الحمد أفضل الذكر
الثلاثاء 21 محرم 1437//3 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أبو الحسن هشام المحجوبي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله عدَدَ خلقه، ورِضا نفسه، وزِنَة عرشه، ومداد كلماته، الحمد لله أولاً وأخيرًا، وبكرة وأصيلاً، والصلاة والسَّلام على خير الحامدين، وإمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنَّ الله تعالى أكرم عبادَه بعباداتٍ يسيرة خفيفة على الإنسان، عظيمة في الأَجر يرِث بها الجنان، وعلى رأس تلك العبادات ذِكرُه تعالى؛ إذ قال سبحانه: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وقال سبحانه: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على خيرِ أعمالكم، وأزكاها عند مَليككم، وأرفعها لدرجاتكم، وخير لكم من إنفاقكم ذهبكم ووَرِقكم، وخير لكم من أن تَلقوا عدوكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟))، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكر الله))، وقد ذهب بعضُ المحقِّقين من أهل العلم إلى أنَّ الحمد أفضل ذِكر بعد القرآن على الإطلاق، واستدلُّوا بحجَج قويَّة، منها:
أولاً: أنَّه ذِكر أهل الجنَّة على وجه التشريف لا التكليف، يُلهَمونه كما يُلهمون النَّفَس، قال تعالى: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10].
ثانيًا: أنَّه ذِكر الملائكة الحافِّين بالعَرش، قال تعالى: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]، ومحلُّ الشَّاهد أنَّه لو كان ذِكر أفضل من هذا لتعبَّد به ملائكةُ العَرش.
ثالثًا: أنَّه تعالى بدأ به كتابَه الكريم، وفيه إشارة إلى أنَّه أفضل الذِّكر.
رابعًا: أنَّ معناه: جميع الثَّناء والشُّكر والمدح مستحقٌّ لله بحبٍّ وتعظيم؛ فهو يَجمع بين الثَّناء على الله لاتصافه بصِفات الكمال، وتسميه بأسماء الحُسن والجمال، وبين شكرِه على جميع نِعَمه الظَّاهرة والباطنة، ولا يوجد معنًى أَعظم ولا وأجمل، ولا أجلُّ ولا أشمل من هذا المعنى في ذِكرٍ من الأذكار.
خامسًا: أنَّه مضمن في جميع العبادات؛ فالصَّلاة والزكاة والصوم والحج وجميع العبادات حَمدٌ له سبحانه على كماله وإنعامه، قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13]، وفي الحديث الصَّحيح عن عائشة رضي الله عنها، أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليلَ حتى تتفطَّر قدماه، فقالت: يا رسول الله، ألم يَغفر لك اللهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ فقال: ((أَوَلا أكون عبدًا شكورًا؟)).
الألوكة