التربية على أركان الإسلام والإيمان والإحسان (1)

الثلاثاء13 جمادى الثانية 1437// 22 مارس/آذار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. عبدالرب نواب الدين آل نواب
التربية على أركان الإسلام والإيمان والإحسان
“مراتب الدين الثلاث” (1)
أخرج الشيخان بسنديهما عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال:
بينما نحن عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا” قال: صدقت! قال فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: أخبرني عن الإيمان، قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره” قال: صدقت!. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” الحديث[1].

اقرأ أيضا  خطبة المسجد الحرام - فضل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله

هذا الحديث النبوي الجليل تضمن مراتب الدين الثلاث “الإسلام والإيمان والإحسان” وأركانها، وهي أسس الدين ومرتكزاته التي لا يسع المسلم جهلها، ولا يستقيم أمره ولا يرشد إلا بالإتيان بها.

فهي من الأمور الأساسية التي تنهض عليها التربية الإسلامية، سواء من قبل الأبوين أو من قبل المربين والمعلمين والمرشدين.

وتعليم الولد هذه المراتب وأركانها وتربيته عليها منذ الصغر من فرائض الدين، ومن أجل مسئوليات الأبوين المسلمين، فإن اعتنيا به ووجهاه الوجهة الصحيحة فسلمت فطرته التي فطره الله عليها رشد وسعد، وسعد والداه، وإن أهملاه هلك وانحرفت به الفطرة عن سواء السبيل، كما في حديث أبي هريرة – صلى الله عليه وسلم – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء”[2].

اقرأ أيضا  حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله...

ومن بدهيات الدين أن الاهتمام بالولد وتبصيره بأمور دينه من مسئوليات الوالدين، إن أهملا في ذلك وفرطا فيه استحقا العقوبة لأن إهمال الولد في عصر كعصرنا هذا مع كثرة أسباب الإغواء عن الاستقامة والإغراء بالشهوات والشبهات يعد من كبائر الذنوب، فمع اشتداد الحاجة إلى التربية والتقويم والتهذيب والتحصين تعظم المسئولية وتكبر الأمانة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله -:
“وأما فساد الأولاد بحيث يعلمه الشحاذة، ويمنعه من الكسب الحلال أو يخرجه ببلاده مكشوف الشعر في الناس! فهذا يستحق صاحبه العقوبة البليغة التي تزجره عن هذا الإفساد، لاسيما إن أدخلوهم في الفواحش وغير ذلك من المنكرات، ويجب تعليم أولاد المسلمين ما أمر الله بتعليمهم إياه، وتربيتهم على طاعة الله ورسوله كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع[3]”[4].

وفيما يلي من مقالات -إن شاء الله تعالى – نبين معالم تربية الأولاد، على المراتب التي تضم أصول الدين الثلاثة: معرفة العبد ربه، ونبيه – صلى الله عليه وسلم – ودينه وهو الإسلام.

اقرأ أيضا  سنن الفطرة وآثارها التربوية صالح أبو عرَّاد الشهري

يتبع،،

________________________________________
[1] متفق عليه: رواه البخاري في كتاب الإيمان (50)، ومسلم في كتاب الإيمان (8)، اللفظ لمسلم. وانظر الفتح 1/ 115 في مفهوم الإيمان والإسلام والفرق بينهما وأيضا مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 3/89 وما بعدها.
[2] متفق عليه: رواه البخاري في كتاب الجنائز (1358)، ومسلم في كتاب القدر (2658) وقد تقدم.
[3] رواه أبو داود في كتاب الصلاة حديث رقم (418)، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة، حديث رقم (6467).
[4] مجموع الفتاوى 11/ 504.
-الألوكة-