اقتلوهم اقتصاديًّا بالمقاطعة
د. زهرة وهيب خدرج
الثلاثاء 15 جمادى الأولى 1437//22 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
قتلوا الأطفال والنساء والرجال دون رحمة، وهدموا البيوت فوق ساكنيها دون تردد، لم تثنهم صرخات الأطفال والنساء عن ارتكاب جرائمهم، بل استمروا في إراقة الدماء وادعوا أنهم يحققون أهدافهم وأنهم ينتصرون؛ ففي منظورهم الأعور ومقياسهم الأعوج كلما هدموا ودمروا أكثر تحقق نصرهم.
من يحمل السلاح يدافع عن نفسه وأهله ووطنه، ومن لا يملك السلاح ويصعب بل يستحيل أن يملكه فماذا يفعل؟، هل يقف متفرجًا على القتل والدمار باكيًا بدموع غزيرة، تقتله السلبية بندب حظه العَاثِر، ويتمنى أن يكون بيده شيء أي شيء يفعله ليرفع الظلم عن إخوانه في غزة؟
من يقل: “إني لا أمتلك أسلحة” فلا تصدقوه، لأن كلًّا منا يمتلك الكثير من الأسلحة التي يستطيع بها الدفاع عن فلسطين، وحماية غزة والقدس، بحيث يجعل كلًّا منا كل حياته مقاومة ودفاعًا عن دينه ووطنه، وسأتحدث هنا فقط عن أحد تلك الأسلحة سلاح المقاطعة الاقتصادية.
فأقل المطلوب من كلٍّ منا هو مقاطعة جميع منتجات الكيان المحتل، مهما كانت: دواء، وغذاء، وملابس، ومواد تنظيف، وأجهزة، وأسمدة ومبيدات زراعية (…) إلخ؛ فمقاطعة بضائع الكيان المحتل سلاح فتاك يقتل اقتصاده، خاصة مع الواقع الذي يتحدث عن رواج البضائع الإسرائيلية في أسواقنا الفلسطينية والعربية والعالمية بوجه عام، وهناك إحصائيات ترصد أرقامًا مذهلة بذلك؛ فالتصدير الإسرائيلي للسوق الفلسطينية يصل إلى نحو 3 مليارات دولار سنويًّا، وتأتي السوق الفلسطينية في المرتبة الثانية في استهلاكها للمنتجات الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة، ما يعني أن جيش الاحتلال الذي يحصل على نصيب الأسد من ميزانية الكيان المحتل هو الأكثر انتفاعًا من تسويق البضائع والمنتجات الإسرائيلية في وطننا المحتل، فعند شرائنا واستهلاكنا للبضائع الإسرائيلية نعمد بغير قصد إلى تغذية ميزانية الجيش، التي يستعملها لشراء الأسلحة والمعدات الحربية ليفتك بنا ويدمر بيوتنا ومدننا وقرانا بها.
ولنأخذ مثلًا على ذلك الطحين؛ فلدينا مطاحن فلسطينية تطحن القمح وتنتج منه الطحين الذي لا يستطيع أحد الاستغناء عنه، ومع ذلك تعج الأسواق والمخابز الفلسطينية بالطحين المنتج في كيان الاحتلال، واللوم هنا يقع على المستوردين الذين يستوردون هذه المنتجات الإسرائيلية، ويروجونها أحيانًا بسعر يقل قليلًا عن سعر المنتجات الوطنية في أسواقنا، فيعمد المستهلكون إلى شرائها لأن ذلك من عادة المستهلكين، فينتعش اقتصاد المحتلين وتغنى ميزانياتهم.
أما المنتجون في بلادنا فيستطيعون مقاومة المحتل بتحسين منتجاتهم وخفض أسعارها لتتفوق على منتجات الاحتلال؛ فتزيد رغبة المستهلكين في شرائها، بل سيفضلونها على منتجات الاحتلال.
أضف هذه المعلومة المهمة إلى معلوماتك: يوجد في المصانع الإسرائيلية خطا إنتاج، أحدهما ينتج بضائع تخضع لشروط ومواصفات صحية تفرضها وزارتا الصحة والاقتصاد في حكومة الاحتلال، تسوق داخل أراضي الـ(48) للإسرائيليين وتصدر للدول الأوروبية وأمريكا، وخط الإنتاج الثاني لا يخضع لشروط أو مواصفات صحية، وهذه البضائع تسوق داخل أراضي السلطة الفلسطينية، دون رقابة أو فحوصات للتحقق من سلامة المنتج للاستهلاك البشري.
ومعلومة أخرى لك: بعض المنتجات الغذائية التي تنتج داخل المصانع والمزارع الإسرائيلية لا تستوفي الشروط الصحية، فتصدر وزارتا الصحة والاقتصاد قرارات بإتلاف الكميات المنتجة، وهناك ضرائب على الإتلاف تفرضها وزارة الاقتصاد، فبدلًا من أن تتخلص المصانع من تلك الكميات تسوقها داخل أراضي السلطة بسعر المنتج العادي، وفي بعض الحالات يبيعونها للمستوردين بسعر يقل قليلًا عن سعر المنتج العادي، فيسوقها المستوردون بالسعر العادي والمعروف، وما يشجع هذه الممارسات غير الأخلاقية هو غياب الرقابة والفحوصات المخبرية العشوائية للمنتجات التي تباع في الأسواق، وتضر بصحة المواطن وتسبب له السرطان والأمراض الأخرى من حيث لا يدري.
المصدر : فلسطين أون لاين