هدوء حذر في دمشق على أمل تراجع العنف والقصف غداة قرار الهدنة

دمشق (معراج)- يعيش سكان العاصمة السورية دمشق، خاصة في الأحياء القريبة من الغوطة الشرقية حالة من الهدوء الحذر على أمل تراجع أعمال العنف والقصف بعد تبني مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف العمليات العسكرية في البلاد لمدة شهر.

تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع مساء السبت قرارا يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30و يوما على الأقل في جميع أنحاء سوريا بعد مشاورات استمرت أسبوعين،وفق برناما.

ويطالب القرار، الذي حمل رقم 2401 بالوقف الفوري للأعمال العدائية لمنح “هدنة إنسانية مستمرة لمدة 30 يوما متتابعة على الأقل في كافة أنحاء سوريا”.

وتهدف الهدنة، وفقا للقرار، لإفساح المجال أمام وصول آمن ومستدام وبدون عوائق للمساعدات والخدمات الإنسانية، فضلا عن الإجلاءات الطبية للجرحى والمرضى ذوي الحالات الحرجة.

ويطالب القرار أيضا برفع فوري للحصار عن المناطق المأهولة بالسكان بما فيها الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة المسلحة الرئيسية قرب العاصمة السورية.

ورغم صدور القرار الدولي مساء السبت بدت حركة الدمشقيين اليوم في أرجاء العاصمة خجولة إلى حد ما، قياسا بما كانت عليه قبل تصاعد العمليات العسكرية بدءا من الأحد الماضي.

وفي الأحياء القريبة من الغوطة الشرقية، بدت حركة السكان شبه مشلولة، إذ أغلقت معظم المحلات أبوابها، فيما بقي القليل المفتوح منها دون زبائن بداخله، حسب مراسلي وكالة أنباء ((شينخوا)) في دمشق.

ويتخوف سكان هذه الأحياء من تجدد سقوط القذائف العشوائية على مساكنهم من الغوطة الشرقية.

وفي منطقة باب توما الواقعة على بعد كيلومترين ونصف من الغوطة الشرقية، كان السوري حسن زين الدين يسير في الشارع بحذر ليرى الحياة في هذه المنطقة بعد ستة أيام من الإغلاق الكامل.

وكانت منطقة باب توما، التي تتداخل أحياؤها مع أحياء الغوطة الشرقية، هدفا يوميا لعشرات القذائف التي أطلقها مقاتلو المعارضة المسلحة على مدار سبعة أيام مضت.

وتخضع بلدات الغوطة, التي تعاني من الحصار منذ العام 2012، لسيطرة عدة فصائل معارضة أبرزها “جيش الإسلام”، و”فيلق الرحمن”.

وقال زين الدين لوكالة أنباء ((شينخوا)) “نأمل أن تستمر الهدنة لأكثر من 30 يوميا لأننا متعبون ونخشى أن ينتهك الإرهابيون الهدنة ونعود لمسلسل الرعب والخوف من جديد”.

وتابع وهو ينظر إلى الأعلى خوفا من سقوط قذيفة “اليوم يمكننا أن نرى بعض الأشخاص في هذه المنطقة، التي كانت خالية تماما خلال الأيام القليلة الماضية بسبب قذائف الهاون” التي يطلقها المسلحون.

وأطلق مقاتلو المعارضة المسلحة عشرات القذائف يوميا على أحياء سكنية في دمشق، ردا على عملية عسكرية كبيرة أطلقها الجيش السوري يوم الأحد الماضي على مناطق في الغوطة الشرقية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن 500 شخص قتلوا وأصيب المئات بجروح منذ الأحد وحتى يوم أمس السبت.

وخوفا من سقوط القذائف العشوائية، خلت ساحة باب توما الأثرية المكتظة دائما، من المارة وحافلات نقل الركاب، إلا من بعض من رجال الشرطة السوريين، الذين احتموا بجدار أحد المحلات المغلقة.

وتكرر نفس المشهد بسوق الحميدية الشهير، إذ شهد حركة خجولة وخلت محاله التجارية المفتوحة من الزبائن.

وفي ساحة المرجة بوسط دمشق بعيدا عن الغوطة الشرقية، يرى السوري زهير المصري، أن الوضع أفضل بعد قرار الهدنة.

ويقول المصري ل(شينخوا) إن “الوضع اليوم أفضل مما كان عليه في اليومين الماضيين عندما هاجمت قذائف الهاون المناطق السكنية وأرسلت الناس إلى المستشفيات، بما في ذلك الأطفال”.

ويشعر المصري بالغضب تجاه المسلحين، آملا أن “يضربهم الجيش السوري بقبضة من حديد” لوقف “قذائف الحقد العمياء”.

ويأمل فيصل صالحة أحد سكان شرق دمشق، بدوره في استمرار الهدنة.

ويقول صالحة ل(شينخوا) “أريد لهذه الهدنة أن تستمر كي لا نرى قذائف هاون تتساقط من جديد على دمشق”، مؤكدا “أن الوضع في دمشق هادئ نسبيا”.

وتابع أن “الشعب السوري يحب السلام ويريد أن يعيش حياة طبيعية”، مضيفا “أنه لا يرغب في رؤية أي قذيفة هاون تسقط على دمشق” بعد قرار الهدنة.

لكن وعلى خلاف ما يأمله الدمشقيون، يرى سياسيون وخبراء في سوريا، أن قرار مجلس الأمن الدولي قد لا ينهي تماما المعارك الدائرة، لكنه يعتبر فرصة لتوسيع مساحة العمل الإنساني في هذا البلد الذى مزقته الحرب قبل سبع سنوات.

وفي مؤشر على تواصل المعارك رغم قرار الهدنة، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يعتمد على شبكة نشطاء على الأرض، عن مقتل ثلاثة مدنيين في قصف مدفعي وجوي على الغوطة الشرقية.

وأفاد المرصد أيضا باندلاع اشتباكات منذ ساعات الصباح الأولى بين قوات النظام السوري ومسلحين موالين لها، وجيش الإسلام وفيلق الرحمن على جبهات عدة في أطراف غوطة دمشق الشرقية.

في المقابل، تواصل سقوط القذائف على العاصمة دمشق وريفها، بحسب الإعلام الرسمي.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن المسلحين المنتشرين في الغوطة استهدفوا الأحياء السكنية في دمشق وريفها اليوم بـ 21 قذيفة، دون وقوع ضحايا.

ورغم ذلك، يبقى الوضع في دمشق اليوم أكثر هدوءا مقارنة مع الأيام السبعة الأخيرة، حسب سكان.

وكالة معراج للأنباء

اقرأ أيضا  الحر يحذر من تورط لبنان بحرب مفتوحة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.