التزام آداب الإسلام
الجمعة 18 ذو الحجة 1436//2 أكتوبر/تشرين الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
في التزام آداب الإسلام
الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، حذَّر من البِدَع والمُحدَثات، ومن الأهواء والضلالات، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته، المهتَدِين بهديه، والمقتَفِين لآثاره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ: فيا عباد الله:
اتَّقوا الله – تعالى – واعلَموا أنَّكم في زمانٍ كثُرت فيه الأهواء، وتشعَّبت فيه الآراء، وكثُر فيه دُعاة السوء والمُضلِّلون، وسلَكوا مسالك عديدة في تَروِيج مذاهبهم الهدَّامة، وآرائهم المتناقضة، وقد أنعم الله علينا بنعمة الإسلام، وأكمل لنا الدين؛ فقال – جلَّ وعلا -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
وقال نبينا – صلواتُ الله وسلامُه عليه -: ((تركتُكم على المحجَّة البيضاء ليلُها كنهارها لا يَزِيغ عنها إلا هالك))[1].
وقد ظهر دُعاة سوء وتضليل، سلَكُوا مسالك شتَّى في نشر دعوتهم وترويج بضاعتهم؛ فتارةً عن طريق التعليم، وتارةً عن طريق الأطباء والممرِّضين، وتارةً عن طريق لُقمة العيش والتظاهُر بالإحسان، وتلك وسائل وطرق شيطانية قد ينخدع بها البعض من الناس، خُصوصًا مَن ليس لديه إلمامٌ ومعلومات عن مقاصد أولئك الأعداء.
ومعلومٌ أنَّ أعداء الإسلام مُتعدِّدون: من يهود، ونصارى، وملحدين، وأصحاب مذاهب متعدِّدة، وكلٌّ يدعو إلى حِزبه ومَذهبه، والكفر ملَّة واحدة، والأحزاب متعدِّدة، وسبل الشيطان كثيرة، والحق واحدٌ، وما بعد الحق إلا الضلال؛ والله – جلَّ وعلا – يقول: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153].
فدينُنا كاملٌ، وهو الصالح لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، وهو المصلح للبشرية، والمتَّفِق مع الفِطَر السليمة، فالمتمسِّك به، والمتأدِّب بآدابه سعيدٌ في حَياته العاجلة، وفي آخِرته الباقية، فمَن تفقَّد حاله وفكَّر في وضْعه، عرف ما هو عليه من حال، فإنْ كان مطيعًا لله، ممتثلًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه عاشَ قريرَ العين، مطمئنَّ النفس، راضيًا بما قسم الله له، صابرًا محتسبًا فيما أصابَه، فذلك ممَّن يُرجَي له الخيرُ، فعليه أنْ يستمرَّ في عمل الخير ويزداد منه، مُراعيًا في ذلك ما جاء عن الله وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – معتدلًا في أموره، لا إفراط ولا تفريط، لا جَفاء ولا غلو.
فعلينا أنْ نتمسَّك بدِيننا حقيقةً، ونُطبِّقه كما جاء على لسان نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – والحذر كل الحذر ممَّن يتظاهرون بالإصلاح والنُّصح، من نصارى وغيرهم؛ فالكفر ملة واحدة، وعدوُّ الإسلام واحد، ولو تظاهر في لباس المخلص، فتحت أثوابه النار المحرقة، وفي باطنه السم الزُّعاف، فما يُنشَر الآن من صُوَرٍ خليعة لنساءٍ عاهرات فاتنات، ودعوة لاختلاط النساء بالرجال في أماكن الأعمال، وأسواق البيع والشراء، والحفلات والمناسبات، وما يعرض في وسائل نقل الصور والأصوات، كلُّ ذلك من وسائل الهدْم والتدمير للأخلاق الفاضلة، والشيم والصفات التي حثَّ دِيننا الحنيف على حِفظها ورِعايتها في مجتمعنا الإسلامي الطاهر.
وما يقومُ به الأعداء من إخلاصٍ في العمل وحُسن معاملة، لهو من الدعوة لمذاهبهم وعقائدهم الفاسدة، فقد ينخَدِع المسلم بهذه الأعمال، ويظنُّ أنَّها سالمة من المكر والخداع، وهي في الحقيقة من شِباك الصيد، ورصاص القنص، فديننا حثَّ على الإخلاص في العمل، والصدق في المعاملة والوعد، ونهى عن الخِيانة والكذب؛ فقال – تعالى -: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34].
وفي الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((أربعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من نفاقٍ حتى يدعها: إذا اؤتُمِن خانَ، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهَد غدَر، وإذا خاصَم فجَر))[2]؛ متفق عليه.
فوعَدَ الله المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار.
فهذه تعاليم دِيننا الحنيف، لا خيرَ إلا دلَّ عليه، وحثَّ عليه، ولا شرَّ إلا حذَّر منه، وما يعمله بعض المسلمين ممَّن انخدع بالأعداء ممَّا يُخالِف أوامر الله ونواهيه فليس بحجَّة، وما يدعو إليه أعداء الإسلام من تظاهُر بالنُّصح، فلسنا في حاجةٍ إليه، فنحن أغنياء بدِيننا، وتعاليم ربنا وسنة نبينا، فعلينا أنْ نطبقها حقيقةً، ونلتزمها في أعمالنا ومعاملاتنا فيما بيننا وبين ربنا، وفيما بيننا وبين خلقه.
فاتَّقوا الله يا عباد الله، وارجعوا إلى ربكم تسعَدوا في دُنياكم وأُخراكم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].
بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.
أقولُ هذا وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
________________________________________
[1] حديث صحيح رواه ابن ماجه (43) وغيره من حديث العرباض بن سارية، بنحوه.
[2] مسلم: [106 – (58)].
الألوكة