إندونيسيا، احتكاك العمل والسياسة في ظل اندلاع التوترات الدينية
جاكرتا (معراج) – أثارت الانتخابات التي خاضتها العاصمة الإندونيسية والتي أدت إلى اندلاع التوترات الدينية، الضوء على المشاعر المعادية للأجانب، حيث تدور نظريات المؤامرة حول تدفق العمال الصينيين غير الشرعيين الذين يحفزون اليقظة.
حقق الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين رقما قياسيا بلغ 2.67 مليار دولار في العام الماضي بعد أن أصدر الرئيس جوكو ويدودو السجادة الحمراء للمستثمرين الصينيين الذين يرغبون عادة في تحمل المخاطر على البنية التحتية والمشاريع الكبيرة الأخرى.ولكن التمويل الرخيص يأتي بسعر : غالبا ما تجلب الشركات الصينية عمالها وآلاتها، وتخلق الاحتكاك مع السكان المحليين، وفقا لمقابلات مع مجموعات العمل والمديرين التنفيذيين للشركات والمسؤولين الحكوميين.
وقال توماس ليمبونغ رئيس الاستثمار الاندونيسى إن “النزوة على العمال الأجانب” قد تسييس مما أدى إلى توتر حول استطلاع جاكرتا الذى يقوده باسوكى تاجاجا بورناما المسيحي العرقي الصيني ضد منافسه الإسلامي.
ويدعم بورناما حزب ويدودو الحاكم، وقال ليمبونج أن قضية المعادية للأجانب وخاصة المعادية للصين قد تسخر من قبل منافسي الحكومة.
وقال ليمبونغ لرويترز “إنها جزء من جهد أوسع لتحويل المشاعر السياسية ضد الأجانب ومناهضة للصين فى الوقت الذى يستعد فيه الاستثمار الصينى ليكون أكبر عامل يدفع الاقتصاد الأسيوى”.
ارتفع عدد حاملى تصاريح العمل الصينية بنسبة 30 فى المائة فى العامين الماضيين ليصل الى 21,271 فى عام 2016، وفقا لما اظهرته آخر البيانات الصادرة عن وزارة القوى العاملة الإندونيسية. وبالمقارنة، كان هناك 12,490 من اليابان و 2,812 من الولايات المتحدة في العام الماضي.
وفي حين تفاقمت هذه المسألة بتقارير مصدقة حول وسائل الإعلام الإجتماعية ادعت أن 10 ملايين عامل صيني غرقت إندونيسيا، لا تزال نقابات العمال تعارض الأرقام الرسمية.
وقال زعيم العمال السعيدى سعيد اقبال أن الشركات الصينية أساءت استخدام طريق خال من التأشيرات يهدف الى جلب “مئات الآلاف” من العمال الصينيين ذوي المهارات المنخفضة.
ومنذ فبراير الماضى يقوم اتحاد العمال الإندونيسي بجمع بيانات غير رسمية حول العمال الصينيين المشتبه فى عدم وجود وثائق صحيحة وطلبوا من وزارة القوى العاملة اتخاذ اجراء.
وقال إقبال لرويترز: “لا يمكن للعمالة المحلية غير الماهرة أن تعمل بسبب شغل الوظائف من قبل الصينيين”.
وقال ليكي سوتكنو، رئيس غرفة التجارة الإندونيسية فى بكين، أن بعض الشركات الصينية تجلب مؤقتا “عمالها الفنيين” الذين سيعودون إلى الصين بمجرد تسلم الفرق المحلية مهامها.
وقال سوتيكنو إن هؤلاء العمال قد يكون لديهم معرفة أفضل بالمنتجات والعمليات، على رأس أن يكون أسرع في تنفيذ خطوات مثل تركيب الآلات.
وفى أواخر العام الماضى، اوقف حوالى 150 طالبا جامعيا فى جزيرة سولاويزى، حيث يتم بناء العديد من المصاهر الصينية، السيارات التى يشتبه فى أنهم يحملون عمال صينيين غير شرعيين وقدموها الى السلطات.
وقال ايريك أحد الطلاب الذين رفضوا اعطاء اسمهم الكامل أن المجموعة خططت لمزيد من الغارات هذا العام.
واعترف مارولى هاسولوان المسئول بوزارة القوى العاملة ببعض الاحتكاك واليقظة فى العمل خلال الأشهر القليلة الماضية. وأضاف أنه فى الوقت الذى تقوم فيه الوزارة بالتنسيق مع السلطات الأخرى لمنع أي اعتداء على الدخول بدون تأشيرة فإنها لا تتغاضى عن حملة الاحتجاج ضد العمال الأجانب.
عانت إندونيسيا نوبات من المعادية للصين ومناهضة الشيوعية على مدى تاريخها، على الرغم من أن هذا كان عادة موجها إلى الأقلية الطائفة الصينية العرقية.
إن الصينيين الإندونيسيين أغنى بكثير من المجموعات الإثنية الأخرى. وخلال أعمال الشغب التي أدت إلى سقوط الرئيس سوهارتو في أيار / مايو 1998، استهدفت الصينيين العرقيين، مما أسفر عن مقتل نحو 000 1 شخص في أعمال العنف.
تم تقييد الثقافة واللغة الصينية بشدة، ولكن في الوقت نفسه زرع بعض رجال الأعمال الصينيين العرقية الذين أصبحوا أغنياء .
وقد شهدت العاصمة جاكرتا سلسلة من التجمعات الجماهيرية التى يقودها الاسلاميون والتى تدعو الى بورناما أول حاكم جاكرتا وصينى فى جاكرتا بالسجن حتى فى الوقت الذى تم فيه محاكمته بسبب ادعاءات بأنه أهان القرآن.
ويرفض بورناما، الذي يتنافس مع وزيرة التعليم السابق أنيس باسويدان، ما يعتبره النقاد رسوما مسيسة.
وفي حين أنه من السابق لأوانه تقييم ما إذا كان كل هذا يمكن أن يكون له تأثير على قرارات الاستثمارات الصينية، فإن بعض مجموعات الأعمال الصينية تقول أنها قلقة بشأن المزاج البغيض وأيضا حول احتمال فقدان زعيم مناسب للأعمال التجارية في جاكرتا.
العديد من الشركات الصينية تؤيد بورناما لقدرته على تنفيذ خطة إصلاح البنية التحتية في ويدودو، والتي تتماشى مع سياسة الرئيس الصيني شي جين بينغ “حزام واحد، طريق واحد” لاستثمار مليارات الدولارات في المشاريع العالمية.
وتشكل جاكرتا، التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، ما يقرب من خمس الناتج الاقتصادي الوطني، وهي موطن لمشاريع البناء الرئيسية بما في ذلك السكك الحديدية المدعومة من الصين التي تبلغ مساحتها 5 بلايين دولار والتي تربط العاصمة بمدينة باندونغ في جاوا الغربية.
كما عادت الحركة المناهضة لبورناما إلى إحياء الإضطرابات العرقية والدينية فى إندونيسيا التى تضم أكبر عدد من المسلمين فى العالم.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية
Comments: 0