عامان على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.. ماذا حققت؟ (تقرير)

غزة ، مينا – إيمانويل نافون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب: كانت هناك فوائد متعددة مباشرة للدول التي وقعت على الاتفاقات

الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب بن شابات: يجب تعزيز الاتفاقات القائمة من أجل منع الزخم السلبي وانسحاب البلدان منها

معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام: ازدياد التعاون التجاري بين الدول المُطبّعة وإسرائيل

مرت ذكرى دخول اتفاقيات التطبيع مع دول عربية، عامها الثالث، في إسرائيل، كغيرها من الأيام، فلا احتفالات ولا حتى بيانات.

وجرى الإعلان عن أول اتفاقية، وكانت بين إسرائيل ودولة الإمارات، في 13 أغسطس/آب 2020.

إلا أن التوقيع على اتفاقيتي التطبيع بين الإمارات والبحرين، وإسرائيل، تم في 15 سبتمبر/أيلول من ذات العام في الولايات المتحدة الأمريكية تحت رعاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

ولاحقا، انضم السودان والمغرب لقطار التطبيع، الذي ما لبث أن توقف.

وفعليا، فإن الفضل في الوصول إلى هذه الاتفاقات التي شملت البحرين والإمارات والسودان، بالإضافة إلى إعادة العلاقات مع المغرب بعد انقطاع دام نحو 20 عاما، يعود لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق زعيم حزب “الليكود” اليميني بنيامين نتنياهو الطامح إلى العودة للحكم.

ولكنْ، منذ خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومغادرته للبيت الأبيض مطلع 2021، وكذلك خسارة نتنياهو السلطة وانتقاله للمعارضة منتصف ذات العام، لم تتمكن إسرائيل من إضافة أي دولة عربية إلى قائمة الدول المُطبعّة معها.

واقتصر دور رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ورئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، على افتتاح السفارات وتبادل السفراء مع الدول التي وقّع نتنياهو اتفاقات معها.

**ماذا حقق التطبيع؟

يشير الدكتور إيمانويل نافون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، إلى وجود “فوائد مباشرة وطويلة الأمد”، للدول العربية الموقّعة على الاتفاقيات.

ويقول نافون لوكالة الأناضول: “كانت هناك فوائد متعددة مباشرة للدول التي وقّعت على الاتفاقات، مثلا الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، وشطب اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب”.

وأضاف: “كما أن لهذه الدول صراع مشترك ضد إيران ووكلائها في المنطقة، وفي هذا الصراع فإن إسرائيل شريك أساسي”.

اقرأ أيضا  الهند: مسابقة القرآن الكريم للمكفوفين

وتابع: “كما أن تلك البِلدان أيضًا بحاجة إلى تكييف اقتصادها مع مرحلة ما بعد النفط، حيث تحتاج إلى تنويع اقتصاداتها لتحقيق نمو طويل الأجل، وهي بحاجة إلى التكنولوجيا الإسرائيلية في هذا الأمر”.

وحول رؤيته لمستقبل مسار قطار التطبيع الذي توقف منذ مغادرة الرئيس ترامب للبيت الأبيض مطلع العام 2021، يقول نافون: “أعتقد أن الدول المرشحة في هذه المرحلة هي سلطنة عُمان”.

وأضاف: “أيضا هناك حديث عن السعودية، ولكن اعتقد أن السعودية ستنضم لاحقا، من ناحية إسرائيل إذا ما انضمت السعودية فإن هذا سيكون إنجازا كبيرا”.

وأشار نافون إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن وحكومة يائير لابيد في إسرائيل، تدعمان عملية “التطبيع” وترغبان في استمرارها.

وقال في هذا الصدد: “إدارة بايدن وكذلك الحكومة الإسرائيلية الحالية أعربتا عن دعمهما لاتفاقيات إبراهيم وكان هناك لقاء لوزراء خارجية هذه الدول في إسرائيل بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والأردن، ولذا فإن هناك إجماع في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على فوائد اتفاقيات إبراهيم والحاجة الى تعزيزها”.

ويُقر نافون أن القضية الفلسطينية لم تستفد من عملية التطبيع.

لكنه أنحى باللائمة على الفلسطينيين لرفضهم العملية وعدم مساندتها.

وقال: “هدف البحرين والامارات والمغرب والسودان وأيضا إسرائيل هو إفادة الفلسطينيين، ولكن للأسف فإنه على الأرض فإن السلطة الفلسطينية لم تكن متعاونة تماما في محاولة الحصول على مشاريع اقتصادية وتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية”.

وأشار إلى أن من مصلحة الدول المُطبعة التوضيح للرأي العام العربي أنها لم تخذل الفلسطينيين بتوقيع هذه الاتفاقيات.

ولم تُغيّر القيادة الفلسطينية من موقفها الرافض لهذه الاتفاقيات، حيث تقول إن تطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل، يجب أن يتم بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وفقا لمبادرة السلام العربية لعام 2002.

**بن شابات: تقدم سريع وتحديات

كان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شابات بمثابة مهندس للاتفاقات التي تمت مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

اقرأ أيضا  بنجلاديش تعترف بجودة قطارات إندونيسيا

وحاليا، فإن بن شابات باحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.

ويقول في دراسة بهذا الخصوص حصلت الأناضول على نصها: “لقد كان التقدم حتى الآن منهجياً وسريعاً، والصورة العامة متفائلة وواعدة”.

لكنه يضيف مستدركا: “مع ذلك، هناك العديد من التحديات المتبقية، ولا يزال الطريق طويلاً قبل أن تتحقق إمكانات الاتفاقات بالكامل”.

وأردف: “تشمل المجالات المدنية ذات الإمكانات الفعلية الكبيرة: طريق التجارة البرية بين إسرائيل ودول الخليج، ومشاريع إقليمية؛ الطاقة والغذاء والماء؛ الصحة الرقمية والطب؛ والتعليم والثقافة”.

وتابع: “يجب تعزيز وتوسيع إطار اتفاقيات إبراهيم، وعلى وجه الخصوص، ينبغي توجيه الجهود لتعزيز الاتفاقات القائمة من أجل منع الزخم السلبي وانسحاب البلدان من الاتفاقات”.

وأكمل: “في العامين الماضيين، فتحت إسرائيل مكاتب تمثيلية دبلوماسية في كل دولة من دول اتفاقية إبراهيم: الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب”.

وقال: “تعمل الخطوط الجوية والرحلات المباشرة بين إسرائيل وأبو ظبي ودبي والمنامة والدار البيضاء ومراكش، وأجرى الوزراء والشخصيات البارزة من جميع البلدان زيارات رسمية متبادلة ووقّعوا اتفاقيات تعاون في مجموعة واسعة من المجالات”.

وأضاف: “بالإضافة إلى ذلك، قام رجال الأعمال بتحديد الفرص وصياغة نماذج مشتركة، كما تم إطلاق العشرات من المبادرات المدنية”.

وتابع بن شابات: “أدت المشاريع الاقتصادية التعاونية والاتفاقيات التجارية إلى زيادة كبيرة في أرقام التجارة مع دول اتفاقيات ابراهيم، بما في ذلك الاستثمارات المباشرة بين الدول، وازداد الطلب على دراسة اللغة العبرية”.

وبخلاف العلاقات المنفتحة لإسرائيل مع كل من البحرين والإمارات والمغرب فإنه لم يتم التقدم في العلاقات مع السودان على الرغم من إعلان زيارات متبادلة لمسؤولين من البلدين.

وفي هذا الصدد، يُقر بن شابات أنه تم إهمال مكانة كل من السودان وجمهورية تشاد، داعيا إلى دعوتهما للمشاركة في “كل منتدى ومجموعة عمل في إطار اتفاقيات إبراهيم”.

وقال: “من المهم أن ينعم هذان البَلَدان (السودان وتشاد) أيضًا بثمار السلام وقرارهما تطبيع العلاقات مع إسرائيل. بخلاف ذلك، قد يظهر زخم سلبي”.

اقرأ أيضا  الانتفاضة والرؤية الجيوسياسية العربية

وأضاف: “ينبغي اتخاذ تدابير كبيرة لتعزيز العلاقات وضمان عدم انسحاب البَلَدان من الاتفاقات، عندما ترى كل دولة في إطار اتفاقيات إبراهيم عائدًا وربحًا على استثماراتها، فإن هذا سيمكّن الاتفاقات من أن تترسخ جذورها، وسيشجع دولًا إضافية على الصعود إلى متن قطار السلام”.

وتبنت الإدارة الأمريكية الجديدة الاتفاقات، واعتمدت تسميتها بـ”اتفاقات إبراهيم” بعد أن كانت تُصر في البداية على نعتها بـ”اتفاقيات التطبيع”.

لكنّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قالت بالمقابل إن هذه الاتفاقيات لا يجب أن تكون على حساب التوصل إلى اتفاق فلسطيني-إسرائيلي، على أساس فكرة حل الدولتين.

وتُعارض إسرائيل “حل الدولتين”، وتعتبر أن العلاقات مع الدول العربية قد تُسهم في التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، دون أن تحدد طبيعته.

**نمو التعاون الاقتصادي

وشهدت فترة العاميَن الماضيَين نموا ملحوظا في التعاون الاقتصادي بين الدول المُطبّعة وإسرائيل، وفي نفس الوقت تم التوقيع على عدد من الاتفاقات الأمنية وتبادل زيارات لأكاديميين.

ويقول معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام في دراسة حصلت وكالة الأناضول على نسخة منها: “بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة 1.407 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، متجاوزة 1.221 مليار دولار من التجارة المسجلة بين البلدين عام 2021 بأكمله”.

وأضاف: “وصل المغرب إلى 3.1 مليون دولار في صفقات تجارية مع إسرائيل في مايو/أيار، مسجلا زيادة بنسبة 94 في المائة عن عام 2021”.

وتابع المعهد غير الحكومي: “ارتفعت تجارة إسرائيل مع البحرين من لا شيء إلى 1.2 مليون دولار في غضون عام”، وفق الأناضول.

وكالة مينا للأنباء

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.