التحذير من التفرق وأسبابه
الخميس 07 جمادى الأولى1436//26 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
يتفقُ العُقلاءُ على أن الاجتماع والائتلافَ مطلبٌ ضروريٌّ، لا غِنى عنه لأمةٍ تريدُ الفلاحَ وتبغِي الصلاحَ، ومن هنا جاء الإسلامُ بالتأكيد على وحدة الصفِّ الإسلاميِّ، ورعاية التعاوُن على الخير والاتفاق والتآخي على جلبِ المنافعِ ودرءِ المفاسِدِ.
ألا وإن ما تُعانيه الأمةُ اليوم بسببِ الأحداث الأخيرة التي لا تخفَى، كلُّ ذلك يتوجَّبُ على كل مسلمٍ مهما كانت مرتبتُه، وتنوَّعَت ثقافتُه أن يتَّقِي اللهَ – جل وعلا -، وأن تكون توجُّهاتُه مُنطلقةً من مبدأ ما يُجمِّعُ ولا يُفرِّقُ، وما يُؤلِّفُ ولا يُشتِّتُ، مهما وجدَ لذلك سبيلاً.
فالله – جل وعلا – يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران: 103].
إنه في ظلِّ حركات التغيير العاصِفةِ بالأمةِ اليوم فإنه يجبُ على أهل الحلِّ والعقدِ أن يرحَموا أمَّتَهم وشعوبَهم وبُلدانَهم من شقاء التفرُّق والتحزُّب، ومن الاختلافِ والتشرذُم؛ فالسعادةُ في اجتِماع الكلمةِ، والصلاحُ في وحدة الصفِّ، والرخاءُ في تماسُك المُجتمع المُسلم.
الله – جل وعلا – يقول: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود: 118، 119].
قال السلفُ في فهم هذه الآية: “فأهلُ الرحمةِ لا يختلِفون اختلافًا يضُرُّهم، وإلا فمتى قادَ الاختلافُ إلى التحزُّبِ والتنابُذ فهذا سببٌ لطرد المُختلفين عن رحمة الله دُنيا وأُخرى”.
الاختلافُ لا يكونُ في الإسلام سببًا للتفرُّق، ولا سبيلاً للعداوة.
الاختلافُ لا يكونُ في الإسلام سببًا لتهديد الوَحدة ولا شلِّ حركة المُجتمع والحياة؛ بل الاختلافُ – عند الضرورة إليه – ظاهرةٌ صحيَّةٌ يجبُ أن يقودَ إلى البحث عن كل وسيلةٍ لترجيحِ الآراء فيما يجلبُ المصالحَ ويدرأُ المفاسِدَ، فبذلك يتحقَّقُ رِضا الله – جل وعلا – على المُجتمع؛ لأنه يحصُلُ بذلك الأُلفة والاجتماعُ، وتُنبَذُ الفُرقةُ والنِّزاعُ.
قال – صلى الله عليه وسلم -: «إن اللهَ يرضَى لكم ثلاثًا ..»، وذكرَ منها: «.. وأن تعتصِموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقُوا»؛ رواه مسلم.
البركةُ في بُلدان المُسلمين، وظهورُ الخيرات في مُجتمعاتهم لا يحصُل إلا بالتنازُل عن الآراء للاجتماع والاتِّحاد، وصدقَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – فيما رُوِي عنه -: «البركةُ في ثلاثة ..»، وذكرَ منها: «.. الجماعة».
فيا معاشر المُسلمين:
إياكم والتفرُّقَ والخِصامَ، واحذَروا التحزُّبَ وعدمَ الوِئام؛ فربُّنا – جل وعلا – يقول: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46].
وفي منظومةِ عقائد المُسلمين: أن الجماعةَ حقٌّ وصوابٌ، والفُرقةَ زيغٌ وعذابٌ.
فيا مَن تجتهِدون لمصالحِ الأمةِ باجتِهادٍ ترونَه صوابًا! حمِدَ اللهُ صنيعَكم، ولكن حينَما يُخالِفُ رأيُكم الجماعةَ فاعلَموا أن مصالحَ الوَحدة ومنافعَ الاجتِماع تفوقُ بأضعافٍ المفاسِدَ التي تنشأُ عن الافتِراقِ والاختِلافِ والشُّذوذِ والتمسُّك بالآراء.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وقد عاصرَ الاختلافَ والافتراقَ في الأمة -: “وإذا تفرَّقَ القومُ فسَدوا وهلَكوا، وإذا اجتَمعوا صلَحوا وملَكوا؛ فإن الجماعةَ رحمةٌ، والفُرقةَ عذابٌ”.
للإطلاع على الخطبة كاملة، فضلاً قم بزيارة الرابط التالي:
رسالة إلى عقلاء الأمة
—————
فضيلة الشيخ الدكتور:حسين آل الشيخ