الاقتصاد العالمي على طاولة قمة العشرين في ظل استمرار مرحلة «الضبابية» حول أوضاعه
الأحد 2 صفر 1437//15 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. ماجد بن عبدالله الهديان *
يؤكد صندوق النقد الدولي على أن أولويات السياسة الاقتصادية يجب أن تستمر في رفع الناتج الفعلي والمحتمل من خلال الجمع بين دعم الطلب والإصلاحات الهيكلية، حيث من
مكافحة الإرهاب وتنامي الهجرة والتضخم قضايا تفرض نفسها على اهتمام الزعماء
المتوقع أن يصل النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية في عام (2016م)، إلى نسبة (4.8) في المئة، ويرجع هذا للتحسن المتوقع في الأوضاع الاقتصادية في عدد من الاقتصادات المتعثرة، بما في ذلك روسيا وبعض اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي أحدث دراساته يبين لنا صندوق النقد الدولي أن النمو العالمي المحتمل تلقى ضربة كبيرة بعد الأزمة المالية العالمية ومن المرجح أن يظل في حالة من التباطؤ لسنوات مقبلة، وعلى مدى الأعوام الخمسة المقبلة سيزيد النمو السنوي المحتمل للاقتصادات المتقدمة إلى (1.6%) ، لكنه سيظل أقل بكثير من معدلات النمو الاقتصادي قبل الأزمة، مما يجعل من الصعب خفض الدين العام والخاص من مستوياته المرتفعة.
تبني نظام مالي عالمي متين
وفي ظل توقعات حذرة من أغلب المنظمات الدولية المؤثرة على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حول مستقبل النمو الاقتصادي العالمي على المدى القصير والمتوسط، حيث يمكن أن يُطلق على هذه التحليلات تارة بالقلقة، والضبابية تارة أخرى، تستضيف تركيا اجتماع مجموعة العشرين هذا العام، حيث زعماء الدول الكبرى وحكومات الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم، في مدينة أنطاليا يومي (15-16) نوفمبر الجاري. حيث يعيش الاقتصاد العالمي اليوم مرحلة من عدم اليقين حول آفاق المستقبل وخصوصاً في ظل انتشار الكثير من التحليلات المتشائمة، لذا يتوجب على الدول المجتمعة المبادرة إلى تبني نظام مالي عالمي متين، وتشّد من عضّد الاقتصادات الناشئة.
ويجدر التنويه إلى أن قيام مجموعة العشرين جاء خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع في العاصمة الأميركية واشنطن في سبتمبر عام (1999)، عندما نبهّت الأزمة المالية الآسيوية القوى الاقتصادية العالمية عن حاجتها إلى دمج الدول الصناعية والاقتصادية الصاعدة في صنع القرار الاقتصادي العالمي، حيث شهد يوم 15 نوفمبر (2008)، أول اجتماع في تاريخ المجموعة على مستوى رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وزراء المالية، وتمثل دول مجموعة العشرين (90%) من الاقتصاد العالمي، و(80%) من التجارة الدولية، حيث تتكرّس أهمية هذه المجموعة ليس على المستوى الاقتصادي والتعاوني فيما بينها فحسب، بل كونها تمثل ثلثي سكان العالم، أي غالبية الدول، وبالتالي فإن النتائج لاجتماعات مجموعة العشرين سيكون لها نتائج إيجابية بصبغتها الدولية، حاضرًا ومستقبلاً، كونها أيضا لا تتوقف على الجانب الاقتصادي بل والجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية.
وبالرغم من كون الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسة التي قد تنعكس سلباً أو إيجاباً على الحياة الاجتماعية لشعوب العالم، سيشارك في اجتماع قمة تركيا زعماء الدول من الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وروسيا، واليابان، وكندا، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا، والبرازيل، والأرجنتين، والهند، والصين، وإندونيسيا، والمكسيك، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، ومفوضية الاتحاد الأوروبي، بجانب تركيا، بينما لن يشارك الرئيس الفرنسي على خلفية الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلاده أول من أمس.
ولما لهذه القمة من أثر حيوي ومهم على مسارات التنمية في كافة جوانبها لدى دول العالم، يشارك في الحضور رؤوساء وشخصيات دولية لها حضورها العالمي في مثل هذه المحافل العالمية. ولأهمية توفر الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، سيعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مباحثات ثنائية مع خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حيث سيضع الرئيس أردوغان ملف “المنطقة الآمنة” في شمال سورية على أجندة عشاء رسمي بين هؤلاء القادة من أجل إيواء اللاجئين السوريين، ومنع تدفق مزيد منهم نحو أوروبا، وهذا ما يثمر في تقليل التوتر السياسي الذي تعيشه المنطقة ودول العالم.
الاقتصاد على رأس جدول الأعمال
ومن هذا المنطلق فالاقتصاد العالمي سيكون على رأس جدول أعمال قمة مجموعة العشرين، حيث لا يمكن فصل التطورات السياسية عن الاقتصادية، وبالرغم من توافر بوادر التفاؤل الواضحة إلا أنه يجدر التنويه لعدد من التحديات التي من أهمها: مكافحة الإرهاب، والقضاء على تنظيم داعش، وسبل الحد من تنامي ظاهرة هجرة اللاجئين، وتقلب أسعار الصرف وطول أمد آثار التضخم، واستمرار الخلل في الموازين الداخلية والخارجية، وارتفاع الدين العام، ستكون مؤثرة بأبعادها خلال جلسات القمة.
وهذا يؤكد على أهمية وضع الإجراءات الاحترازية لمواجهة ما قد ينجم عن استمرارية التوتر السياسي في منطقة الشرق الأوسط من آثار سلبية على الاقتصاد الإقليمي والعالمي، ويستدعي وضع محفزات النمو الاقتصادي ليكون أكثر قوة، وهذا بحد ذاته يُعد من أهم التحديات التي تواجه صانعي السياسات في دول العالم لما لذلك من دور رئيس في تهيئة السبل الكفيلة لتحقيق النمو للاقتصادات المنخفضة، وعلى وجه الخصوص في ظل تباطؤ الاقتصاد الصيني، وارتفاع ملموس دولياً في عدد البطالة خاصة في الدول النامية مما أوجد تباينا كبيرا في الدخل لدى أفراد المجتمع. وعلى المدى القصير، تقليل المخاطر نتيجة تقلب الأسواق المالية والتحولات المربكة في أسعار الأصول، وعلى المدى المتوسط تفادي استمرارية انخفاض نمو الناتج المحتمل في كل من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة.
وفي ظل تفاؤل حذر، هذا ما ستبدو عليه الأوضاع خلال قمة مجموعة العشرين، فتحسن نمو الاقتصاد الدولي واحتمالات النمو في الدول الغنية تُعد إشارات إيجابية، لكن يأتي القلق من مخاطر حدوث تقلبات مالية مع استعداد مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي لزيادة أسعار الفائدة فضلا عن تنامي بواعث التوترات السياسية، بحسب الرياض.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.