القرآن ونهوض الأمة ” الوقفة الرابعة “

الخميس،22ربيع الثاني1436//12فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

بقلم الثمال
لا للضعف .. {خذ الكتاب بقوّة} مريم 12

هذه الآية الكريمة ترشد إلى منهج قرآني للأمة لـ النهوض من كبوتها والرقي في مدارج العز والكرامة وما أُتِيَ المسلمون إلا من قبل ضعف أخذهم له بقوّة إن الحديث عن الأخذ بقوة لكتب الله ورسالاته يتكرر في مواضع عدّة من القرآن.

ومن تأمل القرآن وجد حفاوة ظاهرة بهذه القضية، خصوصاً في قصة موسى مع قومه، في سياقات مدهشة؛ لترسل لهذه الأمة رسالة واضحة الدلالة ، في أنه لن تكون للأمة عودة صحيحة ، وتمكين في الأرض إلا إذا كانت عودتها إلى كتاب ربها قوية.

إن من أعظم أسباب الخلل في أخذ الكتاب بقوة: ضعفُ أخذ الذين أوتوا نصيباً من علم الكتابِ كتابَ الله بقوة، وعلى هذا نحتاج إلى علاج قوي والعلاج هو أن يُعْتَنى بتربية ناشئة طلاب العلم اليوم الذين هم علماء الغد على هذه المعاني وربطهم بكتاب الله تعالى على الوجه الصحيح: تلاوةً، وحفظاً، وتدبراً.
وفي كلمات السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ ما يدل على إدراكهم لخطورة مثل هذه المشكلة
فهذا سفيان الثوري يقول: العالم طبيب الدين، والدراهم داء الدين، فإذا جذب الطبيب الداء إلى نفسه فمتى يداوي غيره؟!

اقرأ أيضا  تفسير سورة القلم عدد آياتها وهي مكية

ومن تأمل في المواقف الإيجابية لأكابر العلماء ـ في عصور مختلفة ـ من الانحرافات التي تظهر في صور شتى، أدرك عظيم أثر العلماء إن صلحوا ،وأخذوا الكتاب بقوة، كما سيدرك أثرهم السيئ إذا هم ركنوا إلى الضعف والهوان، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} الحج : 18.

ولقد عبر العلامة البشير الإبراهيمي عن هذه المعضلة ، بكلمات هي نفثة مصدور ، وشكوى مكروب ، ولوعة محزون ، أشار فيها إلى وصف هذا الداء بكلام العالم المكتوي بهذه المصيبة، حيث يقول : :

“وما زاد المسلمين ضلالاً عن منبع الهداية وعماية عنها، إلا فريق من العلماء وضعوا أنفسهم موضع القدوة والتعليم ، وطوائف من غلاة المتصوفة ، انتحلوا وظيفة التربية والتقريب من الله، فهم الذين أبعدوهم عن القرآن، وأضلّوهم عن سبيله بما زينوا لهم من اتباع غير سبيله ، وبما أوهموهم أنه عالٍ على الأفهام ، وما دروا بأن من لازم هذا المذهب كفرٌ ، وهو أنه إذا كان لا يفهم فإنـزاله عبث، وأنى يكون هذا ؟! ومُنـزلُه ـ تعالت أسماؤه ـ يصفه بأنه عربي مبين ، وأنه غير ذي عوج ، وأنه ميسر للذكر ، وينعته بأنه يهدي للتي هي أقوم، وكيف يهدي إذا كان لا يفهم؟.
ومن عجيب أمر هؤلاء وهؤلاء أنهم يصدرون في شأن القرآن عن هوى لا عن بصيرة ، فبينما يسدّون على الناس باب الاهتداء به في الأخلاق التي تزكي النفس ، والعقائد التي تقوي الإرادات ، والعبادات التي تغذي الإيمان ، والأحكام التي تحفظ الحقوق ، وكل هذا داخل في عالم التكليف ، وكله من عالم الشهادة ، بينما يصدون عن الاهتداء في ذلك بالقرآن ، نراهم يتعلقون بالجوانب الغيبية منه ، وهي التي استأثر الله بعلمها ، فيخوضون في الروح والملائكة والجن وما بعد الموت ، ويتوسّعون في الحديث عن الجنة والنار ، حتى ليكادون يضعون لها خرائط مجسّمة ، وسبيل المؤمن القرآني العاقل في هذه الغيبيات أن يؤمن بها كما وردت ، وأن يكل علم حقيقتها إلى الله ، ليتفرغ لعالم الشهادة الذي هو عالم التكليف”انتهى

اقرأ أيضا  رمضان والطاعات (خطبة)

الميسر
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)
فلما ولد يحيى، وبلغ مبلغًا يفهم فيه الخطاب، أمره اللَّه أن يأخذ التوراة بجدٍّ واجتهاد بقوله: يا يحيى خذ التوراة بجد واجتهاد بحفظ ألفاظها, وفهم معانيها, والعمل بها, وأعطيناه الحكمة وحسن الفهم, وهو صغير السن.

السعدي
فلما وصل إلى حالة يفهم فيها الخطاب أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة، أي: بجد واجتهاد، وذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه، وفهم معانيه، والعمل بأوامره ونواهيه، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة، فامتثل أمر ربه، وأقبل على الكتاب، فحفظه وفهمه، وجعل الله فيه من الذكاء والفطنة، ما لا يوجد في غيره ولهذا قال: ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) أي: معرفة أحكام الله والحكم بها، وهو في حال صغره وصباه.

اقرأ أيضا  تأملات في سورة الإخلاص

ابن كثير
( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) أي: تعلم الكتاب ( بِقُوَّةٍ ) أي: بجد وحرص واجتهاد

 المصدر: لك النسائية.

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.