الصهاينة إذ يحرجون السيسي
د. صالح النعامي
الأربعاء 2 جمادى الأولى 1437//10 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
تعصف بالكيان الصهيوني ضجة كبيرة في أعقاب التصريحات غير المسبوقة التي أدلى بها وزير البنى التحتية الطاقة يوفال شطاينتس السبت الماضي، واعترف فيها بأن نظام عبد الفتاح السيسي قام بتدمير الأنفاق على الحدود المصرية مع غزة بناءً على طلب الكيان الصهيوني.
لم يكتف شطاينتس بهذه التصريحات بل أنه طالب الصهاينة بأن يناموا بهدوء بسبب ما يقوم به السيسي وجيشه، مستذكراً أن العداء الذي يكنه السيسي لحركة حماس لا يقل عن العداء الذي تكنه تل أبيب للحركة.
ويتضح من خلال ملاحظات شطاينتس أن الكيان الصهيوني مطمئن لدور نظام السيسي في محاصرة المقاومة الفلسطينية وتقليص قدرتها على الاستعداد للمواجهات القادمة مع الاحتلال، على اعتبار أن الأنفاق تعد مصدر التسليح الرئيس والنوعي للمقاومة الفلسطينية.
وقد تعرض شطاينتس لما وصفه “التنسيق والتعاون الحميم” بين مصر والكيان الصهيوني، حيث أشار إلى أن نظام السيسي عمل على تحسين البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني بشكل جذري، ليس فقط من خلال دوره في محاصرة المقاومة، بل أيضاً من خلال مساعدة تل أبيب على مواجهة التهديدات الإقليمية التي تواجهها.
وقد تعرض شطاينتس لانتقادات حادة من قبل المؤسسة الأمنية والنخب الإعلامية في تل أبيب التي اتهمته بتهديد المصالح الإستراتيجية للكيان الصهيوني من خلال “فضح” سلوك نظام السيسي وإبراز تعاونه مع الصهاينة.
وقد نسفت تصريحات شطاينتس التي أبرزتها وسائل الإعلام الصهيونية دعاوى النظام في القاهرة بأن تدمير الأنفاق جاء لأنها تستخدم في تهديد الأمن المصري وأنها تستخدم من أجل تسهيل انتقال الإرهابيين.
وكما يقول أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في قناة التلفزة الثانية فأن تصريحات شطاينتس تطعن في المبررات التي ساقها السيسي ورددتها النخب المصرية المؤيدة له، مشيراً إلى أن شطاينتس يقول للمصريين: قرار تدمير الأنفاق لم يأت من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري، بقدر ما جاءت استجابة للمطالب الأمنية الصهيونية.
لكن ما يتوجب التوقف عنده هنا وباهتمام كبير أمام حقيقة أنه قد تبين أن الرقابة العسكرية الصهيونية تفرض قيوداً كبيرة على أية معلومات تتعلق بطابع التعاون بين نظام السيسي والكيان الصهيوني.
فقد كشف الصحافي الصهيوني يوسي ميلمان النقاب عن أن الرقابة العسكرية تحظر حتى نشر معلومات سبق أن نشرتها وسائل الإعلام الأجنبية حول طابع العلاقة مع نظام السيسي، مما يدلل على أن ما هو تحت الطاولة أكبر بكثير مما يتم نشره والتطرق له في وسائل الإعلام، سيما الصهيونية.
ويذكر أن وكيل وزارة الخارجية الصهيوني دوري غولد قد كشف مؤخراً النقاب عن أن كلاً من الكيان الصهيوني ونظام السيسي اتفقا على تشكيل لجان مشتركة لصياغة إستراتيجية موحدة لمواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها تحدي الجماعات الإسلامية.
ومع ذلك، فأن ما ينشره الإعلام الصهيوني بعد تحدي قيود الرقابة العسكرية يعد خطير.
فقد كشف الصحافي الصهيوني أمير تيفون مؤخراً النقاب عن أن السيسي هو أكثر المسؤولين الإجانب الذين يتحدثون سراً مع نتنياهو.
وقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” مؤخراً، حيث أكدت أن الجيش المصري يشن حملاته الأمنية في سيناء استاداً إلى معلومات تقدمها الأجهزة الاستخبارية الصهيونية.
ليس هذا فحسب، بل أن الصحيفة تؤكد أن الجيشين المصري والصهيوني يتقاسمان المسؤوليات في الحرب على الجماعات الجهادية في سيناء، بحيث يقوم الجيش المصري بشن الحرب الفعلية على “الجهاديين”، في الوقت الذي تتولى فيه إسرائيل توفير المعلومات والتقديرات الاستخبارية استناداً إلى مصادرها البشرية والإلكترونية.
وتتوسع الصحيفة في وصف الدور الصهيوني في جمع المعلومات الاستخبارية لصالح جيش السيسي، حيث تشير إلى أن كلاً من جهاز المخابرات الداخلية “الشاباك” وشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” يتوليان مهمة جمع المعلومات الاستخبارية عن تحركات “الجهاديين” في سيناء، ويتم نقلها للجانب المصري، مع التأكيد على أن “تقاسم العمل” بين الجيشين المصري والإسرائيلي يتم وفق “قواعد ثابتة”.
إلى جانب ذلك تسود تل أبيب حالة رضا كبيرة بسبب تشجيع نظام السيسي على التطبيع الثقافي مع الصهاينة.
وقد احتفت النخب الصهيونية بسماح معرض القاهرة الدولي للكتاب بعرض كتاب “ألف ليلة” لمؤلفه جاكي حوكي، الصحافي الذي يعمل في إذاعة الجيش الصهيوني.
وعدت النخب أن مجرد عرض الكتاب يدلل على عمق التحولات الثقافية التي يحاول نظام السيسي فرضها في مصر، والتي تهدف إلى الانتقال بالعلاقة مع تل أبيب من الشراكة الإستراتيجية والتطبيع السياسي والأمني إلى التطبيع الثقافي.
واعتبر المستشرق الصهيوني إيلي فودا أن السماح بنشر كتاب لمراسل في إذاعة عسكرية صهيونية في المعرض في الوقت الذي يحظر فيه نشر الكتب التي ألفها باحثون وكتاب على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين يحمل دلالات كبيرة.
وشدد فودا على أن مثل هذا التطور لم يكن ليحصل لو لم يقم الجنرال السيسي بالانقلاب على حكم الإخوان المسلمين واقصاء الرئيس محمد مرسي.
ويشار إلى أن النخب الصهيونية قد احتفت مؤخراً بما صدر عن الأكاديمي المصري يوسف زيدان، المتحمس لنظام السيسي، والذي زعم أن مدينة القدس تعود لليهود وأنه لا حق للفلسطينيين فيها.
وقد كتبت صحيفة “معاريف” أن زيدان تجاوز كل اليهود في دفاعه عن يهودية القدس من خلال انكاره وجود المسجد الأقصى في القدس.
ويشار إلى أنه سبق للجنرال عاموس جلعاد، مسؤول ملف مصر في الحكومة الصهيونية أن وصف نظام السيسي بأنه “معجزة إسرائيل” بسبب ما يؤديه من خدمات إستراتيجية للكيان الصهيوني.
المصدر : موقع مجلة “البيان”