إندونيسيا.. سمفونية الطبيعة الساحرة والشعب الدافئ

الثلاثاء 3 شعبان 1437/ 10ماي/آيار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

بقلم: سمر سامي السمارة

يقال إن روح المسافر تتأخر باللحاق به، لتبقى تحوم في المكان الذي فارقه.. هناك عند الصحب والأصدقاء تستأنس برائحتهم، وتتدفأ بذكراهم.

إنها إندونيسيا، فثمة ما يحيل ما في القلب من رهبة البعاد عن هذه الجنان المعلّقة إلى ألفة.. ربما هي الأماكن شرقية الوجد، أو أنه ذاك الجمال المذهل لهذه البلاد المذهلة، حيث تتآلف الطبيعة والنهضة العمرانية، والأكيد أنه هذا الشعب الطيب المكافح والمثابر، ففي هذه البلاد الخلابة يعرف الإندونيسيون أنهم حققوا الكثير ومازال عليهم تحقيق الكثير.

في غضون أعوام قليلة، بعد إعصار تسونامي الذي أطاح بواقع السياحة في البلاد، وتركها في خضم مأساة إنسانية، واجتماعية، واقتصادية تركت آثارها المدمرة على نواحي الحياة بلا استثناء، في بلد تعود ثلث قدراته الاقتصادية للسياحة، استطاعت الحكومة الإندونيسية أن تقف على أقدامها من جديد، وأن تثبت نفسها على الساحة الدولية كمقصد للسياحة في العالم يمكن ترتيبه على أصابع اليد الواحدة كأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.

والحق أن إندونيسيا تتمتع بكل ما يلزم من مقومات السياحة، وفي مقدمتها طبيعة جغرافية خلابة تفرض نفسها على كل من تطأ أقدامه أراضي جزر هذا الأرخبيل الساحر، والتي تزيد عن 17500جزيرة، وفي المقام الثاني تأتي التسهيلات والخدمات التي وفرتها الحكومة الإندونيسية للسياحة في بلادها من مطارات، ومرافئ، وفنادق، وطرقات، تؤلف كلها في المجمل أدواراً رئيسة في تسهيل حركة السياح واستضافتهم على الأراضي الإندونيسية، وفي المقام الثالث تأتي تلك البرامج الترويجية التي تعمل الحكومة على تفعيلها من خلال برامج لاستضافة الصحفيين والإعلاميين من مختلف أرجاء العالم للمساهمة في نقل هذه الصورة الخلابة للعالم كله.

اقرأ أيضا  يوسف كالا :أصبح التطرف من التحديات الأكبرى

لكن العامل الأهم في مقومات السياحة في إندونيسيا هو تلك الإنسانية التي يتمتع بها الشعب الإندونيسي، وهي تلفت أي زائر، بدءاً من التفاتات بسيطة وسخية، حتى إنك لا تشعر بأية غربة ولو كانت تلك هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدماك هذا البلد.

وقُدّر لي بأن أتلمس وأشاهد المقومات السابقة بنفسي، فعندما بدأت الطائرة في الهبوط، شعرت وكأنها تحط في حديقة أو بستان كبير، وأن المكان لا يمكن أن يكون في مدينة، فقد دُمجت عناصر البيئة والتراث المحلي في التصميم، بوجود الحدائق الاستوائية بين صالات الانتظار، والحدائق التي تلف المطار من كل جهة، وحين انطلقت بنا السيارة تشق الشوارع المكتظة باتجاه الفندق الذي سنقيم به، وبالرغم من ساعات السفر الطويلة لم أستطع أن أغمض عيني، حتى إنني لم أعرف كم استغرق الوقت للوصول إلى الفندق.

في العاصمة جاكرتا، المدينة الناشطة الراقية، يتعانق الشقان الروحي والمادي، فإلى جانب المساجد المهيبة تبدو المعالم السياحية والتاريخية المتنوعة تصل بينها شوارع واسعة تظللها أشجار وارفة، يكاد لا يقطع التآلف بين الشجرة والأخرى، إلا زهور سرقت من الألوان سحرها، ومبان قديمة تمتد بين الأشجار.

اقرأ أيضا  السعودية تفتح باب التسجيل لحجاج الداخل للحج المقبل في سبتمبر

من أبرز الأماكن التي زرناها – ضمن فريق إعلامي ضم صحفيين عرباً وأجانب – مراكز المؤتمرات التي تنعقد في مدن مثل العاصمة جاكرتا والعاصمة السياحية بالي، وهي مراكز تعتبر الوجهة الجديدة الناشئة في صناعة المعارض والمؤتمرات في إندونيسيا، حيث توفر مرونة لتسهيل مجموعة كاملة من الفعاليات التجارية الإضافية في الوقت نفسه، إلى الأعمال الأساسية للاجتماعات والمؤتمرات والمعارض.

أما جزيرة بالي، فهي جزيرة الجمال والسحر، وتعد من أجمل الجزر في العالم، ومن أفضل الوجهات السياحية للاستجمام، فالمناظر الطبيعية الجميلة والغابات الاستوائية الكثيفة والبحيرات والشلالات والأنهار والوديان العميقة ومدرجات الأرز الخلابة  تُشكل المشهد أينما تتجه في الجزيرة.

توجهنا إلى الفندق الذي يقع على مقربة من شاطئ كوتا الذي يعد من أهم الوجهات المعروفة في العالم أجمع للتمتع بحمامات الشمس والرياضات المائية، كركوب الأمواج، والاستمتاع بغروب الشمس والتسوق على طول طريق الشاطئ. بعد ذلك كان مقصدنا منتجع ويستن، على شاطئ رملي أبيض على الساحل الجنوبي لجزيرة بالي، وعلى بعد 10 كيلومترات من مطار بالي الدولي، ويقع المنتجع الفاخر، الذي يتجاوز كوجهة سياحية عالمية كل التوقعات، وهو من بين أفضل الأماكن في بالي، وواحد من أرقى مرافق الإقامة، ويُعتبر ملاذاً لكل من يريد تجديد وإنعاش حياته بتقديمه كل ما يحتاجه المرء، مضافاً إلى هذه الميزة قربه من أماكن الأنشطة التي توفر لقاصديه أماكن ترفيه وثقافة، إضافة إلى أماكن طبية ومكاتب حكومية، علاوة على قربه من كافة القنصليات الأوربية. وخلال جولة قصيرة في المنتجع، تمكنا من الخروج بمجموعة من الانطباعات التي فرضها الواقع المحيط، كتنظيمه بشكل حرفي ليتوافق مع المقاييس العالمية على أعلى مستوى، والخدمات التي يقدمها والتي ترقى إلى مستوى أعلى من خمسة نجوم.. في الحقيقة، لم تتح المدة القصيرة لزيارة الكثير من المعالم في ذلك البلد الساحر، إلا أن الرحلة إلى إندونيسيا التي تبعد آلاف الأميال عن سورية، تركت كل هذا الدفء بداخلي، ربما هي ألفة المكان، وسحره وأجواؤه، والأكيد تلك المعاملة الطيبة واللطف الذي تلقيناه من هذا الشعب الذي يشبه ما أعرفه عن بلادي وأبنائها.

اقرأ أيضا  إندونيسيا تقدم دعمها لإيطاليا لرئاسة مجموعة العشرين ولإعطاء الأولوية للناس والكوكب والازدهار

المصدر: المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.