إنصاف المرأة
الأحد2 جمادى الثانية1436//22 مارس/آذار 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ أبو الوفاء محمد درويش
إنصاف المرأة
لما اقتضت إرادة الله القدسية أن يجعل في الأرض خليفة؛ خلق آدم أول البشر، وصوره وركب فيه غرائزه. ولكن النفس الواحدة لا تضطلع وحدها بحفظ النوع، ودوام تسلسله إلى يوم الوقت المعلوم، ولا يتيسر لها أن تستجيب لدعاء الغريزة القوية القاهرة وتشعر شعورها، وتحس إحساسها،وتلبي داعي الغريزة مثلها، فجعل منها زوجها ليسكن إليها، فكانت المرأة الأولى أم الجنس البشري، وكانت من بعدها بناتها، وحفيداتها، ثم بناتهن وحفيداتهن.
وليس قسط المرأة في حفظ النوع دون قسط الرجل، وليس نصيبها في أداء هذه الرسالة السامية أقل من نصيبه.
ولكن الفطرة جعلت حظ الرجل من القوة فوق حظ المرأة، وجعلتها دونه شدة أسر، ومتانة عضل، واكتمال عقل؛ وأسبغت عليها من سحر الجاذبية، وفتنة الجمال، ورقة الشعور، ورخامة الصوت، وما يجعلها بغية الرجل، ومنتهى أمله، وما يغريه بالتماسها؛ ويدفعه إلى محاولة الظفر بها بكل ما يملك من الوسائل، فقهرها وغلبها على أمرها، واستبد بها،واستأثر دونها بالغلبة والسلطان.
يسكن إليها وينعم بقربها، ويستمتع بها، ويسعد بما تسبغه عليه من حنو وعطف ورحمة وحنان. ولكنه لا يعرف لها حقها؛ ولا يقر لها بشيء من الفضل.
ولقد أتى على المرأة حين من الدهر كانت لا تمتاز عند الرجل من دابته أو أثاث بيته. فما من شعب إلا كان ينظر إلى المرأة نظرة احتقار وازدراء، وما من أمة إلا كانت تراها دون الرجل منـزلة ومقامًا.
كان الرجل في الأمة العربية إذا بشر بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم،يتوارى من القوم من سوء ما بشر به: أيمسكه على هون أم يدسه في التراب؟
وقد طوعت لهم أنفسهم قتلها خشية الإملاق وحذر أن تشركهم في طعامهم، وهي لا تجدي عليهم خيرًا.
وكانوا يتوارثونها كما يتوارثون المتاع، فإذا مات الرجل وترك من خلفه زوجًا وله من غيرها ولد، فإنه يرث هذه الزوج كما يرث نصيبه من تركة أبيه.
وكان أبوها أو وليها يكرهها على الزواج بمن يشاء دون أن يكون لها الحق في أن تبدي اعتراضًا، ولو أنها امتنعت أو أظهرت شيئًا من الاعتراض لعد ذلك منها أمرًا إدًا وشيئًا نكرًا، وإثمًا عظيمًا ليس له عقاب إلا الموت.
وكان من حق الرجل أن يعضلها ويحول بينها وبين الزواج بغير سبب مشروع.
وكان له أن يضارها، فلا يطلقها ولا يعاشرها، بل يذرها كالمعلقة، ولم يكن لها نصير ينقذها من كل هذا الظلم الذي كان ينصب عليها وهي صاغرة مستسلمة.
وكانت في البيت كالخادم الذليل، تقوم بأشق الأعمال كالطحن والغزل والنسج، وتؤدي أعمال البيت كلها من تهيئة الطعام واللباس وتربية الطفل،وما سوى ذلك من الأعمال التي تأتيها وهي خاضعة ذلول.
ولقد بلغ الأمر ببعض الشعوب أن كانت ترى المرأة ليس لها روح خالدة،وأنها لن تبعث يوم يحشر الخلق ويقوم الناس لرب العالمين.
وكانت عند الموسرين بمثابة خادمة في بيت أبيها، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها كما يباع الرقيق.
وقد لبث ملوك النصارى وزعماؤهم يرغمون المرأة على التزوج ممن يشاءون من رعاياهم عدة قرون.
ولم يكن لها حق التصرف في مالها إلا بإذن زوجها، بل إن بعض الشرائع والقوانين كانت تجعل مال المرأة ملكًا لزوجها يتصرف فيه كما يشاء بغير معارض ولا منازع.
كل هذا وشر منه كانت تقاسيه المرأة وتحتمله وهي خانعة صبور؛ مقيمة على الخسف كما يقيم الأزلان، زاعمة أن الأقدار قد جعلت هذا قسطها من الحياة!
فماذا صنع الإسلام؟
ماذا صنع الإسلام بهذه البائسة الذليلة المغلوبة على أمرها؟
ماذا صنع الإسلام بهذه الضحية التي ضحى بها الرجل لطاغوت أثرته وجبروته وكبريائه؟
لا جرم أنه أنصفها كل الإنصاف، وأزال عنها كل حيف، وأخذ بضبعيها، وأناف بها على اليفاع، ووضع عنها إصرها والأغلال التي كانت عليها، وأخرجها من جحيم كانت ترسف في أصفاده وسلاسله، وتصلى سعيره، إلى فردوس تنعم في أفيائها، وتسعد في ظلالها، وتستمتع بروحها وريحانها ونعيمها.
استحياها الإسلام وأنجاها من الوأد والقتل؛ ومنع دمها أن يسفك بغير حق؛ فنعمت بالحياة كما ينعم الرجل، واستروحت النسيم كما يستروح،واستمتعت بالطيبات كما يستمتع، وعاشت كما يعيش: قال تعالى شأنه:﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].
وقال تبارك اسمه: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8 – 9].
وقرر لها حقوقًا تجعلها في أسمى منازل السعادة، وأرقى درجات الهناءة،إذ سوى بينها وبين الرجل في جميع الحقوق؛ وجعلها إنسانًا كاملًا لها ما للرجل، وعليها ما عليه، قال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228].
وهذه الدرجة التي منحت للرجال جعلتهم يتفانون في سبيل جمع المال للإنفاق على المرأة وترفيهها وإسعادها والذود عنها.
وسوى بينها وبين الرجل في التكاليف الشرعية بمثل ما طالبه به.
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
وأوجب عليها أن تتعلم ما يصح به إيمانها وعباداتها ومعاملاتها إذ هي مخاطبة بما خوطب به الرجل ومكلفة ما كلف.
ولا جرم أن صحة الإيمان تتوقف على النظر والتفكر في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء للوصول إلى اليقين بأن لهذه الكائنات خالقًا قديرًا عليمًا متصفًا بكل كمال، منـزهًا عن كل نقص.
قال خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”[1].
ولا جناح عليها أن تبلغ من العلم ما يمكنها من الفتوى، فقد ثبت أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم والفقيهات من نساء الصحابة تصدرن للفتوى،وكن قدوة حسنة للرجال والنساء.
ولا عليها أن تتعلم الكتابة والقراءة فقد تعلمت أم المؤمنين السيدة حفصة الكتابة وهي في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينهها عن ذلك.
جعل لها نصيب من الميراث سواء عليها أكانت أمًا أم بنتًا أم أختًا أم زوجًا،قال تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [سورة النساء: 11].
وقال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ﴾[النساء: 12].
سيقول السفهاء من الناس: أين الإنصاف وقد أعطيت نصف ما أعطي الرجل؟
قل: إنها أنصفت غاية الإنصاف ووضع عنها الحيف والغبن، فإن الرجل مطالب بالإنفاق عليها من غير أن يرزأها فتيلًا، إن كانت في حاجة إلى النفقة.فهل وراء هذا إنصاف إن كنتم تنصفون؟
جعلها حرة في اختيار الزوج الذي ترضاه، تسكن إليه وترى فيه فتى أحلامها، وبغية قلبها، ومنية نفسها؛ وأبطل كل زواج ترغم فيه المرأة على الاقتران بمن لا ترضى. ولم يجعل لأحد من الناس أيًا ما يكن أن يكرهها على الزواج بغير من تقبل، وفي هذا اعتراف بحق المرأة في الاختيار؛واحترام لعواطفها، وتقدير لشعورها، وصيانة لعفافها، وإبقاء على شرفها وكرامتها.
جعل للأم حق القيامة على أولادها إلى أن يبلغوا سنًا محدودة، فليس لأحد أن ينـزعهم منها، وفي هذا تقدير لعطفها وحسن رعايتها للطفل في هذا السن، إذ لا يمكن أن يظفر بهذا العطف في قلب رجل أو امرأة سواها.
أبقى على استقلالها بعد الزواج، واحتفظ بشخصيتها كاملة فلا تفنى في شخصية زوجها، بل تظل مستمتعة بها.
أباح لها أن تطلب الفرقة من زوجها إن كان معسرًا لا يجد ما ينفق عليها، أو كان مصابًا بأمراض منفرة لا يتسنى معها المتاع بالعشرة الصالحة، أو كان سيء الخلق يضارها، ويسيء عشرتها، أو كان به عيب من العيوب التي لا تطيب معها العشرة ولا تتم الألفة.
ونعمًا فعل الشارع الحكيم، فإن في إرغام المرأة على معاشرة رجل لا تطيق معاشرته دفعًا بها إلى هاوية الرذيلة أو إغراء باقتراف الجريمة.
جعل لها الحرية المطلقة في أن تتصرف في ثروتها جميع أنواع التصرف ما دامت عاقلة رشيدة، فلها أن تبيع، ولها أن ترهن، ولها أن تهب، ولها أن توصي، ولها أن تتصدق، وليس لأحد حق الرقابة عليها أو الهيمنة على تصرفاتها أو التعقيب لأعمالها إلا بالنصح والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أباح لها أن تتجر، وأن يكون رأس مالها وربحها خالصًا لها من دون الناس جميعًا لا يساهم فيها أب ولا أخ ولا زوج.
لم يكلفها الشارع الحكيم أن تقوم بشيء من العمل في دار زوجها دفعًا لما عسى أن يلحقها من ظلم الرجل وسوء معاملته أو تكليفها ما لا تطيق[2].
كلف الرجل أن يحسن معاشرتها، وأن يعاملها بالحسنى، وأن يبدي لها الحب والعطف والحنو، وأن يجنبها ما يسوأها أو يحزنها، وأن يكف عنها الأذى، وأن يحتمل أذاها، وأن يتلقى غضبها بالحلم، وإساءتها بالعفو. وأن يصبر نفسه معها، وأن يصطنع الأناة إن أحس في نفسه بغضًا لها.
قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].
وكان آخر ما تكلم به عليه الصلاة والسلام حتى تلجلج لسانه وقفى كلامه: “الله الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم، أخذتموهن بأمانة الله،واستحللتم فروجهن بكلمة الله”[3].
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾ [الطلاق: 6].
أوجب على الرجل إذا أراد أن يطلق زوجه ليستبدل زوجًا مكانها ألا يأخذ منها شيئًا ولو آتاها قنطارًا. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا *وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 20 – 21].
أوجب على الزوج أن ينفق على زوجه من خالص ماله ولو كانت تملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة. وجعل من حقها أن تطلب الانفراد بالمعيشة إن كان لزوجها أقارب لا ترضى عشرتهم.
ودعا الرجل إلى الالتجاء إلى التحكيم إن حدث بينه وبين زوجه شقاق قبل أن يلجأ إلى الطلاق. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].
أوجب على الزوج أن يعدل بين الأزواج إن اضطر لسبب مشروع يبيح له أن يتزوج أكثر من واحدة.
قال تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النساء:3].
وقال صلى الله عليه وسلم: “من كان له امرأتان ولم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل”[4].
هذا ما فعله الإسلام بالمرأة. فهل قدرت المرأة نعمة الله، ونعمة الإسلام عليها؟
هل حمدت لله وللإسلام هذا الجميل؟
هل شكرت لله وللإسلام هذا الفضل؟
هل رعت هذه النعمة حق رعايتها؟
إن نظرة لأعماق النساء في العالم الإسلامي كله تجعلنا نحكم بأنهن بعيدات عن الشكر، منكرات للفضل، جاحدات للجميل.
انظر إلى بنات الأسر الراقية في مصر، واحكم على مبلغ اعترافهن بفضل الإسلام.
فكر في هؤلاء اللاتي يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وانظر مقدار ما استمسكن به من أدب الإسلام.
فكر في هؤلاء اللاتي يرهقن أزواجهن بمطالب لا تغني عنهن شيئًا،واحكم على قدر شكرهن لنعمة الإسلام.
فكر في هؤلاء اللاتي يترفعن عن الصلاة والصيام ويرينهما من علامات التأخر والجمود والبعد عن المدنية وقل: أليس من الظلم الصارخ أن تحتسب هؤلاء على الإسلام؟
لقد أنصف الإسلام المرأة ولكنها أبت إلا أن تظلم نفسها.
أراد الإسلام أن يطهرها، ولكنها أبت إلا أن تتلوث!
ما هذه المخازي التي يندى لها وجه العفاف والفضيلة والشرف، والتي اقترفتها المرأة في بلاد الإسلام؟
ما هذه البيوت التي يضحى فيها بالعفاف والصون على مذبح التهتك والفجور بين أسماع المسلمين وأبصارهم، وما أصل البلاء فيها إلا المرأة التي تكفر بنعمة الإسلام والتي تستحق أن تكون حصب النار كما قال الصادق الأمين: “اطلعت على النار فإذا أكثر أهلها النساء”[5].
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
________________________________________
[1] رواه ابن ماجه (224).
[2] هذه المسألة فيها نظر. وفي الحديث:”والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها”.
[3] مسلم (1218).
[4] الدارمي: (2206).
[5] البخاري (3069)، ومسلم (2737).
المصدر:الألوكة