الإسراء والمعراج
الأربعاء،4 رجب 1436//22 أبريل/نيسان 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
لقد جرت عادة المسلمين منذ قرون أن يجعلوا من ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من كل عام هجري مناسبة كريمة يحتفون فيها برسول الله محمد– صلى الله عليه وسلم– وما أكرمه الله– عز وجل- في هذه الليلة من أنه نقله بوسائل ليست أرضية من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في فلسطين وجمع له الأنبياء والمرسلين جميعًا، وكان إمامًا بالأنبياء ورفع مقامه ورفعه إلى الملأ الأعلى وأراه من الآيات ما أراه {لقد رأى من آياتِ ربهِ الكُبرى}.
بل أكثر من ذلك، فقد وصل إلى مستوى أعلى من مستوى أي ملك، بل أعلى من مستوى جبريل نفسه- عليه السلام- فقد سجد صلى الله عليه وسلم تحت العرش وكلمه رب العزة وجاءنا بخيري الدنيا والآخرة.
ويستغل عادة المسلمين هذه الفرصة ليذكّروا غيرهم وليذكّروا أنفسهم بهذا الفضل وهذا التكريم الإلهي للنبي محمد- صلى الله عليه سلم- وإن كان الإسراء والمعراج لم يقع في شهر رجب، على وجه التحديد.
ولم يأت الإسراء والمعراج للحبيب محمد– صلى الله عليه وسلم– والأرض مفروشة بالورود والرياحين والحرير، بل كانت مكة على أشدها، والمحن والشدائد على أشدّها, حتى وصلت به الحال إلى أن يمشي إلى الطائف ليكلّم الناس ويقول أعطوا الفرصة للضعفاء ليسمعوا كلمة الله، لا تحولوا بينهم وبين أن يختاروا ما يشاءون فكلموه كلامًا قاسيًا وشديدًا.
قال أحدهم أنا لا أكلمك أبدًا، فإن كنت نبيًّا حقًّا فلا بد أن تكون ملكًا، لأنهم كانوا يعتقدون منذ القديم أن النبي لابد أن يكون ملكًا، فإن كنت نبيًّا حقًّا فأنت ملك، وإن كنت ملكًا فحري ألا تكلم مثلي، كيف لملك أن يكلم إنسانًا مثلي تائه عقله وضال؟ وإن لم تكن نبيًّا حقًّا فأنت كاذب ولا ينبغي لمثلي أن يكلم كاذبًا، إذا أنا لا أكلمك أبدًا.
كذلك يوم ثقيف جاء محمد– صلى الله عليه وسلم– ليدخل مكة، فمنع من الدخول ولم يدخلها إلا في جوار رجل مشرك، ولم يبال الرسول بالشتائم والسب والإيذاء، إنما الذي آلمَه هو منعه من دخول مكة! مكة التي ولد وعاش حياته فيها، فعندما بعث ليدعو الناس إلى الله والتوحيد يمنع من دخولها ولا يدخلها إلا في جوار رجل مشرك، ثم تموت زوجته خديجة- رضي الله عنها- وقد كانت تخفف بعض الشيء عنه، ويموت عمّه أبوطالب، ونفر من أصحابه غرباء في بلاد الحبشة.
في هذا الجو المظلم والملبد بالغيوم جاء الملكان جبريل وميكائيل للنبي عليه الصلاة والسلام، وقالا هلمّ لتلقى ربك! قال وكيف أصعد إلى ربي؟ سبحان الله!.. وسيلة المواصلات كانت دابة اسمها البراق.
ولما جاء الرسول– صلى الله عليه وسلم– ليركب الدابة هاجت وماجت وأبَت أن يركب الرسول عليها، فنظر جبريل إلى البراق وقال له أمع محمد تصنع هذا؟! فتصببت الدابة عرقًا، ووقفت مكانها حتى ركبها الرسول– عليه الصلاة والسلام.. إن الإسراء والمعراج من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي أعجزت أعداء الله في كل وقت وكل حين، وما كانت مكة الا رمزًا للإسلام، وما كان بيت المقدس إلا رمزًا لحال المسلمين اليوم.
-البشرى-