أزمة الاستقدام.. الحل مفقود أمام نفوذ المصالح !
الثلاثاء 5 صفر 1437//17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الرياض
محمد الغنيم
لا يزال ملف استقدام العمالة المنزلية يواجه كثيراً من العقبات التي تعرقل أي تحرك يطرأ عليه، إذ يلقي التحدي الأكبر في هذا الملف وهو اشتراك ستة أطراف فيه لكل منها وجهة نظر بظلاله على أي انفراج في هذه الأزمة التي يعانيها المواطن، وتشتكي منها مكاتب الاستقدام وتتحفظ على بعض تقاصيلها سفارات دول الاستقدام، بينما تقف وزارة العمل امام مسؤولياتها الدقيقة في التزام الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين المملكة وتلك الدول، وما تنص عليه بنودها، وبين تلبية رغبات المواطنين وسد حاجة السوق من هذه العمالة التي اصبح لا غنى عنها في اي منزل، إلى جانب دورها المحوري ومسؤوليتها في معالجة اي معوقات ومشكلات تنشأ بين أطراف العلاقة.
وأمام هذا وذاك يحتم واقع المشكلة ايجاد ارضية توافقية مشتركة تتكامل فيها الرؤى والادوار بين أطراف العلاقة كافة لإيجاد حل لهذه الأزمة لا يقصى فيها اي طرف وتقريب وجهات النظر وحماية مصالح المواطنين والعمالة عبر التزام بنود عقود العمل، وعدم اخلال اي طرف بواجباته، لاسيما في ظل حاجة كل طرف إلى الآخر.
قضية الاستقدام قضية مهمة وملحة وتحتاج إلى حلول سريعة لا تحتمل التأجيل، يحدد فيها مكامن الخلل وتطبق فيها سياسات تعالج أخطاء الماضي، خصوصا ان لدينا تجارب طويلة جداً مع الاستقدام، وعلاقات مميزة مع دول الاستقدام يمكن استثمارها، والمقترحات المطروحة اليوم داخل أروقة صنع القرار تحتاج إلى إرادة لنمضي إلى حلول ليست مستحيلة، على أن نترك الخيارات متاحة أيضاً للمواطن إن كان على مستوى التكاليف أو على مستوى الجنسية التي يرغبها، أو حتى على مستوى الشروط التي يتفق عليها.
كما ننتظر جهود مخلصة من مكاتب وشركات الاستقدام تغلب فيها مصلحة الوطن والمواطن وتتحمل فيها مسؤولية وطنية مشتركة لا تغلب فيها مصالحها الخاصة على ما تلتزم به مع المواطن ومع الأيدي العاملة ومع باقي أطراف العلاقة التعاقدية.
«ندوة الثلاثاء» تناقش هذا الاسبوع أزمة استقدام العمالة المنزلية مع الاطراف ذات العلاقة بحثا عن حلول ورؤى يمكن أن تكون بارقة أمل لهذه القضية المعقدة.
تنويع المصادر
في البداية تحدث محمد الشارخ عن دور وزارة العمل في تنظيم العلاقة بين أطراف الاستقدام قائلاً: نحن نتعامل مع ملف إلى حد ما معقد؛ ليس بسبب المشكلات الموجودة فيه وإنما نظراً للأطراف المشتركة، فعندما ننظر إلى ملف الاستقدام نجد فيه حوالي ستة أطراف وهم صاحب العمل والعامل ومكتب الإرسال ومكتب الاستقبال والحكومة المرسلة والحكومة المستقبلة، وتحت كل طرف من هذه الأطراف الستة نجد أطرافا كثيرة مثل دولة الإرسال ومراكز التدريب، وتحت المكتب نجد الفحص الطبي وسفاراتنا في الخارج.. إلخ، إذاً هذه منظومة معقدة جداً من الاجراءات والأطراف المتداخلة في هذا الملف هي جزء أساسي من المشكلة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الحلول التي تنهي مشكلات هذا الملف، ان أحد الحلول التي تتناغم مع أبرز مشكلة لدينا في المملكة هي مشكلة الطلب، نجد أنه عال والعرض قليل، وذلك لأن بعض الدول أوقفت العمالة المنزلية إلى المملكة، وباختصار لدينا قاعدة اقتصادية معروفة وهي أنه إذا زاد العرض على الطلب ستنخفض الأسعار، لكن الواقع الموجود الآن هو الطلب عال والعرض قليل بسبب أن دولتين مهمتين كانت المملكة تستقدم منها العمالة بنسبة تتراوح بين (70- 80%) أوقفت التعامل معها بسبب أو بآخر، وجاء دور الوزارة لتصحيح الأوضاع الحالية وذلك بإجراء حوارات مع هذه الدول لمعرفة أسباب إيقاف الاستقدام، وكيف نستطيع إعادته، موضحا أنهم استطاعوا إعادة فتح أبواب الاستقدام من الفلبين، ثم الانتقال إلى وجود حل حتى لا تتكرر المشكلة، بحيث يتم التركيز على تنويع مصادر إرسال العمالة ولا يتم الاعتماد على دولة واحدة، مشيراً إلى أنه بدلاً أن تكون لدينا دولتان أو ثلاث دول يكون لدينا (25) دولة حتى لو اختلفت المسميات، وحتى لو كانت إحدى الدول لا تزيد طاقتها على إرسال (10) آلاف عامل في السنة، المهم هو إيجاد خيارات للمواطن بالاستقدام من دول أخرى بدلاً من تلك التي أوقفت إرسال عمالتها إلى المملكة.
تنوع الخدمات والمنتجات
وأوضح الشارخ أن لديهم قاعدة في مجال الاستقدام بأن الأصل في استقدام العمالة المنزلية أو العمالة العامة هو الاستقدام من جميع الجنسيات إلاّ ما تم استثناؤه بنص، وقد تكون هذه الاستثناءات قليلة، مضيفاً أن مفهوم العمالة المنزلية لا يقتصر فقط على السائق أو على الخادمة المنزلية، وإنما مصطلح العمالة المنزلية يندرج تحته تقريبا حوالي (12) مهنة من ضمنها طبيب منزلي أو مزارع منزلي أو ممرض منزلي.. الخ، مبيناً أن الحل الآخر الذي تعمل عليه الوزارة هو ما يتعلق بمسألة تنوع الخدمات والمنتجات، وهنا اتساءل هل كل الذين يحتاجون إلى خدمات العاملات أو السائقين يحتاجون إليهم لمدة (24) ساعة يومياً أم لمدة أسبوع، أم يحتاجون إليهم لفترة ثلاثة أيام في الأسبوع، أم ثلاث ساعات في اليوم؟ وهذا ما جعلنا نفكر في منتج يمكن أن تقوم شركات الاستقدام بتوفيره، بأن يتم تقديم الخدمات بأسلوب الساعات، وأن تأتي مثلاً الخادمة إلى منزل المواطن لفترة ثلاث ساعات مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، لافتاً إلى أنه في هذه الحالة بدلاً أن تستقدم الشركة خادمة تخدم في منزل واحد فإنه يمكن تتاح لها الفرصة ان تخدم من أربعة إلى خمسة منازل وبالتالي أكون قد حاولت تنويع المنتجات.
تثقيف الأُسر
وحول مناقشة ملف الاستقدام في مجلس الشورى وما طرح حول فتح الاستقدام عن طريق الشركات الخليجية، قال د. فهد بن جمعة: أرجو أن تسمحوا أن أُشخّص قضية العمالة المنزلية قبل الاجابة على سؤالكم، إنني أؤكد أنه للاسف مازلنا نركز على جانب الطلب ونترك جانب العرض والسؤال الذي اطرحه: هو لماذا نحتاج الى العمالة؟ ولماذا لا نخفض من عملية الاستقدام، ونثقف الأُسر، ولماذا لا يتم دفع مبالغ للأُسر من أجل تحفيزها لتخفيض نسبة استقدام العمالة.. في الواقع أننا دائماً نركز على الطلب وأنه كلما زاد ارتفع عدد التأشيرات، زاد الاستقدام، وهذه هي المشكلة الحقيقية حيث أصبحت الفجوة بين الطلب والعرض كبيرة، حتى وجدنا أن الأُسر التي وضعها مستور خسائرها كبيرة، وأصبح رب الاسرة لا يستطيع أن يرفض استقدام العاملة المنزلية، لذا يجب حصر العرض ووضع سقف محدد كل عام، ويكون ذلك ضمن الخطة العاشرة، بحيث نضع نسباً محددة تؤدي إلى الانخفاض، مثلاً 2014م زادت تأشيرات العمالة بنسبة (66%) وقبل ذلك كانت نسبة نمو التأشيرات من (15- 20%) لهذا يظل السؤال مطروحاً: كيف تحد من الطلب وكيف نثقف الأُسر والمجتمع؟
وأضاف: فيما يتعلق بالاتفاقيات الثنائية الحكومية بين المملكة ودول الاستقدام فقد رفضها مجلس الشورى لماذا؛ لأننا اكتشفنا أنها مُجحفة في حق المواطن، إذ نجد أنها وضعت شروطا ومميزات للعامل والعاملة بشكل كبير، ومن ضمن ذلك عبارة نقول: “وعلاجها 24 ساعة”، كيف يتم ذلك، بينما الشخص لا يعالج فرداً من أُسرته لمدة (24) ساعة، فهذه الاتفاقيات مبالغ فيها كثيراً، وقد قدمت توصية في مجلس الشورى ذكرت فيها أن المكاتب الخاصة بالاستقدام لم تعد قادرة على استقدام العمالة في وقت قصير (30- 60) يوما، وأيضاً التكايف تجاوزت كل دول الخليج بنسبة قد تصل إلى (200%)، والتوصية تطالب بالسماح بأن يتم الاستقدام عبر أي مكتب من مكاتب دول الخليج، متسائلاً: لماذا لا يطبق مثل هذا القانون؟ فالهدف هو تحفيز مكاتب الاستقدام السعودية لتقليل المدة وتخفيض التكاليف وبالتالي التوفير للمواطن السعودي وتوسيع الخيارات له.
تدريب العمالة البنغلاديشية
وفيما يتعلق بحجم العمالة البنغلاديشية في المملكة وما دور الحكومة البنغلاديشية في تأهيلهم وتدريبهم قبل قدومهم، أوضح غلام موشي أن العدد المقدر للعمالة البنغلاديشية في المملكة هو مليون وثلاث مئة ألف عامل، متسالاً: لماذا تم إيقاف استقدام العمالة البنغلاديشية لمدة طويلة زادت على السبعة أعوام؟ حيث اننا لا نعلم بالضبط ما هي الاسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الايقاف، مضيفاً أنه لم يتم فتح باب الاستقدام إلاّ قبل فترة قصيرة، وذلك لاستقدام العمالة من فئة الخادمات والمزارعين والسائقين بالنسبة للأفراد والعمالة الخاصة، مبيناً أن استقدام الرجال ليس فيه أي مشكلات كبيرة، وإنما المشكلة الكبرى تكمن في استقدام الخادمات للعمل، حيث اننا نحاول اقناع النساء من أجل الموافقة على القدوم إلى المملكة للعمل ونعمل على ترغيبهن في ذلك، ومن أهم الأسباب التي تواجههم بالنسبة للعاملات هو أن المجتمع البنغلاديشي غير معتاد على أن تعمل النساء في الخارج خاصةً داخل المنازل، الأمر الآخر نرى أن الرواتب غير مشجعة، كذلك هناك مشكلة أخرى تكمن في خوف النساء بسبب جهلهن وعدم معرفتهن بالمملكة وعاداتها وتقاليدها، على الرغم من التوافق بيننا وبينكم في الدين والمذهب، أما بخصوص جهود الحكومة البنغلاديشية في تدريب العمالة فإنها تحرص بشدة على توعية جميع العمالة بشكل عام، ومن أهم الأمور التي تحرص عليها الحكومة هو تعليم اللغة العربية لمدة ثلاثة أشهر من خلال كورسات تدريبية.
قلة الرواتب
وأكد غلام موشي أن من أكبر المشكلات التي يواجهونها هو عدم وضوح الرواتب التي يتقاضاها العاملون والعاملات في المملكة، حيث يتم توقيع العمالة على عقود في بنغلاديش وحينما يأتون إلى هنا يتفاجأون بنقصان الرواتب المدونة في العقد إلى درجة النصف تقريباً، فمثلاً يأتي العامل ويعطى مبلغ (400) ريال كراتب شهري وبينما في العقد (800- 1000) ريال، مضيفاً أن ما ذكرته لا يشمل عمالة البلديات أو النظافة، وأن مثل هذه المشكلات لا يتعرض لها العمالة الآخرون الذين يأتون من بلدان أخرى مثل الهند وباكستان، ومنذ فترة وجيزة قرروا وقف التأشيرات إلى المملكة، وقد طلبوا من الحكومة السعودية وتحديداً وزارة العمل أن يسردوا عملية الرواتب وما يتم من إخلال بشروط العقود، حيث ان هناك عمالة بنغلاديشية كثيرة يشتكون من قلة الرواتب، على الرغم من التزام العمالة بأعمالهم وقيامهم بدورهم المطلوب، مؤكداً أن هناك اجتماعات مع الجهات السعودية المختصة لتوقيع عقود جديدة يلتزم بها الطرفان بالشكل الذي يساعد على حفظ الحقوق للجميع.
ناشيال: الهند ليست بلد تصدير للعمالة.. ودور الحكومة تقديم النصح فقط
إجراءات الكترونية
وعن المشاكل الناشئة مع العمالة المنزلية الهندية سواء السائق أو الخادمة ودور السفارة في حلها وتذليلها، قال آنيل ناشيال: إن الهند ليست بلداً لتصدير العمالة، لكنها بلد لتزويد العمالة، والفرق هنا أن الهند لا تعتمد اقتصادياً على عملية تصدير العمالة، وهذا يعني أن المسألة تتعلق بالشخص نفسه الذي يرغب في العمل خارج الهند، وتحديداً الهجرة للعمل، وأن الأمر شخصي والحكومة ليست لديها قطاع خاص بهذا الغرض، وليس لديها كذلك وزير مختص للعمل خارج البلاد، أيضاً تقوم الحكومة بتقديم النصائح فقط للعامل الذي يرغب في العمل خارج البلاد، مضيفاً أن أهم الدول التي تستقطب العمالة الهندية هي المملكة العربية السعودية، حيث يوجد فيها حالياً حوالي مليونين وسبع مئة وخمسين ألف شخص من الجنسية الهندية، وتشكل (70%) منهم عمالة منزلية، ومهنية يعملون في قطاع الأفراد والشركات، مبيناً أنه في الوقت الحالي ليست هناك اتفاقيات بين الحكومتين السعودية والهندية عدا اتفاقية واحدة تم توقيعها عام 2014م تنظم العمالة المنزلية فقط من خلال ثلاثة قطاعات وهم السائقون والمزارعون وعمال المنازل، وحالياً توجد مفاوضات واجتماعات بخصوص العمالة المخصصة للشركات والمؤسسات الحكومية وبعض القطاعات الكبيرة، ومن الأشياء التي قامت بتطويرها الحكومة الهندية لتسهيل هجرة العمالة هي تنظيم الأمور الالكترونية وربط العلاقة مباشرة بين صاحب العمل والعامل دون أي وسيط من أجل اختصار الوقت وحفظ الجهود وتوضيح الطلبات بين العامل والوسيط.
ناريانان: طوّرنا إجراءاتنا الإلكترونية لربط العامل بالمشغّل مباشرة من دون وسيط
بدوره أوضح في ناريانان أن الإجراءات الالكترونية والهوية الالكترونية التي تعمل عليها بلاده وتطويرها لاتزال مستمرة إلى الأفضل وذلك من أجل تسهيل الأعمال وحفظ حقوق كلا الطرفين مؤكدا ان ربط العامل بالمشغل مباشرة بدون وسيط يحفظ حقوقهم جميعا.
ديدي: المفاوضات الإندونيسية – السعودية عالقة منذ سنوات ونواجه عوائق في الرواتب والمعاملة
عقود قديمة
وحول الجديد في المفاوضات الخاصة بعودة فتح الاستقدام من أندونيسيا واشتراط الحكومة الأندونيسية التعامل مع الشركات فقط دون التعامل مع المكاتب، أكد ديدي أحمد على أنه ليست هناك اتفاقيات بينهم وبين الحكومة السعودية بخصوص العمالة، ولكن الاتفاقية الوحيدة التي تم توقيعها هي الاتفاقية المبدئية بين الحكومتين السعودية والأندونيسية، وأنه في الواقع لم يتم تطبيقها حتى الآن لوجود بعض التفاصيل العالقة، إذ لم يتم التوصل فيها إلى حلول نهائية بشأنها، مضيفاً أن أهم المشكلات التي تعترض عليها الحكومة الأندونيسية بخصوص العمالة وتحديداً النسائية والخادمات المنزلية ما يجدونه من صعوبة في طريقة المعاملة ودفع الرواتب، مبيناً أن هناك ما يزيد على (200) ألف عاملة يعملن في المملكة قبل 2011م ومنذ هذا التاريخ فإن استقدام العمالة المنزلية من أندونيسيا مازال متوقفاً؛ لأن العقود قديمة وغير جديرة بالاحترام من قبل الأفراد، وتشهد تأخيرا في دفع الرواتب وتراكمها، وكذلك عدم الالتزام بمنح الإجازات للعاملات، خاصةً بعد مرور عامين على العمل، ذاكراً أن المطلوب الالتزام بدفع الرواتب أولاً بأول ومنح الإجازات، متوقعا التوصل إلى اتفاقيات جديدة بين البلدين قريباً.
باداود: ننتظر جهداً أكبر من وزارة العمل لإزالة الخلاف بين مكاتب الاستقدام والسفارات!
معوقات مكاتب الاستقدام
وفيما يتعلق بأبرز العوائق التي توجه مكاتب الاستقدام مع السفارات ومع الجهات المختصة، قالت دولت باداوود: أريد التعليق على ما ذكره د. فهد بن جمعة أولا حول تخفيض عدد التأشيرات، إذ يبدو أنه من الذين عاشوا فترة الأسرة الممتدة والتي الآن هي غير موجودة، بل تقلصت تماماً، حيث كن النساء في الماضي يقمن برعاية المنزل من خلال التعاون مع بعضهن البعض، إضافةً إلى وجود صبي أو صبية في المنزل، وحالياً منازلنا لا تسمح بفكرة تقليص منح التأشيرات في ظل وضع المرأة الحالي وخروجها الى العمل، فهناك حاجة ماسة للعمالة المنزلية وأمر حتمي بأن يكون في منازلنا سائقون وخادمات، مضيفةً أنه فيما يتعلق بمعوقات مكاتب الاستقدام وما تواجهها من صعوبات مع السفارات فقد استمعت إلى أحاديث ضيوف الندوة من السفارات الهندية والأندونيسية والبنغلاديشية ولاحظت أن حديثهم تركز على حقوق عمالة دولهم، متأسفةً على أن وزارة العمل تقوم بتوقيع الاتفاقيات وينتج عنها العقد القياسي، حيث نرى أن من ضمن بنوده فتح حساب للعمالة المنزلية، إلاّ أن وزارة العمل لا تقوم بدورها لاكمال الاجراءات الخاصة بفتح حسابات للعاملات، وهذا ما يجعلنا نحن في مكاتب الاستقدام نواصل الاتصال المتكرر وعندما نقوم باستخراج أمر العمل تطالبني مباشرة السفارة بالاقامة ورقم الحساب البنكي، مبينةً أنه في الجانب الآخر هو العميل المواطن عندما نتصل عليه يرفض التعامل مع مكتب الاستقدام بحكم أن ليس للمكتب صلاحية التعامل معه، وليس لنا كذلك سلطة على المواطن، وبالتالي يقع التصادم بين مكتب الاستقدام والسفارات في حفظ حقوق العمالة، مشيرةً إلى أن هناك نقطة واحدة فقط تمثل المشكلة الأساسية في عملية الاستقدام وهي ما تم تلخيصه من قبل المتحدثين أمامكم وهي حقوق العمالة، وأن الدور المفروض أن تقوم به وزارة العمل هو حل هذه المشكلة بأن يتم فتح حسابات لهؤلاء العمالة وربط أصحاب التأشيرات والعمل بحسابات بنكية، بحيث يتم استقطاع رواتب العمالة بشكل تلقائي، متسائلةً: لماذا لا تقوم وزارة العمل بهذا العمل من أجل حل هذه الاشكالات وبالتالي حفظ الحقوق.
العقبات تحتاج إلى مفاوض قوي يستثمر تجارب المملكة وعلاقاتها المميزة مع دول الاستقدام في «سد حاجة السوق» و«حفظ حقوق المواطن»
تعامل السفارات
وأكدت دولت باداوود أنهم دائماً ما يواجهون من السفارات تعاملاً تعسفياً، مضيفةً أن وزارة العمل قامت بتكوين لجان متخصصة في احتواء مشكلات العمالة المنزلية، والغريب في الأمر أن السفارات لا تتجه إلى تلك اللجان، وإنما تتجه إلى مكاتب الاستقدام، وتقوم بايقاف عقود المكاتب، وعلى الرغم من ذلك التمس العذر لهذه السفارات؛ لأن من حقها حماية مواطنيها ولست معترضة على ذلك كون اعتراضي يكمن في عملية تخطي هذه السفارات لأنظمة دولتنا وأنظمة وزارة العمل، وأن مسؤولي هذه السفارات لا يتجهون إلى الطرق السليمة بل يتجهون الى ممارسة الضغط على صاحب مكتب الاستقدام بأن يحل المشكلة وإلاّ سيتم وقف التعامل معه ووقف العقود، مبينةً أنه قد يتوقفون عن القيام بأعمالهم لعدة أسابيع وشهور، بل ولا يقبل من المكتب أي عقد، وعندما يتجهون إلى السفارة ويسألون: لماذا تم ايقاف التعاقد، تطلب منهم السفارة بأن يحلوا القضية، مما يجبرهم على رفع القضية إلى أقسام الشرط والامارات لاحضار صاحب العمل، ولكن للأسف لا يستطيعون احضار العميل أو صاحب المشكلة، إذن المشكلة منحصرة في عملية حماية الحقوق للعمالة، مشيرةً إلى أنه نتيجة لما يواجهونه من ايقافات من السفارات يقعون في مشكلة تراكم العقود، مما يؤدي إلى أزمة في إجراءات استقدام العمالة من حيث التأخير على العمالة، لتضطر بعض السفارات إلى تقليص عدد العقود فمثلاً كنا نحصل على (50) عقداً من الفلبين خلال أسبوع، أصبحنا الآن نحصل على سبعة عقود فقط، والهدف من ذلك هو حفظ حقوق العمالة الفلبينية.
شركة استشارية
وطرح الزميل سالم الغامدي سؤالاً: دائماً ما يشتكي المواطن من الشروط التي تفرض عليه من الدول المصدرة للعمالة، ونرى أيضاً أن المكاتب تغالي في عملية الاستقدام، وقد تكون هذه المغالاة بسبب ظروفها وما تعانيه من الطرف الآخر كالسفارات وغيرها، وخير مثال على ذلك العمالة الفلبينية التي وصلت إلى مبالغ خيالية وبشروط تعجيزية للمواطن، كيف يتم التعامل مع هذه المشكلة؟
وأجاب محمد الشارخ: إننا نتفق جميعاً أن هناك مبالغة في الأسعار ونحن في وزارة العمل قمنا بتعيين إحدى الشركات الاستشارية – بيت خبرة – لدراسة ما يحدث ودراسة دورة إرسال العمالة بدءاً من طلب المواطن للعمالة إلى أن يصل العامل إلى المملكة ثم يعود إلى بلاده، وكانت الدراسة موجهة إلى سبع دول وخرجت الشركة لنا بحوالي (15) مشكلة، وجزء منها داخلية والجزء الأكبر خارجية، مضيفاً أن ال(15) مشكلة تضم الوسطاء الذين وجدو أنهم يأخذون مبالغ دون إضافة شيء إلى هذا الملف، وهؤلاء ليست لهم مكاتب، بل إنهم يتعاملون مع أصحاب المكاتب، متسائلاً: لماذا لا تقوم هذه المكاتب بعملها دون وسيط وتذهب إلى الدول المرسلة للعمالة، مبيناً أن قرار الوزارة ينص على ألاّ يتجاوز سقف الاستقدام (60) يوماً، وقد اجتمعوا مع الدول المرسلة للعمالة ليتعرفوا منهم على المشكلة ووصلوا معهم الى أن مدة الاستقدام تتراوح ما بين (40 – 45) يوماً فقط، متسائلاً مرةً أخرى: لماذا إذاً ننتظر ستة أشهر أو ثمانية أشهر في بعض الحالات، الجواب هو أن بعض مكاتب الاستقدام لا تقوم بأي إجراء قبل التعاقد مع العميل، مشيراً إلى أنهم في الوزارة طلبوا من المكاتب أن يقوم أحد مندوبيها بتجهيز العمالة في بلادها وإجراء دورات تدريبية لها واكمال اجراءات الفحص الطبي، وذلك قبل التعاقد مع المواطن، وأن هذا الإجراء لم نخترعه، بل هو إجراء موجود وتقوم به بعض المكاتب وبعض الشركات، متأسفاً على أن من يشكو من هذا الاجراء هو من يعمل بالطريقة التقليدية، متمنياً من بعض المكاتب تغيير طريقة عملها حتى يكون المنتج مختلفاً.
غياب الصلاحيات
وتداخلت دولت باداوود قائلةً: من أجل أن أقوم بتوقيع عقود أحتاج إلى زمن، وعندما يتم التوقيع أجد أن العمالة ترفض العمل بسبب أن مدة العقد أخذت وقتاً طويلاً، أيضاً ذكرت أن مكاتب ارسال العمالة في تلك الدول لا يأخذون مبالغ، بل العكس أن تلك المكاتب تأخذ مبالغ خاصةً عندما يتعلق الأمر بالعمالة المنزلية، مضيفةً أنه فيما يتعلق بالتدريب هناك وإجراء الكشوفات الطبية فإن هذه الاجراءات ليس من حقي أن اقوم بها، وإنما هذا هو دور مكاتب ارسال العمالة في تلك الدول، وإنما المطلوب مني أن أتعاقد مع مكتب هناك، مبينةً أن المكتب بدوره لا يقوم بشيء إلاّ اذا استلم التأشيرة حتى يقوم بتجهيز العمالة، متأسفةً على أن وزارة العمل تطلب المستحيل؛ لأن ليس من حقي استلام الجواز ولا مقابلة العاملين والعاملات، وإذا تم اكتشاف صاحب مكتب استقدام يحمل جوازات ومعه عمالة يتعرض للعديد من العقوبات، مشيرةً إلى أنهم في مكاتب الاستقدام قاموا بالعديد من المبادرات وتدريب العمالة في تلك الدول، وفتحوا العديد من المكاتب في دول الاستقدام، لكن خسروا مبالغ كثيرة في تلك المكاتب وفي مراكز التدريب التي أنشأوها خارج المملكة؛ لأنها توقفت بسبب عدم وجود صلاحيات، موضحة أن وزارة العمل تتحدث دون ادراك لواقع مكاتب الاستقدام ويطلبون العمل في دول الاستقدام دون أن تكون لديهم صلاحيات للقيام بذلك، ومكاتب الاستقدام ليس لها أي علاقة بأي إجراءات تتم في بلد الاستقدام.
وأوضحت دولت باداوود أن ليس لهم علاقة بالوسطاء في بلد الاستقدام، اذ ان هناك معلومات غير موجودة لدى المسؤولين في وزارة العمل عن مكاتب الاستقدام مبينةً أنهم حاولو إنشاء لجنة خاصة بالاستقدام إلاّ أن وزارة التجارة لم تبد استعدادها لذلك لذا فمكاتب الاستقدام تعمل بدون غطاء، مشيرةً إلى أنها طالبت لعقد اجتماع مع وزارة العمل لكن إلى الآن لم يتم.
د. ابن جمعة: الفجوة بين العرض والطلب كبيرة.. والاتفاقيات الثنائية مجحفة في حق المواطن
تغيير العادات
وعلق د. فهد بن جمعة على مداخلة دولت قائلا: إن العيب في أفراد المجتمع، وأسأل دائماً لماذا نحتاج إلى عمالة؟ ولماذا نجد زيادة في الطلب، ولماذا لا تصبح الأُسر السعودية عصامية حتى تعتمد على نفسها، مضيفاً: “لعلكم ترون الآن أن الدول بدأت في فرض شروطها، وافترضوا مثلاً أن الدول كلها رفضت اعطاءنا العمالة ماذا نعمل، مبيناً أن في الدول المتقدمة كأميركا وانجلترا وبعض الدول الأوروبية وهي قد تكون أغنى من المملكة ليس لديهم خادمات ولا سائق خاص، إذاً نحن مطالبون بتغيير عاداتنا وثقافاتنا حتى ننقذ وزارة العمل وننقذ المجتمع، ونحسن تعاملنا مع الدول، متأسفاً على أن لدينا أشخاص يسيئون للعمالة وآخرون لا يلتزمون بدفع الرواتب.
إصدار التأشيرات والاستثناء
وطرح الزميل صالح الحماد سؤالاً: هل صحيح أن وزارة العمل في بنغلاديش تشترط منح تأشيرة واحدة للعامل مقابل ثلاث تأشيرات نسائية؟
موشي: حريصون على توعية العمالة البنجلاديشية وتدريبها.. والعقود الجديدة تحفظ حقوق الأطراف
وأجاب غلام موشي قائلاً: أولاً أود أن أعلق على بعض المعوقات والمشكلات التي تواجه العمالة خاصةً تلك التي تحدثت عنها السيدة دولت باداوود، وفي اعتقادي أن هذه المشكلات تكون أحياناً من الحكومات، وذلك لعدم الاهتمام بحلها مثل المشكلات الصحية، حيث هناك عمالة يعانون من بعض المشكلات الصحية، وأنه لا يمنح التأشيرة إلاّ بعد موافقة البلد الطالب للعمالة ومطابقة الشروط المحددة من الدولة التي تطلب العمالة، مضيفاً أنه فيما يتعلق بأن كل ثلاث تأشيرات نسائية يقابلها تأشيرة واحدة رجالية فهذه الاتفاقية للأسف غير صحيحة، مبيناً أنه فيما يتعلق بموضوع منع التأشيرات الخاصة بالعمالة المهنية للشركات فمثلاً المدينة الاقتصادية في جازان تطلب من بنغلاديش توفير (30) ألف عامل، وأعتقد أن بنغلاديش على استعداد لتوفير هذا العدد من العمالة، لكن التأشيرة متوقفة من قبل الحكومة السعودية وبدون أسباب واضحة بالنسبة لنا.
وتداخل محمد الشارخ بقوله: بالفعل ما ذكره غلام موشي عن توقف إصدار التأشيرات من الحكومة السعودية، وإن شاء الله سيتم اصدار التأشيرات العمالية إلى بنغلاديش على مراحل محددة، مضيفاً أن الاستقدام في الأصل مفتوح من جميع الدول إلاّ تلك الدول التي يتم استثناؤها بقرار من وزارة العمل، وبالتالي فبامكان أي جهة الاستقدام من أي دولة سواء عمالة مهنية أو منزلية وأنه حسب الاحصائية التي لدينا فإننا نستقدم من (35) دولة عمالة منزلية.
خروج المكاتب الصغيرة من السوق
وتداخل الزميل صالح الحماد: إن دخول شركات الاستقدام في سوق العمل أدى إلى خروج المكاتب الصغيرة من السوق وبالرغم من ذلك نجد أن المواطن لم يستفد من دخول هذه الشركات بل تضرر من ذلك وإلاّ كيف يطلب منه دفع مبلغ (50) ألف ريال مقدماً؟
وتداخلت دولت باداوود وقالت: وزارة العمل عندما وافقت على إنشاء شركات للاستقدام ونحن نعلم أن هذه الشركات تكلفتها عالية، مما أدى إلى زيادة تكلفة الاستقدام على المواطن، متأسفةً على أن الوزارة لم تضع ذلك في حسابها، وعلّق محمد الشارخ بقوله: حقيقة لا أعلم كيف يكون للوزارة دور في إيقاف مكاتب الاستقدام وفي ذات الوقت هي التي ترخص لإنشاء مكاتب استقدام جديدة وشركات جديدة كذلك، مضيفاً أن الهدف من ذلك هو زيادة تنويع منتجات الاستقدام؛ لأن ذلك يعد مطلباً مهماً في سوق العمالة، مبيناً أن هناك مبالغة في الأسعار، ويعملون في الوزارة على وضع نظام لمحاربة المبالغة في أسعار العمال.
المفاوضات مع الجانب الاندونيسي
وعن العمالة المنزلية الأندونيسية الموجودة حالياً في المملكة وهل تنطبق عليها الاشتراطات الجديدة، قال ديدي أحمد: في الحقيقة إنه لم يتم توقيع أي عقود ملزمة بيننا وبين الحكومة السعودية لكي يتم تطبيقها على العمالة السابقة، أمّا عدد العمالة الموجودة الآن من الجنسية الاندونيسية هو (200) ألف عامل منزل وجميعهم وصلوا إلى المملكة قبل عام 2011م وأنهم جاءوا بعقود شخصية تم توقيعها في السفارة السعودية في اندونيسيا وهذه العقود تحفظ حقوقهم، وهي خاصة بين العمالة وبين الأفراد الذين يعملون معهم تحت إشراف السفارة الاندونيسية، ذاكراً أن الحكومة الاندونيسية لم تقم بتوقيع أي اتفاقيات وإنما الأمر مازال مقتصراً على المفاوضات فقط في مجال العمالة والاستقدام، ولم تتضح أي معايير لهذه المفاوضات، مشيراً إلى أن المفاوضات بدأت عام 2011م وما زالت مستمرة إلى أجل غير مسمى.
الحساب البنكي وحماية الأجور
وطرح الزميل عادل الحربي سؤالاً قال فيه: دائماً نسمع اتهاماً موجهاً على المفاوض السعودي أنه ضعيف في التفاوض، مما أدى إلى ضعف وزارة العمل، وأعتقد أن هذا الضعف نجم عن ضعف التشريعات السعودية فيما يخص العمالة المنزلية، كذلك نرى الحديث عن موضوع فتح حساب بنكي، إنني أرى ألاّ يكون ذلك ضمن شروط التفاوض؛ لأن المواطن إذا أراد أن يستقدم عاملة فهو أصلاً ملزم بعقد العمل الذي يشتمل على كل الشروط.
وأجاب الشارخ: في الحقيقة أن المطلع على فحوى الاتفاقيات يجد أن معظم بنودها تعكس أنظمة ومبادرات تقوم بها وزارة العمل، وهي أصلاً لوائح وأنظمة تابعة لمجلس الوزراء، مضيفاً أن فتح حساب بنكي يُعد بنداً موجوداً في الاتفاقية، وهذا البند جزء من مبادرة تقوم بها الوزارة وفقاً لقرار مجلس الوزراء بأن يتم فتح حسابات بنكية لجميع العاملين في القطاع الخاص، مبيناً أنه بدأت الوزارة منذ عامين بوضع برنامج يسمح بفتح حسابات بنكية لجميع العاملين في القطاع الخاص بما فيهم السعوديون، وليس الأجانب فقط، وقد بدأ هذا البرنامج على مراحل، أولاً: مع الشركات التي يعمل فيها ما يزيد على (5000) عامل، ثم مع الشركات التي فيها (4000) عامل أو يزيد، ثم (3000) و(2000) عامل، ذاكراً أنه خلال الشهر الماضي استطعنا أن الوصول إلى الشركات التي يعمل فيها حوالي (150) عاملا وما شابه ذلك.
وأشار إلى أنه ليس من الممكن أن نلزم ثمانية ملايين عامل بفتح حسابات؛ لأن البنوك لن تستطيع استيعاب هذا العدد، وإنما سيتم الأمر بشكل تدريجي، وهذا النظام يسمى نظام حماية الأجور، وكما نحرص على حماية أجور السعوديين كذلك نحرص على حماية أجور العامل الأجنبي الذي يعمل جنباً إلى جنب مع السعودي بغض النظر عن الجنسية وطبيعة أو نوع الشركة، لكن بالرغم من ذلك لم يتم فرض ذلك على العمالة المنزلية وإن شاء الله خلال نهاية هذا العام أو بداية العام القادم نكون قد فرضنا هذا البرنامج على العمالة المنزلية.
تجاوز الأنظمة
وتساءل الزميل سالم الغامدي: هل من الممكن أن أصل إلى المنامة أو دبي للحصول على العامل أو الخادمة دون أن أحصل على تصريح أو موافقة وزارة العمل، وأجاب الشارخ: هذا ليس من اختصاصات وزارة العمل؛ لأن هذا العمل مشترك بيننا وبين وزارة الخارجية، وأنتم تعلمون أن عملية إرسال عمالة عن طريق دولة أخرى يدخل في مفهوم “الاتجار بالبشر”، وبالتالي نحن لسنا بحاجة إلى السير في هذا الطريق، متسائلاً: لماذا نقحم المملكة في إشكالات هي في غنى عنها، مؤكداً أن مواقفها في المحافل جيدة ومقدرة، وأننا لسنا بحاجة إلى خرق الأنظمة لمجرد الحاجة إلى عمالة يمكن الحصول عليها بطرق سليمة وصحيحة، ذاكراً أن مصلحة الوطن العليا تقتضي بأن نبتعد عن مثل هذا الإجراء؛ لأن هناك إن شاء الله توافقا بيننا وبين الدول المرسلة.
«الاتفاقيات الثنائية» تحمي الجميع
أكد محمد الشارخ في تعليقه على الاتفاقيات الثنائية الحكومية بين المملكة ودول الاستقدام ومدى حفظها لحقوق المواطن، على أن الاتفاق جزء من ثلاثة أُطر حمائية تعمل عليها وزارة العمل في المملكة، وقال: يجب أن نعلم أن الاتفاقيات لا تحمي فقط حقوق المواطن، بل يجب أن تحمي حقوق صاحب العمل كذلك، مبيناً أن دورهم هو حماية الضيف قبل أنفسهم؛ لأن هؤلاء العمالة هم في الأساس ضيوف المملكة مهما اختلفت مهاراتهم ومهنهم وواجب علينا حمايتهم وفي ذات الوقت واجب عليهم حماية المواطن.
وأضاف: الاتفاقيات يجب ألاّ تغلب مصلحة طرف على آخر؛ لأن هدفنا الرئيسي منها حماية العلاقة التعاقدية، وأن الأطراف الستة (صاحب العمل والعامل ومكتب الإرسال ومكتب الاستقبال والحكومة المرسلة والحكومة المستقبلة) تحتاج إلى حماية، وفي حال اخفاق طرف من هذه الأطراف الستة فإن البقية ستخفق، لذلك نحرص على ضمان نجاح الملف بشكل كامل، أما فيما يتعلق بحماية حقوق المواطن فإننا نعمل ضمن ثلاثة أُطر حمائية وهي توقيع الاتفاقيات العامة مع الدول المرسلة للعمالة تضع بنوداً عريضة وشاملة تحفظ حق البلدين وتحفظ حق العمالة المرسلة وحق المواطن، وتحت هذا الاتفاق هناك إطار آخر وهو عقد اسمه العقد القياسي منبثق من الاتفاق أعلاه وتوجد داخل هذا الاتفاق القياسي الأمور الفنية التي لا نشير إليها في الاتفاقيات؛ لأن أي تغير لحرف واحد من الاتفاقية قد يتطلب الأمر عاماً أو عاماً ونصف، وبالتالي نعمل بنظام العقد القياسي الذي نعتبره المعيار الرئيسي، حيث نجد في الجوانب الفنية والبنود التفصيلية المتعلقة مثلاً بساعات العمل وأيام العمل والرواتب وبقية الأشياء التفصيلية التي تتغير حسب طبيعتها، وبالتالي لا نستطيع أن نضعها في الاتفاقية.
وأضاف: الإطار الحمائي الثالث الذي نعمل عليه هو لائحة تنظيم العمالة المنزلية الذي صدر بقرار مجلس الوزارة 1423ه وهذه الحالة وجدنا فيها العديد من الحقوق والواجبات على الطرفين وهما صاحب العمل والعمالة، إضافةً إلى الالتزامات العديدة على مكاتب وشركات الاستقدام، موضحاً أنه في حال النظر إلى إطار من هذه الأُطر الثلاثة قد يعتقد البعض أن الصورة غير مكتملة، لكن عند التدقيق في الملف يتساءل هل الملف يحمي حقوق المواطن صاحب العمل والعامل، مبيناً أن المطلوب النظر إلى الأُطر الثلاثة الحمائية الاتفاقيات العامة، العقد القياسي، ولائحة العمالة المنزلية.
الشركات لم تحل الأزمة..!
طالبت دولت باداوود في مداخلة لها خلال الندوة من وزارة العمل أن تتلمس الواقع الذي يعيشه أصحاب مكاتب الاستقدام، وما يعانونه من مشكلات مع العمالة والسفارات بدلاً من فرض القرارات عليهم -على حد وصفها-، مبينةً أن المشكلة ليست بين الشركات الخاصة بالاستقدام ومكاتب الاستقدام، فالكل يسعى إلى البحث عن رزقه، ذاكرةً أن المكاتب لها في السوق أكثر من (35) عاما، وليس من المنطق أن تقرر وزارة العمل فتح شركات للاستقدام لمجرد أن هناك مشكلات بين مكاتب الاستقدام والسفارات! وقالت: إن الشركات لم تستطع حل هذه الأزمة القائمة، على الرغم من وجود حوالي (17) شركة تعمل في مجال الاستقدام، موضحةً أن وزارة العمل صدقت تراخيص جديدة متخصصة في العمالة المنزلية، مؤكدةً على أن الحل ليس في إنشاء شركات متخصصة في العمالة المنزلية وإنما المشكلة تكمن في النظام ومعرفة ماذا تريد سفارات تلك الدول التي تصدر إلينا العمالة؟
وأضافت: الأمر الآخر وهو أمر في منتهى الغرابة وهو أن بعض السفارات تفرض بعض الشروط وللأسف تقبلها مباشرة وزارة العمل من خلال الاتفاقيات التي تم توقيعها مع تلك الدول، وخير مثال على ذلك الاتفاقية الهندية، متسائلةً: لماذا نقبل أن يدفع المواطن السعودي مبلغ (2000) دولار كتأمين للعمالة الهندية؟
وأشارت إلى أن وزارة العمل طلبت من مكاتب الاستقدام عدم استقدام الفئات غير المتعلمة من العمالة الهندية، ولكن لماذا تضع الوزارة مكاتب الاستقدام في هذا الموقف، ولماذا لا تتخذ قرارها وتضع الشروط أمام المسؤولين في الهند بعدم إرسال العمالة غير المتعلمة وحسم القضية من الأساس.
الشارخ: الملف معقّد لاشتراك ستة أطراف فيه.. وهدفنا تنويع خيارات الاستقدام أمام المواطن
350 مكتب استقدام و24 شركة
أكد محمد الشارخ على وجود قنوات اتصال مع الأطراف أصحاب العلاقة، واجتماعات دورية مع وزير العمل ومكاتب الاستقدام، موضحا أن أطراف العلاقة متعددون منهم المكاتب والشركات المرسلة للعمالة.
وقال: لدينا مجموعات على برنامج الواتساب، كما أن لدينا اجتماعات مع المسؤولين في وزارة الخارجية ووزراء مفوضين من وزارة الخارجية ومسؤولين من مجلس الشورى، فنحن على تواصل لمدة (24) ساعة في سبعة أيام دون توقف مع مكاتب الاستقدام وشركات الاستقدام، إضافةً إلى السفارات التي نجتمع معها في اجتماعات دورية، بل هناك لقاء سنوي برئاسة معالي الوزير مع جميع السفارات لمناقشة جميع البنود ذات العلاقة، إضافة إلى وجود اجتماعات دورية كذلك مع مسؤولين ومستشاري وسكرتاري سفارات بنغلاديش والهند وإندونيسيا، كما أن لدى الوزارة مجلس استشاري بينها وبين شركات الاستقدام لمناقشة الأمور والاشكالات التي تقع من حين إلى آخر.
وأضاف: إذا تحدثنا عن وجود حوالي (350) مكتبا للاستقدام و(24) شركة استقدام، إذاً القطاع الخاص مطالب بأن يقوم بتنظيم أوضاعه، خاصةً أن اللجنة الوطنية قدمت استقالتها، ونعلم أنها كانت تمثل القطاع، مشيرا إلى أن وزارة العمل لن تستطيع أن تقوم بجمع (350) مكتب استقدام، إضافةً إلى (24) شركة وتطلب منهم الاجتماع للاستماع إليهم جميعاً، وإنما الوزارة تأخذ الممثلين لهذه المكاتب والشركات من خلال مجموعة الواتساب؛ حيث إن لديهم في هذه المجموعة أكثر من (70) عضواً مشاركاً، ومن خلاله يسمعون آراء المكاتب والشركات.
ملف شائك ومتعدد الأطراف..!
أكد الزميل د. أحمد الجميعة أن وزارة العمل لها وجهة نظر تُحترم، وكذلك مكاتب الاستقدام، والسفارات لها وجهات نظر يجب كذلك احترامها، موضحاً أننا ارتكبنا أخطاء كثيرة في الماضي، وأصبحت هنالك تراكمات حسبت علينا، وهذه جزء من ثقافة المجتمع التي تشكلت منذ مدة، والآن نحن مع جيل جديد صاعد بدأنا نفهم ماذا تعني ثقافة حقوق الآخر، وكيف نتعامل معها، وكيف نحترم العقد.
وأضاف: هناك تطور ملموس في هذا الجانب؛ بسبب الحاجة أولاً، فنحن بلا شك محتاجون، وقد أثبتت التجارب بما لا يدع مجالاً للشك أننا في حاجة إلى العمالة أكثر من حاجتهم إلى العمل لدينا، والسبب الثاني: نجد أن ثقافة المجتمع خلال العشر الأعوام الماضية هي الحوار واحترام الآخر، وتبني الإرادة السياسية في المجتمع، وهذا الأمر أدى إلى تشكيل منظومة ثقافية داخل المجتمع في كيفية التعامل مع الحقوق، مؤكداً أننا لا نقلل من جهود وزارة العمل إطلاقاً؛ لأنها تبذل جهداً كبيراً في هذا الجانب، ونحتاج إلى أن نشترك معها في كثير من رؤاها، ونحن كذلك بحاجة إلى أن نستمع إلى آراء أصحاب المكاتب؛ لأنني أعتقد أن (350) مكتباً، و(24) شركة استقدام، و(45) مكتباً جديداً في طريقها للحصول على تراخيص العمل، كلها تحتاج إلى تكامل في الأدوار، وعقد لقاءات واجتماعات متواصلة من أجل تقريب كثير من وجهات النظر.
وأشار إلى أهمية تعزيز مسيرة العمل المشترك، إذ ليس من السهل إيجاد حلول عاجلة لملف شائك ومتعدد الأطراف ومختلف الرؤى والتوجهات، من دون أن تكون هناك حلقات متصلة لكي تصل في النهاية إلى خدمة هذا المستفيد، واثقاً أن وزارة العمل هي التي تؤدي الدور المحوري، ولن يُشكك إطلاقاً في دورها بل هي حريصة على مصلحة المواطن، وحريصة كذلك على مصلحة الوطن في علاقتها مع الآخر، متمنياً أن يكون كذلك لدى المواطن وعي ومسؤولية، وأن يدرك أن هذا العقد الذي وقع عليه هو التزام.
خصوصية المواطن«خط أحمر»..
أكد محمد الشارخ في اجابته على سؤاال عن عدد الاتفاقيات الموقعة بين المملكة وبين دول الاستقدام، أنه بعد التوقيع مؤخراً مع دولة تشاد بلغت عدد الاتفاقيات (10) اتفاقيات، وحول تغيير البنود الخاصة بالاتفاقيات بعد زيادة عددها، ووجود شروط تعجيزية فرضتها دولة الفلبين، كصك المنزل والسيرة الذاتية لربة المنزل، وهل اضطرت وزارة العمل على تغيير بعض البنود بعد توقيع الاتفاقيات الجديدة، أكد محمد الشارخ على أن أي معلومة تخص المواطن مباشرة هي خط أحمر، وأن المفاوضين هم شركاء الوزارة مثل وزارة الخارجية وسفارات المملكة في تلك الدول، لذا فإن المواضيع التي تتعلق بالمعلومات الخاصة بالمواطن السعودي وتحديداً المعلومات الدقيقة هي خط أحمر، ولن تقبل الوزارة في أي حال من الأحوال بهذه الشروط المحددة من دولة الفلبين، إضافةً إلى بعض الأمور المتعلقة بالقضاء وسيادة المملكة تعد كلها خط أحمر ولن نوافق على مناقشتها، مضيفاً أنه تم طرح هذه الشروط في بداية المفاوضات مع بعض الدول إلاّ أن ردنا كان قاطعاً وأوضحنا لهم موقف المملكة من مثل هذه التدخلات، بل ورفضنا رفضاً تاماً بعدم مناقشة مثل هذه البنود، وقد وجدنا تجاوباً وتفهماً من بعض الدول، مشيراً إلى أن دولاً أخرى ما زالت تشدد على إصرارها على مثل هذه البنود، وكذلك هناك دول لديها حساسية من مهنة العمالة المنزلية على اعتبارها خادمة أو سائق بينما العمالة المنزلية لدينا تشمل (12) مهنة.
وفيما يتعلق بأبرز المشكلات التي تواجه وزارة العمل عند جلوسها على طاولة المفاوضات مع دول الاستقدام، وأبرز نقاط الخلاف بينها وبين تلك الدول، قال الشارخ: في الحقيقة ليست هناك نقاط خلاف كثيرة وإنما أهم تلك الخلافات هي ما يتعلق بخصوصية المواطن وسيادة المملكة، والمشكلات تكمن في عملية الاتفاق وتوقيعه وأن تنفيذه يأخذ وقتاً طويلاً؛ لأن مثل هذه الاتفاقيات يجب أن تتم الموافقة عليها ودراستها من قبل مجلس الوزراء لدينا ومجلس الشورى عندنا، كذلك الحال عند الدول التي نستقدم منها العمالة يجب أن توافق حكوماتها ومجالسها الشرعية حتى تخرج الاتفاقية إلى حيز التنفيذ، مبيناً أنه في هذا الجانب لدينا تجربة جيدة مع دولة بنغلاديش، حيث إنها أول دولة يتم تطبيق النظام الالكتروني معها (100%)، وإن شاء الله في منتصف عام 2016م سيصلون إلى سبع دول في عملية تطبيق النظام الالكتروني، بحسب الرياض.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.