إسرائيل تحوّل أكبر مجمع طبي بغزة لمنشأة بدائية (تقرير)
غزة ، مينا – تسبب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف “مجمع الشفاء الطبي” بمدينة غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في تحويل المنشأة الصحية التي تعد الأكبر في قطاع غزة، إلى مركز يقدم رعاية أولية “بدائية” فقط، وأصبح ملجأ لمجموعات من النازحين.
ورصدت عدسة الأناضول وجود نازحين وصلوا في الفترة الأخيرة إلى المجمع، رغم الدمار الكبير الذي لحق به، هربا من القصف الإسرائيلي المكثف الذي استهدف مناطق نزوحهم الأولى.
كما وثقت الأناضول عمل الطواقم الطبية مع المصابين المتواجدين داخل المستشفى في ظل توافر الحد الأدنى من الإمكانيات وبشكل بدائي، بعد غياب المقومات الطبية الأساسية ومصادر الطاقة اللازمة لتشغيل المستشفى.
إلى جانب ذلك، كشفت عدسة الأناضول عن كارثة صحية تتهدد الجرحى المتبقين في المجمع، حيث أظهرت الصور تكدس النفايات والمخلفات الطبية في ساحة المستشفى وداخل بعض أقسامه، فيما وجدت القطط في هذه الأقسام ملجأ لها.
وفي 14 نوفمبر الماضي، اقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء، بعد حصاره لعدة أيام جرت خلالها اشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين في محيطه، فيما انسحب منه بعد مرور 10 أيام مخلفا دمار واسعا وعددا من القتلى والجرحى.
وخلال اقتحامه، نفذ الجيش عمليات تجريف وبحث وتمشيط واسعة داخل أقسام ومباني المستشفى وحديقته وموقف السيارات، فضلا عن تدمير أجزاء واسعة منه، ما أسفر عن مقتل عدد من النازحين والجرحى بداخله، وفق ما أوردته وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، آنذاك.
وحولت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء إلى هدف عسكري بذريعة أن حركة “حماس” تستخدمه في عملياتها، وهو ما نفته الحركة الفلسطينية، كما لم تتمكن القوات الإسرائيلية فيما بعد من إثبات ادعاءاتها بشكل يقنع الرأي العام العالمي.
رعاية بدائية
من جهته، قال متحدث وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة، إن مجمع الشفاء بعد الدمار الهائل الذي لحق به “بات يفتقد أي مقومات صحية، فضلا عن نفاد كميات الوقود المشغلة له”.
وأضاف للأناضول: “الآن يقدم هذا المجمع الرعاية الطبية البدائية واليدوية فقط، وهذا لا يكفي، نحتاج لتشغيله بشكل آمن وسليم حتى يتم إنقاذ حياة الجرحى والمرضى بداخله”.
وأوضح أن الطواقم الطبية تحاول إيجاد “نقطة طبية داخل المجمع لاستقبال الجرحى والمرضى والشهداء بدلا من إبقائهم في الطرقات”.
كما تحاول هذه الطواقم، بحسب القدرة، التواصل مع المؤسسات الأهلية والطبية من أجل “العمل على إعادة تشغيل المجمع بالشكل الذي يسمح له بإنقاذ حياة الجرحى والمرضى، لأنه أصبح الأمل الوحيد في منطقة شمال القطاع عقب استهداف كل المستشفيات فيها”.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف خلال اقتحامه للمجمع أقسام “الحضانة، والعنايات المركزة، والخدمات التشخيصية والمخبرية والعيادات الخارجية ومحطات الأوكسجين وآبار المياه”.
وفي السياق، فإن الهجوم الإسرائيلي تسبب بتدمير “أجزاء من أقسام الجراحة والطوارئ والولادة”، وفق القدرة.
واستكمل: “الآن النساء الحوامل في غزة ومنطقة الشمال لا يجدن مكانا للولادة، ويفقدن أرواحهن هن وأجنتهن بسبب هذه الأوضاع، فالأمل الوحيد أمامهن هو إعادة تشغيل المجمع”.
محاولات حثيثة
نوه القدرة إلى أن المجمع نجح في 27 نوفمبر الماضي، بتشغيل قسم غسيل الكلى لثلاثة أيام أسبوعيا، لكنه اعتبر هذه المدة “غير كافية”.
وأوضح قائلا: “نحن لا نستطيع تشغيله على مدار الأسبوع، بسبب غياب المقومات الصحية، والتشغيلية له”.
نقل المصابين
وأفادت مصادر طبية ومحلية، للأناضول أن الطواقم تعمل على نقل المصابين المتواجدين داخل المستشفى إلى مستشفيات جنوب القطاع؛ هذه المنطقة التي يصنفها الجيش الإسرائيلي “آمنة”، رغم أنها لم تسلم من الهجمات المكثفة والعشوائية من قبل القوات الإسرائيلية.
ولحمايتهم من الهجمات الإسرائيلية المكثفة على مناطق شمال القطاع، تعمل الطواقم الطبية في مستشفى الشفاء على نقل الجرحى وهم على أسرتهم، إلى ساحة المستشفى، تمهيدا لنقلهم إلى سيارات الإسعاف ومنها إلى جنوب القطاع.
أوضاع مأساوية
وعلى هذا النحو، قال شهود عيان للأناضول، إن الدمار والخراب الذي خلفه الجيش الإسرائيلي داخل المجمع “كبير جدا”.
وأفادت إحدى النازحات اللواتي وصلن إلى المجمع، ورفضت الكشف عن اسمها، بأنها وصلت إلى “الشفاء” قبل نحو يومين، بعد أن استهدف الجيش الإسرائيلي مدرسة الإيواء التي لجأت إليها في حي الدرج شرق مدينة غزة.
وأضافت للأناضول: “مكثت مدة شهرين داخل هذه المدرسة لكن الجيش الإسرائيلي استهدفها وأوقع عددا من الإصابات والشهداء بداخلها”.
ووصفت الأوضاع المعيشية والصحية داخل مجمع الشفاء بـ”المأساوية”، حيث لا يتوفر الطعام أو المياه أو العلاج.
وتابعت: “أطفالي مرضى ولم أجد العلاج الذي يناسب وضعهم الصحي، فيما نعاني من انقطاع كامل للمياه هنا”.
ومجمع الشفاء منشأة حكومية تعد أكبر مؤسسة خدمات طبية في القطاع، تأسست عام 1946، ويضم المشفى 3 عيادات متخصصة وهي “النساء والتوليد، والأمراض الباطنية، والجراحة”، فضلا عن قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة وبنك الدم.
ومنذ انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، كثف الجيش الإسرائيلي من الغارات على مناطق شمال ووسط القطاع في محاولة للسيطرة على ما يسميه “معاقل حماس”، كما استهدف منشآت تأوي نازحين ومستشفيات آخرها اقتحام مستشفى ” كمال عدوان” شمال القطاع.
ويتزامن ذلك مع اتساع رقعة المعارك البرية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر المقاومة الفلسطينية التي امتدت من شمال القطاع إلي مدينة خانيونس جنوبا، رافقها استهداف عدد من المباني والأحياء في مدينتي خانيونس ورفح جنوب القطاع، رغم مطالبة الجيش المواطنين بالنزوح إلى هذه المناطق بذريعة أنها “آمنة”.
وحتى 4 ديسمبر، قدرت الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، نزوح نحو 1.9 مليون شخص في أنحاء قطاع غزة منذ اندلاع الحرب، ما يعادل أكثر من 80 بالمئة من سكانه
ومنذ 7 أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء 18 ألفا و608 قتلى و50 ألفا و594 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر فلسطينية وأممية ، بحسب غزة .
وكالة مينا للأنباء