قانون الحلال في أندونيسيا.. لماذا لا يتمّ تعميمه؟

الإثنين،11 جمادى الأولى1436//2مارس/آذار 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
سلطان بركاني
أقرّ البرلمان الأندونيسي قانونا جديدا سمّي “قانون الحلال”، يُلزم منتجي ومستوردي المواد الغذائية والأدوية على نيل “شهادة الحلال” قبل توزيع منتجاتهم في الأسواق، وأعطى البرلمان مهلة 5 سنوات لكافّة الشّركات والمؤسّسات للتكيّف مع القانون قبل البدء في تطبيقه شهر أكتوبر 2019م، وينصّ القانون على أنّه “من الواجب أن تكون المنتجات التي تدخل وتوزّع في البلاد بغرض الاتجار حاصلة على شهادة الحلال”.
وفي انتظار أن تعكف اللّجان المكلّفة بالجانب التطبيقيّ لهذا القانون الذي صدر قبل 5 أشهر، على تعريف المنتجات المعنية كسلع أو خدمات تشمل المأكولات والمشروبات والأدوية ومواد التجميل والمنتجات الكيميائية والبيولوجية، إلى جانب الملابس، يرى خبراء اقتصاديون أنّه لن يكون من الصّعب التكيّف مع هذا القانون، وإيجاد بدائل من الحلال للموادّ الغذائيّة والدّوائيّة التي تحتوي في تركيبها موادّ مستخلصة من أطعمة محرّمة شرعا كالخمر ولحم الخنزير وشحمه.

الدّول العربيّة لا تزال غير معنية بالموضوع!
لعلّ من نافلة القول إن نطرح السّؤال البديهيّ: هل يمكن أن تحذو الدّول العربيّة الإسلاميّة التي تنصّ دساتيرها على أنّ الإسلام دين الدّولة حذو أندونيسيا، أم أنّ هذا الموضوع سيظلّ بعيدا عن اهتمامات هذه الدّول، في ظلّ تحوّل برلماناتها إلى هيئات لرفع الأيادي، ومباركة قرارات الهيئات التّنفيذيّة، بدل أن تكون مؤسّسات تتبنّى الهموم الحضارية لشعوبها، وفي ظلّ إسناد تسيير وزارات الاقتصاد والتّجارة في هذه الدّول إلى جهات علمانية، ترفض مجرّد الموافقة على منع إنتاج واستيراد الخمور، فضلا عن التّفكير في منع إنتاج واستيراد الموادّ الغذائيّة والدّوائيّة والألبسة التي تحتوي محاذير شرعيّة متّفق عليها، وهي السياسة التي أوقعت شعوب هذه الدّول في حرج أمام ما تكشف عنه بعض الصّحف من حين لآخر عن حمل بعض الألبسة لشعارات مسيئة لمقدّسات المسلمين، فضلا عن مخالفة كثير منها لأبسط شروط وآداب اللّباس في الإسلام، وأمام ما تكشف عنه بعض التّقارير الإعلاميّة من احتواء كثير من الموادّ واسعة الاستهلاك والاستعمال على دهن الخنزير، مثل معجون الأسنان، معجون الحلاقة، اللبان، الشُّكُلّة (الشّوكولاتة)، والحلوى، والبسكويت، والأطعمة المعلبة، ومعلبات الفواكه وبعض حبوب الفيتامينات، وقد كشف عدد من الباحثين بأنّ الشركات المصنّعة في الغرب تتحايل على القوانين التي تُلزمها بكشف مكونات منتجاتها، وتلجأ إلى لغة التّشفير لتفادي كسادها في أسواق بعض الدول الإسلاميّة، حيث تكتب بعض المكونات بأسماء كيميائية معقدة لا تفهمها إلا الجهات الرقابية المتخصّصة، فإذا كانت هذه الأخيرة غير مهتمّة بموضوع الحلال والحرام كما هو حاصل في البلاد العربيّة فإنّ الموادّ المحرّمة ستصل إلى أمعاء المسلمين، خاصّة وأنّ هذه الجهات علاوة على هذا وذاك لا تبدي أيّ اهتمام بالنّداءات التي أطلقها بعض الباحثين المسلمين في الغرب، وحذّروا من خلالها الدول المسلمة من توجّه الشّركات المصنّعة في الغرب إلى إدخال دهن الخنزير في تركيب أكثر الموادّ الاستهلاكية، كوسيلة مفضّلة للتخلّص من فائض هذه الدّهون التي تزيد عن حاجة الدّول الغربية، بدل الإحراق الذي لم يعد وسيلة صحية آمنة.

اقرأ أيضا  القرارات العقابية الأمريكية ضد الفلسطينيين إلى أين؟

التّجارة الحلال تفرض نفسها
إنّه لأمر محزن حقا أن يعجز المسلمون في البلاد العربيّة الإسلامية عن فرض احترام خصوصياتهم على العالم الغربيّ الذي يجد في بلادهم سوقا رائجة لا يستغني عنها، وهو قابل للرّضوخ لو مورست عليه وسائل الضّغط المناسبة والكافية. المسلمون في الغرب حينما بدؤوا يقاطعون المنتجات التي لا تتّفق مع مبادئ الحلال والحرام في الإسلام، ويقبلون على البدائل المضمونة، اضطرّت كثير من المؤسّسات الغربيّة إلى التكيّف مع متطلّبات السّوق، وخصّصت منتجات للمسلمين لا تتعارض مع دينهم، فلماذا لا يحذو المسلمون في البلاد العربيّة حذو إخوانهم في أندونيسيا وفي بلاد الغرب، في ظلّ تخاذل الجهات الرّسمية عن الاهتمام بهذا الموضوع الخطير؟.
التّجارة الحلال بدأت تفرض منطقها في بلاد جنوب شرق آسيا وفي كثير من البلدان الغربيّة، وفي هذا الصّدد أشارت بعض الدّراسات الحديثة، إلى أنّ سوق الحلال العالميّ تشهد نموا قويا يقدّر بـ500 مليار دولار في العام، ويُتوقّع أن يبلغ 10 آلاف مليار دولار مع حلول عام 2030م.
العالم الآن لا يحترم سوى الأقوياء وأصحاب المبادئ، ولا مكان فيه لمن يتنازل عن خصوصياته ويرضى بأن يكون تابعا مذعنا لغيره.. صحيح أنّنا لا نكاد ننتج شيئا ممّا نستهلكه، وهذا حرام وعيب وعار، لكنّ هذا لا يجعلنا نزيد الطّين بلّة ونرضى بأن نشتري بأموالنا ما يحدّد غيرُنا مواصفاته، إنّها أموالنا التي ندفعها من جيوبنا، ومن حقّنا أن نحدّد مواصفات السّلع التي نشتريها، لتكون متّفقة مع مبادئ ديننا.

اقرأ أيضا  الفصائل الفلسطينية: لم يعد الهدوء ممكنا مع إسرائيل

وماذا بعد؟
لقد أصبح متعيّنا علينا أن نهتمّ بهذا الموضوع بالغ الخطورة، ونسعى لفرض خصوصياتنا على مسؤولينا أولا وعلى العالم من حولنا ثانيا.. الهيئات الرقابية إذا كانت ترى أنّها غير معنية بموضوع الحلال والحرام، فمن واجبها أن توضّح لنا بحكم اختصاصها حقيقة المكوّنات التي تدخل في صناعة بعض الموادّ واسعة الاستهلاك، لنتّخذ الموقف الذي يمليه علينا ديننا.
بسبب عدم قيام هذه الهيئات بدورها، أصبحنا نفجع في كلّ مرّة بتقارير صحفية تضيف سلعا جديدة إلى قائمة السّلع التي تحتوي موادّ محرّمة، حتى صار بعض خفيفي الظلّ يتندّرون بالقول إنّ كثيرا من العرب فقدوا غيرتهم ولحقوا بالغرب الذي لا يرعى قيمة للعرض والشّرف، لفرط ما تناولوا من دهون الخنازير التي تدخل في تكوين بعض الموادّ الاستهلاكية!،وفق echoroukonline.

اقرأ أيضا  اللغة العربية ولغة المسلم الجديد

وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.