الحث على التآخي
الأربعاء،9 ذوالقعدة1435ه الموافق3 أيلول/سبتمبر2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أحمد الصويان
قال الله تعالى: }إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ (الحجرات: 10)، وقال سبحانه وتعالى: }وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ{ (التوبة: 71).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
قال الحافظ ابن رجب: (حديث أنس يدل على أنَّ المؤمن يسُرُّه ما يسُرُّ أخاه المؤمن، ويريد لأخيه المؤمن ما يريده لنفسه من الخير، وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغلِّ والغش والحسد؛ فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه؛ لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يــَشرَكه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء).
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير قوله تعالى: }إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ{:(هذا عَقْد عقده الله بين المؤمنين؛ أنه إذا وُجَد من أي شخص كان، في مشرق الأرض ومغربها، الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فإنه أخ للمؤمنين؛ أخوة توجب أن يحب له المؤمنون ما يحبون لأنفسهم، ويكرهوا له ما يكرهون لأنفسهم).
ثم قال في تفسير قوله – تعالى -: }لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{: (دل ذلك على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة).
إن استقرار المحبة في المجتمع المسلم أساس للتراحم والألفة، وركيزة لبناء كل معروف، كما أن البغضاء أساس للعنف والجفوة، وركيزة للتقاطع والشحناء، ولهذا امتن الله عز وجل على نبيه تأليف قلوب المسلمين، فقال: }وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ{ (الأنفال: ٣٦).
إنني أتأمل أحوال الناس في الطرقات والأسواق والتجمعات العامة – فضلاً عن المحاكم ونحوها – وأنظر إلى التوتر والتشنج الذي يسود علاقات كثير منهم، فأجزم أن هذا الضجيج والتدافع لا يمكن أن يُروَّض إلا بالمحبة، وأحسب أن من الأولويات التي ينبغي أن يتصدى لها الدعاة والمصلحون إشاعة المحبة في الله، وتوثيق أواصر الإخاء الرباني، واقرأ أثر هذه الرابطة في قول الحق – تبارك وتعالى -: }وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ{ (الحشر: ٩).
صورة بديعة من الحياة الطيبة سمَت بالإنسان فوق حظوظه الصغيرة، وحوَّلت ذلك المجتمع الجاهلي الذي يأكل فيه القوي غيره من الناس، إلى هذا المجتمع الذي تملؤه المحبة، ويسوده الإيثار.
المصدر:السبيل