

إن بين أيدينا كنزاً لا ينفد ومنهلاً عذباً لا ينضب كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين نحن من العمل بهما والمطالبة بتطبيقهما والانقياد لهما والامتثال لأمرهما والاستجابة لنهيهما يقول الله جل جلاله في كتابه العظيم ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ ويقول سبحانه وتعالى ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ﴾ يقول النبي صلى الله عليه وسلم (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).

إن المأمن الأمين والحصن الحصين هو في التمسك بكتاب الله وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالاقتداء به مخرج من كل فتنة ونجاة من كل محنة تمسكوا بهديه تمسكاً صادقاً واعرضوا أعمالكم وأقوالكم وأفعالكم ومعاملاتكم وجميع شئون حياتكم على منهجه وطريقته تعيشوا سعداء وتموتوا أوفياء.

عباد الله:
إن الواجب علينا تعظيم الوحيين الشريفين تعظيماً يمنعنا من مخالفتهما أو الالتفات إلى شيء من الأنظمة أو المناهج غيرهما أو السكوت على من يجترئ عليهما أو يستهزئ بشيء مما جاء فيهما ومن سب الله أو سب رسول الله أو استهزئ بشيء من دين الله أو تلاعب بالنصوص القرآنية أو الأحاديث النبوية فلنقف ضده وقفة الغيور على ملته المحامي عن شريعته وعقيدته ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾.

اقرأ أيضا  حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا

إن مجتمعنا اليوم تتجاذبه موجات وحملات وبدع وضلالات ومحاولات وتدخلات وفتن عاتيات لا مخرج منها إلا بالتمسك الشديد بوحي الله الذي أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).

إن علينا في زحمة الأحداث وتسارع المتغيرات وفي خضم التداعيات وكثرة النوازل والمستجدات وتنوع الأطروحات والتحليلات أن نلتفت إلى الرؤية الشرعية التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية وأن ندقق النظر في فقه السنن الكونية وأن نقرأ الأحوال التاريخية والحضارية فقد زلت أقدام وظلت أفهام وأخطأت أقلام واحتار كثير من المفكرين والمثقفين وأرباب الإعلام لأنهم لم ينطلقوا من المنطلق الذي انطلق منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.

الخطبة الثانية
عباد الله:
إننا في هذه الأيام العصيبة نعيش وسط زوابع يموج بعضها في بعض وفي ثنايا نوازل تتلاطم كموج بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل له نوراً فماله من نور.

ولأجل هذا كان لزاماً علينا أن نحذر من الحملة المسعورة الشعواء التي يديرها أعداؤنا علينا من خلال تشكيكنا بسمو رسالتنا والطعن في عقيدتنا وإقناعنا بتغيير ديننا ومنهجنا ونزع عقيدة الولاء والبراء من قلوبنا ومن استجاب لهم في شيء من ذلك فقد وقع في خيانة عظمى وجنون لا عقل معه وجرم ما بعده جرم يستحق صاحبه قول الله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ روى الإمام أحمد في مسنده وحسنه الألباني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض الكتب قال فغضب وقال أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية والذي نفسي بيده لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي).

اقرأ أيضا  الإسلام .. بوابة عفو الرحمن

فالحمد لله الذي أنعم علينا فجعلنا من أمة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ومن خير أمة أخرجت للناس والحمد لله الذي منحنا هذه الشريعة المحمدية الغراء التي تنير لنا الطريق في السراء والضراء فيجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم العظيمة بالتمسك الصادق بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما المعجزة الباقية والعصمة الواقية والحجة البالغة ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾.

عباد الله:
إننا لن ندرك غايتنا إلا بهداية الله ولن نحقق أهدافنا إلا بمعونة الله ولن نخرج من البلايا والرزايا إلا بإعزاز دين الله وتحكيم شريعة الله والغيرة على محارم الله يجب علينا جميعاً أن نتحلى بالصدق في الانتماء لديننا وعقيدتنا ونصرة منهج رسولنا صلى الله عليه وسلم.

أما أن ندعي محبته ونحن نصادم سنته ونخاصم شريعته ولا نُحكم منهجه ولا نلتزم هديه ولا نحب محبوباته ولا نبغض مبغوضاته فهذا هو الحب الكاذب ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾.

ليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نبتدع في دينه أو نزيد في شريعته أو نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم وليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نتشبه باليهود والنصارى في هديهم وتقاليدهم ونترك التشبه به صلى الله عليه وسلم في هديه وسننه وليس من تعظيمه صلى الله عليه وسلم أن نتسول الشرق والغرب ونجرب مناهج أهل الشرق والغرب ومنهجه صلى الله عليه وسلم بين أيدينا.
الالوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.