بنكيران.. شرعية الإنجاز والشعارات المخملية

الأحد 8  محرم 1438 الموافق 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

الرباط
جدد الشعب المغاربي ثقته بحزب العدالة والتنمية ليتقدم على اقرب منافسية حزب الاصالة بفارق 25 مقعدا، في حين عززت الاحزاب الاعضاء في الترويكا الحكومية بقيادة حزب العدالة مواقعها لتحوز عددا من المقاعد يفوق 60 من اصل 395 مقعدا في البرلمان.

بنكيران اعتمد على الشرعية الاقتصادية التي تعززت بجهود حكومته لخفض العجز في الموازنة العامة، وبمعالجة العجوزات الكبيرة في صندوق التقاعد، بل بتحقيق نسب نمو اقتصادي معقولة، والاهم من ذلك كلة تخطي مرحلة الربيع العربي بنجاح غير مسبوق عزز ثقة المغاربة بمؤسساتهم التنفيذية والتشريعية، وعلى رأسها البرلمان والحكومة.
المغرب ومن خلال مشروعة الاصلاحي الذي كرس الحياة البرلمانية ومفهوم الحكومة البرلمانية المنتخبة، انتقل من الجدل الافتراضي والعقيم حول الديمقراطية والتعددية والدولة المدنية بمفرداتها والبيزنطية نحو جدلية اكثر واقعية، تعتمد على الانجاز وتحقيق العدالة الاجتماعية.
الرهان عند بنكيران في الحملة الانتخابية كان على انجازات حكومته، وليس على الوعود والشعارات الرنانة، متجاوزا خصومه السياسيين الذين بذلوا جهودا كبيرة للانتقاص من انجازات حكومتة المنتخبة، وبذلوا جهودا مضاعفة في محاولة خلق شرخ بين القصر الملكي “المخزن” وبين الحكومة على امل التأثير في المزاج الانتخابي للمغاربة.
المعركة الانتخابية انتهت بنصر لحزب العدالة، معتمدا على انجازات حكومته، واحزاب الترويكا المشاركة في الحكومة؛ ما يعزز مفهوم الشرعية الاقتصادية، والشراكة السياسية، بعيدا عن الشعارات الكبيرة التي تركز على مفاهيم مبهمة كالتعددية والدولة المدنية، متجنبا بذلك وضع العربة امام الحصان؛ فهي مفاهيم لن تجد طريقها الى جمهور المواطنين ان لم تتحقق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وحرية المشارك السياسية؛ فبدون النجاحات الاقتصادية وبدون حكومات برلمانية ستكون مجرد مفاهيم جوفاء لا معنى لها على ارض الواقع.
برنامج حكومة بنكيران اعتمد على شرعية الانجاز الاقتصادي كطريق لتعزيز موقعة في البرلمان المغربي، مثبتا ان جمهور الناخبين معني بالمعضلة الاقتصادية باعتبارها المسؤول الاول عن معاناته، وانعدام المساوة والعدالة في صفوفه، معيدا توزيع الثروة بشكل عادل دون المساس بثوابت الدولة المغربية او هويتها، ومتجنبا بذلك المعارك الدونكيشوتية التي لا تغير واقع المغاربة بقدر ما تكرس السلطوية، وتعزز النظرة المتعالية والفوقية للنخب والطبقة الاقتصادية المخملية.
الديمقراطية المغربية هي نتاج اصلاح داخلي، وتطبيق واقعي يعكس التوازنات الحقيقية داخل المجتمع، وليس نتاج ضغوط خارجية، ومقاييس اوروبية او غربية؛ ما يعزز من استقلالية الدولة، وقدرتها على تخطي ازمة الحداثة، والتضارب بين العرب والاسلام، وبين الديمقراطية والتعددية.
تجنب بنكيران وحزبه الانجرار لمعارك تشكك في قبوله الآخر؛ من خلال طرح معضلات اخلاقية مرتبطه بقيم كـ”البكيني” على شواطئ المغرب؛ محاولة قام بها خصومه لتوليد ضغط خارجي على الدولة المغربية وسياستها العامة، وبقي منحازا الى معاناة الشعب المغربي الاقتصادية وهمومه، وساعيا الى العدالة الاجتماعية، بعيدا عن هموم النخبة المخملية ومعاركها السطحية، ولم يمنع ذلك بنكيران من الاشادة بعلماء الامة الاسلامية كالإمام مالك بن أنس وشيخ الإسلام ابن تيمية.
تمكن بن كيران من تجاوز العديد من الازمات التي كان آخرها ازمة النفايات المراد استيرادها من ايطاليا بوقف الصفقة نتيجة الاعتراض الشعبي، وتعامل بمرونة مع مطالب الشعب، وبحزم مع الاختلالات في الموازنة العامة، وتجنب الجدل البيزنطي المخملي، مصطفا مع الشعب المغربي، وعاكسا همومه الحقيقية.
يكمن سر نجاح بنكيران بتركيزه على شرعية الانجاز؛ فالدولة المدنية ليست مجرد شعارت ونصوص قانونية ودستورية نجد مثيلا لها في روسيا البوتينية، وفرنسا اللائكية الإقصائية؛ وإنما هي عدالة اجتماعية واقتصادية، متجاوزا بذلك الهموم المخملية نحو الهموم الشعبية اليومية، معززا تجربة المغرب الديمقراطية، بحسب السبيل.

اقرأ أيضا  النوبيون.. "مجتمع يتيم" يسعى لنيل حقوقه في كينيا

وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.