التذكير بفضل ليالي العشر من رمضان

السبت 10 رمضان 1436//27 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
الحمد لله رب العالمين، الذي نزَّل الكتاب وهو يتولى الصالحين.

أحمده سبحانه على حكمته البالغة، ونِعَمه السابغة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلاهيَّته وحقِّه، كما لا شريك له في ملكه وخلقه.

وأشهد أن محمدًا – صلى الله عليه وسلم – عبدُه المصطفى، ورسولُه المجتبى، الذي لا يَنطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وذرياته، ماليل دَجى، وصُبحٌ بدى، حتى يجزى الذين أساؤوا بما عملوا، والذين أحسنوا بالحسنى.

أما بعد:
فأيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها نِعمَت الشعار، ونِعمَت الدِّثار، والمفرِّقة بين أهل الجنة وأهل النار؛ فأهل الجنة هم المتقون، وأهل النار هم المجرمون، الذين لا يُصلُّون ولا يتقون؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ﴾ [القمر: 47، 48].

اقرأ أيضا  التكبير في العيدين وعشر ذي الحجة

عباد الله، الحي منكم يستقبل عشرًا مباركة، أقسَم الله – تبارك وتعالى – بها في آية محكمة؛ قال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2] ممتنًّا – تبارك وتعالى – على الأمة بما جعل فيها من الخيرات والبركات، وما شرع لهم فيها من أنواع الأعمال الصالحات، وحاضًّا للأمة على استباق الخيرات، والسبق إلى المغفرة والجنات؛ قال تعالى:﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه:﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 133 – 135].

فنبَّه سبحانه على أن التقوى والإنفاق في مختلف الأحوال بحسب الحال، وكظم الغيض، والعفو عن المسيء طمعًا في الإصلاح، والإحسان، والتوبة النصوح، والاستغفار الصَّحيح، وحل عقدة الإصرار ميادين خير، وخِصال بر، مؤهِّلة لثواب كريم، من ربٍّ رؤوف برٍّ رحيم؛ ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136].

اقرأ أيضا  خصائص تثبت تميز الإسلام وحاجة الناس إليه

أيها المسلمون، ولقد كان نبيكم – صلى الله عليه وسلم – يَجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد فيما قبلها من الشهر، فكان – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشدَّ مِئزره، وقطع العلائق عن الخلائق، متفرٍّغًا لعبادة الخالق.

معشر المسلمين:
إن هذه الليالي العشر، هي خير ليالي الشهر، وكلها ليالي وتْر، وهي خاتمة الشهر، وفيها ليلة القدر التي أُنزل فيها أشرف الذِّكر، فاعرفوا لها فضلها، واغتَنموا بِرَّها، واحتسبوا ذخرها، وتأسَّوا بنبيكم محمد – صلى الله عليه وسلم – واتبعوا سلفكم الصالح في تعظيمها، ومعرفة قدرها، وتحري شريف العمل الصالح فيها؛ من صلاة القيام، وتلاوة خير الكلام، والذكر والدعاء، والبر والإحسان والاعتكاف، وهجر الفحش والاختلاف؛ ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ﴾ [الفتح: 29].

اقرأ أيضا  من يحتمل عيوبي أعتبره سيدي

أيها المؤمنون:
أروا الله – تبارك وتعالى – من أنفسكم خيرًا، واغتنموا عشركم فيما يُكسبكم ذخرًا وبرًّا، وتذكَّروا أن الآجال قواطع الآمال،وأن الشيطان في طريق الخير يُثبِّط الناس عن صالح الأعمال، ويدعوهم إلى قبيح الفعال، وما يبطل الأعمال، فاتقوا ربكم، واحذروا عدوكم، واغتنموا شهركم ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، ﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [آل عمران: 74].
الـألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.