تحقيق في المأساة ” التدافع يودي بحياة مئات الحجّاج في منى “
الجمعة 11 ذو الحجة 1436//25 سبتنبر/أيلول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية ”مينا”.
تسبب تدافع وقع أمس في منى قرب مكة المكرمة في أول أيام عيد الأضحى المبارك في وفاة 805 أشخاص وإصابة 863 آخرين بجروح، في أحد أسوأ المآسي التي تطال الحجاج منذ سنين، بينما وجهت المملكة بفتح تحقيق في الحادث.
ومنذ الإعلان عند صباح أمس عن المأساة وهي الأسوأ التي تطال موسم الحج منذ 25 عاماً، لم تتوقف حصيلة الضحايا، وهم من جنسيات متعددة، عن التزايد.
وأفاد مسؤول في وزارة الصحة أن التدافع وقع في الوقت الذي يقوم فيه الحجاج المتوافدون من مختلف أنحاء العالم منذ الصباح برمي جمرة العقبة بمنى قبل أن يبدأوا بطواف البيت العتيق ومن ثم نحر الأضاحي.
وأوضح المسؤول أن الحادث وقع قرب احدى الجمرات عندما حاول حشد من الحجاج المغادرة فيما كان عدد كبير يحاول الوصول إليها.
وأفاد الدفاع المدني أن ستة فرق عملت على تقديم الإسعافات للمصابين وتوجيه حشود الحجاج عبر طرق بديلة. كما أشار المسؤول إلى نقل الجرحى وجثث الضحايا إلى مستشفيات قريبة. وأعلنت مستشفيات مكة المكرمة حالة الاستنفار وتم استدعاء أطباء الطوارئ.
موقف رسمي
وفي أول رد فعل رسمي على المأساة، نسب وزير الصحة خالد الفالح الحادث إلى «عدم التزام» بعض الحجاج بالتعليمات.
وصرح الفالح لقناة الإخبارية الرسمية «لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث»، وذلك بعد توجهه إلى مكان الحادث وهو الأسوأ الذي يشهده موسم الحج منذ 25 عاما.
وأضاف الفالح إن «الكثير من الحجاج يخرج في خارج موعد التفويج وهذا هو العامل الرئيسي» وراء مثل هذه الحوادث، معلنا تعبئة لإسعاف الجرحى ومعالجتهم. وتعهد الوزير بإجراء تحقيق سريع وشفاف في الحادث.
تحقيق
وإثر ذلك أفادت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد الذي يتولى أيضاً رئاسة لجنة الحج العليا اصدر أمره خلال اجتماع طارئ للقيادات الأمنية المشاركة في أعمال الحج في مقر وزارة الداخلية بمنى بإجراء تحقيق في هذا الحادث.
وترأس ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بمقر الوزارة بمنى اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية المشاركة في أعمال الحج لبحث موضوع الحادث للوقوف على أسبابه الحقيقية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجه بتشكيل لجنة تحقيق عليا لتتولى التحقيق في هذا الحادث ومسبباته وصولا إلى معرفة الحقيقة ورفع ما يتم التوصل إليه من نتائج إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للتوجيه بما يراه مناسباً من إجراءات للحؤول دون تكرار مثل هذا الحادث.
وبحسب حصيلة للدفاع المدني فإن التدافع أدى إلى وفاة 805 أشخاص وإصابة 863 آخرين بجروح.
من جهته، قال الناطق باسم الداخلية اللواء منصور التركي عما إذا كان هناك دراسة لإعادة تخطيط مشعر منى من جديد وأيضاً الطرق المؤدية منها إلى الجمرات، أن هذا طبيعة المشعر ولا يمكن تغييره, مبينا أن المشعر له حدود محددة شرعاً ولا يمكن تغييرها. وأضاف أن هذه الحدود جزء من واجبات الحج لذلك قضية الزحام وقضية ضيق الشوارع في منى أمر واقع ومسلم به ولا يمكن معالجته بالبساطة التي يتصورها البعض، مؤكدا أن قوات الأمن تأخذ بعين الاعتبار مسألة التزاحم الذي يمكن أن يحصل بسبب ارتفاع الكثافة على شبكة الطرق أثناء توجه الحجاج في مشعر منى إلى منشأة الجمرات, وأن الشارع الذي وقعت فيه الحادثة هو شارع داخلي في منى وليس له امتداد إلى مزدلفة.
وقال اللواء التركي: إن الجهد الأكبر الذي بذل من قبل الجميع كان السيطرة على تدفق الحجاج خاصة المشاة من مشعر مزدلفة وعلى الطرق التي تربط بين مشعر مزدلفة مباشرة بمنشأة الجمرات, وهذه تشمل حسب المسميات القديمة سوق العرب والجوهرة وشارع الملك فيصل, بالإضافة طبعاً إلى طريق الملك فهد وطريق الملك عبدالعزيز وطريق المشاة الرئيسي, لكن هذا الشارع داخلي ولا يستخدمه إلا الحجاج المقيمين عليه ينطلقون من داخل الخيام المتواجدة على هذا الشارع, لذلك لابد أن ننتظر نتائج التحقيق والوقوف على أسباب الحادثة.
وأكد أن المملكة لن تتوانى في معالجة الأسباب مهما كلفت، كما أنها حريصة على توفير كل ما يمكن توفيره للمحافظة على سلامة الحجاج وأمنهم وتسهيل وتيسير أدائهم لفريضة الحج, مضيفا أن المملكة لن تتردد في معالجة هذه الأسباب وسبق أن تعاملت مع منشأة الجمرات وغيرها من المواقع التي كانت تشهد ارتفاعا في كثافة حركة الحجاج. وأظهرت الصور التي نشرت على الانترنت العديد من الأشخاص ممددين أرضاً دون حراك. ووسط البلبلة، حاول عناصر أجهزة الإغاثة والأمن تنظيم إجلاء الجثث على نقالات. وبحسب الصور، فإن الحادث تم على طريق اسفلتية تمر بين آلاف الخيم البيضاء التي تنصب سنوياً في منى. وقال شاهد سوداني كان في منى عند وقوع الحادث: «كان الناس يعانون من العطش ويفقدون وعيهم وراح الحجاج يتعثّرون فوق بعضهم البعض».
وأغلقت السلطات الطرق المؤدية إلى مكان الحادث الذي وقع عند تقاطع طريقين أعدا لتسهيل حركة الحجاج في وادي منى الذي يبعد بضعة كيلومترات عن مكة المكرمة. وتم تخصيص أربعة مستشفيات و220 سيارة إسعاف ومروحيات في إطار عمليات الإغاثة.
مناسك
ويرمي الحجاج في أول أيام العيد سبع حصوات على جمرة العقبة الكبرى، ثم في اليومين التاليين 21 حصاة على الجمرات الثلاث (الكبرى والوسطى والصغرى). وبعد رمي الجمرات في آخر أيام الحج، يتوجه الحجاج إلى مكة المكرمة للطواف حول البيت العتيق طواف الوداع، آخر شعائر الحج قبيل سفرهم مباشرة.
وقبل التوجه إلى منى تجمع الحجاج أول من أمس في سهل مزدلفة على صعيد جبل عرفات حيث باتوا حتى طلوع الفجر. وكان العديد من الحجاج خيموا عند سفح جبل عرفات حيث امضوا ليلتهم بعد أن قضوا يوم التروية بمشعر منى رغم الحر الشديد.
إضاءة
خصصت المملكة أكثر من مئة ألف رجل امن لحماية الحج هذه السنة، وشكلت قوات الأمن سلاسل بشرية على طول الطرق لتنظيم سير الحجاج، فيما قام متطوعون على طول الطريق بتقديم صناديق الطعام وزجاجات الماء البارد للحجاج. وأفادت السلطات أن اكثر من 1,4 مليون اجنبي وفدوا إلى مكة لأداء مناسك الحج وحوالي 600 ألف من داخل المملكة. أما على الصعيد الصحي، فإن المخاطر المرتبطة بفيروس كورونا ما زالت قائمة خاصة أن السعودية هي البؤرة الأولى لهذا المرض.
المصدر : البيان