المفتي العام : دعاة الباطل أخرجوا الشباب من أوطانهم بالشبهات وساقوهم إلى مواطن الفتن
الثلاثاء، 6 ذو الحجة 1435 الموافق 30 أيلول / سبتمبر 2014 وكالة معراج للأنباء (مينا)
السعودية – مكة المكرمة
طالب سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبارالعلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، علماء الأمة باستغلال موسم الحج لتوضيح خطر الأفكار المنحرفة للناس، وأنها ليست من الإسلام، مشيرًا إلى أن دعاة الباطل أخرجوا الشباب من ديارهم وأوطانهم بالشبهات وساقوهم إلى مواطن الفتن!!.
وقال سماحته في كلمة وجهها للعلماء والدعاة والمفكرين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي والأقليات الذين يشاركون في ندوة الحج الكبرى التي افتتحها وزير الحج تحت عنوان «تعظيم شعائر الحج»: «يجب على الأمة أن تجمع كلمتها وتكون يدًا واحدة وصفًا واحدًا أمام كل عدو، وأن تتغلب على هذه النزعة الشريرة وتجمع قلوب أبنائها على التوحيد والطاعة وتأخذ بأيديهم وتحذرهم من الشرور التي تحيط بهم من بعض المغرضين».
وأضاف: «لنأخذ على يد شبابنا ونبصّرهم ونبيّن لهم الحق من الباطل، فشباب الأمة أمانة في أعناقنا،لابد من دعوتهم والتوسط معهم وحلّ مشكلاتهم، وإزالة الشبهات التي سبّبها بعض المنحرفين إلى أن أخرجوهم من ديارهم وشوّهوا سمعتهم وألحقوا الضرر بآبائهم وأمهاتهم، كل هذا بأسباب البعد عن شريعة الله، ومن تعظيم شعائر الله التناصح بين أهل الخير على البر والتقوى».
ومضى بقوله: «المسلم معظّم لربّه ومُجلّ لربه،مكثر من ذكره والثناء عليه خائف منه، يعظّم ربّه جلّ وعلا، ومن تعظيم ربّه أن يعظّم أوامره التي أمره بها ويعظّم نواهيه التي نهاه عنها، فتعظيم الأوامر بالاتّباع والسمع والطاعة، لله ورسوله، واحترام المناهي بأن يبتعد عنها ويتركها طاعة لله».
واستطرد بقوله: «إن شعائرالحج هي مناسك الحج وعلى المسلم أن يعظّم بيت الله الحرام ويكون محترمًا لأمنه واستقراره، يعلم أنه حرمٌ آمن، لا ينفّر صيده ولا يختلى خلاه، فالمسلم يعظّم بيت الله الحرام بالابتعاد عن السيئات من الأقوال والأفعال والأعمال، لعلمه أنه يصدق الله عليه، لأن الله يقول (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) والأصل أن السيئة يعاقب عليها الإنسان وتكتب له سيئة، لكن في البيت الحرام بمجرد الهمّ بالمعصية وإن لم يفعلها، إمّا عجزًا عنها أو نسيانها، ومجرد الهمّ في الحرم يعاقب الله على ذلك عقابًا شديدًا، مما يدلّ على تعظيم هذا البيت الحرام، وقد قال الله تعالى (ومن دخله كان آمنًا).
وقال المفتي العام: «يجب احترام أمن البيت الحرام واستقراره، وانظر هذه النّعم التي تفضّل الله بها عليه من هذه التوسعات العظيمة وهذه المشروعات العملاقة وهذه الجهود الجبّارة التي أصبح للبيت الحرام فيها معنى من معاني المسلمين، يؤمه البشر فيجد الأمن والاستقرار والنظافة والتوسعات، ذلك من فضل الله ورحمته، وتعظيم المسلم للبيت احترامه له، والإكثار من أصلح الأعمال فيه والبعد عن كل ما يشوّش على الناس أو يؤذيهم بالأقوال والأعمال».
ومضى بقوله: «إن الشعائر تُعظّم بالوقوف فيها وأداء النسك المطلوب فيها واحترامها وإشغال الوقت بما ينفع والبعد عما يسيئ ويضرّ، مؤكدًا أن الحج وسيلة لاجتماع القلوب وتآلف القلوب وتقارب الإخوة والتعاون بين الأمة الإسلامية علماؤها ومثقفوها ليكون هذا الحج ملتقى خير وسعادة ولينصرفوا منه وقد تزودوا بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح، ولقد كان سلفنا الأوائل يغتنمون هذا الموسم فيلتقون في المسجد الحرام وفي الخيف ونمرة للتباحث والتدارس والتساؤل في أمر دينهم، ويعدون هذا موسم لقاء وأخوة وتعليم ونشر العلم والفضل».
وتابع بقوله: «ولنعلم أننا في أيام مباركة وأماكن شريفة مباركة فلنتق الله فيها ولنحاسب أنفسنا ونراقب الله في أقوالنا وأعمالنا، ولنكن دعاة إلى الخير، وإخلاص الدين له، فإن الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال وأفضلها».
وذكر أن الحج موسم للتعاون والتناصر والتفاهم على الخير والتقوى، قائلا: «موسم يجمع القلوب ويوحدها على الخير والتقوى، موسم يجمع القلوب، جاء المسلمون من كل فجّ عميق يقصدون هذا البيت وإجابة للخليل (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) منافع عامة في دينهم ودنياهم، منافع الأخوة».
وقال: «أرجو أن يكون هذا اللقاء لكفّ الشرور وتثبيت العقيدة والتقارب على الخير والتقوى، والإسلام هو الذي يجمع شتات الأمور ويوحّد الناس، قال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها).
وطالب بأن تُستغل الندوات التي تنظم في موسم الحج في الخير، وأي قضية تَشكُل على علماء الأمة أن تطرح في هذه المجامع فلعل الله يجعل للأمة حلولا للمشكلات وإنهاءً للمشكلات فإن في التعاون يكون الخير، ومن كان لديه فكر وتصوّر خاطئ ما أحوجه أسلوب حكيم ودعوة صادقة وهمسة طيبة تزيل بها ماعلق في ذهنه من هذه الشرور والباطل وتدلّه على الطريق المستقيم، وتبيّن له النظر الصحيح.
وقال: «إن الناس قد يخدعون بدعايات مضللة وتشويش على الناس، وإظهار أمور تخالف الواقع، ولكن وجودهم في هذا الموسم العظيم يجب أن يستغل لإظهار الحق وتوحيد الصف وجمع الكلمة وتقارب القلوب، فكلنا جميعًا مطالبون بالدعوة إلى الله، ونصيحة إخواننا وتحذيرهم من الشّر والتقارب معهم وحلّ مشكلاتهم، في كيفية التعامل مع الأحداث».
واستطرد بقوله: «تعلمون أن العالم الإسلامي يمرّ بظروف حرجة وأيام عصيبة، سفكت فيه الدماء وانتهكت فيه الأعراض وسلبت فيه الأموال، ودمرت الممتلكات وشرّد الناس من بيوتهم، وأخرجوا من ديارهم وفواجع عظيمة، فلنعلم أن هذا كله بأسباب ذنوبنا ومعاصينا وما ربك بظلام للعبيد، فعلينا أن نأخذ بأسباب الخير من الدعوة إلى الله والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلعل الله أن ينقذنا من هذا الواقع الأليم.
وطالب الأمة أن تجمع كلمتها وتكون يدًا واحدة وصفًا واحدًا أمام كل عدو، ونتغلب على هذه النزعة الشريرة ولنجمع قلوب أبنائنا على التوحيد والطاعة ونأخذ بأيدي أبنائنا ونحذّرهم من الشرور التي تحيط بهم من بعض المغرضين، لنأخذ على يد شبابنا ونبصّرهم ونبيّن لهم الحق من الباطل، فشباب الأمة أمانة في أعناقنا لابد من دعوتهم والتوسط معهم وحل مشكلاتهم، وإزالة الشبهات التي سبّبها بعض المنحرفين، إلى أن أخرجوهم من ديارهم وشوّهوا سمعتهم وألحقوا الضرر بآبائهم وأمهاتهم، كل هذا بأسباب البعد عن شريعة الله، ومن تعظيم شعائر الله التناصح بين أهل الخير على البر والتقوى.
وقال المفتي العام: إن الله تعالى جعل هذه الدولة رحمة لهذه الأمة، فسعت بكل جهدها في راحة الحجيج ونفّذت المشروعات العملاقة، فمنذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والاهتمام بالحرمين الشريفين والحجاج يزداد عامًا بعد عام، وقام بها خير قيام وقام بها أبناؤه من بعده على هذا المنوال، كل واحد منهم له لمسات في هذه المشروعات العظيمة يريد الخير والصلاح فجزى الله الجميع خيرًا، ورحم الله من مضى، وبارك فيمن بقي وجمعنا وإياهم على خير وعافية.
وزير الحج: المساس بأمن الحرمين الشريفين من ضروب الإلحاد وعدم تعظيم الشعائر
أوضح وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حمزة حجار في كلمة له أن من أسس تعظيم شعائر الحج أن يتجنّب الحاج كل ما يخلّ بهذا التعظيم مع الابتعاد عن كل ما يمسّ الأمن والسلامة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة أو يمسّ أمن الحجاج وضيوف الرحمن لأن ذلك مطلب شرعي أساسي في كل شعيرة من شعائر الحج، قائلا: «إن الإخلال بهذا الجانب يعدّ من أبرز ضروب الإلحاد في الحرم، كما قال تعالى: «ومن يُرِد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» .
وأشار إلى أن المملكة ممثلة في وزارة الحج دأبت على إقامة هذه التظاهرة الإسلامية على مدى أكثر من ثلاثة عقود بمكة المكرمة بحضور نخبة من العلماء والفقهاء والمفكرين والكتّاب من داخل المملكة وخارجها والذين سيثرون جلسات ندوة هذا العام ببحوثهم ومحاضراتهم ونقاشاتهم عبر نافذة تعظيم شعائر الحج الذي هو من تعظيم الله تعالى وباعثٌ كبير على تقوى الله عزَّ وجل ويكون تعظيم هذه الشعائر أولا بمعرفتها وبيان المراد منها وذكر أنواعها وحقوقها ثم القيام بتعظيمها، مشيرًا إلى أن هذا التعظيم يستدعي أيضًا معرفة فقه ذلك وكيفية تحقيقه كما بيّنه الأئمة فقهاء هذه الأمة وعلماؤها الأجلاء.
وقال وزيرالحج: «من المؤكد ومن خلال الأبحاث المرفوعة للندوة والتي سيشارك بها الباحثون على أن هذا التعظيم يتضمن ثلاثة أمور هي: ذكر شعائر الحج مجملة، والأمر بتعظيمها وبيان أسباب هذا التعظيم وآثاره، ومن خلال دراسة فقه تعظيم شعائر الحج حيث يقف المسلم على ما في هذه الأمكنة المباركة والمناسك المعظمة من حرمة الزمان والمكان ويعرف ما بيّنه علماء المناسك فيها من أحكامها وكيفية تعظيمها».
ولفت إلى أن الأبحاث تشير إلى أن شعائر الحج هي: أعلام دين الله الظاهرة في المناسك ومعالمه البارزة التي ندب إليها وأمر بالقيام بها وبذكر الله عندها تعظيمًا له وعلمًا على توحيده وطاعته وعبادته وأداءً لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
جلسات ندوة الحج الكبرى
اشتمل البرنامج العلمي لندوة الحج الكبرى في اليوم الأول على مناقشة موضوعات عدة منها «تعظيم شعائر الحج.. الكيفيات والمقاصد والوسائل» و»شعائر الله بين الالتزام والانتهاك» و»المنافع المادية الحاصلة في تعظيم شعائر الله في الحج للفرد والمجتمع».
وقد تطرقت الجلسة العلمية الثانية في اليوم الأول إلى مناقشة «شعيرة الحرم وصيده وشجره.. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» و»شعيرة الطواف والحجر الأسود، كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» و»شعيرة مقام إبراهيم عليه السلام.. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» و»شعيرة حجر الكعبة.. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها».
فيما ناقشت الجلسة العلمية الثالثة موضوعات «شعيرة زمزم .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» و»شعيرة عرفات – الدعاء .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» و»شعيرة مزدلفة .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها» «شعيرة منى ورمي الجمار .. مفهوم التعظيم وصوره فيها».
فيما سلطت المحاضرة الرئيسة الأولى في اليوم الأول من فعاليات ندوة الحج الكبرى الضوء على جهود المملكة في تعظيم شعائر الحج ورعايتها والتي يقدمها معالي عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد .
وتطرق اليوم الثاني من الندوة عبر الجلسة العلمية الرابعة إلى أثر تعظيم شعائر الله في الحج في أداء الحج والمناسك من يسر وسكينة ورقي حضاري تحت عنوان «حقوق الحجاج وواجب تكريمهم وبيان ما لهم وما عليهم» بالإضافة إلى مناقشة موضوعات «الدليل إلى المؤلفات الفقهية في شعائر المناسك» و»رصد بعض المؤلفات الفقهية التي كتبها الفقهاء والعلماء في شعائر المناسك مع بيان الجوانب الاجتهادية المهمة».
وخصصت المحاضرة الرئيسة الثانية لـ»تعظيم الشعائر في مراحل الحج مفهومه ومظاهره وأسبابه» وتحدث فيها الشيخ معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.
وتضمنت الجلسة العلمية الخامسة المحافظة على أمن وسلامة الشعائر والمشاعر تحت عنوان «النأي بمشاعر الحج وشعائره عن أن تكون مسرحًا للفتن وميدانًا للأغراض الشخصية والصراعات المذهبية وما ينتج عن إثارتها في هذه المناسبة العظيمة»، إلى جانب مناقشة «حماية ونظافة مواضع شعائر الحج» و»التوعية بأهمية احترام الأنظمة المتعلقة بالحج وإظهار أن الالتزام بها هو من تعظيم شعائر الله في الحج ومشاعره».
المصدر : المدينة