القرآن منهاج حياة
السبت،9 شعبان 1435الموافق7 حزيران/يونيو2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
رياض العمري
القرآن منهاج حياة
إن القرآن الكريم هو كتاب الله المُعجِز ببيانه ولفْظه، الموجِز للخطوط العامة التي تَحكُم مسارَ هذا الإنسان وطريقةَ سيره في الكون، وتَفاعُلَه مع كل ما حوله من مخلوقات، بل وجمادات، تفاعله مع عالم الغيب والشهادة, ورؤيته للحياة والعدم.
إن هذا الكتاب الخالد هو الأساس المتين الذي تُبْنى عليه العقيدة، والركن الركين الذي يَشُد من عروة المؤمن، فيقوم بوصله بالسماء، ولا يَسلَخه عن الأرض التي هي مصدر طينيَّته، وكل الكتب من عقيدة وغيرها من المعارف محتاجة إلى هذا النَّبع الصافي، الذي يقف عنده جميع الناس ليَرتشِفوا معاني الحياة، وما يتعلَّق بحركتهم على هذه البسيطة، وإننا عندما نتحدَّث عن كتب العقائد وتأثيرها على الاستبصار بكتاب الله، لا بد لنا من النظر إلى البُعْد الزمني في التفاعل مع كتاب الله، والطريقةِ التي كان يتفاعل معها الأوائل في التفهُّم والاستذكار لمعاني كتاب الله، وهذا يَستلزِم منا الانتقال إلى الساعات الأولى في هذا الفَهْم عندما كان القرآن هو المحرِّكَ الأساس للبشر، بمعنى قرآن يمشي على الأرض، فصار الناس تَرتَسِم فيهم المعاني الإيمانية والمعتقدات الربانية دون تَكلُّف كسلوك يُنظِّم الحياةَ، ويَرسُم حركة الفرد في كلِّ اتجاه، فقد كان كتاب الله منهجًا يَختطُّه الأفراد، ويُحاوِلون لِباسه في الحياة العملية عبر البدايات الأولى – كانوا لا يتجاوزون عَشْر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل – إن العصور التي تلت والتي تَميِّزت بالثراء الفكري، جعلت الناس يبتعدون عن هذه المعاني السامية، والتي تُميِّز الأمةَ المسلمة، بحيث أصبح الناسُ يقتصرون في تَفاعُلهم مع كتاب الله على الحرف واللفظ، فسكنت المعاني الأفواهَ والصفحات، دون أن تَشُقَّ طريقَها إلى الحياة والمعاش، فصار المتديِّنون يُعانَون من عُزْلة صنَعتْها في كثير من الأحيان بعضُ الأقلام التي حوَّلت بساطةَ المعاني، والمفاهيم الدينية المنظِّمة للوجود إلى رموز تحتاج إلى وقت طويل لتَعلُّمها وتحصيل مدلولاتها، فقصر الفَهْم على الخاصة، ولم يَستَطِع عامة الناس التفاعلَ مع المقاصد التي يُراد منهم السير في تحقيق مناطها في كلِّ تحرُّكاتهم وضبْط بَوْصَلتهم عليها، وهم يقومون بعمارة هذا الكون.
إننا بحاجة إلى بعْث المعاني القرآنية في كلِّ مجالات الحياة؛ بحيث لا يتحوَّل فَهْم الكتاب العزيز على إثارة العواطف فقط دون أن يتحوَّل ذلك إلى واقع مُعاش، وهذا ما نحتاجه في صياغة الفرد المسلم في هذه الأيام التي قد يَصدُق فيها وصْف الغثائيَّة غير الفاعلة، وللخروج من هذه الغثائية المقيّدة إلى التحول الحضاري؛ يجب علينا العمل على الفَهْم الدقيق الذي يجعل الحضارة الإسلامية واقعًا يمكن مشاهدته، والنظر إليه كحركة متتالية تَحكُمها السننُ التي وضعها الله لتَحكُم سيرَ الكون والإنسان.
المصدر : الألوكة