الإثنين 2 جمادى الأولى 1438 الموافق 30 يناير/ كانون الثاني 2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية
أ. د. محمد جبر الألفي
احتكام المسلم إلى محاكم غير إسلامية – في الوقت الراهن – من الأمور التي عمَّت بها البلوى؛ فأغلب البلاد الإسلامية واقعة تحت تأثير خارجي شرس يمنعها من تطبيق الشرع الإسلامي؛ فالقضاة الذين يحكمون على المسلمين في الأموال والدماء وأحوالهم الشخصية منهم المسلم ومنهم غير المسلم، والقانون الذي يحكم به على المسلمين خليط من قواعد إسلامية وقواعد غير إسلامية، وهذه الدول الإسلامية ترتبط بمواثيق ومعاهدات إقليمية ودولية، وتسري عليها أحكام ومبادئ القانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية، وتطبق عليها في الغالب عقوبات دولية.
وإزاء هذا الوضع لا يسهُل الأخذ بالحلول التقليدية التي وضعها الفقهاء إبان عزة العالم الإسلامي ووحدته، من نحو وجوب الهجرة على من يقدر عليها، وإقامة الحدود أو التعامل بالربا في دار الحرب، ونحو ذلك[1].
وإنما ينبغي مؤازرة الهيئات والمنظمات الإسلامية والإنسانية التي تهتم بأوضاع الشعوب، وتعمل على تمتع الأقليات المسلمة بحقوقها الاجتماعية والدينية والسياسية.
إذا تقرر ذلك، يكون تحاكم المسلمين في الغرب أمام القضاء غير الإسلامي داخلاً تحت أبواب الضرورة – بمعناها الموسع – والضرورة تُقدَّرُ بقدرها، وحينئذ يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلاً لاستخلاص حق، أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة؛ لانعدام البديل الشرعي القادر على ذلك، سواء أكان ذلك داخلَ بلاد الإسلام أم كان خارجها، ويقيد ذلك بما يلي:
-
تعذر استخلاص الحقوق أو دفع المظالم عن طريق القضاء أو التحكيم الشرعي، لغيابه أو العجز عن تنفيذ أحكامه.
-
اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة، والاقتصار على المطالبة به، والسعي في تنفيذه؛ لأن ما زاد على ذلك ابتداءً أو انتهاءً خروجٌ على الحق، وحكمٌ بغير ما أنزل الله.
-
كراهية القلب للتحاكم إلى القضاء الوضعي، وبقاء هذا الترخص في دائرة الضرورة والاستثناء[2].