انتفاضة القدس.. تحدياتٌ فلسطينية وعجزٌ صهيوني

www.ansarollah.com
www.ansarollah.com

السبت 22 ربيع الأول 1437// 2 يناير/كانون الثاني 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
حبيب أبو محفوظ
لا يمكن بحال معرفة طبيعة وشكل ومستقبل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ضد الاحتلال الصهيوني، دون النظر بعمق إلى المقدمات التي سبقت ذلك الغضب الجماهيري الكامن في نفوس الفلسطينيين على مدار سنواتٍ الاحتلال الطويلة، فالهبة الشعبية كما وصفها بعض السياسيين والمحللين، سرعان ما تحولت إلى انتفاضةٍ عارمةٍ أكملت مسار انتفاضتين سابقتين حفلتا بالكثير من الانجازات والتضحيات الفلسطينية.
المراقب للوضع الفلسطيني لن يحتاج إلى كثيرِ جهدٍ ولا وقت ليكتشف بأن الشعب الفلسطيني وقياداته «التفاوضية» يسيران في اتجاهين متعاكسين لا يلتقيان، تتسع الفجوة بينهما كلما ارتقى شهيدٌ جديدٌ من أولئك الذين أعطوا انتفاضتهم الثالثة وقوداً إضافياً للاستمرار.
شكل فقدان الثقة الشعبية في السياسات والمسارات الرسمية الفلسطينية -حتى في أوساط قواعد حركة فتح التي أنتجت قياداتها تلك المسارات المتعرجة- عاملاً كبيراً في انتزاع زمام المبادرة الشعبية من تلك القيادات «الهرمة» لتتقدم الصفوف، وتقلب الطاولة على الجميع، وبات الشبان الفلسطينيون رقماً صعباً في معادلة الصراع، والعدو يرقب الفعل الفلسطيني بقلوبٍ وجلة، وأيدٍ مرتجفة، وإن تعمد الإعلام الصهيوني إخفاء تلك الصورة السوداء عن مجتمعٍ متهالك ما عاد يطيق انتظار مستقبلٍ يتهدده صبيةٌ وفتياتٌ فلسطينيون قرروا صنع مستقبلهم، على أنقاض كيانٍ هش.
فعمليات الطعن المستمرة منذ ما يقرب 100 يوم، أوجدت حالةً من الرعب في كافة مناحي الحياة في الكيان الصهيوني، وبات كل فلسطيني يمثل خطراً وجودياً على المستوطنين والجنود على السواء.
قبيل بدء الانتفاضة الثالثة بأيام كان الاحتلال الصهيوني مشغولاً في التخطيط لمشروعه الجديد بتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانيا، انطلاقاً من عوامل داخلية وإقليمية بائسة ساعدته على السير قدماً في مخططاته، وصولاً إلى تبني الاحتلال لإستراتيجية «الحزام الدائر»
التي تقوم على إنشاء عددٍ من المستوطنات الكبرى في محيط مدينة القدس وداخلها، وربط تلك المستوطنات بطرقٍ التفافية داخلية، وبالتالي تصبح المدينة المقدسة مقسمة إلا على اليهود، الذين ستصبح صلاتهم في المسجد الأقصى قانوناً يقره الكنيست ومن يخالف ذلك من الفلسطينيين يعرض نفسه للسجن أو الغرامة المالية الباهظة في سلسلة إجراءات صهيونية غاية في الخطورة والتعقيد والاستفزاز والتهويد.
إلى أن جاءت الانتفاضة الحالية لتضع كل المشاريع والأهداف الصهيونية في مأزقٍ كبير٬ وبات التفكير الصهيوني منصباً فقط في تهدئة الشارع الفلسطيني، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى أثبتت الانتفاضة الفلسطينية من جديد فشل القدرة الأمنية للاحتلال حيث ان الجنود باتوا اليوم يبحثون عن الأمان فضلاً عن تحقيقه لمستوطنيهم، قد يكون الأمر عادياً في دولةٍ ما، لكنه لن يصبح كذلك بالتأكيد حينما نعلم أن الكيان الصهيوني قائمٌ على العامل الأمني بالدرجة الأولى والأخيرة.
الانتفاضة اليوم وحدت الكل الفلسطيني، وجمعت كلمته، وفي جنائز الشهداء تعانقت رايات الفصائل خلف العلم الفلسطيني ليبدأ الشعب مرحلةً مختلفة من مراحل الصراع مع الاحتلال، بعد أن نهض من غفوته لكن أشد عوداً وبأسا، فالمسجد الأقصى عنوان جامع، وطريقه مألوف، ودربه معروف.
-السبيل-

اقرأ أيضا  الزهار: انتفاضة القدس أعادت للقضية الفلسطينية اعتبارها