ابتلاء العلماء الصادقين والدعاة العاملين
الثلاثاء،24صفر1436الموافق16ديسمبر/كانون الأول2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. محمد أبو صعيليك
بعد أن عرضنا لأصناف المبتلين من أولياء الله الصالحين، بدءاً بالأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والتسليم
، وفي طليعتهم سيد الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وسلم، ثم عرضنا لنماذج أكابر أجرى الله تعالى عليهم سنة الابتلاء وقانون التمحيص، لذا نذكر للأخ القارئ نماذج وصور من ابتلاء هؤلاء الأكابر كما يلي:
1-محنة ابن عمر أيام الحجاج:
كان الصحابي الجليل عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ممن ابتلي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابتلاؤه أيام الأمويين، وأيام الحجاج بخاصة، وعند النظر في كتب التراجم والتاريخ نجد أن محنة ابن عمر وابتلاءه قد وقعت من خلال الوقائع التالية:
أ- لمز الحجاج له وغمزه:
فقد أرسل إليه الحجاج يقول: بلغني أنك طلبت الخلافة، وإن الخلافة لا تصلح لعيي ولا بخيل ولا غيور. فأرسل إليه ابن عمر رضي الله عنه جواباً يقول فيه: أما ما ذكرت من الخلافة أني طلبتها؛ فما طلبتها وما هي ببالي. وأما ما ذكرت من العي والغيرة؛ فإن من جمع كتاب الله فليس بعيي، ومن أدى زكاة ماله فليس ببخيل، وأما ما ذكرت من الغيرة؛ فإن أحق ما غرت فيه ولدي أن يشركني فيه غيري.
ب- مضايقة الحجاج له في حياته:
فقد ضايق الحجاج ابن عمر في حياته، وتسبب في وفاته، وضايقه في وصيته بعد وفاته.
وعن غلبة ابن عمر في وصيته؛ يقول نافع: لما حضرت ابن عمر الوفاة؛ أوصى ألا يدفن في الحرم، وأن يدفن خارجاً من الحرم، فغُلب، فدفن في الحرم، وصلّى عليه الحجاج.
ج- التسبب في وفاته:
فقد تسبب الحجاج في وفاة ابن عمر، وإليك الخبر التالي: قال مصعب الزبيري في كتاب نسب قريش: وكان شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فوقف معه بموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلّما حج، وكان كثير الحج، لا يفوته الحج في كل عام، فحجّ عام قتل ابن الزبير مع الحجاج بن يوسف، وكان عبدالملك كتب إلى الحجاج بن يوسف ألا يخالف عبدالله بن عمر في الحج، فأتاه ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم بن عبدالله، وصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجج في معصفرة، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب عليّ الماء. قال: فدخل، ثم خرج.
قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنّة فعجِّل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبدالله ليسمع ذلك منه، فقال عبدالله: صدق.
ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموضع بين يدي الحجاج، فأمر الحجاج مَنْ نَخَسَ به حتى نَفَرَت ناقته، فسَكَّنَها ابن عمر، ثم رَدّها إلى الموضع الذي كان يقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته فنُخِسَت، فنفَرَت بابن عمر، فسكَّنَها حتى سكنت، ثم ردّها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة يقال إنها مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة، لصق به ذلك الرجل، فأمَرَّ الحربة على رجله، وهي في غرز رَحْله، فمرض منها أياماً، فمات بمكة، فدُفن بها، وصلّى عليه الحجاج بن يوسف.
المصدر:السبيل