فضل شهر الصيام

جاكرتا ، مينا – فضل شهر الصيام ، الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبَشِّر أصحابَه، يقول: ((قد جاءَكم شهر رمضان، شهر مبارك، كَتَب الله عليكم صيامه، فيه تُفتَح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِم خيرَها، فقد حُرِم))؛ رواه أحمد والنسائي.

2- وعن عبادة مرفوعًا: ((أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدُّعاء، ينظُر الله إلى تنافُسكم فيه، ويباهي بكم ملائكتَه، فأَروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي من حُرم فيه رحمةَ الله))؛ رواه الطبراني، ورواته ثقات.

3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُعطيتْ أمتي في شهر رمضان خمس خصال، لَم تُعطها أمة قبلهم: خُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، وتسْتَغْفِر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله – عزَّ وجَلَّ – كل يوم جنته، ثم يقولُ: يوشك عبادي الصالحون أن يُلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصِيروا إليكِ، وتصفَّد فيه مرَدة الجن، فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيرِه، ويغفر لهم في آخر ليلة))، قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال: ((لا، ولكن العامل إنما يوفَّى أجره إذا قضى عمله))؛ رواه أحمد[1].

4- وعن سلمان رضي الله عنه قال: خطبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: ((يا أيها الناس، قد أظلَّكُم شهرٌ عظيم مبارك، شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، جعل الله صيامَه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، مَن تَقَرَّبَ فيه بخصلة من خصال الخير، كان كمَن أدَّى فريضة فيما سواه، ومَن أدَّى فيه فريضة، كان كمَن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبرُ ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه الرزق، مَن فطر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيء))، قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، ومن سقى صائمًا سقاه الله – عز وجل – من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وهو شهر أولُه رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فاستَكْثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربَّكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما؛ أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار))؛ رواه ابن خزيمة والبيهقي وغيرهما.

اقرأ أيضا  الوجه الأسود للدبلوماسية الإيرانية

5- وفي الصَّحيحينِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل عَمَل ابن آدم له، الحسَنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله – تعالى -: إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به؛ ترَك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولَخُلُوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك)).

واعلم أنه لا يتم التقرُّب إلى الله – تعالى – بترْك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام، إلا بعد التقرُّب إليه بترك ما حرَّم الله عليه في كل حال: من الكذب، والظلم والعدوان على الناس، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به، فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامه وشرابه))؛ رواه البخاري.

اقرأ أيضا  مدفعية الاحتلال تسهتدف منطقة جحر الديك شرق قطاع غزة بقذيفة

وسرُّ هذا: أن التقرب إلى الله بترك المباحات لا يكمل إلاَّ بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات، ثم تقرَّب إلى الله بترْك المباحات، كان بمثابة مَن يترك الفرائض ويتقَرَّب بالنوافل، وإن نوى بأكْله وشربه تقويةَ بدنه على القيام والصيام، كان مُثابًا على ذلك، كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوِّي على العمل، كان نومه عبادة، وفي حديث مرفوع: ((نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله مضاعَف، ودعاؤه مستجاب، وذنبه مغفور))[2].

فالصائم في ليله ونهاره في عبادة، ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره، فهو في نهاره صائم صابرٌ، وفي ليله طاعمٌ شاكر، ومن شرط ذلك: أن يكون فطره على حلال، فإن كان فطره على حرام، كان ممن صام عما أحل الله وأفطر على ما حرم الله، ولم يُستجب له دعاء.

واعلم أنَّ المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان: جهادٌ لنفسه بالنَّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذَين الجهادين، ووَفَّى بحقوقهما، وصبر عليهما – وُفِّي أجرَه بغير حساب.

اقرأ أيضا  المؤتمر العالمي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية يسجل رقماً قياسياً في الأبحاث المشاركة

شهر رمضان تكثُر فيه أسباب المغفرة والغفران، فمن أسباب المغفرة فيه: صيامه وقيامه، وقيام ليلة القدْر، ومنها: تفطير الصوَّام، والتخفيف عن المملوك، ومنها: الذِّكر، وفي حديث مرفوع: ((ذاكرُ الله في رمضان مغفورٌ له، وسائلُ الله فيه لا يخيب))[3]، ومنْها: الاستغفار (طلب المغفرة)، ودعاء الصائم مستجاب في صيامه وعند فطره، وفي حديث أبي هريرة: ويُغفر فيه إلا لمن أبى، قالوا: يا أبا هريرة، ومَن يأبَى؟ قال: يأبى أن يستغفر الله.

ومنها: استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

لما كثرت أسباب المغفرة في رمضان، كان الذي تَفُوتُه فيه المغفرة محرومًا غاية الحرمان، متى يُغفر لِمَن لم يُغْفَر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل مَن رُدَّ في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟

كان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان: اللهم قد أظلَّنا شهر رمضان وحضر، فسلِّمه لنا وسلِّمنا له، وارزقنا صيامَه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد، والقوة والنشاط، وأعِذْنا فيه من الفِتَن، كانوا يدْعون الله ستة أشهر: أن يبلِّغهم رمضان، ثم يدْعونه ستة أشهر أن يتقبَّله منهم، كان من دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً ، وفق الألوكة.

وكالة مينا للأنباء