القرآن .. طريقنا إلى القدس
أ.د. رزقة
الثلاثاء، 5 صفر 1437 ه // 17 نوفمبر 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
لست أدري أكان احتفال وزارة الأوقاف والشئون الدينية بغزة يوم الأحد الفائت١٥/١١/ ٢٠١٥ “بالفائزين بمسابقة الأقصى المحلية الخامسة عشرة في حفظ القرآن الكريم وتفسيره”، حدثا مقصودا استهدف هذا اليوم الذي يوافق الذكرى السنوية لإعلان وثيقة الاستقلال في عام ١٩٨٨م، أم لم يكن مقصودا؟!
لست في حاجة لأن أسأل من نظم الاحتفال عن إجابة السؤال، ويكفيني أن أقف عند عنوان الاحتفال الذي احتضنته قاعة المؤتمرات في مركز رشاد الشوا، والقائل ( القرآن .. طريقنا إلى القدس). ففي العنوان من المعاني، والتوجيهات، ما يحدد معالم استراتيجية التحرير، و سبل استعادة القدس والمسجد الأقصى.
كانت جلّ الكلمات التي استمعت إليها تعطف الكلام على ميراث المحرر صلاح الدين الأيوبي، الذي اعتمد على حفظة القرآن في تحرير بيت المقدس، حيث كان يطوف بخيام الجند ليلا فحيثما وجد خيمة نائمة ولا تقرأ القرآن أيقظها، وقال لمن معه من هنا تأتي الهزيمة. وحين اطمأن إلى اشتغال جنده بالقرآن تلاوة، ومعاملة، دخل معركة التحرير ففتح الله عليه بيت المقدس وكسر الصليبيين الذين كانوا يتفوقون عددا وعدة.
حين احتفت وزارة الأوقاف بمشاركة (١٠٠٠) حافظ للقرآن الكريم باسم الأقصى، ومنهم ستون من أصحاب المزمار الذهبي في حسن التلاوة، وجمال الصوت، قالت بمثل هؤلاء سيحرر الله المسجد الأقصى والقدس. وأنا أوافق بشدة على ما قالته الاوقاف. هذا وقد دهشت من إتقان الحفظة الذين تمكنوا من تحديد موقع الآية من متشابه القرآن من السورة، والجزء، والحزب، والصفحة.
لقد أعجبني المشهد، وقرأت فيه معانٍ كثيرة، وكان أوجزها، وأكثرها كثافة، قولهم ( القرآن.. طريقنا إلى القدس)، فقلت في نفسي هل أرادت الأوقاف أن تستكمل النقص الخطير الذي كان يوم الاستقلال في عام ١٩٨٨م بعد (٢٧) عاما؟! حيث نظر المجلس الوطني برئاسة ياسر عرفات إلى الخارج لا إلى الداخل. أعني أنه نظر لأميركا وأوربا، والدول العربية، والمجتمع الدولي، يطلب منهم (الاستقلال ؟!)، بعد أن مهد الطريق للاعتراف بإسرائيل، ولم يلتفت إلى الداخل، وإلى القرآن طريقا، وإلى ميراث صلاح الدين سبيلا.
يقول أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في بيان صحفي صدر عنه، الأحد، لمناسبة الذكرى الـ27 لإعلان الاستقلال: ” إن إعلان استقلال فلسطين في العام 1988 الذي تلاه الزعيم الرحل ياسر عرفات أسس لمرحلة جديدة نحو إنجاز حقوق شعبنا، وتثبيت حقه في تقرير المصير والحرية والاستقلال وإقامة دولته”. والحقيقة الميدانية تقول بعد (٢٧) سنة عجفاء، غير ما قاله عريقات، فإعلان الاستقلال ظل حبرا على ورق ولم يؤسس لمرحلة جديدة، وحال قضيتنا في ١٩٨٨م ربما كان أفضل من حالها اليوم، لأننا اليوم اعترفنا بدولة إسرائيل مجانا، وتنازلنا عن ٧٨٪ من وطننا مجانا.
إن ما يؤسس حقا لمرحلة جديدة هو ما قامت به وزارة الأوقاف، لو وجد سلطة تنميه، و تركن إليه. ولو وجد فصائل مقاومة تستثمره، وتجعل من حافظ القرآن قائدا ومجاهدا، ومقدما في الصفوف. ( الاستقلال لا يكون بغير القرآن. القرآن هو الطريق المختصر للاستقلال) . والداخل ياسادة أقوى من الخارج. والحصون تنهار من داخلها قبل أن تهدم من خارجها.
المصدر : فلسطين أون لاين