وحدانية الله والإخلاص له

السبت  29 ربيع الثاني 1438 الموافق 28 يناير/ كانون الثاني 2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

د. علي العتوم
قال تعالى : } وقالوا : اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لقدْ جئتُمْ شيئاً إدّاً * تكادُ السماواتُ يتفطَّرْنَ منهُ , وتنشَقُّ الأرضُ , وتخِرُّ الجِبالُ هَدّاً * أنْ دَعَوْا للرحمنِ ولَداً * وما ينْبغي للرحمنِ أنْ يتّخِذَ ولداً * إنْ كُلُّ مَنْ في السماواتِ والأرضِ إلاّ آتِي الرحمنِ عبْداً * لقد أحصاهُمْ وعدَّهُمْ عَدّاً * وكُلُّهُمْ آتيهِ يومَ القِيامَةِ فَرْداً * إنَّ الذينَ آمنُوا وعمِلُوا الصّالِحاتِ سيجعلُ لهمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً * فإنَّما يسّرناهُ بِلسانِكَ لِتُبشِّرَ به المتَّقِينَ , وتُنْذِرَ به قوماً لُدّاً * وكم أهلكنا قبلهُمْ مِنْ قرنٍ !! هل تُحِسُّ منهم من أحدٍ , أو تسمعُ لهم رِكْزاً ؟! .

(مريم : 19/88 – 98).
تعليقات:
11. القول باتخاذ الله الأولاد , فرية على الله وعلى الذات وعلى الإنسانية عظيمة , تعالى الله سبحانه عن ذلك علوّاً كبيراً , فهو كما جاء عنه في القرآن الكريم وقد سأل المشركون الرسولَ صلى الله عليه وسلم أن يصفه لهم أو أن ينسبه !! فأنزل عليه – جواباً لهم – : (قلْ هو الله أحدٌ * الله الصمدُ * لم يلد ولم يُولد * ولم يكن له كفواً أحد) . والاعتقاد بأن لله ولداً هو اعتقاد المشركين من عرب عجم. ولعل اليهود والنصارى متأثرون بأن لله ولداً بعقائد هءلاء المشركين . فهذا المعتقد غريب على هاتين الديانتين في أصلهما . وقد نفى الله عزوجل ذلك أشد النفي , فقال : (وقالتِ اليهودُ : عُزيرُ ابن الله , وقالتِ النصارى : المسيحُ ابن الله , ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل , قاتلهم الله أنّى يؤفكونَ) .
22. ولداً : يعني عيسى عليه الصلاة والسلام عند النصارى وعزيراً عند اليهود . إدّاً : جُرماً عظيماً , وأمراً فظيعاً . هدّاً : هدماً , تطايُحاً بعضها على بعض . ودّاً : صاحباً وصديقاً , حبيباً . بلسانك : باللغة العربية , لفصاحتها وبلاغتها وبيانها , واستقامة قواعدها واطّرادها . لُدّاً : شديدي الخصومة والعناد , من اللّدَد جمع لدود وهو الخصم . رِكزاً : صوتاً خفيّاً , كما قال لبيد بن ربيعة العامري في وصف البقرة الوحشية :
فتوخَّشَتْ رِكْزَ الأنيسِ فراعَها
عَنْ ظهرِ غيبٍ والأنيسُ سقامُها
3. ما يستفاد من الآيات :
أ- إن القول بأنّ لله ولداً , وهو ما يقول به النصارى واليهود , افتئاتٌ عليه شديد , وكُفر به عظيم . وهو الذي يقول : (لو أرادَ الله أن يتّخذَ ولداً , لاصطفى مما يخلقُ ما يشاءُ , سبحانه هو الله الواحد القهار) . وهو بالتالي جرم عظيم لا تتحمله السماوات والأرض وخلقها أعظم من خلق الناس , بل تتمزّقمنه السماوات وتنشق الأرض , وتنهدُّ الجبال .
ب. كل ما في الكون عبيد لله خاضعون لجلال وجهه وعظيم سلطانه , وهو قائم بذاته ليس محتاجاً – حاشاه – لأحد حنى يُعينه على تصريف أموره أو يتمّم به نقصه , أو يحافظ على نسله مستمرّاً يتوارث تركته وأملاكه .
ج. عباد الله المؤمنون به ربّاً واحداً أحداً فرداً صمداً , العاملون بشرعه امتثالاً لأمره دونما أدنى رياء أو ارتياب , سيتخذ منهم جل وعلا أحباباً له وأودّاء , ويكتب لهم المحبة عنده , ومن ثم عند أهل السماوات والأرض . وهذه أعظم منزلة وأسمى مكانة , أن يتخذ الله من عباده أودّاء له وأحباباً .
د. إكرام الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن ثَمَّ لقومه العرب جعل لسان دينه ولغة كتابه اللغة العربية , وسيلة لتبشير المؤمنين به , منهم ومن غيرهم بالفوز بجنة الله ورضوانه , وإنذار شديدي الخصومة والعناد منهم ومن غيرهم بالخسران المبين جزاءً وفاقاً .
هـ. إنّ الذين يُعرضون عن دينك يا محمد , ويتكبرون على الدخول فيه , هم من المقبوحين في الدنيا بالإذلال كما أهلك الأمم السابقة التي ناوأت أنبياءها فطواهم الزمان حتى لا تكاد تسمع لهم بحسٍّ .
الاثنين16/1/20177م

وكالة معراج للأنباء الإسلامية

اقرأ أيضا  كيف يسيطر اليهود على اقتصاد العالم؟
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.