اللؤلؤ والمرجان، صفات المؤمنين، القرآن الكريم

الخميس 8 جمادى الثانية 1437// 17 مارس/آذار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
السيد مراد سلامة
اللؤلؤ والمرجان من صفات أهل الإيمان
عناصر الخطبة:
العنصر الأول: تعريف الأيمان.
العنصر الثاني: صفات المؤمنين في القرآن الكريم.
العنصر الثالث: ثمرات الإيمان.

الخطبة الأولى
إخوة الإيمان حياكم الله تعالى وبياكم وجمعنا الله تعالى في الدنيا على طاعته وفي الأخرة في مستقر رحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

حديثنا اليوم عن سر الوجود، وعن إكسير السعادة، وعن دستور الأمن والمودة، وعن سراج الظلمة، وسفينة النجاة، إنه الإيمان.
ويح من لم يكن له إيمانُ
كيف يحي وما له اطمئنانُ؟
إن من يعدم القرار شقيٌّ
ربحه في حياته خسرانُ
هو يحيا كريشة في مهب ال
ريح كيف يرضى بذلكم إنسانُ؟
الإيمان، الإيمان، فالماء في البح
ر غذاء تحيا به الحيتان
أنا لولا الإيمان ضقت بما أل
قاهُ ذرعاً واجتاحني البركانُ
إنما هذه الحياة كفاحٌ
وسلاحي بها هو الإيمانُ
فما هو الإيمان؟
وما هي صفاته المؤمنين؟
وما هو الواقع التطبيقي لكل صفة؟
وما هو أثره؟
أعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب
وما هي ثمراته؟

العنصر الأول: تعريف الأيمان:
الإيمان عباد الله في لغة أهل القران اللغة العربية هو التصديق.

وفي الاصطلاح:
الإيمان: تصديق بالجنان… وقول باللسان… وعمل بالأركان… يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.

والإيمان كما عرفه النبي العدنان صلى الله عليه وسلم أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

عن أبي هريرة قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما بارزا للناس فأتاه رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان قال (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر)[1]

فالإيمان ترجمة حرفية وفورية لكلام رب البرية.
فالإيمان عباد الله ليس بالتمني وإنما هو بالتحلي.

العنصر الثاني: صفات المؤمنين في القرآن الكريم:
اعلموا إخوة الإيمان: أن الله تعالى وصف عباده المؤمنين بصفات تربوا على عشرين صفة في غير ما آية من القران الكريم وسنلقي الضوء على بعض هذه الصفات ونبين ثمرتها في الدنيا والأخرة.

الصفة الأولى: الإيمان بالغيب:
فما هو الإيمان بالغيب؟
الإيمان بالغيب: معناه يؤمنون بالغيب: يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت، وبالبعث، فهذا غيب كله.

والغيب كل ما غاب عنك واستتر.

وقال بعضهم: (الغيب ما غاب عن العباد من أمر الجنة وأمر النار، وما ذكر في القرآن).

وها هو سبحانه – تعالى – يصفهم في أول سورة البقرة فيخبرنا عنهم بقوله: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 2، 3].

فإن قلت أخي المسلم لماذا خص الله تعالى الغيب هنا بالذكر دون سائر أركان الإيمان؟

قال بعض العلماء: وخص بالذكر الإيمان بالغيب دون غيره من متعلقات الإيمان، لأن الإيمان بالغيب هو الأصل في اعتقاد إمكان ما تخبر به الرسل عن وجود اللّه والعالم العلوي، فإذا آمن به المرء تصدى لسماع دعوة الرسول وللنظر فيما يبلغه عن اللّه – تعالى – فسهل عليه إدراك الأدلة، وأما من يعتقد أنه ليس من وراء عالم الماديات عالم آخر، فقد راض نفسه على الإعراض عن الدعوة، كما هو حال الماديين الذين يقولون: « ما يهلكنا إلا الدهر[2]

ومن الغيب عباد الله إيماننا بالله وتصديقنا لرسوله – صلى الله عليه وسلم – ولم نره وذلك من أعظم الإيمان كما أخبرنا بذلك نبينا العدنان – صلى الله عليه وسلم – .

عن صالح بن جبير قال: قدم علينا أبو جمعة الأنصاري صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، ببيت المقدس يصلي فيه، ومعنا يومئذ رجاء بن حيوة – رضي الله عنه – ، فلما انصرف خرجنا نشيعه، فلما أراد الانصراف قال: إن لكم جائزة وحقًا، أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، قلنا: هات – رحمك الله – ، قال: كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة، فقلنا: يا رسول الله، هل من قوم أعظم منا أجرا، آمنا بالله واتبعناك، قال: ما يمنعكم من ذلك، ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء، بل قوم بعدكم يأتيهم كتاب من بين لوحين يؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرا مرتين.[3]

يقول سيد – رحمه الله تعالى – “إنَّ الإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها الإنسان، فيتجاوز مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه، إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيِّز الصغير المحدد الذي تدركه الحواس – أو الأجهزة التي هي امتداد للحواس – وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله ولحقيقة وجوده الذاتي، ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود، وفي إحساسه بالكون وما وراء الكون من قدرة وتدبير.” [4]

ومن الأمثلة على الأمور الغيبية:
1. الرُّوحُ: قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾[85: سورة الإسراء].

2. علاماتُ الساعة الصُّغْرَى التي أخبر عنها النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – في حديث جبريل: قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال فأخبرني عن أماراتها قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل قلت اللّه ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلّمكم دينكم»[5]

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ[6]

أثر الإيمان بالغيب في حياة المسلم:
واعلموا أيها الأحباب أن للإيمان بالغيب أثر بالغ في حياة المرء اليومية نذكر منها:
أولاً: الشعور برقابة الله تعالى عليه، وأنه مطلع على جميع حركاته وسكناته، فيبعثه ذلك على الخشية منه.
ثانياً: الاستقامة على أمر الله تعالى بتنفيذ الأوامر واجتناب النواهي.
ثالثاً: الشعور بالطمأنينة والأنس، فيكون ذلك دافعاً إلى الصبر وعدم اليأس.

الصفة الثانية: إقامة الصلاة:
ومن صفات المؤمنين العملية الظاهرة أنهم يقيمون الصلاة ويواظبون قال – تعالى – : ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 2، 3].

وقال – تعالى – : ﴿ هدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [لقمان: 3، 4].

وقد اختلفت عبارات السلف في معنى هذا الوصف – إقامة الصلاة – :
1 – فعن ابن عباس (إقامة الصلاة: إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع، والإقبال على الله فيها).

2 – وقال قتادة (إقامة الصلاة: المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها).

3 – وقال مقاتل بن حيان (إقامتها: المحافظة على مواقيتها، وإسباغ الطهور فيها، وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها، والتشهد والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ).[7]

التطفيف يكون في الأعمال والأحوال، كما يكون في الأموال، فالتطفيف في الأعمال عدم إتقانها شرعاً، ولذلك قال ابن مسعود وسلمان رضي الله عنهما: الصلاة مكيال، فمَن وَفَّى وُفِّي له، ومَن طفَّف فقد علمتم ما قال الله في المطففين. هـ..[8]

الواقع التطبيقي لهذه الصفة:
كما ذكرت لكم أن دين الإسلامي دين واقعي تراه ويراه الناس على ارض الواقع ليست عبارات تقال فحسب فهيا لنترجم ذلك.

اقرأ أيضا  وماسي بأبيدجان.. شقوق الجدران لم تقوض أركان الإيمان

حرص النبي صلى الله عليه وسلم – يواظب على الصلاة.
وها هو صلى الله عليه وسلم – يواظب على إقامة الصلاة حتى وهو في مرض الموت عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم – يواظب فقال: أصلى الناس فقلنا لا هم ينتظرونك قال: ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا فأغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؛ فقلنا هم ينتظروك يا رسول الله، فقال ضعوا لي ماء في المخضب، قالت ففعلنا ثم لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؛ فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم – يواظب لصلاة العشاء قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم – يواظب إلى أبي بكر يصلي بالناس، فأتاه الرسول بذلك. فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صلي بالناس، فقال عمر. أنت أحق بذلك مني قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – يواظب وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس قالت: فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم – يواظب أن لا يتأخر وقال: لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله والناس يصلون بصلاة أبي بكر، والنبي (صلى الله عليه وسلم) قاعد، قال عبيد الله فعرضته على بن عباس فما أنكر منه حرفا.[9]

حرص الحارث بن حسان – رضي الله عنه –
روي الأمام الطبراني عن عنبثه بن الأزهر قال: تزوج الحارث بن حسان وكان له صحبه فقيل له أتخرج وإنما بنيت بأهلك هذه الليلة؛ فقال: والله إن امرأة تمنعني من صلاة الغداة في جمع لامرأة سوء.[10]

حرص الربيع بن خثيم – رحمه الله –
عن الثوري عن ابن حيان عن أبيه قال: كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج، فقيل له: قد رخص لك، قال إني أسمع حي على الصلاة فإن استطعتم أن تأتوا ولو حبوا، وقيل أنه قال: يا يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله.[11]

حرص الأمام القدوة أبى الحارث عامر بن عبد الله بن الزبير.
قال عنه مصعب سمع عامر المؤذن وهو يجود بنفسه فقال: خذوا بيدي: فقيل: انك عليل، قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه!! فأخذوا بيده فدخل مع الأمام في المغرب فركع ركعة فمات.[12]

أثر الصلاة في حياة المسلم.
أولا الإتقان: إن المسلم يتعلم من المواظبة على الصلاة الإتقان للعمال التي يقوم بها.
عن أبي هريرة، قال: إن الرجل ليصلي ستين سنة ما تقبل له صلاة، لعله يتم الركوع، ولا يتم السجود، ويتم السجود، ولا يتم الركوع. “[13]

ثانيا: والصلاة تعلم المسلم العزة و الأنفة وألا يخضع إلا لله تعالى عن أبي أمامة، قال: أتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقلت: مرني بأمر أنقطع به، قال: “اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة”[14]
لا يُصنع الأبطال إلا
في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في
ظل الأحاديث الصحاح
شعب بغير عقيدة
ورق يذريه الرياح
من خان حي على الصلاة
يخون حي على الكفاح

ثالثا: إن الصلاة تعلمنا الحب والتعاون والتآلف، تعلمنا وحدة الصف والتراص وجمع الكلمة، تعلمنا ألا نجعل مجالاً للشيطان أن يدخل بيننا. قال عليه الصلاة والسلام: “أقيموا الصفوف، فإنما تصفون كصفوف الملائكة، حاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله”[15]

الصفة الثالثة: أداء الأمانة
عباد الله: ومن صفات المؤمنين الخلص أنهم أهل أمانة وصيانة لا أهل غدر وخيانة، لذا أورثهم الله تعالى الفردوس الأعلى فقال الله – تعالى – : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] ثم قال: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10، 11].

يقول السعدي – رحمه الله – أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، كالتكاليف السرية، التي لا يطلع عليها إلا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار، وكذلك العهد، شامل للعهد الذي عاهد عليه الله، والعهد الذي عاهد عليه الخلق، فإن العهد يسأل عنه العبد، هل قام به ووفاه، أم رفضه وخانه فلم يقم به؟.[16]

وقال – تعالى – في سورة سأل: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] ثم قال: ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35].

قوله – تعالى -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27] وقوله – تعالى -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُو ﴾ [المائدة: 1]. وقوله: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾ [النحل: 91].

يقول السعدي – رحمه الله – يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يؤدوا ما ائتمنهم الله عليه من أوامره ونواهيه، فإن الأمانة قد عرضها الله على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولافمن أدى الأمانة استحق من الله الثواب الجزيل، ومن لم يؤدها بل خانها استحق العقاب الوبيل، وصار خائنا لله وللرسول ولأمانته، منقصا لنفسه بكونه اتصفت نفسه بأخس الصفات، وأقبح الشيات، وهي الخيانة مفوتا لها أكمل الصفات وأتمها، وهي الأمانة.[17]

وتشمل الأمانات أيضا: حقوق العباد بعضهم لبعض، وهذا لا يتساوى فيه الناس، بل إنما يجب لسبب من الأسباب كالديون والودائع والعواري، ويدخل في ذلك الولايات كالإمامة والإمارة والوزارة والرئاسة والإدارة ورعاية الأسرة والوظائف وتأدية الودائع إلى أصحابها، وغير ذلك مما يؤتمن عليه الإنسان من غير اطلاع بيّنه على ذلك، كل ذلك داخل في الأمانة التي أمرنا الله عز وجل بأدائها في قوله – تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].

وعن عبد الله بن مسعود قال: إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة يؤتى بالرجل يوم القيامة، وإن كان قد قتل في سبيل الله، فيقال: أدّ أمانتك، فيقول: فأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟ فتُمثّل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي إليها فيحملها على عاتقه، قال: فتنزل عن عاتقه، فيهوي على أثرها أبد الآبدين”.[18]

الواقع التطبيقي لهذه الصفة:
1 – رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة: وها هو الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نكون أمناء حتى مع اعدى الأعداء الذين يتربصون بنا الدوائر لأننا نتعامل عم الناس بأخلاق الإسلام لا بأخلاقهم.

عن عائشة – رضي الله عنها – في هجرة النبي قالت: وأمر – تعني رسول الله – عليًّا أن يتخلف عنه بمكة؛ حتى يؤدِّيَ عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس. وكان رسول الله وليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يُعلم من صدقه وأمانته… فخرج رسول الله، وأقام علي بن أبي طالب ثلاث ليالٍ وأيامها؛ حتى أدَّى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق رسولَ الله[19]

2 – رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة:
ورد الحق إلى أهله واجب شرعي ومطلب ديني وإن كان في الناس من هو ارفع منه منزلة ومكانة إلا أن ذلك لا يغير الحق.

اقرأ أيضا  خطبة النبي في حجة الوداع نموذجا

عن ابن جريج قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح[20].

الصفة الرابعة: الإنفاق:
ومن صفات المؤمنين أنهم أهل بذل وعطاء، ورحمة وسخاء، يعلمون أن المال أمانة في أيديهم وأن الفقراء هم عيال الله تعالى أوجب الله لهم حقا معلوما للسائل منهم والمحروم.

وقد ذكر الله – تعالى – هذه الصفة من صفات المتقين الذين أعد لهم الجنة مع أوصاف أخرى، جزاء لهم على أعمالهم الطيبة الصالحة، مع وعدهم بالمغفرة من ربهم لذنوبهم، قال – تعالى ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3].

أمر الله تعالى بالإنفاق وحثنا عليه فقال سبحانه وتعالى ﴿ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].

وقال سبحانه أمراً عبادة ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7].

وقال سبحانه ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].

وقال سبحانه وتعالى ﴿ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].

أما جزاء المنفقين الذين يخرجون زكاة أموالهم في سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – فلقد أخبر الصادق المصدوق عن عظم جزاء وثواب هؤلاء المنفقين الذين امتثلوا أمر الله تعالى وسارعوا إلى إخراج زكاة أموالهم.

عن أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه – أن رجلاً قال للنبي – صلى الله عليه وسلم – : أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟

قال: ” تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم[21]

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: أن أعرابيا أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال يا رسول الله: دلني على عمل اذا عملته دخلت الجنة؟

قال: ” تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتى الزكاة المفروضة وتصوم رمضان ” قال: والذى نفسى بيده لا أزيد على هذا، فلما ولى قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ” من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا “[22]

الوقع التطبيقي لهذه الصفة:
إنفاق أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – .
عن أسماء رضي الله عنها قالت لما خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وخرج أبو بكر رضي الله عنه معه احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف درهم أو وستة آلاف درهم فانطلق رضي الله عنه معه قالت فدخل علينا أبو قحافة رضي الله عنه وقد ذهب بصره فقال: والله! إني لأراه قد فجعلكم بما له مع نفسه، قالت: كلا يا أبت! انه قد ترك خيرا كثيرا، قالت وأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم اخذ بيده فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال، قالت، فوضع يده فقال: لا باس إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكن، ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكن أردت أن اسكن الشيخ بذلك “[23]

إنفاق حسان بن أبي سنان: كان يقول – رحمه الله – لولا المساكين ما تجرت وانظر إلى سخائه وكرمه وجوده وكيف أنه كان يحب الإنفاق ويعطيهم ولا يخاف الفقر والفاقة.

فعن الوليد بشار قال: جاءت امرأة فسألت حسان بن أبي سنان، فقال لشريكه هكذا، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى فذهب شريكه يزن لها درهمين فوزن لها مائتين، فقالوا: يا أبا عبد الله، كنت ترضى بهذا كذا وكذا من سائل، فقال: إني ذهبت في شيء لم تذهبوا فيه إني رأيت بها بقية من الشباب وخشيت أن تحملها الحاجة على بعض ما أكره.

وقال ابن شوذب: كان حسان أبي سنان رجلاً من تجار أهل البصرة له شريك بالبصرة وهو مقيم بالأهواز، يجهز على شريكه بالبصرة، ثم يجتمعان على رأس كل سنة يتحاسبان ثم يقتسمان الربح فكان يأخذ قوته من ربحه ويتصدق بما بقي، وكان صاحبه يبني الدور ويتخذ الأرضين، قال: فقدم حسان قدمته ففرق ما أراد أن يفرق فذكر له أهل بيت لم تكن حاجتهم ظهرت فقال: أما تخبرونا؟

فاستقرض لهم ثلاث مائة درهم فبعث بها إليهم”[24].

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:
العنصر الثالث: ثمرات الإيمان
أولًا: ولاية الله تعالى وتلك هي الولاية الخاصة، قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62]، ثم وصفهم بقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 63].

قال ابن عثيمين – رحمه الله – والولاية الخاصة تستلزم عناية خاصة، أن الله يسدد العبد فيفتح له أبواب العلم النافع والعمل الصالح، ولهذا قال: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257]. يخرجهم بالعلم، فيعلمهم أولاً ويخرجهم ثانياً بالتوفيق.[25]

ثانيا: ومن ثمرات الإيمان: النجاة من الشدائد:
إنها الحصانة الربانية: فهم في حماية الله يدفع عنهم كل مكروه وينجّيهم من الشدائد، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38].

قال السعدي – رحمه الله – هذا إخبار ووعد وبشارة من الله، للذين آمنوا، أن الله يدافع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر – بسبب إيمانهم – من شر الكفار، وشر وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره، ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه، فمستقل ومستكثر.[26].

وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

فالمؤمن المتقي ييسر الله له أموره وييسره لليسرى، ويجنبه العسرى، ويسهل عليه الصعاب ويجعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب. وشواهد هذا كثيرة من الكتاب والسنة.

ثالثا: الحياة الطيبة (السعادة)
ومن اجل ثمرات الإيمان السعادة التي تبحث عنها البشرية جمعاء و هي المعبر عنها بقوله قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

وإليكم بعض النماذج التي تُجَسِّد السعادة في أزهى صورها.. فهذا هو إبراهيم بن أدهم يقول لرفيق له وهما يأكلان الخبز اليابس المبلل بالماء على شاطئ دجلة: “نحن في نعمة لو علِمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف”.[27]

وهذا هو ابن تيمية لما سُجن في قلعة دمشق قال: “ماذا يريد أعدائي منى؟! فأنا جنتي وبستاني فى صدري أين رُحْتُ فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة في أرض الله”.[28]

اقرأ أيضا  الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين

رابعا: الهداية لخيري الدنيا و الأخرة
ومن ثمرات الإيمان الهداية: في وسط ظلمة الفتن و الشبهات و في خضم بحار الشهوات و في صحراء الحياة القاحلة يحتاج المرء إلى من يأخذ بيديه إلى طريق النجاة و أن يرشده إلى الحق المبين فلا يجد ذلك المرء إلا في الإيمان بالله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ﴾ [يونس: 9].

قال الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله – أي يهديهم بسبب إيمانهم به صراطه المستقيم في كل عمل من أعمالهم التي تزكي أنفسهم وتهذب أخلاقهم، وصفهم أولا بالإيمان والعمل الصالح الذي هو لازم الإيمان ومغذيه ومكمله بصيغة الماضي؛ لبيان صنفهم وفريقهم المقابل للفريق الذي ذكر قبلهم، وأخبر بهداية إيمانهم لهم بصيغة المضارع الدالة على الاستمرار والتجدد، كما أخبر عن كسب الكفار بهذه الصيغة، وجعل الإيمان وحده سبب هذه الهداية لأنه هو الباعث النفسي لها، والمعنى: أنه يهديهم الصراط المستقيم الذي ينتهي بهم إلى دار الجزاء التي قال في بيان حالهم فيها: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9][29]

خامسا: المحبة:
ومن من موجبات الإيمان محبة الرحيم الرحمن و ليست العبرة أن تُحِب و لكن العبرة أن تُحَب قال حبيب القلوب علام الغيوب: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، قال قتادة: (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال: أي والله ودًا في قلوب أهل الإيمان.

وإن هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبدٌ بقلبه على الله إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم”[30]

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل إن الله قد أحبّ فلانا فأحبه فيُحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض”.[31]

سادسا: البشارة في الدنيا و الأخرة:
ومما يسعد قلوب المؤمنين ما بشرهم به رب العالمين بانه اعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار فقال العزيز الغفار: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].

قال أبو السعود – رحمه الله – “الذين تلقَّوا ما خُوطِبوا بهِ من الأوامر والنواهي بحسن القَبول والامتثال بما يقصُر عنه البيانُ من الكرامة والنعيم المقيم أو بكل ما يُبشَّر به من الأمور التي تُسرُّ بها القلوب وتَقَرُّ بها العيونُ وفيه مع ما في تلوين الخطاب وجعلِ المبشِّرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من المبالغة في تشريف المؤمنين مالا يخفى”[32]

والملاحظ في هذه الآية انه اطلق البشارة و لم يقيدها بأمر من الأمور لتشمل كل خير في الدنيا و الأخرة و اندفاع كل ضر في الدنيا و الأخرة.

وفي موطن سابق من سورة قيد هذه البشارة بما هم ملاقوه في دار النعيم فقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25].

فاذا نظرنا عباد الله إلى موطن ثالث من البشارة نجده جل جلاله – جمع لهم البشرى الدنيوية و الاخروية فقال رب البرية: ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [يونس: 64].

قال السعدي – رحمه الله – أما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق.

وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.

وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.[33]

الدعاء.

________________________________________
[1] أخرجه أحمد (2/ 426، رقم 9497)، والبخارى (1/ 27، رقم 50)، ومسلم (1/ 39، رقم 9)، وابن ماجه (1/ 25، رقم 64).
[2] تفسير التحرير والتنوير ج 1 ص 118 للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور.
[3] مسند الشاميين للطبراني (3/ 195)و فيه ضعف.
[4] في ظلال القرآن – (1/ 39).
[5] أخرجه أحمد (2/ 426، رقم 9497)، والبخارى (1/ 27، رقم 50)، ومسلم (1/ 40،رقم 10)، وابن ماجه (2/ 1342، رقم 4044).
[6] أخرجه أحمد (2/ 291، رقم 7899)، وابن ماجه (2/ 1339، رقم 4036) قال البوصيرى (4/ 191): هذا إسناد فيه مقال، والحاكم (4/ 512، رقم 8439) وقال: صحيح الإسناد.
[7] تفسير ابن كثير – ط دار طيبة (1/ 168).
[8] البحر المديد (8/ 304).
[9] أخرجه أحمد ح 26137، والبخاري (687)، ومسلم (418) (90).
[10] تهذيب الكمال – (5 / 223) و الطبراني في الكبير ح 3325.
[11] السير جـ5 ص237،و الزهد لأحمد بن حنبل – (1 / 339)و بلوغ الأرب بتقريب كتاب الشعب – (1 / 218) بغية الطلب في تاريخ حلب – (3 / 466).
[12] سير أعلام النبلاء – (5 / 220)و صفة الصفوة – (2 / 132)و تاريخ الإسلام للإمام الذهبي – (8 / 143).
[13] ابن عدي في ” الكامل ” (7/ 256)، الأصبهاني في ” الترغيب ” (ق 236/ 2)، (ش موقوفا) 2963، انظر الصحيحة: 2535، صحيح الترغيب والترهيب: 529.
[14] أخرجه الطبراني (22/ 322، رقم 810). وأخرجه أيضًا: ابن أبى عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 218، رقم 973)، والنسائي في الكبرى (5/ 213، رقم 8698). [السلسلة الصحيحة:1488].
[15] قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” 2 / 379: رواه الدولابي في ” الكنى ” (1 / 39 ).
[16] تفسير السعدي (ص: 887).
[17] تفسير السعدي = (ص: 319).
[18] (أخرجه البيهقي (5266) صحيح الترغيب والترهيب: 1763، 2995.
[19] البيهقي: السنن الكبرى 6/ 289 (12477)، وابن كثير: البداية والنهاية 3/ 218، 219، والطبري: تاريخ الأمم والملوك 1/ 569.
[20] جامع البيان في تأويل القرآن 8/ 491، 492، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم 2/ 340.
[21] أخرجه أحمد (2/ 342). والبخاري (2/ 130) قال: حدثني محمد بن عبد الرحيم. ومسلم (1/ 33).
[22] أخرجه: البخاري 2/ 130 (1397)، ومسلم 1/ 33 (14) (15).
[23] أخرجه أحمد ح 27002 قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
[24] صفة الصفوة ج 1 ص 455.
[25] تفسير العثيمين: الكهف (ص: 54).
[26] تفسير السعدي (ص: 539).
[27] موسوعة البحوث والمقالات العلمية ( 33).
[28] موسوعة البحوث والمقالات العلمية ( 33).
[29] تفسير المنار (11/ 252).
[30] البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (3/ 367).
[31] (صحيح البخاري 13/ 468 ح 7485 – ك التوحيد، ب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة)، وأخرجه مسلم في (صحيحه 4/ 2030 ح 2637.
[32] تفسير أبي السعود (1/ 223).
[33] تفسير السعدي (ص: 368).
-الألوكة-