الإسلام دين العفة والطهارة
الأحد 20 جمادى الأولى 1437//28 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
الإسلام دين العفة والطهارة
أولًا: معايير اختيار الزوجين في الإسلام: لا أستطيع أن أصف سعادتي عند حضور عقد قران مسلم، وأنا أسمع ولي أمر الزوجة يقول: “زوجتك ابنتي فلانة” البنت البكر على كتاب الله وسنة نبيه.. إلخ، لماذا تلك السعادة تغمرني؟ لأن الإسلام أعلى من شأن شرف المرأة، حتى صارت بكارتها عَلمًا يُحتفل به، ولا تختفي من مخيلتي في أثناء دراستي للدكتوراة في الغربة منظر عروس وعريس في ثياب عرس ترتدي فيه العروس فستان الزفاف، وقد تضخمت وانتفخت البطن؛ ليفصح عن امرأة حامل تزف في ثياب عرس، حينئذ وجدت نفسي أهتف فرحًا مرددًا “الحمد لله الذي جعلني من المسلمين”، فعند المسلمين يأتي الولد بعد الزواج لا قبله، وتعالَوا بنا نقف مع سنة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وهديه في اختيار الزوج والزوجة، وقبل ذلك نستمع إلى قول الحق – تبارك وتعالي -: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]. “الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة”، هكذا علَّمنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن الخير في صلاح المرأة، وكما قال ربُّنا في كتابه العزيز: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]، وفي حديث واحد للرسول – صلى الله عليه وسلم – يحدد الإسلام معايير اختيار الزوجة الصالحة؛ حيث يقول: “تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها، ولجمالها ودينها؛ فاظفر بذات الدين تَرِبت يداك”.
وذات الدين محتشمة، أنيقة في غير ابتذال، رقيقة في غير خنوع، مَرِحة في غير انفتاح، مدبرة في غير تبذير، ولا تقتير، فدينها يجعلها في الوسط؛ إن رفعت صوتها كانت غير خاضعة في قولها؛ حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، وإن مشت اعتدلت في مِشيتها بغير تمايُل ولا ضرب في الأرض، إن سمعت وعت، وإن تكلمت صدقت، جمالها لزوجها، مقصورة على زوجها، إن غاب عنها حفظته في ماله وفي نفسها.
بإيجاز هي زوجة متدينة تقية، تعرف حدود الله في فعلها وقولها، وكم من جميلات أفسدهنَّ الجمال بعيدًا عن الدين، ومن كان معياره في اختيار الزوجة الجمال وفقط، فسيظل ذليلاً لذلك الجمال الخاوي من الروح، ومع ذلك فالجمال يزول، ومن كان معياره في اختيار الزوجة الحسب وفقط، فسيظل وضيعًا، ومهما قلتُ، فلن أعبر عن سوء الاختيار بأفضل ما نطق به من أُوتِي جوامع الكلم وخير المعاني؛ فعن أنس أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من تزوَّج امرأة لعزِّها، لم يزده الله إلا ذلاًّ، ومن تزوَّجها لمالها، لم يزده الله إلا فقرًا، ومن تزوجها لحسَبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره، ويُحصِّن فرجه، أو ليصل رحمه، بارك الله له فيها، وبارك لها فيه”.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد عريض”.
وتستوقفني في حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – كلمتي “من ترضون”، فالدين هو الدين في أصله وفروعه، أما الذي يحتاج إلى مراجعة، فهو طريقه تديُّن الرجل، فلربما كان مصليًا صائمًا مزكيًا، ولكنه فظٌّ غليظ في تعامُله مع الناس، وذلك من سوء الخلق، ومن ثَمَّ يجب أن يسأل أهل الفتاة إذا تقدم لها من يرغب في الزواج عن مدخله ومخرجه، وصمته ونُطقه، وتعامله مع الناس؛ ليعرفوا مكارم الأخلاق عنده، وربما كانت كلمات يسيرة مفتاح لقبول الزوج، كأن يقال في حقه: “إنه رجل بمعنى الكلمة”، ولكي يكون رجلًا يجب أن يكون متدينًا ذا خلق في حدود الشرع وقبول العُرف؛ يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، ويقول تعالى على لسان زكريا – عليه السلام -: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].
ولن يتأتَّى صلاح الذرية إلا بصلاح المنبع الأب والأم، ولذا كان أهم شيء في بناء البيت المسلم حسن الاختيار، وفي سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – حديث من خمس كلمات فقط أشادت إلى علم الوراثة الحديث؛ يقول – عليه الصلاة وأزكى السلام -: “تخيَّروا لنُطَفكم، فإن العرق دسَّاس”.
خير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – وهديه في هذا الحديث سبق اكتشاف علماء الوراثة؛ فقد أشار – صلى الله عليه وسلم – إلى تأثير العامل الوراثي الكامن الذي أكَّدته بحوث الوراثة الحديثة، ويتضح تفصيل ذلك الحديث في حديث آخر رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وفيه: أن رجلًا من بني فَزارة جاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول له: ولدت امرأتي غلامًا أسود، وهو حينئذ يُعَرِّض بأن ينفيه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: “فما ألوانها؟” قال: حُمر، قال: “هل فيها من أوْرق”؟ قال: إن فيها لوُرْقًا، قال: “فأنَّى أتاها ذلك؟” قال: “عسى أن يكون نزعة، قال: “فهذا عسى أن يكون نزعة عرق”، ولم يُرَخص له الانتفاء منه، وبهذا يشير الرسول إلى تأثير العامل الوراثي الكامن، فهذا الفزاري جاءته امرأته بغلام أسود مع أنه هو وزوجته من البيض، ولكنهما أو أحدهما يحمل الصفات المتنحية، ومن ثَمَّ سوف تظهر تلك الصفة في بعض أولادهم، فجاء الغلام أسود اللون، فمن أدرى محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بمبادئ علم الوراثة التي لم تكتشف قوانينها إلا مع بداية عام 1868م على يد القس جريجور مندل؟! ولربما اطلع ذلك القس العالم المتفتح على حديث الرسول أو على آثاره من علم علماء المسلمين؛ ولهذا نرى أن دعوى الفحص الوراثي قبل الزواج ليس من ثمار العلم الحديث بقدر ما هو تحقيق وتطبيق لحديث: “تخيروا لنطفكم؛ فإن العرق دساس”؛ شريطة أن يتم الفحص على يد طبيب ثقة في نطاق حدود الشرع الإسلامي؛ حفظًا للعورات، وصونًا لعفة الرجل والمرأة على حد السواء؛ يقول – صلى الله عليه وسلم -: “عليكم بالأبكار؛ فإنهن أعذب أفواهًا، وأنتق أرحامًا، وأقل خبًّا، وأوصى باليسير”، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: “تزوَّجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة”.
ثانيًا: السكنى والمودة والرحمة: يقرر الإسلام أن المرأة والرجل نفس واحدة، ومنهما معًا يأتي النسل رجالاً ونساءً؛ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
والمرأة والرجل في الإسلام لباس واحد، بمعنى أن كلاًّ منهما ستر وغطاء للآخر؛ يقول تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].
ومن ثَمَّ وجب على كل اختيار لباس حسن، وكان شعار الإسلام هو تحقيق المودة والرحمة بين الزوجين؛ يقول تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
ومن ثَمَّ على العقلاء تبني شعار الإسلام في بناء الأسرة شعار السكنى والمودة والرحمة، والأسرة في الإسلام ليست مجمعًا لأنانية رجل وامرأة، ولكنها تمثل استمرارية الجنس البشري؛ يقول تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72].
ثالثًا: المحارم في الإسلام: وكان الإسلام حريصًا على سمو العلاقات الإنسانية حينما حدد المحارم؛ حتى تظل الدائرة المحيطة بالمحارم خارج حدود الشهوات، وجاء التحريم محددًا في قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 23-24].
أيُّ تشريع هذا الذي يجعل دائرة المحرمات إكليلًا يحفظ للنفس البشرية سموها وعزَّتها، وتأنَف الفطرة الإنسانية من كسر تلك الدائرة النورانية، بل إن الحيوانات قد جُبِلت على احترام دائرة المحرمات، ونسمع كثيرًا أن أعلى معدلات الانتحار المرتفعة في العالم تحدث في أُمم تعد راقية بمقاييس البشر اليوم، وذلك بين من ينتهكون دائرة المحرمات تلك، لا سفاح ولا اتخاذ أخدان في الإسلام، والمسافِحة هي امرأة للكل، والأخدان هي امرأة لرجل خارج نطاق الزواج المتعارف عليه في شريعة الإسلام، وإذا كانت الشهوة التقاء ماءَين – ماء الرجل، وماء الأنثى – فإن الإسلام يحرم تمامًا أن يسفح ذلك الماء كسائل ينحدر من سفح؛ ليُلقى في أسفل وادٍ، بل لا بد عند التقاء الماءين أن يكون في حلال، ولا حلال في ذلك سوى طريق الزواج الشرعي الذي حدد الإسلام شروطه، وحرام حرام معاشرة نساء غير اللائي تزوَّجن، فأصبحن محصنات؛ يقول تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 24].
رابعًا: الزنا فاحشة: الإسلام يسمي الأشياء بمسمياتها، فمعاشرة الرجل لامرأة لا تحل له في فرجها تسمى زنًا، ودعك من الألفاظ الخادعة وعدم مسميات الأشياء بأسمائها، من مثل العلاقات الحرة، وفعل الحب، وما إلى ذلك من الخلاعة والتهتك، فالزنا زنا؛ يقول – صلى الله عليه وسلم -: “ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم امرأة لا تَحِل له”، والزنا فاحشة بنص القرآن الكريم: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32].
وتلك الفاحشة لا يأتي بها مسلم وهو مسلم، ولا مسلمة وهي مسلمة؛ كما يقول – صلى الله عليه وسلم -: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مسلم “، وسماح بعض المجتمعات في الغرب والشرق بالزنا جريمة وإن تشدقوا بشعارات ماجنة – مثل: حقوق الإنسان – بدعوى أن هذا رغبة بين راغبين برضاهما؛ روى الإمام أحمد عن أبي أمامة أن فتًى شابًّا أتي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَه، مَه، فقال: “ادنُ”، فدنا منه قريبًا، فقال: “اجلس” فجلس، فقال: “أتحبه لأمك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: “ولا الناس يحبونه لأمهاتهم”، قال: “أفتحبه لابنتك؟”، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: “ولا الناس يحبونه لبناتهم”، قال: “أفتحبه لأختك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم”، قال: “أفتحبه لعمتك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: “ولا الناس يحبونه لعماتهم”، قال: “أفتحبه لخالتك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: “ولا الناس يحبونه لخالاتهم”، قال: فوضع يده عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه”، قال: فلم يكن بعدُ ذلك الفتى يلتفت إلى شيء، ولربما وجد بين الناس من يرتضي الزنا لمحارمه وهم قلة وهم ديُّوثون، والديوث من رضي بالخنا في أهله.
رابعًا: الإنسان ضعيف أمام النساء؛ يقول تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].
ومن ثَمَّ فإن الله يحذر من الذين يتبعون الشهوات ويشيعون الفاحشة، ويُيسرون سبلها، حتى إن تجارة البغاء أصبحت من التجارات الرائجة مع قذارتها في بعض بلدان الغرب والشرق، تجارة يباع فيها لحم المرأة في سوق أقسى وأحقر من سوق النخاسة، تجارة تتربح من عري المرأة في الإعلانات، وفيما يسمى “الفيديو كليب”؛ حيث تظهر العاريات وإن تحشَّمنَ منهن الكاسيات العاريات المائلات المميلات، وانظر إلى خلفية ما يسمونه بالأغنيات “الشابة”؛ لترى تحقُّق نبوءة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهو يقول: “صنفان من أمتي لم أرهما: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البُخت، لا يدخلون الجنة ولا يجدون رائحتها”، أو هو كما قال.
ألا إن ثقافة العري جريمة، وتجارة العري فاحشة، وتدبر قول الله محذرًا من دعاة الشهوات؛ حيث يقول: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26، 28].
خامسًا: زواج الزُّناة حرام على المؤمنين؛ يقول تعالى في سورة النور: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2].
فإن جاءكم أيها المؤمنون من عرَفتم أنه زان وإن علا شأنه بين الناس، فلا تزوجوه بناتكم، وإن جاءكم أيها المؤمنون من عرَفتم أنها زانية، فإياكم أن تزوجها أبناءكم، دعوا “المتأيدزين” لبعض؛ حتى يسلم نسل الباقين.
سادسًا إتيان الذكران جهل شديد: من أكبر الكبائر عند الله اللواط، وهو إتيان الذكران من العالمين، واللواط جهل شديد أتاه للمرة الأولى كوم لوط في ناديهم، وسماه الله المنكر، واللواط انحلال وتهتُّك، نتيجته غضب الله وعاقبته الهلاك.
-الألوكة-