المرأة المسلمة

www.assawsana.com
www.assawsana.com

الخميس،2ربيع الثاني1436//22يناير/كانون الثاني2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أ. إحسان سامي حقي
اتفق لي ذات مرة أن رافقت صديقاً لي من دمشق إلى بيروت على غير سابق وعد وكان لزاماً أن يسأل كل منا صديقه سبب ذهابه إلى بيروت فقال لي الصديق: إنني ذاهب لآتي بقريبة لي، أنا متولي أمرها، تدرس في الجامعة الأمريكية وقد فازت بامتحانها النهائي؛ وأخذ صديقي يطنب ويثني على الجامعة ومعلماتها ونظامها وتعليمها وآدابها وأخلاقها حتى جعلني أشتهي أن تكون لي ابنة فأضعها فيها؛ وذهبت الأيام ثم إذا بي أجتمع بهذا الصديق وأسأله عن قريبته، فرأيته يتململ وأمارات الحسرة قد بدت عليه فسابقته الجواب وقلت له: لا شك أنها مسرورة في عملها الجديد، أليس كذلك؟ فما كان منه إلا أن لعن تلك الساعة التي أودع فيها تلك المسكينة تلك الجامعة وقال لي: لم أكن أحسب أن مكر التبشير يبلغ بالبشرية هذا الحد حتى يدسوا السم في الدسم ويفسدوا على الأولاد عقائدهم من حيث يشعرون ولا يشعرون وهم يدعون إنما يشتغلون بالعلم دون سواه، فسألته وماذا حدث فقال: لقد أدخلوا على عقائدهم شيئاً لا أزال أقاسي العذاب في إبعاده عن ذهنها. فقلت له وما هذا الذي أدخلوه قال:
أوهموها أن المرأة حقيرة في الإسلام لأسباب أهمها:
1- أنها ترث نصف إرث الرجل.
2- أنها تحتجب.

قلت له وماذا فعلت؟ قال لقد أفهمتها جهد طاقتي ودفعت عنها الالتباس واستعنت بفاضل من العلماء أيضاً فساعدني في مهمتي ولكنها لا تزال غير مطمئنة إلى أقوالنا؛ وعاد إلى تململه وأسفه، ثم ختمنا الحديث، ولذا فإني قد أحببت أن أبحث هذا الأمر لعل قولي هذا يصل إلى الآنسة الموما إليها فتعرف الفرق بين الإمرأة المسلمة وغير المسلمة فأقول:
أنا لا أريد أن أجادل المسيحيات في أقوالهن لأن جدالهن عبث لا فائدة منه، إذ لا بد لهن إذا أردن المجادلة أن يأتين بقانون ليقارنه بالقانون الإسلامي أو شريعته، ونحن نعلم أن الدين المسيحي من أوله إلى آخره محروم من التشريع البتة، وإن هو إلا أقوال يكيفونها حسب الزمن والضرورة، ومن يتصفح الأناجيل وملحقاتها لا يرى فيها إلا قصة حياة المسيح موجزة مع بعض نصائح، ولذا فنحن نستطيع أن نسأل من يقول باضطهاد المرأة المسلمة أن يرينا ما لديه (في دينه طبعاً) ما يضمن للمرأة فوق ما أعطاها الإسلام. أما إننا نقبل قول زيد أو يزيد فهذا مما لا قيمة له أبداً، ولو قلنا لهؤلاء المبشرات لنفرض معكن جدلاً أن المرأة المسلمة مضطهدة فما هي تعاليم المسيحية بشأن الإمرأة؟ لا شك أنهن لا يجدن لهذا السؤال جواباً، ولئن كان من جواب فإنما هو مما لا يسر خاطرهن، إذ أن الإمرأة المسيحية ظلت ردحاً من الزمن لم يعترف على حيوانيتها (من حيث النوع) ناهيك عن حقوقها، حتى قام مجمع ديني (في روما) ونظر في القضية ثم قرر (وبالشناعة ما قرر) إذا اعتبر (بإجماع أئمة الديانة المسيحية) الإمرأة حيواناً نجساً، وأما منزلة الإمرأة الأوروبية اليوم فهي عند الحقيقة المدققة لا تقل عن منزلة رق مستعبد أو آلة صماء يستعملها الرجل في شهواته، ولئن كان الإسلام جعل للمرأة في بعض الأحيان نصف إرث الرجل، فإن الاعتبارات المسيحية (ولا أقول الديانة المسيحية)، إذ أن الديانة المسيحية لا تشريع فيها) قد حرمت في أكثر الأقطار المرأة من الإرث البتة، حتى إن القانون الانكليزي لا يورث إلا الابن الكبير.

اقرأ أيضا  المرأة العظيمة

إن في الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل في الإسلام عدلاً، إذ ليس من الإنصاف في شيء، أن يساوي بين الذكر والأنثى في الإرث، بينما الرجل مجبر أن يدفع إلى زوجته مهراً، ومكلف بإعالة عائلة ربما كانت أخته منها، وتأخذ المرأة إرثاً مثله، وهي ستأخذ مهراً أيضاً وغير مكلفة بشيء.

وفوق هذا وذاك فلنرجع إلى التوراة التي هي شريعة عيسى كما هي شريعة موسى بآن واحد لنرى ماذا تقول بالمرأة والإرث، فقد جاء في باب التثنية إصحاح 21 فقرة 15-17 ما يلي:
“إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة، والأخرى مكروهة، فولدتا له بنين، المحبوبة والمكروهة، فإن كان الابن البكر للمكروهة، فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكراً على ابن المكروهة البكر، بل يعرف ابن المكروهة بكراً ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده، لأنه هو أول قدرته، له حق البكورية”.

اقرأ أيضا  المرأة المسلمة ليست لها قضية

فأنت ترى هنا أنه عد البكر بنصيبين من إخوته الذكور؛ وأما النساء فليس لهن شيء، وأما منـزلة المرأة فإليك شيئاً منها:
باب التثنية إصحاح 25 فقرة 5و6: “إذا سكن إخوة معاً، ومات واحد منهم، وليس له ابن، فلا تصير امرأة الميت إلى خارج، لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة ويقوم لها بواجب أخ الزوج”.

أي أنه يرثها كالمتاع.

انظر أيضاً باب (راعوث) إصحاح 4 فقرة 5: “فقال بوعز، يوم تشتري الحقل من يد نعمي تشتري أيضاً من يد راعوث الموآبية امرأة الميت لتقيم اسم الميت على ميراثه”.

فالمرأة إذن تباع وتشترى.

وانظر أيضاً باب (صموئيل) الثاني إصحاح 12 فقرة 8: “وأعطيك بيت سيدك ونساء سيدك في حضنك”.

اقرأ أيضا  المرأة المسلمة وتلاوة القرآن

فالنساء إذن تورث في جملة المتاع.

فهل يحق بعد كل هذا لمن كانت شريعته تنطوي على مثل هذه الأمور، أن يتبجح ويقول: إن المسلمة مضطهدة؟
ثم إن الديانة المسيحية سلبت المرأة حق تصرفها بنفسها، فهي لا تستطيع أن تتزوج إذا طلقت، وإن فعلت تعد زانية؛ راجع إنجيل مرقس إصحاح 10 فقرة 12: “وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني”.

هذه هي الديانة المسيحية التي قد قصم ظهرها اضطهاد المسلمة، فراحت تسعى لتخليصها من هذا العذاب!

ولو شئت أن أصف مشاهداتي وخبرتي بحالة المرأة الأوروبية لضاق بي المجال، أقول الأوروبية، ولا أقول المسيحية، لأن مسيحية بلادنا هي غير المسيحية.

أما مسألة الحجاب فهي مسألة قد لاكتها الألسن أكثر من اللازم ولم تعد أمراً خفياً يحتاج إلى أخذ ورد وبحث وتمحيص، وقد كتب في الحجاب كتب ضخمة استوفت الموضوع حقه وهي في متناول كل يد وتحت كل نظر.

وبالاختصار فإن المرأة المسلمة لها حقوق لا يتهمها بالنقص إلا من أظهر شفقة في غير محلها ليجعلها وسيلة يتصيد بها القلوب الخالية فيعبث بها.

فلينتبه المسلمون لمكر الماكرين وأحابيل المبشرين ودسائس المدارس الأجنبية وما إلى ذلك، فإننا إلى معرفة ذاتنا في أشد الحاجة ونحن في عهد جديد.
المصدر: الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.