SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

السلام في فلسطين يعني السلام في العالم

ADVERTISEMENT

SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

هديه – صلى الله عليه وسلم – في الحج والعمرة

Friday, 9 ذو القعدة 1437 - 21:43 WIB

54 Views ㅤ

komas - Friday, 9 ذو القعدة 1437 - 21:43 WIB

الجمعة 9 ذو القعدة 1437/   12 أغسطس/ آب 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

د. أحمد بن عثمان المزيد

11 – هَدْيُهُ – صلى الله عليه وسلم – في الحَجِّ والعُمْرَةِ[1]

أ – هَدْيُهُ – صلى الله عليه وسلم – في العُمْرَةِ:

قراءة المزيد: تأملات بعد الحج والأضحية

1- اعتمر أرْبَعَ مَرَّاتٍ:

إحداها: عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَّةِ، فَصَدَّهُ المشرِكُونَ عَنِ البيتِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ حَيْثُ صُدَّ، وحلَّ.

والثانية: عُمْرَةُ القَضَاءِ؛ حيثُ قَضَاهَا في العامِ المقبلِ.

والثالثة: عُمْرَتُه التي قَرَنَها مع حَجَّتِه.

قراءة المزيد: استثمار رمضان في العبادة – خطبة

والرابعة: عُمْرَتُه مِنَ الجِعْرَانَةِ.

2- ولم يكن في عُمَرِهِ عُمْرَةٌ واحدةٌ خارجًا مِنْ مَكَّةَ، وإنما كانت كُلُّها داخلًا إلى مكة.

3- ولم يُحْفَظْ عَنْه أَنَّه اعْتَمَرَ في السنة إلا مرةً واحدةً، ولم يَعْتَمِرْ في سنةٍ مَرَّتَيْنِ.

4- وكانت عُمره كُلُّها في أَشْهُرِ الحَجِّ.

قراءة المزيد: مرحباً بشهر رمضان، شهر البر والتقوى

5 – وقال: ((عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً)) [ق].

ب – هَدْيُهُ – صلى الله عليه وسلم – في الْحَجِّ[2] :

1- لما فُرِضَ الحجُّ بَادَرَ إليه مِنْ غَيرِ تأخيرٍ، ولم يَحُجَّ إلا حَجَّةً واحدةً، وحَجَّ قارنًا.

2- وأهلَّ بالنُّسَكِ بعد صلاةِ الظهرِ ثُمَّ لبّى فقال: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ،لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ)) [م]، وَرَفَعَ صَوْتَه بهذه التلبيةِ حَتَّى سَمِعَها أصحابُه وأَمَرهم بِأَمْرِ اللهِ أَنْ يَرْفَعُوا أصواتَهم بها، ولَزِمَ تلبيتَهُ والناسُ يَزيدُون فيها ويُنْقِصُون ولا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ.

قراءة المزيد: الأربع مشاكل صحية الأكثر شيوعا للصيام وطرق علاجها منزليا

3- وخيَّر أصْحَابَه عند الإحرامِ بين الأنساكِ الثلاثةِ، ثم نَدَبَهم عند دُنُوِّهم مِنْ مَكَّةَ إلى فسخِ الحجِّ والقِرَانِ إلى العُمرةِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ معه هَدْيٌ.

4- وكان حَجُّه على رَحْل؛ لا في مَحْمَلٍ ولا هَوْدَجٍ، وزِمَالَتُه تحته أي: طَعامُه ومتاعُه.

فلما كان بمكةَ أمَرَ أمرًا حتمًا من لا هَدْي معه أَنْ يجعلها عُمْرَةً ويحلّ من إحرامه، وَمَنْ معه هَدْيٌ أَنْ يُقِيمَ على إحرامه، ثم نَهَضَ إلى أَنْ نَزَلَ بذي طُوَى، فباتَ بها ليلةَ الأحدِ لأربعٍ خَلْوَنَ مِنْ ذِي الحجةِ وصلَّى بها الصبحَ، ثم اغتسلَ مِنْ يومه، ودخلَ مكةَ نهارًا مِنْ أعلاها مِنَ الثنيةِ العُلْيَا التي تُشْرِفُ على الحجونِ.

فلما دخل المسجد عَمَد إلى البيتِ، ولَمْ يَرْكَعْ تَحِيَّة المسجدِ، فَلَمَّا حَاذَى الحجرَ الأسودَ اسْتَلَمَهُ، ولَمْ يُزاحِمْ عليه، ثم أَخَذَ عَنْ يمينه، وجَعَلَ البيتَ عَنْ يَسَارِهِ، ولَمْ يَدْعُ عِنْدَ البابِ بدعاءٍ، ولا تحت الميزابِ ولا عند ظَهْرِ الكعبةِ وأركانِها، وحُفِظَ عنه بين  الركنين: ﴿… رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وِقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ولم يُوَقِّتْ للطوافِ ذِكْرًا مُعَينًا غير هذا.

قراءة المزيد: الدعاة بعد إعلان رؤية الهلال: أكثروا من الطاعات والصلاة والصيام وتلاوة القرآن

وَرَمَلَ في طوافِه هَذَا، الثلاثة الأشواط الأُول، وكان يُسْرِع في مَشْيِه، ويُقارِبُ بين خُطَاهُ، واضطبعَ بِرِدَائِهِ فَجَعَلَ طَرْفَيْهِ على أَحَدِ كَتِفَيْهِ وأَبْدَى كَتِفَهُ الأُخْرَى وَمَنْكِبَه.

وكُلَّمَا حَاذَى الحجرَ الأسودَ أشارَ إليه أو اسْتَلَمَهُ بِمْحجَنِه وقَبَّلَ المحْجَن – وهو عَصًا مَحْنِيْة الرَّأسِ – وقال: “اللهُ أُكْبَرُ”.

واسْتَلَمَ الرُّكْنَ اليَمَانِيَّ ولم يُقَبِّلْهُ ولَمْ يُقَبِّلْ يَدَهُ عِنْدَ اسْتِلامِه.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوافِهِ، جَاءَ خَلْفَ المقامِ، فقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة:125]، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، والمَقَامُ بينه وبينَ البيتِ؛ قرأ فيهما بعد الفاتحةِ بسورتي الإخلاص – وهما: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1]، و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، فلمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ أَقْبَلَ إلى الحجرِ الأسودِ فاسْتَلَمَهُ.

قراءة المزيد: أجمل دعاء في رمضان

ثم خَرَجَ إلى الصفا، فَلَمَّا قَرُبَ منه قَرَأ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 159]، ((أَبْدأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ))، ثُمَّ رَقَى عليه حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فاستقبلَ القبلةَ فوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَه وقال: ((لا إله إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قدير، لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَه وَهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَه)) [د، ت، ن،جه]. ثم دعا بين ذلك. وقال مثلَ هذا ثلاثَ مراتٍ.

ثُمَّ نَزَلَ إلى المروةِ يمشي، فَلَمَّا انْصَبَّت قدماه في بطن الوادي سَعَى حَتَّى إذا جاوزَ الوادي وَأَصْعَد مَشَى – وذلك بين المِيْلَيْنِ الأَخْضَرَيِنِ – وابتدأ سَعْيَه ماشيًا، ثم أَتَمَّهُ رَاكِبًا لما كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ.

وكان إذا وَصَلَ إلى المروةِ رَقَى عليها، واستقبلَ البيتَ، وكَبَّرَ الله وَوَحَّدَهُ وَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا.

فَلَمَّا أَكْمَلَ سَعْيَه عِنْدَ المروةِ، أَمَرَ كُلَّ مَنْ لا هَدْي مَعَه أَنْ يَحلَّ الحِلَّ كُلَّه حَتْمًا ولا بُدَّ، قارنًا أَوْ مُفْرِدًا.

قراءة المزيد: توصية رمضان ١٤٣٨ ه

وَلَمْ يحلّ هو مِنْ أَجْلِ هَدْيِه وقال: ((لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الهَدْيَ وَلَجَعَلْتُها عُمْرَةً)) [ق].

ودَعَا للمُحَلِّقين بالمغفرة ثلاثًا، وللمُقَصِّرين مرةً.

وكان يُصَلِّي مُدة مُقامِه بمكةَ إلى يوم التروية بمنزلِه بِظَاهِرِ مكةَ بالمسلمين يَقْصُرُ الصَّلاةَ.

فلما كان يومُ الترويةِ ضُحًى تَوَجَّه بِمَنْ مَعَهُ إلى مِنًى، فأَحْرَمَ بالحجِّ مَنْ كانَ أَحَلَّ منهم مِنْ رِحَالِهم.

قراءة المزيد: أشياء يجب عليك توفيرها في موائد الرحمن خلال رمضان

فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مِنًى نَزَلَ بها وصلَّى بها الظهرَ والعصرَ وبات بها، فلما طلعتِ الشمسُ سارَ منها إلى عرفةَ – ومن أصحابه الملبِّي والمكبِّرُ وهو يسمعُ ذلك ولا يُنْكِرُ على أحدٍ – فوجد القُبَّة قد ضُرِبَتْ له بِنَمِرَة بأمرِه – ونمرة ليست مِنْ عَرفة وهي قرية شَرْقِيّ عرفة – فَنَزَلَ بها، حتى إذا زالت الشمسُ، أمر بناقته القَصواء فَرُحِلتْ، ثم سار حتى أتى بَطْن الوادي من أرض عُرَنَةً، فخطبَ النَّاسَ وهو على راحِلته خُطبة واحدةً عظيمةً قَرَّر فيها قواعِدَ الإسلامِ، وَهَدَمَ فيها قواعِدَ الشِّرْكِ والجاهِليةِ، وقَرَّرَ فيها تَحريمَ المحرَّماتِ التي اتفقتِ المِللُ على تحريمها، ووضعَ أمورَ الجاهليةِ ورِبَا الجاهليةِ تَحْتَ قَدمَيْهِ، وأَوْصَاهُمْ بالنساءِ خيرًا، وأَوْصَى الأمةَ بالاعتصامِ بكتابِ الله، واسْتَنْطَقَهُم واسْتَشْهَد الله عليهم أنه قد بَلَّغَ وأَدَّى ونَصَحَ.

فَلَمَّا أتمَّ الخطبةَ أمَرَ بلالًا فأذَّنَ، ثم أقام الصلاة، فَصَلَّى الظهر ركعتين أَسَرَّ فيهما بالقراءةِ – وكان يومَ الجمعةِ – ثم أقامَ فصلَّى العصرَ ركعتينِ ومعه أهل مكَّة ولم يأمرهم بالإتمامِ ولا بِتَرْكِ الجمعِ.

فلمَّا فرغَ مِنْ صلاتِه رَكِبَ حتى أَتَى الموقفَ، ولمَّا شَكَّ الناسُ في صيامِه يومَ عرفةَ أرسلت إليه ميمونة بحِلاب وهو واقِفٌ في الموقفِ، فشَرِبَ منه والناس ينظرونَ، ووقَفَ في ذَيْلِ الجبلِ عند الصخراتِ، واستقبلَ القِبْلَةَ، وجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وكانَ عَلَى بَعِيره، فأَخَذَ في الدُّعَاء والتضرُّع والابْتِهَالِ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ.

وَأَمَرَ الناسَ أَنْ يَرْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وقال: ((وَقَفْتُ هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّها مَوْقِفٌ)) [م].

قراءة المزيد: كيفية صلاة قيام الليل في رمضان

وكانَ في دُعَائِهِ رافعًا يديه إلى صدرهِ كاستطعامِ المسكينِ وقال: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا والنبيونَ قَبْلِي: لَا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملكُ وَلَهُ الحَمْدُ وهو عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ)) [ت].

فَلَمَّا غَرَبَتِ الشمسُ استحكَم غروبُها بحيثُ ذَهَبَت الصُّفْرَةُ، أفاضَ مِنْ عَرَفَةَ بالسكينةِ مُرْدِفًا أسامةَ بنَ زيدٍ خَلْفَهُ، وَضَمَّ إليه زِمَامَ ناقتِه حَتَّى إِنَّ رَأسَهَا ليُصِيبُ طَرَفَ رَحْلِهِ وهو يقول: ((أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ؛ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ)) [خ]، أي: ليس بالإسراع.

وأفاضَ مِنْ طَرِيقِ المَأزِمَيْنِ، ودخل عرفةَ مِنْ طَريقِ ضَبٍّ، ثم جَعَلَ يسيرُ العَنَقَ وهو – السَّيرُ بَيْنَ السَّرِيعِ والبَطِيء – فإذا وَجَدَ مُتَّسَعًا أسْرَعَ.

وَكَانَ يُلَبِّي في مسيرِه ولم يقطع التَّلبيةَ، ونزلَ أثناءَ الطريقِ فبالَ وتوضأَ وضوءًا خفيفًا، ثم سارَ ولَمْ يُصَلّ حتى أتى مُزْدَلِفَةَ فتوضأَ وضوءَ  الصَّلاةِ، ثم أَمَرَ بالأذانِ ثم أقامَ، فَصَلَّى المغربَ قَبْلَ حطِّ الرِّحَالِ وتَبْرِيكِ الجِمَالِ، فَلَمَّا حطُّوا رِحَالهم أمَرَ فأقيمتِ الصَّلاةُ، ثم صَلَّى العشاءَ بإقامةٍ بلا أذانٍ، ولَمْ يُصَلّ بينهما شيئًا، ثم نامَ حَتَّى أصبحَ، ولَمْ يُحْي تلكَ الليلةَ.

قراءة المزيد: معنى أن العمرة في رمضان تعدل حجة

وَأَذِنَ في تلك الليلةِ عِنْدَ غيابِ القمرِ لِضَعَفَةِ أهْلِهِ أن يَتَقَدَّمُوا إلى مِنًى قَبْلَ طُلُوعِ الفجر، وأَمَرهم أَلَّا يَرْمُوا حتى تَطلُعَ الشَّمْس.

فَلَمَّا طلعَ الفجرُ صَلَّاها في أوَّلِ الوقتِ بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ حَتَّى أَتَى مَوْقِفَه عند المَشْعَرِ الحَرَامِ وأعلمَ النَّاسَ أَنَّ مُزْدَلِفَة كُلَّها موقِفٌ، فاستقبلَ القبلةَ وأخذَ في الدُّعاءِ والتضرُّع والتكبيرِ والتهليلِ والذِّكْرِ حتى أسْفَرَ جِدَّا، ثم سَارَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُرْدِفًا للفضلِ بن عباس.

وفي طريقه أمرض ابنَ عباسٍ أَنْ يَلْقُطَ له حَصى الجمارِ، سبعَ حصياتٍ؛ فَجَعَلَ يَنْقُضُهُنَّ في كَفِّهِ ويَقُولُ: ((بِأَمْثَالِ هؤلاءِ فارْمُوا وإيَّاكُم والغُلُوَّ في الدِّين…)) [ن، جه].

فَلَمَّا أَتَى بَطْنَ مُحَسِّر أسرعَ السَّيْرَ، وسلكَ الطريقَ الوُسْطَى التي تخرجُ على الجمرةِ الكُبْرى، حَتَّى أتى مِنًى وهو يُلَبِّي حتى شرعَ في الرَّمْي، فَرَمَى جمرةَ العقبةِ راكبًا بعد طلوعِ الشمس، مِنْ أسفل الوادي وجعلَ البيتَ عَنْ يَسَارِهِ ومنًى عَنْ يمينِه، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

ثم رجعَ مِنًى فخطبَ الناسَ خُطْبَةً بليغةً أَعْلَمَهُم فيها بُحْرمَةِ يومِ النَّحْرِ وفضلِه وحرمةِ مكةَ، وأمَرَهُم بالسمعِ والطاعةِ لمن قادَهم بكتابِ الله، وعَلَّمَهُم مَنَاسِكَهُم، ثم انصرفَ إلى المنحرِ بمنًى فنحَرَ ثلاثًا وستين بَدَنَة بيدِه، وكان ينحرُها قائمةً معقولة يدها اليسرى، ثم أمسكَ وأَمَرَ عليًّا أن ينحرَ ما بقي مِنَ المائةِ، ثم أمرَ عليًّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بها في المساكينِ وألَّا يُعْطِي الجزارَ في جِزَارَتِها شيئًا منها.

وأَعْلَمَهُم أَنَّ مِنًى كُلَّها مَنْحَرٌ، وفِجَاج مكةَ طريقٌ ومنحرٌ.

فَلَمَّا أَكْمَلَ نَحْرَهُ استدعَى الحَلَّاق فَحَلَقَ رَأسَهُ فَبَدَأ بالشِّقِّ الأيمنِ، فأعطاهُ أبَا طلحةَ ثم الأيسَر، فدفعَ شَعْرَهُ إلى أبي طلحةَ وقال: ((اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ)) [ق].

ودَعَا للمُحَلِّقِين بالمَغْفِرَةِ ثَلاثًا،ولِلمُقَصِّرِين مَرَّةً، وَطَيَّبَتْه عائشةُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ.

ثم أفاضَ إلى مَكَّةَ قبل الظهرِ راكبًا، فطاف طوافَ الإفَاضَةِ، ولم يَطُفْ غَيْرَه ولم يَسْعَ معه، ولم يَرْمَلْ فيه ولا في طوافِ الوداعِ وإنَّما رَمَلَ في القدومِ فقط.

ثم أَتَى زَمْزَمَ بعد أَنْ قَضى طوافَهَ وَهُمْ يَسْقُون، فناولُوه الدَّلْوَ فَشَرِبَ وهو قائمٌ، ثم رجعَ إلى مِنًى فباتَ بها، واختُلِفَ أين صَلَّى الظهرَ يومئذٍ؛ فَنقلَ ابنُ عمر أنه صَلَّى الظهرَ بِمنًى، وقال جابرٌ وعائشةُ صَلَّاه بمكةَ.

فَلَمَّا أصبحَ انتظرَ زوالَ الشَّمْسِ فَلَمَّا زَالَت مَشَى مِنْ رَحْلِه إلى الجمارِ، ولَمْ يَرْكَبْ، فبدأ بالجمرةِ الأولى التي تلي مَسْجِدَ الخَيْفِ، فرمَاهَا بسبعٍ حَصَياتٍ، يقولُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ: ((اللهُ أكْبَرُ)).

ثم تقدَّمَ على الجمرةِ أمامها حتى أسهلَ، فقام مُسْتَقْبِلَ القِبْلَة ثم رفعَ يديه ودَعَا دُعَاءً طويلًا بقدرِ سُورةِ البقرةِ.

ثم أتَى إلى الجمرةِ الوُسْطَى فَرَمَاهَا كذلك، ثم انحدرَ ذاتَ اليَسارِ مما يَلي الوادي، فوقفَ مستقبِلَ القِبلةِ رافعًا يديه قريبًا مِنْ وقُوفِه الأولِ.

ثم أتى الجمرةَ الثالثةَ وهي العَقبة فاستبطن الوَادِيَ، واستعرض الجَمرة فجعل البَيْتَ عَنْ يَسارِه ومِنًى عن يمينه فرماها بسبعِ حَصَياتٍ كذلك.

فَلَمَّا أكملَ الرَّمْيَ رَجَعَ وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَها.

وغالبُ الظَّنِّ أَنَّهُ كان يَرْمِي قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي الظهرَ ثُمَّ يَرْجِع فَيُصَلِّي، وأَذِنَ للعباسِ بالمبيتِ بمكةَ  ليالي مِنًى من أَجْلِ سِقَايَتِهِ.

ولم يَتَعَجَّلْ في يومين، بل تأَخَّرَ حَتَّى أكمل رَمْيَ أَيَّامِ  التشريق الثلاثةِ، وأفاضَ بَعْدَ الظهرِ إلى المُحَصَّبِ، فَصَلَّى الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ، وَرَقَدَ رقدةً ثم نَهَضَ إلى مَكَّةَ فطافَ للوداعِ ليلًا سَحَرًا، ولَمْ يَرْمَلْ في هذا الطوافِ، وَرَخَّصَ لِصَفِيَّةَ لمَّا حَاضَتْ، فَلَمْ تَطُفْ للودَاعِ.

وَأَعْمَرَ عائشةَ تلك الليلةَ من التنعيم تَطْييبًا لنفسِها بِصُحْبَةِ أخيها عبد الرحمن، فلمَّا فَرَغَتْ مِنْ عُمْرَتِها ليلًا نَادَى بالرَّحِيلِ في أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ.

[1] زاد المعاد (2/86).

[2] زاد المعاد (2/96).

-الألوكة

توصيات لك