العرب في أمريكا.. 16 عامًا من المطاردة بسبب 11 سبتمبر
نيويورك (معراج) – في مشهد ثابت حدث في مثل هذا اليوم 11 سبتمبر عام 2001، ترك محمد غازي، مهندس الاتصالات، مصري مقيم بولاية نيويورك الأمريكية، منزله متجهًا إلى عمله في وسط المدينة، وجوه بيضاء تشوبها الحُمرة وأعناق طويلة تحملها فوقها، تقذفه بنظرات ريبة واحتقار، ولا بأس ببعض الشتائم وتعبيرات الاستهزاء.
يعود بالذاكرة ستة عشر عامًا للوراء 11 سبتمبر 2001، يوم كان في طريقه إلى عمله، فأمره أحدهم أن يعود لأن شوارع نيويورك مغلقة، ورجال الأمن منتشرين فيها كانتشار النار في الهشيم، طائرات لطيارين عرب اصطدمت ببرجي التجارة العالميين بجزيرة “مانهاتن”، عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمفقودين، أصابع الاتهام تشير إلى كل عربي وطأت قدماه شوارع نيويورك هذا اليوم أو لم تطأ.
“أنا أتذكر وقت أحداث سبتمبر، كانوا الآيرش أو أصحاب الرقبة الطويلة المتعصبين يسبونا في الشوارع، والعجائز كانوا في المواصلات بينهروا أي مصرية محجبة، وبعضها كان بيشدها من الحجاب ويأمرها ترجع بلدها لأنها إرهابية”.
يروي محمد غازي، تفاصيل الأيام التي تلت أحداث 11 سبتمبر، وما نتج عنها من تغير في مجريات الأحداث، ولكن إذا ما قورنت التغيرات السياسية والدينية والأيديولوجية بتلك الاجتماعية، يؤكد «غازي» الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ 20 عامًا، أنها أقل وطأة: “الوضع حاليًا مختلف مش زي ما الناس متوقعة، الشعب الأمريكي في مجمله مش عنصري، هو الأمر بيقتصر على الآيرش بس، وخاصة كل ما تحل ذكرى الأحداث بيحسسونا إنها لسه السنة دي”.
“علشان نتفادى الاشتباه ونكون بعيد عنه، كان لازم نتكلم مع الأمريكان إنجليزي سليم 100%”، يتحدث «محمد» عن الطرق التي كان يتبعها للتخلص من روتين التفتيش اليومي للعرب عند مداخل الولاية في أعقاب التفجيرات، وكلما وقع حادث شبيه به، فكان إتقانه للغة يحول دون الاشتباه به: “الأيام دي الوضع رجع يبقى طبيعي إحنا وأبناء الشعب الأمريكي مفيش بينا مشكلات طالما، لا نحتك بالجماعة المتعصبين المتواجدين في جنوب الولايات”.
بالرغم من ابتعاد “هبة نوفل”، محاسبة في شركة أدوية، عن بؤرة الأحداث وقلبها في نيويورك”، فهي تقيم مع أسرتها منذ 20 عامًا في ولاية “كاناتيكت” التي تبعد عنها بنحو ساعة ونصف الساعة بالسيارة، إلا أنها ما إن وقعت الأحداث، سارعت هبة إلى خلع الحجاب واستبداله بـ “بونيه” صغير حتى لا تثير الشكوك حولها: “الحجاب كان أكبر مشكلة هنا بعد أحداث سبتمبر قبلها مكنش فيه حاجة، وكنا بنمشي بأي حجاب أيا كان نوعه، لكن بعد كدة كل شيء رجع لحاله، الشعب الأمريكي في حاله وكله مركز في شغله، وأصحابي الأمريكان لسه بينا ود، وبيهتموا ببيتي في غيابي”، مردفة: “في رأيي 11 سبتمبر دي بقت ذكرى وراحت لحالها”.
الأزمة تتجدد مع كل ذكرى
واقعة حدثت فور وصول “نشأت زنفل” أمين حزب الحرية المصري في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت عقب وقوع حادث التفجيرات بفترة قصيرة: “كنت راكب العربية مع أصدقاء وبنعدي كوبري علشان نوصل مانهاتن موقع الحادث، وكان من الركاب شاب فلسطيني ملتحي، لقينا فجأة أكتر من 10 عربيات أمن بتتبعنا، ووقفتنا ونزلت الملتحي جردته من ملابسه، ومسابتهوش إلا لما عرفت إنه بيحمل الجنسية الإسرائيلية”.
لازال هذا الحدث عالقا في ذهن «نشأت» كتعلق وتجمد تفاصيل الحادث في حفيظة كل مواطن أمريكي، فهو يرى أن العلاقات الشخصية بين المصريين والأمريكيين تظل صافية دون كدر طوال العام، ولكن ما إن تحل الذكرى ينقلب الجميع على كل عربي، :«الوضع طبيعي لكن القلق كله من قبل يوم 10 كدة، حتى أنا كنت بخلص ورق يوم 10 السنة الماضية الموظفة طردتني، ونظرت لي باحتقار وقالت النهاردة إجازة».
المصريون الأكثر حظًا
متعارف عليه عالميًا أن أي حادث إرهابي يقع في ولايات أمريكا الـ55، تشير أصابع الاتهام “أوتوماتيكيًا” إلى العرب المسلمين في المرتبة الأولى، ثم مسلمي الجنسيات الأخرى بعد ذلك، إلا أن المصريين يعدون الأوفر حظًا في هذا الأمر، حيث يؤكد «زنفل» أن العربي الخليجي وخاصة السعودي، الذي يعد محط أنظار الجميع سواء من أفراد الأمن أو المواطنين العاديين: «إحنا هنا الجالية المصرية وضعها مختلف، أغلبنا مهندسين وعلماء وموظفين كبار ولينا مكانتنا، والشعب الأمريكي قبل الحكومة محترم ده، علشان كدة لما بيقع حادث المصري آخر المشتبه بهم».
وكالة معراج للأنباء الإسلامية
Comments: 0