اغسل أرجاس قلبك بالندم والتوبة
الأربعاء 9 جمادى الأولى 1437//17 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أ. عاهد الخطيب
اغسل أرجاس قلبك بالندم والتوبة
من أقوال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ما ندِمتُ على سُكوتي مرَّة، ولكنِّي ندمتُ على الكلام مرارًا”.
أكثر ما يأتي النَّدم عقب الغضَب، فإن أردتَ أن تَشعر بالنَّدم، فاترُك لنفسك العنانَ لتقول ما شئتَ في ثورة غضبٍ عارمة، فالغضَب أشبه ما يكون بنوبة مؤقَّتة من جنونٍ، تَضرب العقلَ فتجعله يَغلي ويفور، وتشلُّ أركانَه ليذهل فيغيب عن الواقع، ويُجري على اللِّسان كلامًا جارحًا غير موزون، فيه من سوء القول ممَّا ليس في النفس بالضرورة؛ من أجْل ذلك حذَّرَنا رسولُنا الكريم بشدَّة من الغضَب، ونهانا عن ترْك أنفسنا فريسةً سهلة لهذا الشرِّ والبلاء المُبين، وكما أنَّ الغضب يَجلب النَّدَم، كذلك كثرة الكلام فيما لا يعني الإنسانَ قد تُوقِع صاحبها في الزَّلَل، فتقود للنَّتيجة نفسها، فليمسِك المرءُ لسانَه عندما لا يكون هناك حاجة ملحَّة للكلام.
إن كان النَّدم شعورًا مؤلمًا يؤرِّق نفْسَ صاحبه على الدوام، فالباب مَفتوح أمامنا لنحوِّل ألَمَنا إلى توبة، ونجعل من هذا النَّدم أداةً نَغسل بها قلوبَنا؛ لنطهِّرها من كل رِجس، وننقِّيها كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنس، فتعود بيضاء ناصِعة مثل قلوب الأطفال، فيخف شعورنا بالنَّدم وحرقته بفضلٍ من الله مع الزمن، بدلًا من الكِتمان والانطِواء على أنفسنا، وتركها لألَمها وعذابها يَنهشها بلا طائل؛ فالتوبةُ تُريح النَّفس وترفع عنها المعاناة، فيتحوَّل الشعور بالنَّدم لخطِّ دفاعٍ يَردع النفس عن العودة لارتكاب المعاصي والآثام.
النَّدم خصلة حَميدة، وشعور راقٍ يهذِّب النفس؛ لأنَّه لا يَشعر بندم حقيقي إلَّا إنسان يَخاف اللهَ، ويكمن الخيرُ في أعماقه، ومَن لا يَشعر بالنَّدم على عمل شائن اقترَفه في حقِّ ربِّه، ولا يتحرَّك فيه ضميرٌ على ظلمٍ لأحدٍ من العباد، فهو إنسانٌ ميت القلب، عديم الإحساس، فأنَّى له التوبة؟!
فلا تَبتئس من شعورك بالنَّدم، وسارِع بتصويب ما أنت عليه قادرٌ قبل فوات الأوان، وما لم يعُد بيدك إليه سَبيل، فوكِّل أمرَك به إلى الرَّحمن الرحيم.
-الألوكة-